أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الدائم السلامي - رحل عبدالوهاب المؤدّب.. عاشق التصوف والكاتب في -مرض الإسلام-















المزيد.....

رحل عبدالوهاب المؤدّب.. عاشق التصوف والكاتب في -مرض الإسلام-


عبد الدائم السلامي

الحوار المتمدن-العدد: 4626 - 2014 / 11 / 7 - 17:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



رحل عن دنيانا، المفكّر والشاعر التونسي عبدالوهاب المؤدّب، أمس الخميس 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، في أحد مستشفيات باريس بعد صراع مع المرض. والمؤدب الذي يكتب بالفرنسية، كان مهتما بالتصوف، بل مولعا به، واشتهر بمواقفه في نقد الإسلام السياسي والأصوليات الى درجة اعتبرها "مرض الاسلام" (عنوان الطبعة الفرنسية للكتاب الصادر بالعربية تحت عنوان: "أوهام الإسلام السياسي" خوفاً من ردة الفعل)، وشكّل صدمة لبعض المثقفين الذي يعادون الاستشراق. وبقي حتى آخر أيامه يعبّر عن موقفه برفضه الاسلام السياسي. وعندما اعتلى الإسلاميّون الحكم في تونس العام 2011، عاش كغالبية التونسيين محنة الإسلام السياسيّ والإرهاب والمحاكمات والاعتداءات.

ولد المؤدّب في تونس العاصمة، العام 1946، وكان والده الشيخ المختار المؤدب مُدرِّسا لعلم القراءات في الجامعة الزيتونية. هاجر إلى فرنسا حيث أنجز في جامعة السوربون العام 1967 دراساته العليا في الأدب وتاريخ الفن. والتحق بإذاعة "فرنسا الثقافية" وعمل فيها 13 عاماً حتى 1987، حيث قدّم برنامجا أسبوعيا بعنوان "ثقافات من الإسلام". أصدر المؤدّب، الذي درّس الأدب المقارن في جامعات فرنسا، أكثر من ثلاثين كتابا توزّعت على الشعر والدراسات الفكرية والترجمة، ونال بعضها جوائز أدبية مهمة. ومن أشهر كتبه "مرض الإسلام" وهو من أربعة أجزاء بعناوين مختلفة ومنفصلة، و"قبر ابن عربي" وهو ديوان شعر.

استطاع المؤدّب أن يجمع بين ثقافتيْن جمعًا أليفا: الثقافة العربية الإسلامية والثقافة الغربية، وهو جمعٌ كان فيه ذا يقظة فكرية عالية جعلته يبحث في الثقافتيْن عن المشترك الإنسانيّ العامّ فيهما، ويدافع عمّا فيه من قِيَم كونية كمَدَنية الدولة وحرية المواطن ورفض الاستبداد والتطرّف بأنواعهما. ونحن نسمعه يقول في كتابه "مرض الإسلام"، ردّا على المفكر القومي إرنست رينان، الذي بلغ به تعصّبه حدّ معاداة الشعوب الأخرى واحتقار ثقافتها: "إني أغفر له عنصريته واعتماده على اللغة ونظامها الرمزيّ مُحدِّدًا وحيدا للانتماء القومي، فقد ساعدني بذلك على كشف الوهم الذي يحكم مفهومنا العربي الإسلامي لمسألة القومية والانتماء الوطني، حيث تنبّهتُ إلى أن الأمة لا تقوم على وحدة اللغة ووحدة الدّين ووحدة الجغرافيا ووحدة التاريخ، إنما هي تقوم على الرغبة في العيش المشتَرك، الرغبة في أن نكون معا، وهو ما جعلني أختار العيش في المجتمع الفرنسي، حيث أواصل الحرص على تحقيق انتسابي إلى الحضارة الإسلامية وانتسابي إلى الحضارة الأوروبية في الآن نفسه". يضيف المؤدب في أحد الحوار التي أجريت معه: "إن ما يهمني أولا وأخيرا أن أنتقد ديانتي الإسلام بطريقة مشابهة لما فعله نيتشه في عصره مع المسيحية. كثير من الناس في عصرنا لا يعلمون بعد أن الإسلام في القرن التاسع والعاشر كانت فيه أصوات ناقدة، وكانت إلى حد ما، أكثر راديكالية من نقاد اليوم".

ويمكن، ببعض الحذر المنهجيّ، أن نوزّع اهتمامات المؤدّب الثقافية على مجالات أربعة: الشعر والنقد الثقافي والترجمة والإعلام.
ففي الشعر لا يعدِم قارئُ أشعار المؤدّب وجودَ صورة لهذا التآلف بين الثقافات. ففي كتابه "قبر ابن عربي"، نلفيه ذا منحى صوفيّ متَصوَّراتِه من إرث ابن عربي والحلاّج والروميّ والبسطامي، إلى جانب الإرث الشعري الغربي مُمثَّلا بنصوصه الكبرى مثل كتابات دانتي وفكتور هوغو ولويس أراغون. غير أنّ محاورة أشعار المؤدّب لهذه المراجع الشعرية لم تكن بذخا كتابيا، وإنما هي محاورة تفاعلية تبلغ أحيانا حدّ المواجهة معها. ففي حين كانت أشعاره تغتني بإيحاءات نصوص هؤلاء الشعراء، نجده يُغني تلك النُصوص بالكشف عمّا يتخفّى فيها من ثاويات المعاني. ومن ثمة، كان عبدالوهاب المؤدّب الجسرَ الذي عَبَر منه ما كان يُسمّيه "الحبّ الإلهي" أو "فَنّ التصوّف الإسلامي" إلى الفضاء الثقافي الغربي. وترجع تسمية ديوان "قبر ابن عربي" إلى تقليد أوروبي منتشر في أعمال الشعراء منذ القرن السابع عشر، وقد أصبحت هذه التسميه تكتسب - ابتداءً من بودلير ومالارميه - دلالة تتجاوز عرض الرثاء، إلى تقاطعات شعريه بين تجارب ذاتية أو تجاوبات جمالية - فكرية.

وبالنسبة إلى مجال النقد الثقافي، فالجليّ أن عبدالوهّاب المؤدّب كان مسكونا برغبة الدفاع عن الإسلام وحضارته من مقولات الإسلاموية التي يتزعّمها بعض الأنظمة والتيارات المنضوية تحت ما يسمّى بالإسلام السياسي. من ذلك أنّنا واجدون في كتابه "مرض الاسلام"، تتبعاً منه للانزياحات التي حادت بالدّين الإسلامي عن مقاصده الجوهرية الخيِّرة الداعية إلى النعيم الأرضيّ والسماويّ، حيث يرى في هذا الشأن أن ظهور الخمينية العام 1979 أشاع ثقافة تجييش التيارات الإسلامية وشحنها بالتعصّب الدّيني ونشر الفكر الأصولي بينها وكراهيتها للآخر ووصمه بالكفر، وهو ما أدّى إلى ضرب برجيْ مركز التجارة العالمية في مانهاتن ومقر وزارة الدفاع الأميركية في 11 أيلول 2001، وما تلا ذلك من مآسٍ إنسانية في أفغانستان والعراق.

وفي هذا الشأن، يذهب المؤدّب إلى القول بأنّ آيات الحرابة في النص القرآني وأحاديث الحثّ على الجهاد في مدوّنة الحديث النبوي قد تمّ انتزاعها من سياقاتها الدّينية والزمنية من قِبل دعاة الأصولية ليعمّموا بها سياسات التكفير والتحريم والدعوة إلى الحرب. وهو الأمر الذي حدا بالمؤدّب، في مفتتح كتابه "رهان من أجل الحضارة"، إلى الاعتراف بحقيقة أن: "الإسلام في وضع سيء: إنه في الحقيقة مريض". وفي موضع آخر، يرى أن "الهجوم على المحرمات هو مفتاح الإصلاح الذي يحتاج الإسلام إليه، المفتاح الذي لم يجرؤ العلماء حتى الآن على استخدامه". وفي نظر المؤدب، ان الاسلام كان يحتاج رجلاً من نوع الشاعر دانتي، يتحلى بالجرأة الفكرية فيواكب بكتاباته الواقع السياسي كما تجلى في الواقع التاريخي المضاد لابن تيمية.

يذكر أن عبدالوهاب المؤدّب استثمر إدارته لمؤسّسة "دار السندباد" للنشر، طيلة 13 عاماً، لنشر أهم كلاسيكيات الشعر الصوفي، مثل كتابات السهروردي والبسطامي والحلاج، كما نشر لأبرز الأسماء الإبداعية العربية الحديثة على غرار أدونيس والطيب صالح الذي ترجم له روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" إلى الفرنسية، إضافة إلى صنع الله إبراهيم ونجيب محفوظ.



#عبد_الدائم_السلامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب التونسي أجدر بجائزة ابن رشد من الغنّوشي
- ثقافة الثقافة
- سرُّ نُباحِ الكلاب
- أباطرة رأس العام
- نحن أباطرة رأس العامِ
- هؤلاء
- الجمهورُ العربيُّ -زَوّاءٌ- للشِّعرِ
- رسالةٌ إلى العام 2010


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الدائم السلامي - رحل عبدالوهاب المؤدّب.. عاشق التصوف والكاتب في -مرض الإسلام-