أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - زقنموت ( رواية) 19















المزيد.....

زقنموت ( رواية) 19


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 4655 - 2014 / 12 / 7 - 18:27
المحور: الادب والفن
    


نشيد آخر

أيضاً يبدأ أسمها بحرف الميم.(قال لسانه)
(ماجدة)لعبة قدرية أم مصادفة جمالية،صغيرة رغم جسدها المترع بالعافية،سمراء تمتلك عينين واسعتين، قصيرة مربوعة الجسد،لها جرأة نادرة عند فتيات من عمرها،كانت تمر بالقرب منه،دائماً تمر من غير أن تحرك ذاته،أو تمنحه نظرة فيها معنى.
كعنكبوت محنك حاكت خيوط غزلها حوله.
في صباح ضبابي،بكر الخروج،وجدها تدنو.
قالت:
((صباح الضباب يا ماهر.))
لم يجبها،كان الخوف واقفاً يخنقه،وجدها تقف من غير تردد،رغم أنها تسكن في الزقاق المقابل لزقاقه،فتاة معروفة،شباب من أزقة مختلفة يمرون من زقاقها،شم منهم رائحة شهوات مفضوحة.
أردفت:
((يبدو أننا لا نستحق سلام الحلوين.))
لم يجد وازعاً لجوابها،خشية أن تأتي(مها)وتضبطهما بـ جرم الغرام.
واصلت كلامها:
((لا يهم..خذ هذه الورقة لك.؟سأنتظر جوابك ظهراً.))
ألقت ورقتها ومضت.
لم يجد رغم الضباب شجاعة لالتقاطها،فكر أن يلتقطها ويفحصها،في تلك اللحظة لم يكن يعرف أن بوسع القلب أن يحشر فتاتين فيه،لو كان متعافياً،والجسد يمتلك كامل حرارته،لربما سحقها داخل مستنقع رغباته،
لم يتواصل تفكيره طويلاً،رأى(مها)تشق رفوف الضباب،اقتربت..قالت:
((صباح الضباب.))
((صباح الوضوح يا ـ مهاـ))
((كتبت لك رسالة.))
لم تلقها.
تناولها،مست أنامله كفها،مضت من غير أن ترى الورقة الساقطة قرب قدميها.
ماذا لو رأتها ورفعتها.؟(قال لسانه)
رفع(ماهر)الورقة خوفاً من ورود أسمه فيها،سريعاً عاد إلى غرفته.
قالت أمّه:
((أين الصمّون.؟))
((آه..نسيت يا أمّي.))
((يبدو أن هذه المصيبة أكلت رأسك.))
((حالاً سأذهب وأجلب لك الصمّون.))
((كلا لدينا ما يكفينا فطورنا.))
تناولا الفطور.
رغبة ملحة شحنته لقراءة ورقة(ماجدة)،هاجس لحوح دفعه تأجيل ورقة(مها)،أنهمك يقرأ:

[ آه يا حلو..ليتك تعرف كم أهواك،ليتك تعرف كم أذوب في هواك،ليت تعرف أنت القلم الذي أخط به كلمات قلبي على بياض ورق يشبه صفحتي وجنتيك،متى تدرك مصيبتي يا ـ ماهر ـ لم أنت تقف هكذا من غير بسمة تحلقني في سماوات الحلم،عرفت أنك شاعر والشاعر لا يعيش ولا يكتب من غير ملهمة تمده بفيض الكلمات،أما يتغزل الشعراء بالسمراوات،المطربون يحوكون كلمات أغنياتهم حول الفتاة السمراء،أين أنت من سماري،أرجوك أنا صريحة معك،لم أعرف الحب إلاّ حين رأيتك،أنتظر ردك في القريب العاجل..يا ماهر..يا حلو..ماجدة المعذبة..تهواك.]
***
مصدوماً،يرتجف،حب آخر مباغت يداهمه،لم يعد يرغب قراءة رسالة(مها)،لم يتمالك نفسه،وقف حائراً،أن يكتب شيئاً لها،أو يتركها تجنباً لمصيبة متوقعة،فقد تماسكه وأنطلق خارجاً إلى البلدة،مر بالسوق وعاد، فاقداً هدوءه،سقط في بئر الحيرة،قلق ينمو فيه،يرافقه خوف واضح.
(مها)و(ماجدة)طالبتان في صف واحد،زميلتان،لابد أن واحدة ستقول للأخرى:
((ذاك حبيبي ينتظرني.))
ماذا يحصل لحظتها،ستكشف الأخرى أوراق قلبها،الغيرة والرغبة متواجدتان في استحواذ الأشياء الجميلة عند كل مراهقة.
وقف يسترد اللحظة،الضباب يتناثر أمام صفعات الشمس،من بعيد وجد(ماجدة)تمشي،وصلت قربه،وقفت من غير خوف،مركبات تمرق وتطلق منبهات مقصودة،تحرر كلام من فم سائق:
((ألعب بيها يا بو ـ سميرة ـ))
ظلت واقفة تحدق بعناد.
قال:
((ماذا تريدين.؟))
((قلبك.!))
((مشغول..))
((أعرف.))
((تعرفين.!))
(((مها..لن تفيدك يا ـ ماهرـ))
((ماذا تعنين.؟))
((أن تحبني.))
((و..مها.!))
((لن تنالها،أنا أعرف أخوالها،يكرهون الأكراد.))
((أنت تهرفين.))
((أنا أقول الحقيقة.))
((أرجوك واصلي سيرك.))
((ليس قبل أن ترتبط معي.))
((بماذا أرتبط.))
((بحبل الحب.))
((حسناً أنا معجبة بك.))
((هذا كلام عابر لا يكفي.))
((ماجدة..ستورطيننا بمشكلة.))
((أنت لا تعرفني جيداً،لن أبرح هذا المكان ما لم تحقق رغبتي.))
((وما هي رغبتك.؟))
((أن تعلن بصراحة حبك لي.))
((لكنني لا أشعر بالحب.))
((ماهر..قل كلامك كي أرتاح.؟))
((حسناً..أنا أحبك.))
((سأنتظرك في الليل.))
اندفعت تهرب كغزالة ارتوت من ماء ينبوع بعد ظمأ شاق،زاد شهيقه،شعر بتمرد جسده وانفلاق خياله،لم يعد يرغب بالوقوف،خشي أن تشم(مها)رائحة خيانة عظمى،جرت على مرأى الناس،عاد إلى البيت يتفكك ويتلاشى،شرق يغريه وغرب يغتصبه،ما بين الفتاتين صار سفينة بلا ربّان،تارة يميل فرحاً وتارة تجذبه رائحة فضيحة،هاجس ما بدأ يغريه،أن يقيم مملكة أخرى للحب،ربما(ماجدة)جاءت في اللحظة الحاسمة لتطبيب جرحه،ربما كانت أمّه على حق يوم قالت له: ((أشعر أن هناك من عمل لك عمل سوء.))،ربما كلامها صحيح،لابد أم(مها)فعلت شيئاً بمساعدة أم(سليم)انتقاماً،شعر أن قلبه كبير يسع منازل أخرى للشعر والعاطفة،بدأ ينفتح على جوانب أخرى خفية،لكن ليتأكد من نفسه،ما زال يشعر بفقدان حرارته،ما زال دبيب الموت يسري عبر عروقه،حتى تلك اللحظة كان على يقين أن كل أنثى خلقت لذكر واحد،كذلك الذكر خلق لأنثى واحدة،لكن ما الذي جعل قلبه،أن يفتح باباً جديداً لفتاة سمرتها مصباح ألقها،جرأتها،جسدها.
سارت به سفينة الرغبة إلى شاطئ راحة،كتعويض عن تحديات المستقبل،تذكر قول والده حول بناء المنازل.
البيت الأوّل كان(مهدية).
البيت الثاني(مها).
ها هو وجد البيت الأخير(ماجدة).
بعدما امتثلوا أخوال(مها)كقطاع طرق أمام قافلة مراهقته.
جاء الليل.
ورقة(مها)مطوية،من باب الفضول رغب أن يتفحصها،طغيان(ماجدة)قفل أبواب الحلم بوجهه،تركه سجيناً ينشد منفذاً للرحمة.
قرأ:

[ بدأت أخاف عليك يا ـ ماهر ـ لا أعرف ثمة كوابيس بدأت تطاردني في يقظتي،يوم أمس فتاة زميلة ذكرت أسمك أمامي،كنت واقفة بين زميلاتي،كانت تلك الفتاة الجريئة تردد أسمك،كانت تنظر إلي بشكل ساخر،لم أحتمل كلامها،وجدت فرصة ملائمة وسألتها عن سبب ترديد أسمك أمامي،لم تتهرب،قالت بكل صراحة أنها تعرف بعلاقتي معك،توسلت إليها أن تكتم ذلك.
أرجوك يا ـ ماهرـ غيّر مكان وقوفك،لا تدعها ترصدنا،لنتفق على مكان آخر،أختر أنت المكان،أو نغير ساعة الوقوف..ماهر ـ مها ـ ك تتعذب]
***
كل شيء يتضح،لابد الأيّام ستأتي بردود أفعال متضادة،المراهقات لا يمتلكن حكمة في أمور قلوبهن،يفقدن صوابهن من غير الشعور بالنتائج اللاحقة،وجد الرغبة في تسوية الأمر بينهن مطلب متوازن،بحث عن فرصة مناسبة لـ يخلو بـ(ماجدة).
مع كثافة الظلام وجدها تطل برأسها من النافذة،رأته واندفعت تستقبله،لم يشعر بالخوف،(ماجدة)وحيدة امرأة مات زوجها موتاً غامضاً،قيل تناول طعاماً مسموماً،وقيل أن امرأته أطعمته طعاماً بائتاً،والبعض راح يقول أن أبا(ماجدة)كان يشكو من سرطان مزمن.
صارا في الحمّام.
كانت تخرج وتعود لتطمأن على الموقف.
قالت:
((أمّي نائمة.))
((لم تتصرفين هكذا يا ـ ماجدة ـ .؟))
((ألا أستحق حبك.؟))
((أنت حقاً جديرة بالحب.))
((لكنك لا تحبني من كل قلبك.))
((ولم أنا هنا.؟))
((ربما خفت من كلامي.))
((لم أعد أتذكر ماذا قلت.))
((تكذب..))
صمت.
فكر بطريقة ممكنة توصله إليها،كانت تلهث محترقة،أنفاسها موسيقى مضطربة،كان هو الآخر قالب ثلج يموع،يكاد يشعر بضغط دم يتململ و يتجلد في عروقه،تشجع أن يمسك يدها،سحبت نفسها بعيداً،كان في عمق الحمّام،صارت هي جالسة في الباب.
((لم تهربين مني.؟))
((أنك لا تحبني.))
((لكنني جئت من أجلك.))
((عندما تقطع علاقتك بــ ـ مها ـ أصدقك.))
((ماجدة أنت جميلة وسمراء،أنت أجمل طالبة في ـ جلبلاءـ))
((تكذب..))
((صدقيني..))
((سأصدقك لو نفذت لي طلباً.))
((سأنفذ لك طلبات الدنيا كلها.))
((تكذب..))
((صدقيني أنا حاضر لما تطلبين.))
((حسناً يوم غد ترافقني للمدرسة.))
((ماذا.؟))
((هذا شرطي الوحيد.!))
((أنت تقولين كلاماً لا يحصل إلاّ في الحلم.))
((هذا شرطي الوحيد كي أصدقك.))
((ولكن هذا يقود إلى اعتقالنا من قبل رجال الأمن.))
((وما علاقة رجال الأمن بالحب.))
((أما تسمعين أن الحكومة تعتقل كل فتى وفتاة في لحظة لقاء عاطفي.))
((لكننا نمشي على الشارع العام إلى المدرسة.))
((طلبك صعب،أنا أخاف من كلام الناس يا ـ ماجدةـ))
((أذاً جئت تلعب معي.))
((ومن قال أنني أرغب في اللعب.))
((لم أمسكت يدي.؟))
((لن أكرر هذا حتى تثقين بي.))
صمت.
لاح الخروج أسلم،قبل أن تنهض أمها ويحصل مكروه،قام،قامت ووقفت بالباب.
قال:
((علي الذهاب.))
((لن أدعك.))
((ماجدة..دعيني أذهب طالما تتصرفين معي بطريقة لا تليق بالحب.))
((قل لي هل تحبني.؟))
((نعم.!))
((حسناً..أجلس.؟))
جلس.
سحبت الباب،سمع صرير القفل من الخارج،دهمه أحساس أنها خبأت مكروهاً أو فضيحة،قام وتأكد من الباب،كان مقفلاً حقاً،بعد دقائق عادت،فتحت الباب ودخلت تحمل شيئاً.
قالت:
((هذا مصحف،ضع عليه يدك وأقسم أنك ستحبني.))
((لكنني غير متوضئ.))
((ومن قال أنك تجيد الوضوء.))
((أنك مصيبة.))
((من لا يصلي لا يجيد الوضوء.))
((يا ماجدة..الحب ليس لعبة،أنه مشاعر وأحاسيس ورغبات.))
((أقسم لي كي أمنحك الحب.))
((حسناً أنا أحبك وهذا المصحف يشهد على كلامي.))
خرجت مسرعة وعادت،وجدها تدنو منه.
قالت:
((إيّاك يا ـ ماهر ـ أن تلعب معي.))
((الحب حالة مقدسة عند جميع الكائنات،لا يجوز للعاقل أن يستهين به.))
سمحت أن يمسك يدها.
تراخت وأغمضت عينيها.
فـ سقط فمه على فمها.



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زقنموت (رواية) 18
- زقنموت (رواية) 17
- زقنموت (رواية) 16
- زقنموت ( رواية ) 15
- زقنموت (رواية) 14
- زقنموت (رواية) 13
- زقنموت (رواية) 12
- زقنموت (رواية) 11
- زقنموت (رواية) 10
- زقنموت (رواية) 9
- زقنموت (رواية) 8
- زقنموت (رواية) 7
- زقنموت (رواية) 6
- زقنموت (رواية) 5
- زقنموت (رواية) 4
- زقنموت (رواية) 3
- زقنموت (رواية) 2
- زقنموت (رواية) 1
- ليالي المنسية(رواية)جزء38الأخير
- ليالي المنسية (رواية) جزء 37


المزيد.....




- الأدب الروسي يحضر بمعرض الكتاب في تونس
- الفنانة يسرا: فرحانة إني عملت -شقو- ودوري مليان شر (فيديو)
- حوار قديم مع الراحل صلاح السعدني يكشف عن حبه لرئيس مصري ساب ...
- تجربة الروائي الراحل إلياس فركوح.. السرد والسيرة والانعتاق م ...
- قصة علم النَّحو.. نشأته وأعلامه ومدارسه وتطوّره
- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - زقنموت ( رواية) 19