أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الدائم السلامي - هؤلاء














المزيد.....

هؤلاء


عبد الدائم السلامي

الحوار المتمدن-العدد: 2873 - 2009 / 12 / 30 - 15:14
المحور: كتابات ساخرة
    


هؤلاءِ
هؤلاءِ هم أُناسٌ يَسْتَطيبونَ السَّكَنَ بين اللَّحمِ والأظافِرِ. أغلبُهم من المُتحزِّبين الذين لا يخلو منه اجتماعٌ سياسيٌّ من لقاءاتِ الأحزابِ. يجلِسونَ في الصُّفوفِ الأولى عارِضينَ وجوهَهم إلى كاميراتِ التلفزيوناتِ حتى يَظْهَروا للعامّةِ من المواطنين البُسطاءِ في نشراتِ الأخبارِ المسائيّةِ رجالاً مُهِمِّين (هم مهمّون من جهةِ أنّ لهم مُهمّةَ التصفيقِ الأصْفَرِ وِفقِ ميقاتٍ معلومٍ تعلّموا مداه بالتجربةِ حتى يُمكِّنوا خُطباءَ السياسةِ من ابتلاعِ رِيقِهم). فإذا انتهت الخُطبةُ، سارعوا إلى حَمْلِ معاطِفِهم والوقوفِ ببابِ الخطيبِ مُثَمِّنينَ فيه سَدادَ رأيِه وفصاحتَه، ومُبَشِّرينَ إيّاه بالفوزِ في كلّ انتخاباتٍ يدخُلُها حتى ولو خرجَ منها مُعارِضوه. وفي الأثناء يُخْرِجون من جيوبِهم مطالِبَ شخصيّةٍ كأن تكون رخصةً في فتح عُلبةٍ ليليّةٍ براقِصاتٍ من دُولِ أوروبا الشرقية أو في إنشاء شركات توريدِ العَواطِفِ دون أداءاتٍ جمركيّةٍ حتى ترتفع حرارةُ الإحساسِ بالوطنيّةِ لدى فئاتِ الشعبِ. فإذا عادوا إلى بيوتِهم لعنوا صاحبَهم وتحدّثوا عنه حديثَ المُعارِضين.
***
ومن هؤلاء أيضًا أُناسٌ يجلسون في المقاهي من الفجرِ إلى المساءِ (أليستْ لهم عائلاتٌ بأطفالٍ ونساءٍ؟)، يشربون الشايَ ويُدخِّنون سجائرَهم في صمتِ المَوتى كأنّ على رؤوسِهم طيرًا أبابيلَ، ولكنَّ عُيونَهم تدور 180 درجةً تمسحُ الشارعَ مسحًا لا يُجيدُه أعوانُ المخابراتِ العامّة الأمريكيّةِ، حتى إذا ابتلّتْ أدِمغتُهم بتفاصيلِ الناسِ راحوا يتقيّؤونَها كلامًا فارِغًا من المعنى على أوراقٍ صفراء تفوحُ منها روائحُ النميمةِ واللغوِ اللغويِّ الممزوجِ بتخييلاتِهم الكاذبةِ. ترى الواحدَ منهم يلبسُ قُبّعةً كأنّه فلاّحٌ من المكسيكِِ ويُطْلِقُ لحيتَه كما لو كانَ عائدًا من معسكراتِ افغانستانَ زمن الاحتلال السوفياتيِّ، وتحتَ مرفقِه محفظةٌ من جلدِ الماعِزِ فيها بعضُ كُتُبٍ مهترئةٍ من كثرةِ التصفُّحِ، يُخْرِجُ أحدَها أحيانًا ويظلُّ يقرأُ صفحتَه الأولى لساعاتٍ. بعدَ المساءِ يكون مشهدُ الناسِ قد اكتملَ في أوراقِه فيحمِلُه إلى مَنْ تعنيهم شؤونُ الناسِ، ويأخُذُ وعدًا بعشاءٍ ويمضي إلى ليلِه بارِدًا.
***
وثالِثُ نوعٍ من هؤلاءِ ذكورٌ كالنساءٌِ. بل إنّ الواحدَ منهم أنثى في إهابِ ذَكَرٍ: يضع قرطًا في أذنه وبعضَ السلاسل في عنقه وأصابع يديهِ ويشدُّ شعرَه إلى الخَلْفِ مثلَ ذيلِ حصانٍ، ويرتدي سروالاً من الدّجينز به رِغبةٌ في النزولِ إلى الرُّكبَتيْن (المؤَخَّراتُ صارتْ عاريةً هذه الأيّام). يطلبُ إلى النادلِ أغلى العصائرِ يشرُبُها، فإذا رنّ هاتفُه أجابَ مُخاطِبِه بأنّه سيلتقيه غدا في السفارةِ الدنماركيّة أو في حفلة عشاءِ سفيرِ أوباما في بيتِه، ويظلُّ يلوكُ لُبانةً كالأتانِ.









الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجمهورُ العربيُّ -زَوّاءٌ- للشِّعرِ
- رسالةٌ إلى العام 2010


المزيد.....




- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الدائم السلامي - هؤلاء