أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح عادل - طفل قصة قصيرة















المزيد.....

طفل قصة قصيرة


سماح عادل

الحوار المتمدن-العدد: 1085 - 2005 / 1 / 21 - 12:24
المحور: الادب والفن
    


طــــــفـــــل
قصة : سماح عادل
وجه الممرضة العجوز يبعث على الارتياح, وابتسامتها الحنونة – التي زادت تأثيرا عندما همست الصديقة لها – شجعتها على
الدخول للغرفة التي على يسار صالة الاستقبال, والتي تنبيء عن
اتساع مساحة العيادة على خلاف ما توحي به الصالة ذات
الجدران الباهتة. الضوء خفيف ينبعث من لمبات صفراء- كما
يسميها البعض نسبة إلى ضوئها المائل للاصفرار- غرفة واسعة
تتراص فيها الأسرة على الجانبين. سيدات في حالة إغماء.
تأملتهن . كن ثلاثة. أجلستها صديقتها مطمئنة.

وجدت عجوز أخرى تنتظر ابنتها. دون مقدمات أخذت تحكي عن
ابنتها التي لا ترغب في إنجاب المزيد لأن لديها خمسة أبناء.
تعالت الآهات من وراء باب في ركن الغرفة. وقفت بسرعة
واهتز قلبها. ضحكت صديقتها ملاطفة.اعتذرت للعجوز بأنها
حديثة الزواج وتخاف. تساءلت سيدة أخرى كانت تجلس بجوار
مريضة ( وهل أنجبت؟ ), أجابت الصديقة (أنجبت مرة ولا
ترغب في آخر حاليا ) تدخلت الممرضة العجوز والتي كانت قد
انتهت من إلباس المريضة الرابعة وتسنيدها حتى تقذف بها على
السرير ( وهل أخذت أذن زوجها؟ ) أجابت الصديقة ( طبعا. لكنه
مسافر ولا يستطيع الحضور. ) سألت الممرضة ( هل قمت بهذه
العملية من قبل؟ ) نظرت هي مترددة إلى صديقتها ولم تجب
الأخرى. ألحت الممرضة في نظرة لا تخلو من إدانة ( قولي لي
حتى يعرف الطبيب كيف يتصرف. لأن هذا سيؤثر على العملية )
قالت ( لا. فقط أنجبت طفل ) , ذلك لأنها لن تستطيع إلغاء الكذبة
الأولى أمام نفس المستمعات. كررت الممرضة سؤالها وكأنها
غير مصدقة. مضيفة معلومة أن المرأة التي ولدت من قبل يكون
عنق رحمها متسعا وبالتالي أسهل في اجراء العملية. فسألت هي
لماذا كانت المريضة تتوجع. تحولت ملامح الممرضة من ملامح
المحقق القاسية إلى ملامح من يبرر فعلا ( لقد تأوهت ونحن
نساعدها في ارتداء ملابسها.. من تأثير المخدر ) ألحت هي في
السؤال فكررت الممرضة نفس الإجابة بحروفها, وطالبت بالمبلغ
المحدد. احتارت هي كيف تجد مخرجا. افتعلت ترددا حين ذكر
المبلغ المطلوب قالت لصديقتها ( أذن نأتي غدا ) احتارت
الممرضة التي كانت تمسك بالأشعة الرحمية التي تخصها ( كما
تريدين ). خرجت مسرعة قبل أن تصطدم عيناها بعيون النسوة
في الغرفة, واللاتي ربما لن يكتفين بالاندهاش الصامت بل
يسألنها. ( لماذا لا تدخلي الآن )....

قالت لصديقتها التي كانت تسخر من خوفها (إنه أجرى العملية
لأربع سيدات. وهو أكيد مجهد ) رن هاتفها المحمول. كان
هو..أعلنت خوف طفولي ( العيادة مليئة بالسيدات وسمعت امرأة
تتوجع ). ضحك . طردت من ذهنها جو العيادة المقبض.
استعادت لحظات انتظارها أمام غرفة الآشعة...

المكان واسع والإضاءة بيضاء. وسيدات كثيرات ينتظرن تنتفخ
بطونهن وصديقتها تبتسم وهي تحكي أنها حين جاءت إلى هنا
كان الكرسي يهتز, وعندما قامت امرأة, شعرت باهتزازه في
ظهرها, فنظرت لها معاتبة, وقالت ( هنا في بيبي) فضحكت هي
وقالت أنها أيضا تعيش الحالة, ترتدي " السالوبيت ", رغم أنها
في الشهر الثاني, وتضع يدها على بطنها بين لحظة وأخرى.
دخلت إلى الطبيب مع صديقتها.أخذ يداعبها آملا أن تأتي لمتابعة
الحمل. قال أن الطفل في حالة جيدة, وجعلها تنظر في الشاشة
الرمادية ,وهي لا تفهم طبعا معنى الخطوط الرمادية المتشابكة ,
وأضاف أن الولادة ستكون سهلة لأن عضلة رحمها قوية, تتشبث
بالطفل جيدا. ابتسمت فرحة بالجو الامومي.....

في إحدى الصيدليات اصطحبت صديقتها لتسأل عن الدواء بعد
إجراء تحريات ليومين والتجوال في الصيدليات الكبيرة. اشترت
صديقتها "جيل "للشعر وأثناء لفه تساءلت في تجاهل عن الدواء .
احضره البائع دون نظرة إدانة. تركته في حقيبتها يومين ....

بعد أن أخبرته بأنها أجرت العملية ,وانقطع اتصاله, قررت في
المساء أن تتناوله. انتظرت حتى نام الجميع. استعادت نصيحة
صديقتها: خمسة حبوب للبلع, وخمسة أخرى عند عنق الرحم,
لتحقيق الفاعلية, استعادت أيضا معلومة احتمالية حدوث هبوط
حاد في الدورة الدموية, تلك التي ذكرتها الطبيبة التي ذهبت لها
أولا , وتجاهلتها لارتفاع المبلغ المطلوب....

وضعت ثلاثة بجوار عنق الرحم , وابتلعت ثلاثة. أغمضت
عينيها في تهيؤ للنوم. وضعت وسادة ثقيلة على رأسها. فكرت في
أشياء غريبة. تساعدها على الاسترخاء. بعد دقائق قليلة شعرت
بسخونة في رحمها. أحست بشيء كثير يسعى للاندفاع من ثقب
صغير. ألحت على النوم . تراجعت. لو حدث هبوط في الدورة
الدموية يجب أن تكون مستيقظة لطلب النجاة. الهبوط يصاحبه
بطء في الحركة وإغماء. وربما الم شديد في عضلة القلب. خفق
قلبها لكن بدون الم شديد. ظلت تتجول في الغرفة لتختبر بدايات
الاغماء . تتحرك بسهولة. فقط ضربات في أسفل الظهر . وألم
محتمل في الرحم. الدم ينزل ليس باندفاع. تفكر في أشياء عادية
جدا. تتجنب بهدوء تذكر أي شيء خاص بالحدث. فقط تسمح بنفاذ
ذكريات محايدة إلى ذهنها. انفعالاتها ساكنة. الجمود سائد في
شرايينها. تتعجب . في لحظات الذروة فقط يهدأ كل شيء. حتى
فوران دمائها. حتى شعورها المداوم بالاضطهاد. تصبح راضية
ومحبة لكل تفاصيلها الخاصة , ولنفسها أيضا....

عند أول ضوء للصباح خرجت للشارع. تسير في بطء ملحوظ
وإجهاد يمنعها من صعود أو هبوط الدرج. الشارع في هذا الوقت
له رائحة هطول الأمطار . مطمئن رغم هدوئه. اتساعه يسمح
باحتوائها . تتطاير أية أفكار مخيفة. تنظر لأبعد ما
تستطيع .الأشجار من بعيد مريحة . الناس لا وقت لديها لملاحظة
ضعفها , وشحوبها, وبطء حركتها الشديد. كل يهرول إلى عمله,
إما ساخط , أو نصف نائم.. المشي مفيد لأنه يساعد على نزول
الدماء. لكن الموت في الشارع ليس حلم من أحلامها....

ترقد في سريرها. الدم يندفع. يغرق فخذيها يندفع مرة واحدة
ساخنا .لا يشبه الدم القاني. يختلط أكثر بماء . ينحشر شيء.
تحس به. كرة حمراء غامقة بها شعيرات . اقشعرت لملمسها.
بها لحم مفتت . نادى صوت أمها . دست الكرة في فوطتها
الصحية . كورتها . دفعتها إلى قاع سلة المهملات . لن تقلب
أمها في السلة . خاصة عندما تخبرها أن بها فوط صحية. نامت
في سكينة لساعات.....

عاودها الخوف, عندما استمر النزيف لأيام . استشارت
الصيدلي . أعطاها دواءا مناسبا . شطبت ذكرياته , وتجنبت
مقابلته. ولو مصادفة . نست لفترة أي شيء يتعلق بالأطفال....

تمت



#سماح_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمال في عهد ستالين
- دور المرأة في الحركة اليسارية المصرية والعمل العام
- اشتراكية ناصر الزائفة إلى عصر الضياع ....رحلة البرجوازية الم ...


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح عادل - طفل قصة قصيرة