أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غسان المفلح - يوسف عبدلكي بين سمكة وحذاء نسائي تقف جمجمته حائرة














المزيد.....

يوسف عبدلكي بين سمكة وحذاء نسائي تقف جمجمته حائرة


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 1308 - 2005 / 9 / 5 - 10:45
المحور: الادب والفن
    


هل هنالك لوحة على الجدار أم أنها اختبار خاص سلس للطيف اللامتناهي الحدين بين الأسود والأبيض، إذا كان اللون بينهما لا متناهي فعلى أي حد يطل أيا من اللونين خارجهما : ماذا بعد الأسود؟ وماذا بعد الأبيض؟ عند يوسف عبدلكي أو خارج لوحته: إنها الحياة، الغربة، الهم السياسي، الأصدقاء والرفاق وهموم يومية في فعله التواصلي مع الحياة العادية، والتي هي أبعد عن الهيَام وأقرب للابتسامة المجلجلة في أرجاء الباستيل هذا السجن الأسطوري العتيق الذي يذكرني بيوسف في سجن الحلبوني في دمشق الياسمين: حيث الزنازين تقبع تحت روائح ياسمين هذه الحارة الدمشقية، والتي لا نعرف كيف استدلت المخابرات عليها لتمزج رائحة الياسمين برائحة الدم والعفن المتصاعد من البطانيات العسكرية وصراخ السجانين، وجعلت من هذا البيت الدمشقي الرائع سجنا للسياسيين في عقد السبعينيات من القرن الماضي، ولكل سجين فيه قصة وحكاية، ولنا نحن ما تبقى من يوسف محاصرا بين سمكة لا نعرف من أين أحضرها وبين حذاء نسائي رآه مرة في قدم لازالت حتى هذه اللحظة في رأسه تعيد تشكيل ما لبسته من أحذية أو ما يمكن أن تلبس قدماها في المستقبل !!!


في لوحته [ حذاء 2 ]، الخلفية تشبه رقعة شطرنج بمربعات كثيرة لا تنتهي، وكأنه يريد إعادة تشكيل الحياة بهندسة واضحة، حتى لو كان ضباب التدرج اللوني بين الأسود والأبيض يلفها !! ربما فالقارئ التشكيلي لا يمكن أن يكون حياديا أبدا مهما كان لأن اللوحة بالتحديد هي سيالة عصبية تخترق القلب قبل العين وتمضي إلى حيث مسرحك الداخلي الذي يعج بالحياة: حيث لا تعيها إلا عبر هذه اللوحة التي تسرق منك عقلك لتوظفه في ما وراء العين في داخلك الذي لازلت من خلال اللوحة تبحث فيها عن نفسك وعندما لا تجدها أو لا تجد فيها شيئا منك تعرض عنها كليا وتمضي إلى لوحة أخرى. اللوحة لحظة وعي أو لاوعي جمالي مكثف ومركز حتى اللانهاية. وربما لحظة ارتكاس أو انقباض. هذا ما ينتابني عندما أنظر إلى الجماجم المتنوعة في لوحات يوسف، فأنا لست ناقدا تشكيليا ولن أكون، لكنني أدون شيئا من نفسي في لوحات عبدلكي، هل لأننا من نفس الفضاء الوجداني والسياسي أم لأن هنالك لحظة إنسانية أعمق: هي السجن؟ السجن هندسة من طراز خاص، جماجم تتكسر وتتشوه ولا تستطيع أن تتعرف على صاحبها أو على نفسها، وحذاء نسائي تتمنى لو تقبْله بعد مرور عشر سنوات مثلا على وجودك هنا.



هنا وبالذات في زنزانة أو مهجع أو باحة تنفس، جماجم تفقد هويتها أو كينونتها عبر فقدانها لمعالمها الأصلية. كثيرا ما تستيقظ من نومك وعلى رأسك جمجمة كلب أو حمار أو أي كائن آخر إلا أنت. وحدها السمكة رمز الجنس الخالد الذي لا ينضب، إنها رمز لذاك العضو النسوي المنتهك في داخلك حتى نقي عظامك. هكذا هي السمكة رمز الأنوثة الطاغي التي تحضر عند يوسف بكل الأوضاع. وأهم هذه الأوضاع هي حضورها ككائن دون أية دلالة أخرى، كائن في جماليته بحد ذاته في انسيابيته، وغنجية حركته. ألم تمزج الأساطير بين المرأة والسمكة لتخرج لنا حورية بحر أو عروس بحر بلغة أخرى؟


الجمجمة والحذاء حدين: الجمجمة عارية من كل شيء حتى من دماغها !! بينما القدم مخفية في الحذاء لا تظهر أبدا عند يوسف؟ الجمجمة ما وراء الإنساني سوى الموت، والعظام التي لا حياة فيها سوى الشهادة أنه الموت بكل المعاني الدينية والوضعية، وكما يقول الشاعر نزيه أبو عفش عن فن يوسف:

وردةً مذبوحة، حذاء مهمل، سمكة مشلوحة في الموت. سفاحون، جبابرة، وبشر يحلمون: تلك هي الشيفرة، ذلك هو الرهان.

رهان على العدالة في مواجهة الفظاعة والعسف ...
وعلى الجمال في مواجهة القبح وتدهور قيم الروح
وعلى الحياة في مواجهة ذابحيها !!
رهان خاسر؟
لا أظن أن الحياة عند يوسف كما يوحي الشاعر: رهان خاسر ... حتى لو خسرت اللوحة رهانها !!؟ وإنما هي الحياة ... هكذا سنعيشها ...



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين السياسة وحقوق الإنسان وجهة نظر
- السيد الرئيس بشار الأسد
- رد على الطاهر إبراهيم نغمة تتجدد عند كل اختلاف
- الديمقراطية في سوريا
- الليبرالية خارج النص رد
- رسالة من مواطن سوري إلى حزب الإخوان المسلمين في سوريا.
- المرأة والحداثة .في أفق الماركسية.
- الدستور العراقي والحقيقة السورية.
- الفدرالية العراقية وشرق المتوسط من جديد.
- العلمانية مرة أخرى
- السياسة العربية وغياب السياسة
- الفدرالية العراقية بين سطوة الإقطاعية وولاية الفقيه
- مرة أخرى
- المشروع الغربي والإسلام السياسي
- العلمانية والإسلاموية في سوريا
- الديمقراطية الثقافة والتأسيس
- المرأة بين حقوق الإنسان وجاهزيات الجسد ... وجهة نظر ...


المزيد.....




- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...
- صدر حديثا ؛ إشراقات في اللغة والتراث والأدب ، للباحث والأديب ...
- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غسان المفلح - يوسف عبدلكي بين سمكة وحذاء نسائي تقف جمجمته حائرة