سلمان مجيد
الحوار المتمدن-العدد: 4673 - 2014 / 12 / 26 - 17:54
المحور:
الادب والفن
(( الـوليد الغريب )) قصة قصيرة حقيقية مستوحاة من مأساة النازحين العراقيين .
تمددت على الأرض و سحبت الغطاء على جسدها محاولة اشعاره بألدفئ و الجسد المتكور في احشائها ، فتقلبت على جانبها لكي لا يؤذيه ثقلها ،
و هي كذلك و ما بين اغماضة عين و انتباهتها فزت من منامها مرعوبة على اصوات انفجارات و ازيز رصاص من اطراف المدينة الغربية ، و اذا بأهل البيت بهرج كل يصطدم بالأخر دون وعي ،لأن الظلام يحيط بهم و النعاس يثقل اجفانهم ، قرارآ سريع اتخد دون ادنى تدبر بأن يحمل كل واحد منهم ما يقي جسده من البرد القارص و الرياح تعوي متسللة من شقوق الأبواب ، اما ( هي ) فالتقطت الغطاء الذي كان مطويآ عليها ، فخرج الجميع اطفال و صبايا و نساء و قليل من الرجال الى الطريق حيث كل اهل الحي بل المدينة عن اخرها يتصارخون متجهين ناحية الجبل ـــ الذي يبدو قريبآ للغريب ، الا انه يبعد مسيرة نصف يوم لمن عرفه و عاش تحت ظل سفحه و قمته ـــ هاربين من ( التتر الجدد ) الذين احاطوا المدينة من ثلاث جهات ، و ( هي ) كما الجميع يركضون كأنهم في سباق ( مرثون ) كل يسبق الأخر ، فيتراجع البعض منهم ليأخذ يد طفلآ اوعجوزآ محاولين رفعه عن الأرض لكبوة او لحفرة طريق او صخرة قد تعثر بها احدهم ، و الجدة خلفهم فأحست بشئ لزج قد تعلق بقدميها الحافيتين حيث كانت ( هي ) تركض امامها ، ثم انطلقت صرخة مدفونة في اعماق ( هي ) فأنتبهت الجدة و قالت ان ( هي ) تلد فأنزوت بها خلف صخرة كبيرة عند اعتاب الجبل ، و اذا الجميع يسمع صرخة الوليد الجديد ، ففرحوا جميعآ و انطلقوا جميعآ يتسلقون منحدرات الجبل ، و الطفل الوليد عاري الجسد الا من ذلك الغطاء الذي انتشلته ( هي ) في لجة الفوضى و هم هاربون من البت ، و الجميع يتسلقون راكضين و زاحفين و ( هي ) خلفهم و بعد تجاوز ساعات من الوقت و بعد ان خفت اصوات الأنفجارات و ازيز الرصاص ، حيث تراخت السيقان و الأقدام فكان لابد من اخذ شئ من الراحة فجلست ( هي ) كما الجميع لأخذ قسطآ من التقاط الأنفاس و لتتحسس الوليد فجلست ( هي ) واضعة الغطاء الملفوف به الوليد على ساقيها الممدوتين ، فاذا بيديها تتسلل في ثنايا الغطاء فسقطت على فراغ فليس هناك شئ ، لقد سقط الوليد في قارعة الطريق دون ان يشعر به احد ، لقد خرج من هذه الدنيا كما جاء اليها كضيف غريب .
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
#سلمان_مجيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟