أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - قلق وجدل فكري















المزيد.....

قلق وجدل فكري


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 22 - 13:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



(1 ) :

( القناعة كنز لايفنى ) ...

هذه الحكمة او المقولة كان يتم تدريسها في المنزل ,وفي المدرسة والجامعة وفي وسائل الاعلام الحكومية الرسمية من جرائد واذاعة وتلفزيون احادي التوجه الفكري .
القناعة ان تكون فقيرا مكتفيا بحصتك التموينية وشوارع مدينتك التي تطوف على بحيرات من البترول والغاز تغمرها مياه الامطار بدون شبكات للمجاري وبدون شبكات لتصريف مياه الامطار وبدون اكساء للشوارع .

القناعة كثقافة شعبية وفلسفية مارسها الانبياء والثوار والفلاسفة . وكانوا يكتفون باقل القليل من الطعام للحفاظ على حياتهم واجسامهم . ذلك ان القناعة مشاركة للفقراء في حياتهم . ولايمكن ان تكون بطنك مليئة بالطعام وغيرك يكون جائعا.
القناعة في هذه الحالة لاتتنافى مع الطموح او الثورة , بل انها تمهد للثورة بالمثال الذي يعطيهالثائر – القنوع .
اما القناعة التي تروج لها السلطات الحاكمة فهي القناعة بالفقر وبالمقسوم وبالسكوت عن الظلم والقبول بعدم المساواة الفاضحة , لذا اقول لكم :

ان الانسان القنوع بالمعنى الايجابي يمثل الضد – النوعي للانسان الطماع. اما بالمعنى الثاني السلبي فان الانسان القنوع هو انسان غير فاعل اجتماعيا . وهو يشبه الجنين في رحم الام , فهو بدون فعالية وبدون وعي .
ويشبه الانسان القنوع السجين في السجن الانفرادي المظلم .
يقول الباحث والصديق جمال علي الحلاق في كتابه الجديد:
( فن الاصغاء للذات:قراءة في قلق المنفتح ) – ط 1- 2014 –منشورات الجمل – بيروت – بغداد :

( السجين بلا خصوصية وفقدان الخصوصية هو فقدان الهوية الى ان يخرج من المكان , ولعل تجربة سجن ( عباس محمود العقاد )ان تكون نافذة لقراءة مجاورة ,لقد تم حبسه تسعة اشهر لانه تجرا على اكبر راس في السلطة يومذاك , تجرا على الملك , لايهمني سبب زجه في السجن ,لكن كيفية قراءة الاقامة في السجن من قبل العقاد ,لقد اعتبر زمن الاقامة في السجن معادلا في القيمة لاقامة اخرى في الرحم ,وبالتالي فان عملية اطلاق سراحه كانت بمثابة ولادة جديدة .هذه التجربة ان يكون السجن رحما ,يجعلني اقف امام تشابه خلو الجنين والسجين من اي خصوصية , هوية , فمادام في الرحم فهو جنين ,الولادة بداية امتلاك الخصوصية , الهوية ) .

ان التماهي بين السجن وبين رحم الام الذي يعيش فيه الجنين يقابله سجن اقسى هو السجون الفكرية .
يقول الباحث جمال علي الحلاق في مكان اخر من كتابه ص 202

( ان اقسى السجون تلك التي تكون بلا جدران ,تحاصرك تقاليد وعادات اجتماعية سبقت وجودك , واقامت كلاوعي يحرك حياة الناس , فاذا ما انتبهت لها جعلتك في ضيق اشد من السجن الانفرادي ).

اعتقد بان الانسان القنوع بالمعنى السلبي هو انسان ميت يشبه جثة ميت في القبر لافعالية له ولا علاقة له بالاخرين .هكذا بقي الانسان في العالم العربي انسانا قنوعا مقموعا ,ميتا . هو اكثر من سجين داخل سجن انفرادي ,يتسم باللامبالاة وبالقدرية وبالعدمية . ويحتاج الى رجة كهربائية لكي يفيق من موته , وهذه الصدمة الكهربائية احدثتها مايسمى ب (ثورات الربيع العربي ), لكن الانسان القنوع بحكم عاداته واستمراريتهايعود الى قناعته وقبوله بالحاكم الظالم , المستبد العادل او الغير عادل , حال ممارسة السلطات الجديدة او قوى النظام القديم وقوى سياسية – اجتماعية مختلفة ضغوطاعليه . لذا تراوح المجتمعات العربية بين حالتي السبات واليقظة واعادة انتاج القناعة والقدرية الى حين مؤجل . الى حين تفخيخ العقول العربية بالوعي وبالتساؤلات وبالقلق الفكري والنفسي بدلا من الاطمئنان والقناعة .

(القناعة تاجيل للذات , او الاقرار بمحدوديتها )- الباحث جمال علي الحلاق .

قبول الانسان العربي القنوع بالقطع الكهربائي المبرمج او غير المبرمج معناه القناعة والقبول بالفساد المالي والاداري وبفساد السلطة القائمة . ويتبعه القبول بفساد رجل الدين الذي يبارك للسلطة فسادها فيقوم بمساندتها .

الانسان القنوع بالمعنى السلبي وبالمعنى العام هو انسان غير فاعل اجتماعيا وغيرمؤثر , يشبه الجنين في رحم الام ,او الانسان الميت في القبر , او روح الانسان في جنة الديانات الابراهيمية وفق الفقه الرسمي لها .انها ارواح غير فاعلة .
الطموح لايتعارض مع الطمع لكنه يتعارض مع القناعة

قد يكون الانسان الطماع طموحا في بدايته,لكن طموحة الزائد عن اللزوم اوصله الى الطمع , كحال اي مرابي في العالم ,والانسان الطماع هو انسان فاعل اجتماعيا لكن بالمعنى السلبي . فهو يمارس الغش والكذب للوصول الى اهدافه وقد يدخل في السياسة ويؤسس حزبا له ويرشح نفسه للبرلمان ليشمل نفسه بالحصانة ضد المساءلة والاستجواب .
الانسان الطماع انسان بلا مباديء .

(2 ) :

الانسان الفاعل اجتماعيا هو انسان يشعر بالقلق الفكري والنفسي ,لديه هاجس من القلق يؤرقه ليوصله هذا القلق الى الابداع الفكري والفلسفي والعلمي والفني والابداع في الفنون التشكيلية وفي الرواية وفي القصة وفي الشعر.
القلق هو بداية مشروع كبير يتجاوز اطر التفكير التقليدي نحو مسارات الابداع.
القلق انتج اروع السيمفونيات الخالدة لبيتهوفن ولغيره ...
القلق انتج كثيرا من الانبياء والذين قاموا بالا نشقاق على المجتمع التقليدي وعلى القناعة بالحاضر وبالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وقاموا ب ( هجرة )و ( خروج ) عن المالوف , مثل هجرة (موسى) من مصر , وهجرة عيسى (يسوع ) الى مصر وهو طفل رضيع , وخروجه من اورشليم الى خارجها ليصلب ويموت كافرا بالشريعة اليهودية .

القلق لايوجد في الجنة السماوية , لذا لاتحدث ثورات في الجنة , انها حياة راكدة تشبه الجنين في بطن امه. انه انسان بلا هوية وبلا فعالية . جنة يعيش فيها صنف واحد من الناس المتشابهين .
الصخب والضجة والتنوع نجدها في جهنم حيث يوجد الكل , الابيض والاسود ,المسلم والمسيحي والبوذي ,الكاثوليكي والبروتستانتي معا . الجنة تمثل سجن الهي كبير تحت وصاية ومراقبة الاله ولا حرية للارواح فيها .

يقول الباحث جمال علي الحلاق في مكان اخر من كتابه :
( لم يتحقق آدم (كذات ) داخل الجنة , كان دمية متحركة فقط ..لقد تم اقصاء القراءة التي تؤدي الى ان فعل الخروج كان قد تم برغبة حقيقية مقصودة ) .اي ان ادم خرج من الجنة برغبته الحقيقية ,للخروج من الرتابة والقناعة والرقابة والوصاية الالهية الى الحياة الارضية , حيث الصخب والتناقضات والصراعات و وحيث يكون فاعلا اجتماعيا .فادم بحسب الباحث جمال علي الحلاق لم تكن له هوية في الجنة البتة .

امتلك ابليس الحرية والطموح ولم يمتلك القناعة , ولا الطمع لذا رفض الاشراك بالله والسجود لادم . وقر رالعصيان والثورة والخروج من الجنة ليمارس حريته وفاعليته وهويته خارج سطوة الاله الواحد .رفض ابليس ان يكون عبداللاله, واصر ان يمتلك حريته .

العبودية هي ان تسلم عقلك الى السياسي او زعيم الحزب او رئيس الدولة او الى رجل الدين او الى عقيدة لتصبح انت نفسك عبدا لهم ولا فكارهم او عبدا لعقيدتك .
العبودية هي ان تسكت عن الظلم , وتصبح ممارسة الظلم ممارسة يومية اجتماعية ,كالسجود لادم .
لقد امتلك آدم وابليس حريتهما ....
وقديما قيل ..
( جنة بمنة لاتطاق ) ...
نلتقيكم في جدل فكري قادم .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشابك الازمات وتعقيداتها
- العبودية في بابل واشور
- الحياة الاجتماعية والاقتصادية في بابل
- الملك حمورابي وعلمانية الدولة البابلية
- قراءة في كتاب ( فن الاصغاء للذات )
- تحقيق التنمية والاصلاح والديمقراطية والحداثة
- تطور دماغ الانسان
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح - ج 5
- الازمة البنيوية للاحزاب الشيوعية في العالم العربي - ج 2
- الازمة البنيوية للاحزاب الشيوعية في العالم العربي - ج 1
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح - ج 4
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح - ج 3
- لننتصر للشاعرة ميثاق كريم الركابي - ج 2
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح -ج 2
- لننتصر للشاعرة ميثاق كريم الركابي
- الشخصية التاريخية ليسوع المسيح
- انغلاق الايديولوجيا
- في نقد الحقيقة
- جذور المعجزة اليابانية - ج 2
- جذور المعجزة اليابانية


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - قلق وجدل فكري