أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - البحر والمرآة














المزيد.....

البحر والمرآة


أديب كمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4630 - 2014 / 11 / 11 - 10:22
المحور: الادب والفن
    



1.
سبحت المرأةُ في البحر
فسبحَ البحرُ في المرآة.
انكسرت المرآةُ لسببٍ مجهول
فضاعت المرأة
وضاعَ البحرُ بالطبع.
2.
جلست المرأةُ على شجرتي
وبادلتْ غصني ببيضِ الطائر.
أردتُ أنْ أصوّرَ المشهد
فظهرت الصورةُ ساذجةً
يتطايرُ منها الريش،
وظهرت المرأةُ عاريةً
يتطايرُ منها الغيم.
3.
الحياةُ أغنيةٌ تعبتْ من ترديدِ كلماتِها
أعشاشُ البحر
وجسورُ البحر
وطيورُ البحر.
4.
أردتُ أنْ أكتبَ عنكِ
فلم أستطعْ
لأنَّ الحرف لا يستطيع الجلوسَ على الورقة.
كانَ يطيرُ حيناً
ويبكي حيناً آخر
ويبدّلُ أقنعتَه باستمرار
ويحاولُ الانتحارَ ليلَ نهار.
5.
أنتِ سفينةٌ تبحثُ عن ميناء.
رحلتُكِ لن تتوقف أبداً
لأنّ بحركِ لا يكفُّ
عن الهذيان والطوفان.
6.
كلّما ارتبكتُ هرعتُ إلى القصيدة
وطرقتُ بابَها كالمجنون.
7.
في السيركِ العظيم،
كلّما تعلّمتُ لعبةً مُرعبة
طلبوا منّي أنْ أتعلّمَ لعبةً جديدة:
لعبة أكثر رعُباً.
8.
في حديقةِ الحيوانات،
تأمّلتُ في النمرِ طويلاً
حتّى كلّمني فقال:
إنَّ حزنكَ يشبهني
لكنَّ أنيابه أكبر مِن أنيابي.
9.
استسلمتْ أحلامي البحريّةُ كلّها
للرماديّ المُوَسْوِس.
لم يبقَ منها إلّا القليل من الأحلامِ المُثمِرة،
فصرتُ أرقصُ معها في المرآة
رقصةَ البرابرة.
10.
في آخر مَرّةٍ راجعتُ ذاكرتي
قلتُ لها:
أريدُ أنْ أستبدلَ حياتي بشيءٍ آخر.
فضحكتْ وقالتْ :
للأسف، أنا لا أتعاملُ مع السفن الأثرية.
11.
حينَ رآني البحرُ مُنهاراً
قرّرَ أنْ يحكي لي عدداً من النكات.
كانت النكاتُ مُضحكةً حقّاً:
كنتُ كلّما أزدادُ ضحكاً
أزدادُ غرقاً.
12.
كانتْ حروفي أكثر شجاعة منّي.
ففي المشهدِ الأخير
جرّبتْ كلّها كأسَ السمّ
واستمتعتْ بمذاقِ الموت
قطرةً
قطرة.
13.
بعد إن انكسرت المرآة
اندلقَ البحرُ منها
ودخلت أسرارُهُ بهدوءٍ شديدٍ تارةً
وبغضبٍ عارمٍ تارةً أخرى
إلى شقّتي الصغيرةِ من تحتِ الباب
حتّى غرقتْ شقّتي تماماً.
حينها بكيتُ على نفْسي
لأنني لا أعرفُ السباحة
ولم أجرّبْ، من قبل، فنَّ العوم.
14.
لماذا كُتِبَ على صاحبِ المرآة
أنْ يحدّقَ كالمذهول
في جسدِ المرأةِ عارياً
ويبكي؟
15.
بعد إن انكسرت المرآة
خرجت المرأةُ عاريةً من الباب.
ودخلتْ إلى البحرِ
من ثقبِ ذاكرتي الراقصةِ فوقَ الجمر.
16.
لكنّ البحر لم يعد الليلةَ للبيت
إذ بِيعَ بعدَ مُزايدةٍ صوريّة.
وكُتِبَ على الناس
أن يتكلّموا بصوتٍ خفيضٍ عند الشاطئ
أو أنْ يستبدلوا كلماتهم بالإشارات،
وأن يتعرّوا ليلَ نهار
لأنّ العُري مُباحٌ وصحيٌّ ومَجانيّ
كما تقولُ نشرةُ أخبارِ البحرِ اليوميّة.
17.
جينَ انكسرت المرآة،
سألني قائدُ السرب:
لماذا تحاولُ الطيرانَ بشكلٍ منخفضٍ
حتّى أنّ طائرتكَ
تكاد تُلامس أسطحَ البيوت؟
لحظتها، تذكرتُ أنني في طفولتي
كنتُ أصطادُ العقارب
في باحةِ البيتِ الخلفيّة.
فيما كانَ صديقُ طفولتي السعيد
يجمعُ الطوابعَ التي رُسِمَتْ عليها الفراشات.
18.
خرجت المرأةُ من المرآة
أو دخلتْ فيها.
لا يهمّ.
فالحياة تكرّرُ كلّ يوم.
19.
لكثرةِ ما تأمّلتُ في المرآة
وفي البحرِ الذي اندلقَ منها
حاملاً شظايا الروح،
صرتُ أكتبُ قصائدي
بريشةٍ سقطتْ مِن غُرابِ نوح.

*************
www.adeebk.com
أستراليا



#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة السيرك
- توريث
- قصيدة اللقلق
- تكرار
- البحر صديقي
- تناقضات
- شهرزاد
- ميم المشهد
- صلاة صوفيّة
- الكلُّ يرقص
- قاب قوسين
- قاف القضبان
- راء المطر
- القصيدة الأنويّة
- حاء الحلم
- إشارة كم كتبوا
- إشارة من أنا
- إشارة الباب
- إشارة الحاء والباء
- إشارة حَتْفي


المزيد.....




- مسرحية -لا سمح الله- بين قيد التعليمية وشرط الفنية
- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...
- الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام ا ...
- نقل الفنان المصري محمد صبحي إلى المستشفى بعد وعكة صحية طارئة ...
- تضارب الروايات حول استهداف معسكر للحشد في التاجي.. هجوم مُسي ...
- ديالا الوادي.. مقتل الفنانة العراقية السورية في جريمة بشعة ه ...
- مقتل الفنانة ديالا صلحي خنقا داخل منزلها بدمشق والتحقيقات تك ...
- القنبلة الذرية طبعت الثقافة اليابانية بإبداع مستوحى من الإشع ...
- بوليود بين السينما والدعاية.. انتقادات لـ-سباق- إنتاج أفلام ...
- الغيتار تحوّل إلى حقيبة: ليندسي لوهان تعيد إحياء إطلالتها ال ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - البحر والمرآة