أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوان خليل عكاش - فنتازيا السجن الانفرادي – أشبار وأصابع














المزيد.....

فنتازيا السجن الانفرادي – أشبار وأصابع


جوان خليل عكاش

الحوار المتمدن-العدد: 4669 - 2014 / 12 / 22 - 22:30
المحور: الادب والفن
    


المهجع العاشر يختلف عن بقية السجن، فقد بني في عهد السلطان عبد الحميد، الآلاف من الألبان والمصريين كان قد تم جلبهم من ساحات الإمبراطورية لإتمام التصميم الذي وضعه مهندسٌ من سالونيك، عشرون حجرةً متلاصقة بجدران شفافة تم سكبها من حجارةٍ لبراكين بلاد الجان، الخزانات المتلاصقة استوردت بصفقةٍ مربحة من معامل الكرتون لتغليف المنتجات الغذائية، أما الأسرة فقد ألغيت أرجلها، وحسبت مساحتها بدقة "أشبار وبضع أصابع" وأشرف على العد رئيس العمال دياب، الخلاف بين القادة الأربع وعشرين بدأ حول حجم أصابع دياب، فهي أكبر من الدقة، وأشباره تستطيع احاطة خصر خمس نساء بدفعةٍ واحدة، كان زميله ماهر يقص للجميع حكاية دياب مع قناة السويس التي فرّق بها بين قارتين أثناء تقسيم البلاطات بين حافظ الأسد وحسني مبارك، أما حسام فكتب على الجدار قصة المنويات التي هربت من نبع ربة الغابات جايا، ولقحت شُجيرةً من آكلات اللحم فحبلت بالجد الأكبر، الذي ولد بعد عشرين شهراً بكامل لحيته وشعرٍ أحمر طويل.
علام الذي أخفى تحت وسادته نسخاً من نساء مودلياني، أخرج احداهن وأصر على أنها الجدة التي أغوت صاحب الشعر الأحمر، وتابع مشيراً إلى عنقها الطويل:
- ليس لكل النساء نفس العنق، طويت براعمها مع صباحٍ من آذار، طافت بها الريح سبعين بركاناً، وخالطت غابةً من الزنابق، ولتحميها جدتها من العين الحاسدة لفتها ببتلتين من المخمل، يوم وقع بصر الفتاة على صاحب الشعر الأحمر رفعت خمار عنقها وصرخت بكل صوتها "لك ما كان لي"، الجد ترك الجرمان وحروب الفايكينغ وأحرق شراعاً لسفينته، وعلى تل صيدنايا بنى لها أبراجاً من عاج الفيل، وجدراناً من حبوب الكاكاو، غطى سريرها بزندٍ لزيتون الجبل الأسود، وفرشه بلحاءٍ ناعمٍ لغشاء بكارة كهف الكاماسوترا.... حبلت بتسع أطفال من صوان الرحى وفتاةٍ ارتدت نفس خمار العنق.
ضحك دياب لوصف جدته وجده، شرب النبيذ حتى احمرت عيناه، وسقط على فراش الرئاسة، بعد ساعاتٍ من الشخير المزعج، نهض وقد امتد عنقه على الرفوف السوداء، حمل رأسه بكلتا ذراعيه وسار جيئةً وذهاباً على طول المهجع، لم يتكلم عن أيٍ من كوابيسه التي عرضت في فلم السهرة على قناة المستقبل.
في المساء استدعي دياب لإدلاء بصوته في انتخابات الإدارة المحلية، ترك لنا كتاباً عن السلفية، وقصة عن ليلى والذئب، سمعنا من القادمين الجدد أن دياب يقف على ناصية ساحة المرجة وقد امتد عنقه حتى ساحة السبع بحرات حيث كان البناء القديم لمحكمة أمن الدولة، وأن العلامات التي وضعها على الاسفلت بألواح الطباشير قد انتشرت في كل دمشق، بين كل خطين كتب بلونٍ أبيض: " أربعة لأشبار وسبع أصابع، ثلاث ملاعق لبنة وكأس برغل ومثله من الفاصولياء، رئيس المهجع 10".

الحي المعتم
لا يعرفك إلا شبحاً له رائحة الأجلين
وعنقاً يتطاول لنافذة نساء مودلياني
قليلٌ من المرايا
فترى بطاقة البحث على جبينك.

المارة يحفظونك شحاذاً ينفخ البرد بعيداً
يشرب الماء راكعاً،
مع ورقةٍ على جبينه
يحك عنقه ليجمع سلاسل قدميه.

توقف سيارة الأجرة
وتستعمل كل وجهك وكلماتك الغريبة
حتى ذلك السائق ينكرك
يضرب كفاً بكفٍ،
يلكزك لتنسى الفتاة أمام المتحف
ويدلك على الورقة في يدك
فارغةً، لا صورة لهويتك
تبتسمُ فتاة المتحف بخبثٍ:
الراديو يتحدث عنك
فأنت من يمشي على آخرِ الجسد
كأنك المطر البرتقالي
جفَّ بلون الرمل
ليغسله مطرٌ كئيب
كحلقةٍ مقفلة من نزوات الموت.

لم تترك الكثير من الرسائل
وقع منك قلمٌ ملوث
وتدحرج حتى التقطه مدمن
نشق جرعته، فماتت آخر أحلامه.



#جوان_خليل_عكاش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنتازيا السجن الانفرادي - تروتسكي
- حالات تَقَمُص – كائنات الشواش*
- حالات تَقَمُص – فتحة وكسرة
- فنتازيا السجن الانفرادي – كوزيت
- دروس رهبنة – الاصحاح السابع
- فنتازيا السجن الإنفرادي - احتلام صديدي
- فنتازيا السجن الإنفرادي - أرواح طائشة
- فنتازيا السجن الانفرادي - مهبل أفروديت
- فنتازيا السجن الانفرادي - مساحة الشرق
- فنتازيا السجن الانفرادي - الحلم الراقص
- فنتازيا السجن الانفرادي
- اللغم اليوناني ...يبتر حلم السوريين نحو أوروبا
- د . ماريا كاللي: العالم تعامل مع المآسي البشرية كنوع من البز ...
- أوهام حرية الخلافة -على نهج مهدي عامل-
- سجن حلب المركزي : سجناء الرأي والسجناء السياسيون - من حقنا ا ...
- غاليسيا ... كاتالونيا .... الباسك- للخوف والعزلة فيلقٌ في أو ...


المزيد.....




- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوان خليل عكاش - فنتازيا السجن الانفرادي – أشبار وأصابع