أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - زقنموت (رواية) 21















المزيد.....

زقنموت (رواية) 21


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 4657 - 2014 / 12 / 9 - 23:25
المحور: الادب والفن
    


قالت أمّه:
((كنت على يقين أنك ستورطنا في مصيبة.))
((الحب نعمة ربّانية،قدر أحمق،الحب ليس مصيبة يا أمّي.))
((ألم يقل أبوك:الحب للأثرياء يا ولدي.))
((كلام مغلوط،الأثرياء لا يحتاجون إلى الحب،لا يملكون قلوب كي ينعموا بهذا القدر الجميل.))
((والدك جاء وتزوجني من غير يرى أحدنا الآخر.))
((ربما سقطت في بئره حين رآك.))
((وهل الحب يولد في لحظة.؟))
((ثانية واحدة تكفي لبناء أسرة،أنما الحب لحظة.))
((لولا قرار الحكومة لورطتنا بقضيّة فصل.))
((كل شيء تم بسلام.))
تناولا الطعام.
قال:
((أمي..يجب أن نوضح الأمور.))
((لا أملك وجهاً يستوعب غضب أمها.))
((كل شيء تم رغماً عنّا.))
((ستبقى غاضبة عليك ما عاشت.))
((بوسعي أن أهب حياتي تلبية لرغبتها.!))
((هذا شيء لا يعوض،عملك نسف عمارة أخلاق يا ولدي.))
((وما العلّة.؟،أننا تناسبنا،الحكومة ستدافع عن قراراتها.))
((في القلب أشياء لا تفهمها.))
((قدر صاغ قراره.))
((ليس بوسعي مرافقتك.))
((ليس أمامي سوى حل واحد.!))
نهض وذهب إلى غرفته.
أنهمك يكتب،وجد كتابة رسالة أنفع،يقول فيها كل ما يرغب قوله،(مها)ستقرأ الرسالة،ستكتب ما عندها من كلام،لابد أنها خضعت للأمر الواقع،قد تكون صدمة،لكن الصدمات لا تترك كدمات.
مع الفجر وقف كما كان يقف،هاجس يحسسه،قضيته شاعت بين الناس.رسالته في جيبه،وجد عيون مارة تنحفر فيه بشك واضح وسؤال يصرخ.
تقدمت امرأة منه..قالت:
((ما جدوى وقوفك هنا.!ألم تصبح لك.؟))
لسانه تعذر عليه الجواب..أردفت:
((كان يجب أن تختار ـ ماجدة ـ وحيدة أمها،البيت باسمها،ولديها راتب والدها.))
وجد السكوت وازع هزيمة من الحياة..قال:
((لا أفهم ما تقولين.))
((البلدة كلّها تعرف موضوعك.))
مضت المرأة،بقى حائراً،ينتظر خروجها.
كرامته دفعته يخطو واثقاً من غير تردد أو خوف نحو بيت(مها)،أنامله ارتجفت،جاءت طرقات الباب نقرات منقار طائر ضعيف على نافذة.
خرجت(مها)،صامتة،في عينيها يتلاعب فرح ينمو وحزن مرتبك..قال:
((مها..هكذا أراد القدر أن يجمعنا.))
((لم أكن أتصور أنك تخونني بهذه الطريقة البشعة.))
((لم تكن رغبة في الخيانة بل كانت طريقة لدفع الشر عنّا.))
((لكنها حكت لي كل شيء وحصل ما حصل بينكما.))
((لم يحصل شيئاً إلاّ في خيالها.))
((لست مستعدة على تصديق أي كلام.))
((ربما كنت على خطأ،حين وضعت في بالي لقاءها سيوقف مصيبة توعدت بها.))
((كان يجب أن تفاتحني بالقضيّة.))
((لا توجد قضيّة.))
((جعلتنا علكة في أفواه الناس وتقول لا توجد قضيّة.))
((أعني ما في بالك ليس صحيحاً.))
((ألم تدخل معها الحمّام.؟))
((مها..أرجوك لسنا في محاكمة،أنا جئت أقدم رأسي لأولاد خالك،ليفعلوا بي ما يشاءون.))
((علموا بالقضيّة.))
((وما هو رد فعلهم.؟))
((لم يفصحوا عن شيء.!))
((بوسعي الذهاب إليهم.))
((لا تزج نفسك في ورطة.))
((اخترتك..أليس هذا دليل تعلقي بك.))
((ماهر..أنت تعذبني كثيراً.))
((لا عذاب بعد اليوم.))
((رسائلك مليئة بالغموض واليأس.))
((سأغير لهجة خطابي من الآن.))
((متى تعود.؟))
((اليوم سألتحق ولدي نسخة من قرار المحكمة للحصول على أجازة زواج.))
((أي زواج..أنا طالبة.!))
((أعني أنني سأتمتع بإجازة كي نرتب حياتنا.))
((الحرب تأكل الناس،أخشى أن تحترق حياتنا.))
((ربما ستنجح المساعي الحميدة.))
((أنهم يصطادون في مياه عكرة.))
((لدينا كلام كثير،علي أن ألتحق بوحدتي.))
((أمي ذهبت إلى بيت أخوالي كي تعلم معنى صمتهم.))
((أرجو أن لا يرتكبوا حماقة،خصوصاً الشاب الذي يريدك.))
((تخلصنا من شره،يقولون هارب تم إلقاء القبض عليه.))
((آآآآه..كابوس كبير انزاح.!))
((ولدا خالي وجدا أختين في ـ بغداد ـ في الأسبوع القادم يقطعان المهر.))
((هذا فأل حسن.))
((لم لا تدخل.!))
فسحت له الطريق،دخل(ماهر)غرفة اللقاءات الليلية..قال:
((لم يعد الخوف يحضر معنا.))
((ماهر..ما زلت أحمل العذاب.))
تقدم منها،وجدها صامتة،ترغب في البكاء،عانقها وأنهمك يمطرها بوابل قبلات..قالت:
((ماهر..أنت بارد اليوم.!))
رجف جسده،لم يجد غير الكلام كي يشعرها بالطمأنينة..قال:
((قبلات الحلال باردة.))
جلسا ساعة وافترقا.




((السيد الآمر عنده دورة ترقية.!))
تعذر على السيد المساعد أن يتخذ قراره بمنحه أجازة زواج.
قال:
((مبروك يا ـ ماهر ـ لكن تعلم الهجوم وشيك والأجازات توقفت.))
لم يمتلك كلاماً،وطنه في محنة،وقلبه مشغول بمحنته،والموت راية ترفرف في فضاء مخيلته.
كل شيء يخضع للمفاجأة،أوامر العسكر تتبدل بالدقائق،ينفع أن يتدرب الجندي على ضبط النفس،أن يتمكن من خنق كل رغبة تنهض أوان الجحيم،روّض(ماهر)شكيمته،عالمه لم يعد يشكل هماً ضاغطاً كما كان في مدرسته،روحه هائمة،له قلب لا يرعوي،وخيال غير مجهز لفرض القرارات أوان الضيق،هم الموت يطغي، والحرب كلّها موت متواصل،مفرد وجملة.
في الليل بدأ الخوف مخيماً على الجبهة،نجوم متوجسة،الهدوء رتيب،ألسنة الجنود خاضعة لخرس عام، مباغت ومخيف،فرّت الرغبات من النفوس،أجساد مائعة تتحرك بحيرة وارتباك،عيون الجنود تطارد نقاط سود تتصادم في السمت،يهذر اللسان بما يخالف الواقع،كل نقطة منطلقة يقرها اليقين صاروخ صامت سينفلق بعد حين،الكل يرتدي كامل هندامه،من أخمص القدمين إلى قمة الرأس،البسطال والخوذة وزمزمية الماء مملوءة،والبنادق محشوّة لقتل أولاد آدم وحوّاء،الكل ينقسم إلى رهطين،رهط قابيل ورهط هابيل.
توقف النوم،العيون انشغلت تطارد أشباح تتحرك،طال الصبر وبدأ زيته ينفد،والهجوم الوشيك تكتمل محاوره.
في الهزيع الأخير لليل،خط طويل يأتي من الخلف،خط يلوح أصفر اللون،أو هكذا فسرت الألسن التي نطقت من بعد لجام الانتظار.
(ماهر)يلاصقه جندي أسمه(حامد)،عرف عنه(كلب الليل)،جندي ينام النهار كله،آمر السرية منحه التخويل الكامل بأن النهار يكون تحت تصرفه،ما أن عرف أنه كلب أبن بشر،يفض بكارة ظلام الليل بعينيه وحاسته السادسة،لم يزعل يوم وصفوه بالـ كلب،كونه فاز بكل النهار وتخلص من واجباته الروتينية.
قال(ماهر):
((أنهم..رجال ـ الحرس الجمهوري ـ على ما أعتقد لديهم ممارسة ميدانية.))
((لا تصلح كلب ليل يا عزيزي.))
((من غير المعقول أن يكن هذا الرتل الطويل عدو متسلل.))
((الليل موطن الأسرار،لن أقول شيئاً ما لم أتحرى.))
((لو كان العدو لكان هناك اشتباكات مع القطعان الخلفية.))
((ما أشمه رائحة كريهة.!))
((الم يقل السيد المساعد،قيادتنا تهيأت لخنق هجومهم في مهده.!))
((عدونا ماكر يا ماهر.!))
((ربما حشدوا أعداداً كبيرة لذلك جلبت قيادتنا ـ الحرس الجمهوري ـ لإشاعة الرعب فيهم.))
((لم يسبق أن زجوا بهم في المعارك السابقة.))
((خطورة الموقف أجبرت الحكومة على إشراكهم في الحرب.))
صمت.
جنود محتارون،بعضهم يتوسد التراب ويغرق في نومه السابع،يبدون جثث متحجرة،وفي الخط الطويل للطريق النيسمي،نمال صفر تدب،ظلام الليل يواصل طمس هوياتهم.
همس(ماهر):
((قلبي طفق يخفق من غامضية الموقف.))
((ربما خفقان الموت يا صديقي.))
((ليت ذلك يحصل كي نتخلص من هذه الحرب اللعينة.))
صمت.
لا تؤمِّن النواظير الليلية رؤية جيدة،ما متوفر من معدات أخرجتها جيوش العالم من الخدمة،دول تعرف كيف تصرف مهملاتها العتيقة بسعر الذهب،وراء كل حرب دول صناعية تبتلع أموال الطرفين.
تتعب العيون في الظلام،الحلكة تخثرها،تعب العيون يتعب الجسد،ويغلق أبواب الذهن.
قال(ماهر):
((لننم قليلاً..ما تطفر في العيون أوهام محض.))
((سموني كلب الليل الأمين،ليس من المستحسن فقدان هذه الشارة النبيلة.))
((معظم الجنود غاطسون في نومهم السابع والسبعين.))
((نم أنت،أشعر أن هناك شيئاً ما يقلقني..أنفي بدأ يتحسس بطريدة في الجوار.))
((سأنام،ليس بوسعي أن أصمد أمام تعب جسدي.))
تمدد(ماهر)واضعاً البندقية تحت رأسه،لم يغلق مسمار الأمان،بقى(حامد)يفك مغاليق لوحة تعكس جملة مرايا كلّها تنطق عويل.
(ماهر)سواء شبع من النوم أو مجرد غفوة محارب في ظل خطر،قفز من نومه،كان الرصاص يرسم لوحة ليلية،مذنبات تهرب وأخرى تعود،مجابهة دامية،الخط الأصفر يتعاشق مع الأرض المترامية،والجنود يرمون بلا تحديد هدف.
قال(حامد):
((أنفي تحسس رائحتهم.))
((لكم هي واهية حجاباتنا أيام الهجمات.))
((لا يحصل خرق ما لم تكن هناك خيانة.))
((قول معروف.!))
هل فجر مغبر،جنود مستهلكون،رهط النمل ضائع بين الحفر والدخان.
بدأت المدافع الثقيلة ترسل برقها..قال(ماهر):
((سنقتل بأسلحتنا.))
قال(حامد):
((عندما يتأزم الموقف،قيادتنا تعجن الجميع.))
(ما العمل،هل نفعلها.؟))
((خشيت أن أطرح هذه الفكرة عليك.))
((لم ألتقِ إنساناً يخاف من شاعر.))
((حقيقة لم أتأكد من شعرك كي أعرف معدنك.))
((لست من بائعي الكلمات.))
((طريق النجاة تبدأ من نفق واحد،لكنه ضيّق.))
في غمرة القتال والكلام،تحول الساتر إلى قيامة حرائق،قنابل تمطر،تبغي تطهير ساتر الوطن من الفوضى.
ذلك كل ما ارتسم في ذهن(ماهر)قبل أن تجرفه عاصفة تراب.



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زقنموت (رواية) 20
- زقنموت ( رواية) 19
- زقنموت (رواية) 18
- زقنموت (رواية) 17
- زقنموت (رواية) 16
- زقنموت ( رواية ) 15
- زقنموت (رواية) 14
- زقنموت (رواية) 13
- زقنموت (رواية) 12
- زقنموت (رواية) 11
- زقنموت (رواية) 10
- زقنموت (رواية) 9
- زقنموت (رواية) 8
- زقنموت (رواية) 7
- زقنموت (رواية) 6
- زقنموت (رواية) 5
- زقنموت (رواية) 4
- زقنموت (رواية) 3
- زقنموت (رواية) 2
- زقنموت (رواية) 1


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - زقنموت (رواية) 21