أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق ناجح - في مترو المرغني














المزيد.....

في مترو المرغني


طارق ناجح
(Tarek Nageh)


الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 12:36
المحور: الادب والفن
    


إنه يوم حار جداً من صيف 1998م ، وكان طاهر ذاهباً إلى مقر شركته للخدمات الأمنية والتي يعمل بها ضابط أمن أو حارس أمن أو شئ من هذا القبيل ، فبعد أن أنهى ورديََّتهُ الليلية بأحد العمارات الفاخرة بشارع 6 بــ ثكنات المعادي ، على بعد أبنية قليلة من مستشفى مبَرَّة المعادي ، والتي يقطنها مصريين وأجانب من علية القوم ، دكاترة ، رجال أعمال ، مهندس فرنسي بشركة فرنسية لعمل خطوط المترو ، طيَّار ، وغيرهم . ركب المترو من ثكنات المعادي إلى غَمرَّه ، ومن غمَّره ركب مترو " ترام " المرغني الذي يتهادى على قضبانه منذ تسعين عاماً تقريباً ( منذ 1908م ) ، وعندما وقف المترو في محطة "السبع بنات" نزل طاهر مٌتجهاً إلى شركته لطلب سلفة ، بعد أن بدأت الجنيهات القليلة التي معه تتبخر بسرعة شديدة ، ومازال باقياً عشرة أيام حَتَّى يحصل على راتبه . وكانت الصدمة المتوقعة لأي أنسان ما عدا طاهر ، فاليوم هو عيد المولد النبوي الشريف ، والشركة مغلقة ، وغَداً الجمعة ، ولكن حاجته للمال جعلته لا يدري يومه من أمسَهُ . وعاد أدراجه خائباً ، حَزيناً ، مهموماً ، ليركب مترو المرغني . أحصى ما معه من نقود بعد أن أعطى الكُمْساري ثمن التذكرة ، فوًجَدَها ثلاثة جنيهات وخمسة وسبعين قرشاً فقط !
أخذ الباعة الجائلين يصولون ويجولون في العربة مُقحمين أنفسهم على الركاب لكي يشتروا حاجياتهم ، ثُمَّ صعد الى المترو بائع للجرائد القديمة ، وتناول جريدة من الجرائد التي يحملها ، ثُمَّ أخذ في قراءة عناوين الصفحة الأولى صائحاً :-
- مع الصحافة الجريئة .. إقرأ وإتسلَّى .. وزير الدفاع السوري يدافع عن الكاتب حيدر حيدر الذي أثارت روايته " وليمة لأعشاب البحر " جدلاً ومظاهرات .. إقرأ و إتسلَّى .. لماذا فصل أنور السادات .. إبراهيم سعده ؟! الأم قَتلت الخال بعد أن مارس الجنس مع أبنتها .. الجريدة تنشر الفصل الأول من رواية " وليمة لأعشاب البحر " التي قامت بسببها المُظَاهرات .. إقرأ وإتسلَّى بــ 25 قرش .
قال طاهر لنفسه :- يا بلاش .. كل ده بــ 25 قرش فقط !!
إستمر ذلك البائع في قرأة عناوين الصفحة الأولى من جريدة أخرى ، ثُمَّ أشار له البعض أنهم يريدون شراء جريدة . كل هذا والمترو يطوي المحطات .. محطة تلو الأخرى في تؤدة ومهل . ثُمَّ صعدت إلى المترو فتاة جميلة .. رقيقة كالنسيم .. يفوح منها رائحة عبير تجعل القلب ينتشي ويُحلِّق ويطير . جلست على مقعد في مواجهة طاهر ، فزادت نشوته و هَيَامِه . نظر إليها .. نظر إلى عينيها .. ما كل هذا السحر ! إن عيونها في عمق البحر ! ليته يغرق فيهما مدى الدهر ! نظر إلى شفتيها المذمومة اللتان تجعلك تسكر بلا خمر ، وتحلم بأن تضمهما شفتاك طول العمر .
أخرجت كتاب من حقيبة يدها ، وقد لمح طاهر غلافه الذي كتب عليه " الدنيا رواية هزلية " .. توفيق الحكيم . يبدو أنها لا تهتم بجسدها وجمالها فقط ، بل تهتم أيضاً بعقلها ، و هذا شئ نادر الحدوث .. فنادراً ما يقابل المرء إمرأةً جميلة فاتنة ، وفي نفس الوقت مثقفة عاقلة . فالمرأة غالباً ما تهتم بجسدها وجمالها ، مُتَخِذَّة كل الوسائل والأساليب للحفاظ على هذا الجسد ، وهذا الجمال . المرأة الجميلة الفاتنة بلا ثقافة أو عِلْمْ كتمثال من الشمع لإمرأة فاتنة .. قد تنظر إليه طويلاً .. وقد تتحسسها بيدك كثيراً .. ولكٍنَّك لن تستطيع التواصل معه فكرياً ونفسياً .
إقترب المترو من محطة غمرة ، فنهض طاهر واقفاً إستعداداً للنزول ، ووقفت أيضاً تلك الفتاة الخجول . وعند الوصول ، ضغط السائق بقوة على الفرامل ، بشكل مفاجئ ، فأهتَّز المترو بعنف ، و إختَّل توازن الركَّاب ، وإذا بطاهر يجِد تلك الفتاة الساحرة بين أحضانه ، فلامس جسدها البض الطري .. جسده الخشن القوي . نظرت الفتاة إليه نظرة تفيض رقة وحياء ، وقالت له على إستحياء :- أسفة .
آسفة ؟؟؟ آسفة لماذا ؟؟ هل هي آسفة لأنها وهَبتهُ لحظات من النشوة .. أم أنها آسفة لأنها لن تستطيع أن تمنحه المزيد منها ؟؟
نزلت الفتاة الفاتنة ، ونزل طاهر أيضاً ، وكل منهما سار في طريقه . وإذا بطاهر يهوى في وادٍ سحيق بعد الطيران والتحليق ، وعاد إلى التفكير العميق من أجل المال الذي يهرب منه في أغلب الأحوال ، ويجب أن يحصل على بعض المال من أي صديق في أقرب وقت ، وإلَّا سيمتَنِع عن الطعام مرغماً إلى أن تأتي المعونة . .



#طارق_ناجح (هاشتاغ)       Tarek_Nageh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتكلَّم الحُبّ ..  يَصمُت العُشَّاق
- لعنة أغسطس
- البابا شنودة الثالث .. شاعراً
- الرجل الذي أضاع في الأوهام عمره
- من هيفاء لصافينار .. ياقلبي لا تِحتار
- قرية فوق صفيح ساخن
- ما بين الكاريزما و فوبيا البيادة
- هل ضرب أحمد زكي .. السبكي ؟؟؟
- باسم يوسف 00 وشئ من الخوف
- دير أبوحنس .. والفتنة القادمة


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق ناجح - في مترو المرغني