أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الناصرية مدينة عباءتها حنجرة ( أبو كاظم )














المزيد.....

الناصرية مدينة عباءتها حنجرة ( أبو كاظم )


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4630 - 2014 / 11 / 11 - 23:55
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الناصرية مدينة عباءتها حنجرة ( أبو كاظم )
نعيم عبد مهلهل
مدن من دون أغاني أحلامها باهتة ، ومدن من دون حُسين دموعها لاتعرف لذة القلق ، مدن من دون نخل ظلها باردٌ وكئيب ، مدن من دون فرات لن يحمل العطش فيها دهشته الشاعرية، مدن من دون شهداء لن تنافس طروادة في شيء...
مدنٌ من دون أمي لن تعيرها الآلهة السومرية أهتماما.
صورة المدينة هي صورة ما فينا من ذكريات ، وهي الصورة الأولى التي تحفزنا الى العودة الى ما يود حنينا أن يعود إليه. وحتما تلك العودة تكون مرهونة بوجهٍ أو حدث ما ، أو مناسبة تعتقد أنها وحدها تجدُ في أستعادة ما فيها من عطر يعيدكَ الى المكان ( المدينة ) التي شهدت طقوس قطع حبل ولادتكَ السري من قبل القابلة المأذونة ( الست لنده بشارة غصن ) ، وهي سيدة سورية من الديانة المسيحية ، أتت الى مدينة الناصرية وسكنتها ، وعشقت طيبة اهلها واستقرت بين ظهرانيهم تقدم لهم خدماتها الطبية والانسانية ، ثم اعلنت اسلامها ، وشيدت صرحا يخلدها هو جامع ( ست لنده ) في شارع 19 في مدينة الناصرية.
المدينة بالنسبة لي باب الرؤيا لأستعادة ما فارقتهُ في غربتي ( قبر أبي ، وجه أمي وبصرها المفقود ، ملامح أصدقائي ، المقاهي ، ويافطة مدرستي الكاظمي الابتدائية ، وأسماء الجنود الذين خاضوا معي حرب لا ناقة ولا جمل ، الصباحات وعربات البطيخ وخيولها المتعبة ، شوارع التراب ، ونخيل بستان الحاج عبود )
أمكنة لاتحصى ولكنها في الجمع العاطفي تكون المكان الذي أسمه الناصرية . هذا الكائن الأسطوري الممتلئ رقة ومشاعر زرقاء تشبه سماء وحضن دافيء وعصا يتوكأ عليها جدي ( مهلهل ) عندما نقودهُ الى دكة المنزل ليروي لنا عن لسان شهرزاد حكايات المكان وخرافات الجن وما كان يفعله العصملي والانكليزي بحياة الناس.
وعندما يقترب محرم ، فنراه يُهيء لنا تفاصيل حزن موت الحسين ( ع ) ويقرأ لنا ما في كتاب مقاتل الطالبيين لأبي فرج الاصفهاني من مراثي دامعة منذ أن غادر الحسين ( ع ) واهله المدينة المنورة وحتى استشهاده على ثُرى كربلاء.
حكايات وصور تؤسس لمكان وخواطره ونبؤاته ، توصلكَ حيث تتمنى أن تكون كمن يستعيد عشهُ الذي سرقته الريح وأعادته اليه غيمة عابرة ليستكين اليه ، وربما نحن الذي تسكننا أعشاش الهجرات ، الغيوم التي تعيد لنا ما أخذته الريح والمطارات ومحطات القطار ، تعيد لنا بحة تلك الاغاني التي تحمل دهشتها واساطير ذلك الحنين الجنوبي الذي يحمل رطوبة الطين وبرودته وخواطر السواقي وجروح الأقدام الحافية والبساطيل العتقية لخطوات سرقتهم شاظايا الحرب ولم يهنئو بعد ذلك بغراميات مساءات شارع الحبوبي.
أنا مكاني الذي أعود إليه ملتصق بحنجرة ذلك السومري الذي يرتدي يشماغا بشبه يشماغ أبي ( عبد ) وعقالا يشبه عقال ( جدي ) ولصوته حنين السلالات وركاب سفينة نوح ودموع ضحايا اقبية النذر في مقبرة أور .
أبو كاظم ( داخل حسن ) صوت المكان الذي يخترق الليل الالماني البارد ويمتزج بدفيء القصيدة مع احلام غوته وهو يكتب عن الشرق وفق رؤيا ما عرفه من الف ليلة وليلة ودولة الخلافة ، فيما داخل الحست يتعامل مع شرق ولد فيه ومازحه ببحة حزن وشوق المكان بتفاصيل بيئته ( المدينة ، قرى الريف ، الأهوار ) .
لهذا صوته بالنسبة لي ذائقة تصلح لتكون معاشة وممزوجة مع اي لحظة اوربية بفتنة الاصغاء الى موسيقى لبتهوفن وكلام لنيتشة ونص قصصي لتوماس مان او نظرة ساحرة من أجفان رومي شنايدر أو كاندنسيا كنيسكي.
يظهر داخل حسن على شاشة التلفاز يغني بالظور الشطراوي وهو يدعك سبحته الكهرب فيشم المستعمون من أبناء ميزوبوتاميا من دولة آشور وحتى مياه الفاو واينما سكنوا في شمال النرويج أو بيرث الاسترالية ،ويشمون عطر أحجار مسبحته التي بلون الدارسين فيتصاعد فيهم أشياق أخضر بلون قصب الأهوار وعشب حدائق المدن حاسرة الرأس وتنتظر مغتربيها لتديم وصل عشق وغرام يحمل نظرة النورس حين يسكنه خيار بناء عشه بين البحر والأرض.
يعتمر المطرب السومري عباءته ، ووراء عتمة نظاراته يظل الشجن المختلف عن كل شجن ، حتى قيل أن بحة صوت ( أبو كاظم ) أجمل بحة احبها ملوك ورؤساء وباشوات العراق الحديث.
العباءة التي تضيء بين خيوطها ذكريات ليل الناصرية وأور وتلك الزوايا المختبئة في قبلات العشق والخلسة ،فيما يطلق المغني من بحته هواجس اليسار والحنان واللحظة التي كانت تحفزنا الى بناء القصيدة او النص القصصي او المسرحي او اللوحة الفنية وخواطر دفاتر المذكريات.
عاش فينا ، وعشنا فيه ، نغم للمدينة ، ولجنوبها الخرافي وليل المواويل فيها يسجل حقيقة وجودنا حين تكون الأغنية من بعض هواجس استحضار المدن التي نفارقها ونود الارتماء في أحضانها من أجل غفوة ودفئ ورضاعة لأمومة ساحرة.
الناصرية مدينة عباءتها حنجرة ( أبو كاظم ) ، صانع القرنقل في مسامع المشتاقين ، وبعض ما نتمناه لنكون أبناءً بررة لهذا المكان الشاعري النتشح بلون المطر واحمرار اعراف ديوك سطوح بيوت الطين والقصب والطابوق الجمهوري.
أبو كاظم ( داخل حسن ) ...
المدينة تفترش لك مودتها .
والمهاجرون يفترشون لك أجفان الطرقات البعيدة
وأنت تفترش لنا صوتنا بطعم نحيب الأمهات . ونغم قيثارة ( جدتنا ) شبعاد............!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للناصرية ، تعطش والماءُ مَطر
- الماوردية في الشعر......!
- عاشوريات
- رفات احمد الجاسم ..يهبط سعيدا في الناصرية
- ماركس والميتافيزيقيا
- إشراقات مندائية
- الديانة المندائية ..أعشاش النور والنجم المسحور
- سماء المندائيون
- شُباك نَدورهْ ( مندائية على جدار القلب )
- أهبط يا يحيى ..المندائيون في أنتظارك
- وصفة مندائية لعلاج طرشَ بتهوفن
- الآس والعباس ديوك النذر المندائي
- الخبز في المائدة المندائية
- ذكريات شجرة التين المندائية
- صورة المولى في الجفن المندائي
- كتب ، وأروقة وصاغة مندائيين ...
- أعمامي المندائيون أسماءهم في قلوبنا
- طوبى للرحماء فَهُمْ جبرائيل وزيوا وبولص.....!
- لكِ الله ياشجرة الكستناء ويا فرات المندائيين
- ما هو الفقر.....!


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الناصرية مدينة عباءتها حنجرة ( أبو كاظم )