أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - أمير دوشي ...هاملت في أور















المزيد.....

أمير دوشي ...هاملت في أور


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4654 - 2014 / 12 / 6 - 13:37
المحور: الادب والفن
    



في عبارة هاملت الشهيرة ( أكون أو لا أكون ) صدى لحلم الفتى ( أمير ) أن يكون ، وهو يرتدي معطف الحرف الشكسبيري ، ويحملُ مظلة جلجامش المطرية ليفتش في القواميس منذ أن كان طالبا معي في ثانوية الجمهورية أيام سلالة أور الثالثة ، يفتش عن دهشة تربط سر بريق الدمعة بين رمش الأميرة السومرية بو ــ آبي ( شبعاد ) والروائية الأنكليزية فرجينيا وولف.
وأعتقد أنه نجح في ذلك ، والى اليوم أمير دوشي يشتغل على هذا ، وربما بهذا الاشتغال المميز ، ترجمة وحفريات في الأثر يضع ( أمير ) لملامح وجهه عطرا ناصريا بنكهة اللبن الرائب في صباحات نساء الأهوار القادمات في أول فجر المدينة ليحملن نكهة القصب والطبقات الأثرية القابعة تحت الماء وسمفونيات الجواميس ، ودفتر مذكرات الرحالة والمستشرقين والذين حملتهم دلالة أمير وشروحاته ليُعرفهم أن هذه البلاد موطن حضارة وليست موطن بساطيل ودبابات.
يسجل هذا الفتى السومري على اللوح خواطر قلقه ومبتكراته وتراجمه على مدار يومه ، ويؤثث على طاولته الصغيره أمكنة وزقورات ومقالات صحفية ولقاءات أصدقاء وزبائن قادمين من شتات الأرض ، وأكثرهم كان يسكن مدينة قم وطهران ومنافي شيراز والأهواز وامستردام ومالمو ليترجم لهم وثائق حقهم السياسي.
يضحك حين يكتشف بخبرة عراف أن ( جنسية ) أحدهم مزورة ، لكنها يسهل الأمر ، لأنه كان قد ترجم الى ليوناردو وولي الذي اكتشف حفريات أور نصا أكديا يقول ( فيما بعد ، تسمح لنا المنافي أن نجيء بأسماءِ جديدة ).
يشتغل عقل أمير على التطبع في غرام المكان ( مكتبه ومكتبه ) وأنيس أيامه ( أحمد الباقري ) . وتلك ملازمة حميمة كأنها مسكونة بأبد المكان من يوم وضع الوالي مدحت باشا توقيع طغراء بناء المدينة والى اليوم.
وبين الأثنين يتوافد صمت الألهة والتفاهم المشترك وحوارات عن أستخدام حروف الجر في متن النص الذي يكتبه أليوت بعون من عزرا باوند، لهذا لابد ان لايكون ثالثا في اللحظة التي يتواجد فيها ( دوشي والباقري ) ، لأن أرائك هاملت لن تحمل في مكتبه النقاش الذي يكتنفه الغموض والسر ، كالذي كان بين ملك أور وخله أنيكدو.
كان لأمير مشترك ثانٍ في بناء قصر هاملت وتأسيس أسئلة التكوين فيه ( عبد الأمير الحمداني ) ، هذا الأثاري المثابر والذي حافظ على هدوء سكنة التراب في ارض أور ولكش وتلو واريدو من عبث حرامية الليل ومجنزرات دبابات المجتل اليانكي والايطالي ، ونال من تحديه هذا أنهم سجنوه في تهم كيديه في مخفر شرطة الصالحية بمدينة الناصرية ، وبالرغم من هذا ، عبد الأمير اليوم يجوب شوارع نيويورك ويجالس صمت قاعات جامعاتها ليطور في روحه غرامه الأسطوري مع أور ومعابدها ، وليثبت للعالم فرضية أن ما خرج من بقايا مدن سومر لايتعدى العشر ، والباقي لم يزل تحت التراب.
صورة ( أمير ) والحمداني ( عبد الأمير ) شكلت بعد 2003 ، آصرة من مودة الأشتغال في ذات المنطقه ، ثنائية المترجم والأثاري كانت بالنسبة لي الصورة التي تتجد في أنسانية الصداقة والحلم وتبادل خواطر المشترك السري.
مشترك ثالث في حياة أمير هو الراحل الروائي والأنسان الطيب ( محسن الخفاجي )
لأمير ومحسن توادد أزلي في ألفة أسئلة محسن وتصحيحات أمير على تراجمه ، أنها مودة لها طعم لايتجاوز الأثنين ، يتحاوران بصمت ويتناسلان مثل أمبيا ملونة بين القصص التي ينشرها الملحق الثقافي في الابزورفر أو الصنداي تايمز ، ليختارا منه كولاجا لترجمته أو يقص محسن بمقص يستعيره من أمير صورة للمثلة سينمائية يعشقها يجدها في المجلات التي يحرص أمير على شراءها واقتناءها.
لا أتخيل محسن بدون أمير ، تلك المودة الفنتازية والسريالية والتي تحمل عاطفة من أجمل تفاصيل الذكريات ، وأظن أن امير حرص تماما ليبكي في عزلة على رفيق أيامه المبدعة محسن ، كي ليرى الآخرون أنكسار الجبروت في تلك المودة التي كانت تجمعهما.
مات محسن ، وبقيَّ سيف أمير يدافع بضراوة عن صديقه في معارك يعتقد أمير أنها معارك محسن الرائعة حتى في ثوبها الدون كيشوتي.
أمير المكتسب لجماليات الكثير من الثقافات ، يمثل بحضوره المتشح بأيماءته البريئة في عينيه الصغيريتين ، وتواجده الدائم على السلم المؤدي الى مكتبه الصغير في شارع النيل ، يمثل بعضا من خصوصية المدينة وتميز طابعها في أن يكون لأنساءها المبدع والعاشق لظلال لصباحاتها ، أن يوكن من بعض شواخص خلودها مثلما الزقورات وبساتين النخيل والجسر الحديقي وما تبقى من صور عن مبنى المحافظة القديم ودائرة البلدية.
أأعتقد أن ظاهرة الروح والمدينة والتي تحدث عنها ايتاليو كالفينو في كتابه الساحر ( مدن لامرئية ) تنطيق تماما على روح ( أمير ) في علاقته مع المدينة ، كما في بانوراما كالفينو عندما تسكن ذاكرة أمير أطياف خيال وهج أمكنة تشاغلها شهوات الالهة والجنود والفقراء وخوذ المارينيز.
روحه والمدينة ، أشكالية كل يوم ، حتى بات ينزعج تماما في مفارقة أول دكة في سلم معبده في شارع النيل ، حتى عندما يكون ضيفا على اليونسكو في مدريد وباريس .
يجلبه حنين الروح الى المقهى ، الى دخان سجارة الباقري وهو يحمل في هذه الأيام ألم حصى الكبد وبقايا أثار جلطة قديمة ، لكن امير يهونُ عليه بتلك الأبتسامة السومرية الخجولة : لا عليكَ يا أبا أماني سنبقى معا ، ظلكَ لن يبارح ظلي.
أحترم أمير دوشي ، وأحبه لأنه يمتلك الموقف والصديق والأنصاف والشجاعة أيضا . وأتذكر حياتنا معه ، وما قدم من أجلي في أصعب الظروف ، وأتذكر كيف كان قليل الفزع والخوف حتى في مواجهة الموقف الحرج عندما كان الحديث مع الجنود المحتلين يمثل فزعا لدى الكثيرين فكان يتطوع هو ليشرح وجه النظر ويدافع عن قضية أن يكون المكان لمن سكن المكان وليس لمن جاء ليحتله ، وربما كلفه هذا أن يعيش محنة كبيرة كادت تكلفه حياته .لكنه ظل يعيش منهجه وطبائعه ولم يتغير ، ليكتسب بذلك محبة واحترام الوسط الثقافي والأجتماعي كله.
نشر أمير كتبا ، وترجم ، ومنها ( بوش في أور ) و( بابل أحلام المارينيز ) وسكنته أبداعات شتى ، لكن هاجس هاملت في جعل التكوين ثبات روحه جعله معلقا في صدى أحلام التراب والقير وطابوق المعابد والزقورات وأقبية الموت النذري في مقبرة أور المقدسه ، جعلهُ يمسك صدى أهمية المكان في خطوة أبراهيم وطاسة الطين التي يحملها الأمير السومري أور ــ نمو على رأسه ليبني للآلهة معابدها وبيوت للحكمة وغرفة لخلوة سماع الموسيقى .
وبين الأثر وقواميس اكسفورد ينتج أمير دوشي عالمه المدهش ، وتتعلق أجفانه في صباحات الناصرية كأزل من غرام روحي ومجتمعي وثقافي ، هكذا مثل قدرية هاملت مع قلقه وجلجامش مع الخلود ولورنس مع الصحراء ومسلم مع شاي الأدباء.
أمير دوشي ، التواضع بلوحة المبدع الطيب.
لكَ التحية التي كان يرفعها قيصر عند أبواب روما ، ولكَ شذى حنجرة داخل حسن في مواويل زوارق الأهوار ، ولك الحنين وهي يرتديك دهشة وناصرية وعافية..............!

دوسلدورف في 5 ديسمبر 2014



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاظم عريبي ( فاكهة الفكاهة في الناصرية )
- الفولتارين و ( واحد يسأل واحد )...!
- أسرار مدينة الناصرية
- حسن داخل حسين ( شهيدا )
- قبر أخي والثقافة السومرية
- الناصرية مدينة عباءتها حنجرة ( أبو كاظم )
- للناصرية ، تعطش والماءُ مَطر
- الماوردية في الشعر......!
- عاشوريات
- رفات احمد الجاسم ..يهبط سعيدا في الناصرية
- ماركس والميتافيزيقيا
- إشراقات مندائية
- الديانة المندائية ..أعشاش النور والنجم المسحور
- سماء المندائيون
- شُباك نَدورهْ ( مندائية على جدار القلب )
- أهبط يا يحيى ..المندائيون في أنتظارك
- وصفة مندائية لعلاج طرشَ بتهوفن
- الآس والعباس ديوك النذر المندائي
- الخبز في المائدة المندائية
- ذكريات شجرة التين المندائية


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - أمير دوشي ...هاملت في أور