أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى خليل - صناعة الدين الخاص















المزيد.....

صناعة الدين الخاص


مجدى خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4634 - 2014 / 11 / 15 - 03:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صناعة الدين الخاص
حسين أحمد أمين نموذجا(19 يونيه 1932-16 أبريل 2014)
مجدى خليل
فى ظل الإرهاب الذى يطارد مصر، وفى ظل زحمة الأحداث المتلاحقة فقدت مصر شخصيات وطنية جميلة،وعلى المستوى الشخصى فقدت بشدة هؤلاء، مثل سعيد العشماوى ورشدى سعيد ومحمد نوح وعمار الشريعى وسعد هجرس .. والقائمة تطول، ومن ضمن هذه الشخصيات البديعة التى رحلت فى هدوء فى أبريل الماضى الكاتب والأديب والمفكر السفير حسين أحمد أمين،نجل العلامة الراحل أحمد أمين،وشقيق المفكر الدكتور جلال أمين.
حسين أحمد أمين ينتمى إلى نوع الشخصيات الساحرة،فأنت فى حضرته تجلس أمام شخص متواضع سلس الحديث غزير جدا فى الثقافة،وهو أكثر من قابلتهم فى حياتى من المصريين الماما بالأدب العالمى،ويتضح هذا فى كل سطوره،فتقرأ مقال له فى الإسلاميات تجد بين ثناياه مقتطفات من رواية عالمية. فى المرات القليلة التى قابلته فيها كان يطوف بى فى ثقافات العالم وأنا جالس مذهول من حجم هذا الثراء الفكرى والثقافى والروحى والنفسى،فهو ذو شخصية صافية وعقل رايق ونفس سوية وروح عذبة. أخر مرة أتصلت به كانت وقت أزمة فيلم " بحب السيما"، وفوجئت بأنه يتذكرنى جيدا ،وفى أول كلمة نطقها قال لى شفت فيلم بحب السيما؟، نعم سعادة السفير،الدكتور رشدى سعيد طلبنى فورا عقب مشاهدته وقال لى بحماس مجدى لازم تشوف الفيلم ده وفعل ذلك من قبل مع رواية عمارة يعقوبيان، وكان صائبا فى المرتين ،وأيه رأيك فى الفيلم... وهل لى رأى بعد ما قاله لى رشدى سعيد؟ ،فعلا فيلم بديع وجرئ وتطرق لمنطقة مجهولة حتى ولو كانت النماذج بها بعض الجنوح.. وأنت سيادتك تعلم أننى مع حرية الفكر والتعبير والإبداع إلى أقصى مدى. طيب ليه الدوشة دى يا مجدى؟. قلت له يا سيدى إذا كانت الصحوة الإسلامية جلبت التطرف على المستوى الإسلامى فأنها جلبت التخلف على المستوى القبطى كرد فعل،ودا يثبت فعلا أننا نسيج واحد.
منذ أيام فتحت كتابه الشهير " دليل المسلم الحزين" لأقتبس منه بعض السطور لأحد أبحاثى،وبعد تصفحى لأغلب صفحات الكتاب تذكرت رحيل هذا الرجل العظيم،وجائتنى فكرة هذا المقال عن " صناعة الدين الخاص"،ولكن قبل توضيح الفكرة تعالى نقرأ رسالة هذا الكتاب كما وضحها شقيقه فى مقال بصحيفة الشروق : " منذ ثلاثين عاما نشر الكاتب الفذ حسين أحمد أمين (الذى هو أيضا أخى) كتابا مهما بهذا العنوان: «دليل المسلم الحزين» ذاع صيته، واعيدت طباعته عدة مرات، فى مصر وبلاد عربية أخرى، واستقبل استقبالا حافلا، كما نشرت له ترجمة باللغة الفرنسية.
كانت فكرة الكتاب الأساسية قوية ومقنعة، ويمكن تلخيصها فى أن المسلم فى عصرنا هذا حزين لأنه لا يستطيع التوفيق بين ما يؤمن به ويفرضه عليه دينه، وبين ما تفرضه عليه الحياة المعاصرة من ضرورات الحياة اليومية، وما تحثه يوميا على اتباعه من أنماط السلوك.
أنه يرى نفسه إذا اتبع ما يفرضه عليه دينه مضطرا للتنكر لما أصبح مألوفا وسائدا بين الناس، وإذا ساير المألوف والسائد بين الناس وجد نفسه مضطرا للانحراف عن مبادئ دينه وتعاليمه.".

بعض الناس يسمون ذلك التوفيق بين الأصالة والمعاصرة،أو مصالحة الإسلام مع الحداثة ومع العالم المعاصر،ولكن دعنى أدخل إلى منطقة أخرى وأسميه دخول " النادى الإنسانى"...حسين أحمد أمين كان عضوا فى النادى الإنسانى الجميل،ومن شروط عضوية هذا النادى أن تعيد تشكيل عقائدك ووجدانك الدينى وقيمك المحلية وثقافتك لكى يتناسب كل هذا مع قيم هذا النادى الإنسانية الرفيعة والجميلة،فى هذه الحالة عليك أن تقرأ التراث الدينى الذى ورثته عن أجدادك( أى دين) وأنت ترتدى هذه النظارة الإنسانية، فتخلق لنفسك دينا خاصا،هو نفسه الدين القديم ولكن بعد أن تعيد قراءته وتأويله وفقا للقيم الإنسانية الجميلة التى تعتنقها.وبهذه المناسبة فأن الكثيرين من جميع الأديان لم يدخلوا النادى الإنسانى بعد،وإن كانت نسبتهم بين المسلمين هى الاعلى.
هذا الإنسان المتصالح مع نفسه افرد فصلا فى كتابه بعنوان " دفاعا عن الكلاب فى الإسلام" بعد أن انزعجت أبنته مما قيل لها فى المدرسة من أن الكلب نجس والملائكة لا تدخل بيتا به كلب، فالتقط من ثنايا التراث الإسلامى والجاهلى ما ينصف الكلب ويرفع من شأنه وينفى عنه هذا الكلام المهين.
إنه ببساطة شخص سوى لا ينكر ما ترأه عيناه ويفكر فيه عقله من جمال وروعة ووفاء الكلاب،ومن ثم كان تطويع التراث لصالح العقل ولصالح النادى الإنسانى. أما هؤلاء الأصوليين فهم عميان البصر والقلب والعقل ومن ثم قساة ،إلا إذا كانت المسألة فيها مصلحة لهم،وتحضرنى طرفة أن فلاح ماكر جاء لجاره الشيخ السلفى وقال له: ماذا افعل وهناك كلب قد تبول على أحد حوائط بيتى؟، فرد السلفى وقال له: لا يصلح شئ بتاتا سوى هدم هذا الحائط الذى تنجس؟، فرد الفلاح اللئيم: ولكن هذا الحائط هو الذى يفصل بين بيتك وبيتى وستدفع نصف التكلفة؟، فرد الشيخ السلفى: فى هذه الحالة قليلا من الماء يطهر الحائط.
وهكذا هم العميان الخارجون عن النادى الإنسانى يتسمون بالقسوة والوجوه المتعددة والنفاق فى نفس الوقت.
مشكلة المصلحين وأعضاء النادى الإنسانى من أمثال حسين أحمد أمين أنهم يبحثون عن الإنسانيات فى التراث الإسلامى كمن يبحث عن أبرة فى كومة ضخمة من القش،وهم يبذلون جهدا خارقا للى عنق النص لمحاولة تفسيره بطريقة عصرية إنسانية،ولهذا لا يقنع كلامهم جمهور المسلمين. المسلم العادى يرى أن مجد الصحابة ومجد قادة الإسلام لم يتحقق إلا بالسيف،وأن قمة إزدهار الإسلام وقوته وعنفوانه كانت أيام الغزوات، "فالإسلام لا يزدهر بدون غزوات" كما قال بحق برنارد لويس. لو افترضنا حدوث أستفتاء فى عالم الإسلام السنى أيهما يمثل الإسلام، بن رشد ومدحت باشا التركى ومحمد عبده المصرى وخير الدين حسيب التونسى وأحمد خان الهندى وجمال البنا وسعيد العشماوى ونصر حامد أبو زيد وحسين أحمد أمين؟ ، أم أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى والملأ عمر والزرقاوى والقرضاوى وبرهامى ومحمد حسان والألبانى واليعقوبى والحويبنى وحسن البنا والمودودى وبن تيمية وابن قيم الجوزية؟. لا شك عندى أن النصر الساحق سيكون من نصيب بن لادن والقرضاوى وفريقهما. ومن ثم فأن المصلحين المسلمين يمثلوا ظواهر فردية فى التاريخ الإسلامى دخلت النادى الإنسانى ولكنها فشلت فشلا ذريعا فى إدخال جمهور المسلمين معهم،بل أن هؤلاء المصلحين كانوا غرباء ومضطهدين فى مجتمعاتهم الإسلامية حتى رحلوا مقهورين أو مقتولين.
يحضرنى حوار دار بين مصلح إسلامى وقيادة أمريكية بعد 11 سبتمر 2001، فبعد أن طرح المصلح رؤيته فى إصلاح الإسلام، قال له القيادى الأمريكى عظيم ولكنك بهذا تصنع دينا خاصا لا علاقة له بالإسلام كما نعرفه. فرد المصلح: وهل هذا لا يسعدك؟. فرد الأمريكى : أنا أكثر الناس سعادة بما تقول ولكن من هم جمهورك الذى سيقتنع بهذا الكلام؟. فقال المصلح: لو اعطيتم لأفكارى منبر سيقتنع بها أغلب المسلمين. فرد القيادى الأمريكى: أشك فى ذلك.
فى عام 2004 أجريت حوارا لقناة الحرة مع الراحل جمال البنا،وكان شجاعا كعادته وطرح أفكاره بكل وضوح وشجاعة. وصل الحوار للإدارة الأمريكية فأفردت له صحيفة الواشنطن بوست صفحة كاملة تتحدث عن أفكاره الإصلاحية.وفرضته الولايات المتحدة بعد ذلك على صحيفة المصرى اليوم يكتب مقالات ويعرض كتب،وأصبح وقد تخطى الثمانين من العمر يكتب بغزارة أكثر من الشباب. مات جمال البنا هل بقى من تراثه أو أتباعه شيئا؟.. لا اظن.
ولهذا صرخ اللورد كرومر بعد أن درس الإسلام جيدا وعاش بين المسلمين مقولته الشهيرة لا يمكن إصلاح الإسلام لأن " إصلاح الإسلام معناه نهايته"... وقد أتفق جلال أمين شقيق حسين أحمد أمين مع مقولة اللورد كرومر وكتب مقالة شهيرة فى جريدة الحياة اللندنية بعد أحداث سبتمبر تؤيد هذه المقولة.... معنى هذا أن أنسنة التراث الإسلامى مهمة مستحيلة، وهذا ما دعى المؤرخة الروسية اولفا تشيفرسيكوف أن تقول " المطلوب عاجلا إصلاح الإسلام أو القضاء عليه".
رحم الله حسين أحمد أمين..الإنسان... المفكر.. المجتهد الشجاع... وعضو النادى الإنسانى.



#مجدى_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطورة الشرطة المجتمعية على الحريات
- نهاية سايكس بيكو
- أمريكا وداعش
- من هو رجل الدين الفاسد فى المسيحية ؟
- ثورات المصريين فى كلمة السيسى بنيويورك
- مائة يوم على حكم السيسى
- اا سبتمبر والعودة لنقطة الصفر
- أهمية زيارة السيسى للأمم المتحدة
- نصيحتى للأقباط..لا تضحوا بحقوق الإنسان
- تحرك دولى لمسيحى الشرق الأوسط
- الحرب الموجهة ضد ساويرس
- الإصلاح فى الكنيسة الكاثوليكية
- من بزينس المشاركة إلى بزنيس المصالحة
- لماذا يصمت العالم على داعش؟
- قد تركنا كل شئ وتبعناك
- معنى الحرية الدينية
- المتاجرة بدماء أهل غزة
- مع جمال سند السويدى: من القبيلة إلى الفيس بوك
- الصحوة الإسلامية: صحوة البترودولارات
- شيرى ميخائيل: من بيت الكهنوت إلى بيت العدل


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى خليل - صناعة الدين الخاص