أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح عادل - الجهاز قصة قصيرة















المزيد.....

الجهاز قصة قصيرة


سماح عادل

الحوار المتمدن-العدد: 1245 - 2005 / 7 / 1 - 13:45
المحور: الادب والفن
    


رصت الصناديق حولها.لملمتهم من كل مكان بالشقة .صرخت أمها التي لن تقو على التنظيف , وحسمت هي المعركة , بوعد أن تعيد كل شيء كما كان , مضيفة أنها تحصي الأشياء لتعرف ما ينقصها . الصندوق الأول ممتليء عن آخره بعباءات ملونة وقطيفة وقمصان حريرية , بألوان زاهية. علقت على كل قطعة .من أين اشترتها؟ ومتى ؟. انبهرت بكم القمصان. وتعجبت كيف نست القميص الأزرق, والأحمر ايضا. ها هي لديها أشكال مختلفة, وبأطوال متباينة ,فلماذا كانت تعتقد أنها تحتاج إلى المزيد ؟
حسنا سوف تضيف القمصان التي اشترتها مؤخرا . اثنان منهم بيجامة ثلاث قطع , والأخير قميص شفاف بروبه. أخذتهم بثمن قليل, بعد أن أجهدت البائع . ستضيف أيضا السراويل الجديدة, دستتين من النوع الرخيص ,قطنية بورود زاهية . بإمكانها أن تستخدمهم أثناء النهار. أما السراويل النايلون, أو التي تتزين بالدانتيلا , سترتديهم مساءا . ترى كم سنة ستعيش تلك الأشياء .أمها قالت أن ملابسها ,التي اشترتها قبل الزواج ,استمرت خمس سنوات. وابنة خالتها استعملت جهازها أكثر من سبع سنوات. لديها أربعة أرواب (صوف وقطيفة ومبطن). يظل روب, رأته لدى جارتها ,مزين من الظهر بطاووس, وقماشه من الساتان . سوف تشتريه. لقد سددت أقساط السراويل, ومشدات الصدر. لذا ستطلب من أم محمود دفعة جديدة ,وستختار عباءات وروبين .
كل مرة تفتح فيها الصندوق تفاجيء بأشياء ,وكأنها تراها لأول مرة ,خاصة تلك التي جلبها أبوها ,عند الخطوبة الأولى . لم يكن يفكر في تجهيزها ,ولم يعرف أهمية ذلك ,إلا عندما أعلن الخطيب الأول رغبته في الزواج سريعا .
رأت شيئا أبيضا مغلفا. فتحته . إنه قميص يوم الزفاف. أحضره الخطيب الأول ,مع السروال والمشد . سوف تمنحه لصديقتها , التي توشك على الزفاف , فهي لن تطيق ارتداؤه . تأملت السروال. هناك بقعة صفراء في الوسط .علقت أمها عليها فقالت :
- الظاهر إنه كان عاملي عمل . أنا مش عايزة القميص ده هاديه لوفاء .
- طب إديه كده ليها وأنا أوريكي شغلك .
القميص مخزن منذ خمس سنوات. ماذا لو كان أبوها تركها تتزوجه ؟ .إفتعل خلافا قبل ثلاثة أيام من الزفاف . لم يعجبه الأثاث الذي أحضره العريس .وترك الستائر, التي كان ذاهبا بها إلى شقة العريس لتعليقها .وهددها بأنها لو تزوجته فلن يدخل بيتها ,وإذا رغبت فلتتزوجه .وسيقاطعها طوال العمر . وعلى الجانب الآخر, أصر العريس على موقفه ,ولم تؤثر سنوات الحب الأربع في إصراره على التمسك بالأثاث الرخيص . وتزوج من أخرى ,وأنجب . تراه أحيانا في الشارع , يتعمد أن يحادثها متذكرا الماضي .
أغلقت الصندوق وأتت بصندوق الأواني, طاقم صيني فاخر. طاقم ميلامين بنقشات وردية. أطباق من الزجاج , حرصت على أن تضع أوراق الجرائد بينهم. لازالت أمامها الفرصة. ستظل تزيد في جهازها إلى أن يأتي من يستحق أن يستخدمه. طاقم حلل صاج باللون الأزرق, انتشر منذ فترة , كؤوس ملونة, منها طاقم منقوش به عروس بفستانها الأبيض, وعريس بحلة سوداء. طاقم شاي صيني أزرق, أحضره الخطيب الثاني . كان كبير السن. متزوج ولديه إبنتان. كانت تعلم ذلك . واخفته عن أبيها لتعجل بالزواج , حتى أنها ساعدته في جلب الدبلتين والمحبس , لكن ابنته هددتها بأن تشوه وجهها (بميه نار ). اذا استمرت في خطبة أبيها . فإضطرت أن تتركه , وتزعم لأبيها أنها لم تكن تعرف بزواجه.

أواني من الألومنيوم الفاخر, تصمد أمام حرارة الفرن العالية. سرفيس له هيئة قارب. أطباق زجاجية للجيلي . جارتها في المنزل المواجه حامل . تزوجت منذ شهور قليلة. تصغرها فقط بأربعة أعوام. والجارة الأخرى, في الشارع الخلفي, أيضا حامل . تقول أمها أن معظم الفتيات يحملن من ليلة الزفاف. ترى هل سيحدث لها ذلك ؟
آخر عريس , جاء الى المنزل, كان يصغرها بثلاثة أشهر, وأباها , بغبائه المعتاد, سألها أمامه عن تاريخ ميلادها. لماذا لم ينتظر حتى يبدي رأيه ؟ وحتى يتم القبول .أخذ يسألها أمام العريس , ووالده, أسئلة تافهة .
- اسمك إيه؟عندك كام سنة ؟ خدتي الدبلوم إمتى؟
هل كان يتعمد أن يظهرها كبلهاء ؟
عريس آخر حادثتها عنه صديقة . مطلق ولديه ولدان . أحدهما مريض , ويحتاج لرعاية . لم ترفض. إرتدت أحسن ما لديها , وذهبت مع صديقتها الى العمل ليراها مصادفة. لم يلتفت إليها بعد أن قال:
- بعد إذنك يا مدام ممكن أعدي ؟
نصحتها صديقتها أن تخفض وزنها. وتشتري ملابس جديدة . خلاط ملونيكس . مكواه بالبخار . طاقمين لتوزيع الطعام بمقبض لامع. مرايل للمطبخ.
بالأمس حضرت عروس أخيها . ضخمة جدا . وفمها معوج . ولا تجيد النطق . ومع ذلك يعشقها . عند الغداء أعطاها نصف نصيبه من الدجاج . وأثناء لعب الورق, عندما حكم عليها بالضرب, كان يلمس يدها ,ويضربها بوهن . أخذت تتكلم عن شعرها , الذي تعتني به كثيرا ,لقرب موعد الزفاف. أخيها في النهاية يكبرها بثلاثة أعوام , رغم أن عروسه البلهاء تصغرها بسبع سنوات .
مفرش للسرير بلون وردي, له شكل وردة تتفتح. ملاءات متعددة النقشات والتطريز . بطانية مزدوجة بوبر ناعم. دائما ما تتحدث الجارة, التي تقطن الشقة المجاورة ,عن ابنة أخيها ,التي تحتفظ بجهاز فاخر, بدأت أمها في إعداده منذ كانت طفلة. تميل الى المبالغات ,ومضاعفة أسعار السلع ,والتباهي بما لدى أقاربها. وهي مع ذلك نحيلة جدا , تضن على طفليها بالمال, لجلب الحلوى, وكثيرا ما تقترض جنيهات قليلة, وتبقي عليها أسابيع.
وصلت الجارة الى الشهر السادس في حملها. لهذا هي تأتي كثيرا , حتى تستطيع أن تترك الطفل, أثناء ذهابها للعمل. حذرت أمها من قبول ذلك ,وهددتها بأن تتشاجر مع الجارة . نهرتها أمها لتخفي الصناديق في مخابئها. قبل أن تأتي الجارة, لأن ( عينيها صفراء ).
ألقت نظرة أخيرة على الصناديق المتراصة. أحست بإرتياح, كان قد اختفى منذ فترة , تحديدا منذ تركت العمل في السوبر ماركت. ربما لأنها توقفت عن جلب كميات ضخمة من الغذاء . تلك التي كانت تعزز من مكانتها داخل المنزل. وتجعل الجميع يعاملونها بلطف. وتجعل أمها تتسامح لتأخيرها|. أو لاستخدامها الهاتف لساعات. كما كان لديها هاتفها المحمول ,الذي يحادثها عليه أصدقاؤها . ولم يكن اليوم يمر ببطءهكذا.

كان لديها المزيد من الاصدقاء ,خاصة الذكور, الذين كانوا لايخفون إعجابهم بها .فهي رغم سمنتها الملحوظة . وصوتها ,الذي يعتقد البعض ,على الهاتف, أنه صوت رجل .إلا أن جميع الذكور في العمل , بلا استثناء ,كانوا يحبونها . ويرددون أن عينيها جميلة ,وحلوة الكلام. تكفي فقط نظرات متلاحقة من عينيها . واهتمام وحنان ,حتى يعلن الذكر إعجابه , ويظل يلاحقها. ثم تكتشف أنه غير مستعد للزواج. وذلك لأسباب عديدة, إما لأنه متزوج, أو لأنه مغترب ,جاء من بلدته ليجمع المال لأهله, أو لأنه مضطر للزواج من قريبة, أو لأنه يصغرها سنا. أسباب عديدة لا تجعلها تمل من الشعور بأنها أنثى جذابة. وأن الذكور يغضبون لتركها لهم.

المدهش حقا أنها, في كل مرة, تشعر أنها في حالة حب حقيقية ,الى أن يفاجئها الإحباط من علاقة ,لا تنتهي بالزواج . فتبحث عن أمل جديد , دون ملل .
حتى مكالمات الهاتف, لا تخلو من متعة. فهي لا تترك رقما, إلا وتحاول معه, وعندما يتجاوب الرجل ,الذي لا تعرف ملامحه , يصبح هناك العائق المعتاد, بعد أن يكون قد ملء فراغ ليلها برنات كثيرة, أو رسائل غزل ,تحرص على قراءتها لأمها . اضطرت لبيع هاتفها المحمول, وأصبحت أمها تمنعها من استخدام الهاتف, بسبب الفاتورة . ورفضت أيضا أن تتركها تعمل في أماكن بعيدة .
تستطيع الآن أن تعدد لصديقاتها من الجيران ما يحويه جهازها من أشياء متنوعة ..



#سماح_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل الهواجس حوله
- إشكالية المثقف في المجتمع
- يتحسس
- موت الاب الاخير
- خليل عبد الكريم مفكر ثوري
- الاخوان المسلمون البعد التاريخي
- سيد قطب مفكر الاخوان وملهم الجماعات
- بورتريه لالبير كامو
- الرحيل-قصة قصيرة
- قبض .... قصة قصيرة
- حول حرية الصحافة
- محمد جبريل ينتقد مكتبة الاسرة !!!
- مرورمائة عام على مولد يحي حقي
- مش عيب !! قصة قصيرة
- هل التجمع حزب ثوري؟؟؟
- سيدات في سجون عبد الناصر
- طفل قصة قصيرة
- العمال في عهد ستالين
- دور المرأة في الحركة اليسارية المصرية والعمل العام
- اشتراكية ناصر الزائفة إلى عصر الضياع ....رحلة البرجوازية الم ...


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح عادل - الجهاز قصة قصيرة