أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوان خليل عكاش - فنتازيا السجن الانفرادي – كوزيت














المزيد.....

فنتازيا السجن الانفرادي – كوزيت


جوان خليل عكاش

الحوار المتمدن-العدد: 4663 - 2014 / 12 / 15 - 10:48
المحور: الادب والفن
    


لم ينتهِ هذا اليوم بسهولة، فمنذ توزيع طعام الفطور انهمك الأخوان القرمة في نزالٍ بالسيوف، كلاهما كان يصرخ مطالباً بعلبة الحلاوة، الأخ الكبير عاد منذ بضع سنوات من ليبيا بعد أن سقط مشروع الكتاب الأخضر، أما الصغير فقد قادته قدماه إلى ماخورٍ بناه غازي كنعان، ورغم ترديده المستمر أن نيته كانت شريفة، لكن الصبي الذي كان يقدم الشاي عشقه، وبعد أن أحست أمه بألمه وأرقه، وراقبت لليالٍ طوال نحيبه المستمر، أخذت اسم أم العشيق وطارت به إلى ريف حماه الشرقي حيث يعيش كاتب الحجابات، طلب منها شعراً من محيط فتحة الشرج، ديكاً أعمى، وصبارةً سقط شوكها على خنثى، وأصابع لعجلٍ رعى في جبلة وذُبح في أورفه.

شغل الساحر أغنية حبٍ أليمة لهاني شاكر، وبعد أن بكت الام جمع أبو العنانة المغربي كل تعرُّق إبطيها، ليسكبه وسط مدقة ثوم، وأضاف شعر الصرم بعد حرقه مع الصعتر وسمادٍ متفجر، أخذ الصبارة إلى أم عبد الله التي أجبرت كل زبائنها على القذف فوقها، ومن ثم غمسها في مسحوق التوليب، وأدخلها لسبع مراتٍ في فم ضبعٍ التهم جسد سمعان العامودي، وصنع منها صدر الدمية التي كُتبَ عليها أحرفٌ من القسم السليماني، سكب عليها الخليط وجعل الأم تمضغ أصابع العجل وتبصقها على الأرض، حيث ذبح الديك وفقأت عيناه ليخرج منها الدخان الرمادي بلمسةٍ وردية.

الدمية بدأت في الانحناء والتلوي، وبان لها فمٌ صغير محاطٌ بشفتين سوداوين، نطقت لهما بالهوى الأشعري، واحتكمت للعنات نسوة الكهوف الباسكيات، الساحر دوَّن كل الكلمات على ورق الزبدة وطواها بين ورقٍ أسود، بعد أن سحب العلكة من فم شويكار وغلف بها الحجاب، رفع يده ليكشف عن خاتمه المنقوش بقصائد للحلاج ختم به طرف المطوية وألقى بها إلى حضن العجوز.

الأم انسحبت من الغرفة بعد أن تركت لفةً من أوراق الالف التي تحمل صورة حافظ الأسد، وصلت إلى منزلها المهدم حيث شَكَلَت التعويذة على كيلوت ابنها الأحمر، وفي نفس المساء طلب قرمة الصغير يد ابنها، وتم تكليلهما خلال أسبوعٍ واحد، وعلى باب محراب معبد إيبلا حمل الصغير عريسه إلى ظهر الحصان الأغبر، ورقص على أنغام المزمار حتى وصل عتبة مخدعه، ليقفل الباب.

رفع الطراحة عن وجه العريس الخجول، وخلال ثلاث ساعات ولد منه سبعة أرانب دسمة، وقبل أن يلمس القرمة الصغير أياً منهم داهم الأمن العسكري حماه من بابها لمحرابها، باباً تم تحطيمه بحثاً عنه، وعندما اعتقل لفته الأرملة السوداء بخيوطها وعلقته لبضع سنين على قناطر تطل على النواعير، وبعد اكتمال البدر لألف مرة سقط من الشرنقة وزحف حتى دخل باب صيدنايا.

جمع السجناء أشلاء الأخوين داخل علبة الحلاوة، وكالعادة ألقيت خارجاً وقت ادخال الغذاء للمهجع، وبعد أن أُغلق الباب وأُحكم المزلاج، ردد جان فالجان عبارة القراصنة الشهيرة "مئة رجلٍ ماتوا من أجل صندوق"، ومن ثم استلقى على الأرض ووضع رأسه على فخذ نبيل، الذي انهمك في تفتيش شعره الأجعد عن الصئبان، كلاهما احترف القرصنة منذ أيام حرب المائة عام، هربا من مصح عاليه للأمراض العقلية لينخرطا في الحرب الأهلية، وبعد نشر صورها كمطلوبين للإنتربول هربا إلى الدير الذي كانت تقيم فيه كوزيت.

كوزيت التي ولدت على ناصية إكسارخيا، لم تلتق والدها القنطور، اختطف والدتها من جزيرة رودوس وصعد بها إلى جبل الأولمب، كل ما علمته أنه نكح أمها يوم الرعد وقتل بيد كاسيدياري للونه الأسود، وأن أمها ماتت بعد مخاضٍ دامٍ بالرمادي، نبشت القبر بعد أن شقت الرحم بأظافرها. على باب المقبرة التقت بالحارس الذي قرأ لها أيام شهرزاد الماجنة، ووقف كخطباء المساجد ليقص لها حكايةً من قصائد التتار، ألبسها وعطرها بالعنبر العطن، وسماها بكوزيت.

لم يبق الكثير من الرُقم الذي حمل قصتها عن رواية الربات العشر، فقد نُقل عن صاحبة القيثارة أن عينيها كانتا فنجانين لقمرين من حبات اللوز، وأن لونها استقرار ثامنٌ للون المفقود، ومن باب المعبد فهم المؤرخون أن اللغة الأولى لها كانت ترجمةً شجرية لرذاذٍ خفيف في يومٍ صيفي خائف، أما ذات الشعر الذهبي وسهام القصائد فقد خطت سطراً عنها بانَ منه أحرفٌ بلغة كوكب الزُهرة مع ميلٍ شغوف بلون الشمس، أما التنقيط فكان سبعة عشر قُبرةً من حدائق بابل، واتضح من التشكيل أنه قد دق ساعة مُحاقٍ مر قمره بعبلة وهي تلحن اسم النوفل الذكري، فاصطاد للعامرية فراشاتٍ من سيحان، ويعاسيب الذهب من جيجان، واختتمت هذا الطلسم بلغة البشر قائلةً "وإن هي إلا تأليهاتٌ نشبت في غيابك".

الراهب الذي حضر في الصباح اخذها في قفة التين إلى مزارع الزيتون، عمدها راع الكنيسة بعصير من الرمان الدموي، ورشها بمحابر زنزانة دو ساد، ألبستها الراهبة ثوباً من الخيش وشدت وسطها بحزامٍ من ندف الثلج، أما الإكليل فكان من غزل دافني وقد شبك مع ياسمين جُمع قبل الندى، في اليوم التالي نهضت كوزيت من نومها وقد نبت شعر عانتها، وسالت دماء الخطيئة على فخذيها، عضت على أصابع ذنوبها وهربت إلى ساحة أمونيا.

هناك عزف لها أعمى الاذرع تقسيمة نهاوند حزينة، ونامت على أذرع الأخطبوط الأرمل، وفي صرخات الجوع لقمتها إغراء أثدائها السبعين، الفتاة لم تزحف أبداً كغيرها من الصغار، مرت بها دورية الشرطة ففردت جناحيها الأسودين وحطت على كتف نبيل الذي ربطه جان فالجان على صليبٍ من خشب الأبنوس، وهو المسكين المتيبس بإكليله الشوكي لم يتوقف عن نبش الصئبان التي كان يجمعها لغانيةٍ، فتضم سبحتها التي فقدت حباتها، أما الفائض فكانت كوزيت تلتقطها من فم نبيل كما يفعل اليمام الخجول.

ماتت كوزيت في اليوم العاشر من اكتمال عشرين عاماً لنبيل على الصليب، أما جان فالجان فقد أخذ كل صئبانه إلى الطابق السفلي، ولم يبق من كل هؤلاء سوى صابونة نحتها رغيد وعلقها على باب المهجع بعد أن خط أسفلها: "ولكم في القصاص حياةٌ...".



#جوان_خليل_عكاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دروس رهبنة – الاصحاح السابع
- فنتازيا السجن الإنفرادي - احتلام صديدي
- فنتازيا السجن الإنفرادي - أرواح طائشة
- فنتازيا السجن الانفرادي - مهبل أفروديت
- فنتازيا السجن الانفرادي - مساحة الشرق
- فنتازيا السجن الانفرادي - الحلم الراقص
- فنتازيا السجن الانفرادي
- اللغم اليوناني ...يبتر حلم السوريين نحو أوروبا
- د . ماريا كاللي: العالم تعامل مع المآسي البشرية كنوع من البز ...
- أوهام حرية الخلافة -على نهج مهدي عامل-
- سجن حلب المركزي : سجناء الرأي والسجناء السياسيون - من حقنا ا ...
- غاليسيا ... كاتالونيا .... الباسك- للخوف والعزلة فيلقٌ في أو ...


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوان خليل عكاش - فنتازيا السجن الانفرادي – كوزيت