مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)
الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 22 - 21:59
المحور:
الادب والفن
هلوسات نازح
(1)
صديقي الأبيض
مراد سليمان علو [email protected]
اللون الأبيض صديقي ، وقد رافقني منذ صغري ، وكلما أرى أيزيديا لا تكمل صورته إلا وهو لابسا ثوبا أبيضا ، فالأيزيدي شخص بثوب أبيض .
والأبيض هو لون الصحة أيضا . الممرضات والأطباء يلبسون الأبيض وملاءات المرضى بيضاء ..
الشفاء لونه أبيض تمام البياض .
وإذا ما مات أحدنا فسترافقه ملائكة بيض إلى السماوات .. الملائكة بيض .
أجمل الغيوم هي الغيوم البيضاء الناصعة البياض ، وهي تسر الناظرين عندما يرفعها الريح الخفيفة وترسل الشمس ضحكاتها من بين ثناياها .
تلك هي غيوم صديقة فهي لا تحمل الضغينة لأنها لا تزال عذراء وخالية من المطر .
والأبيض لون السلام ، وعندما نذكر السلام تقفز إلى الأذهان صورة حمامة بيضاء وهي ترفرف .
السلام أبيض ..
الجنة بيضاء ..
ومرة لو التقيت الله فلن أتخيله إلا أبيضا .
الله أبيض .
ولكن الاستسلام أبيض أيضا .. فالعلم الأبيض هو راية الاستسلام .
والمخيم الذي نقلونا إليه خيامه بيضاء ..
بيضاء من الخارج ومن الداخل .
آلاف الخيام .. ستة آلاف خيمة .. ستة آلاف شيء أبيض .
منظر وقد دخل إلى مجال النظر فهو من اليمين أبيض ومن اليسار أبيض ومن الأمام ومن الخلف وكأنه طوفان من الثلج ، ولا يمكن التخلص منه إلا بالدخول إلى خيمة ..
وما أن أهرب وأتمدد حتى يجابهني لون سقف الخيمة الأبيض جدا .
أكره المخيمات ..
أكره خيمتي ..
أكره اللون الأبيض ..
مشتاق لحديقتي الصغيرة الخضراء وورودي الملونة ..
مشتاق لغصن الزيتون الأخضر في فم حمامة السلام ..
مشتاق للدخول إلى غرفتي وتأمل اللوحات والشهادات على جدرانها ..
وفي المخيم ، وفي خيمتي التي تقع في القاطع (E) لا أنتمي إلى هذا الحرف .. لاشيء في يمت بصلة إلى هذا الحرف .. لم أنم منذ ست وثلاثون ساعة .. بزغ الفجر .. ليس من عادتي أن لا أنام .. هل سأموت؟ .. نهضت ..
كل شيء أبيض ..
فجر أبيض .. أبيض .. السماء بيضاء ، والأرض عبارة عن خيام بيضاء .
خرجت إلى الأبيض .
ومر قطيع من الغربان من فوقي ..
مهاجرا مثلي إلى مكان ما ..
ها هو منظر أقل ما يقال عنه ليس أبيضا ..
ها هو شيء من السواد يشبه السواد في حياتي .. في حياتنا ..
يا للهول تغير المنظر ..
تغيرت الأصوات ..
أسمع نعيب الغربان ..
قد أنام قليلا !.
#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)
Murad_Hakrash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟