أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - هل سنبقى نعيش في الماضي؟














المزيد.....

هل سنبقى نعيش في الماضي؟


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 4622 - 2014 / 11 / 2 - 12:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الماضي البعيد جزء هائل من ثقافتنا، ويكاد يشكل 99 بالمئة منها، وأستطيع أن أقول أننا نقتات من الماضي، ونعيش عليه، سيئا كان أم حسنا، سارا أم محزنا. أما التفكير في الحاضر أو في المستقبل فهو همّ ثانوي بالنسبة لنا. نحن نتعامل مع ما كان يحدث قبل أكثر من ألف سنة وكانه يحصل الآن، ونعرف، أو ندّعي أننا نعرف، الشخوص الذين عاشوا في ذلك الزمان، وماذا قال أحدهم للآخر، ولا نشك في صحة ما نُسب إليهم، ونعرف كيف كانوا يعيشون وماذ أحبوا وماذا كرهوا، ونجعل كثيرا من ذلك، بتفاصيله، جزءا من مناهجنا المدرسية ونحشو به أدمغة أبنائنا. نحن في الحقيقة نعيش في عالم آخر لا أحد يشاركنا فيه. كل هذه المعرفة عن الماضي بلا شك كونت ثقافة غنية على مدى قرون، ولكننا لم نكتف باعتبار هذه المعرفة قاعدة لثقافتنا الحالية بل إعتبرنا أنها تشكل الآن، وستشكل في المستقبل، كل ما يتعلق بثقافتنا وتطورها. ونجد أن مستوى القادة والعلماء والأدباء العرب الذين عاشوا في الماضي البعيد، كان أرقي وأغنى، من حيث التعبير والفكر والثقافة، من مستوى قادتنا وعلمائنا وأدبائنا المعاصرين، وربما نكون على حق في ذلك.

في التاريخ العربي، وبعد الفتوحات الإسلامية، حدث تطور هائل في جميع مناحي الحياة، وكان هناك تغيّر وتقدم ثقافي تبناه ونمّاه بعض الخلفاء، وكان سبب هذا التقدم الإحتكاك بالعالم الخارجي وبالثقافة اليونانية والفارسية والهندية. وترجمت أعمال عباقرة اليونان في العلوم والفلسفة إلى العربية، واستوعب العرب هذه الثقافة وبنوا عليها. واستمر التقدم، بصورة أو بأخرى، حتى فتح المغول بغداد ودمروها عام 1258، ويظهر أن كل شيء بقي على حاله حتى القرن التاسع عشر حين وُلدت النهضة العربية الحديثة بعد أن غزا نابليون مصر وتحارب هو والإنجليز على السيطرة عليها وأدخلت أول مطبعة إلى مصر في بداية القرن التاسع عشر. وبعدها بسنوات أرسل الحاكم المستنير محمد علي باشا البعثات الدراسية إلى فرنسا وعاد المبعوثون لنشر أفكارهم الجديدة، وبدأ التنوير في مصر بالتوازي مع التنوير في بلاد الشام، وخاصة لبنان.

عاش العرب خمسة قرون بعد ظهور الإسلام، على مستوى أرقي من بقية الأمم، من النواحي الثقافية والإقتصادية، من بلاد فارس في الشرق إلى إسبانيا في الغرب، وكان العلماء العرب والمسلمون معلمين العالم لأنهم إطلعوا على أفكار فلاسفة اليونان و ترجموها، قبل أن يضيع معظمها، إلى العربية ومنها ترجمت لاحقا، مع شرحها العربي، إلى اللاتينية وغيرها من اللغات الأوروبية، وتضمنت علوم الطبيعة، أي الفيزيا، والكيمياء والطب. وأُدخلت مئات من الكلمات العربية إلى اللغات الأوروبية وأصبحت أسماء العلماء والفلاسفة العرب متداولة في مراكز التعليم الغربية، وكان أشهرالفلاسفة في ذلك الزمان إبن رشد، الذي سماه الاوروبيون أفروس (Averroes). ويظهر أن الحملات الصليبية، التي بدأت في عام 1095 واستمرت مئتي عام، ولّدت الكرْه بين الغرب من جهة والعرب والمسلمين من جهة أخرى، وخلقت، مع الأسف، حاجزا بين الجانبين. أقول مع الأسف لأن أوروبا بدأت تستيقظ بعد الحروب الصليبية ولكن الشرق العربي بدأ فترة من الخمول. وتعمق الكره والهوه بين الطرفين بعد الفتوحات العثمانيه لأوروبا واحتلال القسطنطينية والوصول إلى فيينا. وبينما كانت أوروبا تستيقظ وتحدث التغيير، بإلهام من التطور الذي بدأه العرب، دخل المسلمون بقيادة الإمبراطوريه العثمانية فترة من السبات العميق، حيث إنعدم التغيير مدة أربعة قرون. والسبب الرئيس أن الأتراك العثمانيين ينحدرون من قبائل مقاتلة من آسيا الوسطى ولم يحتكوا بالمدنية أو يملكوا ثقافة خاصة بهم. وبقي نظام حكمهم على حاله، ولم يكن لهم تأثير واضح في الأدب والعلم والثقافة، ولم يكن عندهم صناعة أو زراعة متطورة. ولم يحصل تغيير حقيقي في تركيا إلا في العصر الحديث، بعد ثورة أتاتورك، فظهر كتاب أتراك نال أحدهم جائزة نوبل، وشعراء أيضا، منهم إردوغان نفسه الذى عبر عن فخره بالمآذن التركية بعَقد مقارنة بينها وبين الصواريخ.

نعم، لقد كان لإحتلال الأتراك العثمانيين للبلاد العربية مدة إربعة قرون أثرٌ مدمرٌ على المجتمعات العربية، وبقيت الشعوب العربية، وخاصة في الشرق، في حالة ركود، بينما كانت تحدث في الغرب تطورات علمية وثقافية واقتصادية هائلة، من ضمنها الثورة الصناعية. ونشطت الجهود الإستعمارية للدول الأوروبية في جميع أنحاء العالم. وفي متنصف القرن العشرين، وبعد الحرب العالمية الثانية، إقتنعت الدول الإستعمارية أن إحتلالها لبلدان عديدة لا يمكن تبريره إنسانيا أو أخلاقيا، وخاصة بعد ثورات الشعوب التحررية، وهكذا بدأ عصر الحرية والإستقلال لهذا الشعوب . وأدى إحتكاك كثير من الدول المتخلفة بالدول المتقدمة في الفترة الإستعمارية إلى التنوير، وها نحن نرى الآن التقدم الهائل للدول الصاعدة كالهند والصين التي أصبحت تنافس الدول العظمى في الغرب. أما الدول التي لم تحتك شعوبها بحضارة الآخرين وبقيت مغلقة بوجه التقدم الغربي فبقيت على حالها، مثل اليمن وأثيوبيا ونجد والحجاز.

التغيير من سنن الحياة وهو قانون وحقيقة، والماء يبقى آسنا إذ مُنع من الجريان، وإذا أرادت الدول والشعوب ان تتقدم فعليها إحداث تغييرات إيجابية. غير أن التغيير في البلاد العربية خلال النصف الثاني من القرن الماضي كان تغييرا سطحيا وسلبيا، أو مجرد تقليد ونقل لما توصل له الغرب، وبدل أن يكون التغيير إلى الأفضل أصبح تغييرا إلى الأسوا، وبلغت هذه الظاهرة السلبية أوجها في هذا القرن. لقد ساد التفاؤل عندما بدأت الإنتفاضات في البلاد العربية، لأن الناس توقعوا أن يحصل تقدم وتطور إيجابى، ولكن المد الرجعي إستغل هذه الإنتفاضات للإيغال في الماضي، وإرجاع الزمن إلى الوراء، وإعادة الناس عدة قرون إلى الخلف. الأمم والشعوب في سباق مع الزمن، ومن لا يتقدم يتأخر، والتغيير يجب أن يكون إيجابيا وثوريا، يعكس التطور الثقافي والعلمي، المادي والمعنوي، في هذا العالم.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من وسيلة لحماية المسيحيين العرب؟
- إنعدام فرص الديمقراطية في العالم العربي
- هل غيّر القرضاوي نهجه المعتدل بعد إنجازات الإسلام السياسي؟
- تحالف تقوده أمريكا لن يهزم داعش
- سايكس بيكو وأخواتُها
- وسائل الإتصال الحديثة، والإرهاب، وإسرائيل
- حرب غزة علامة فارقة في النضال الفلسطيني
- المهاتما غاندي والقضية الفلسطينية
- حرب العراق الطائفية إحدى كوارث الإسلام السياسي
- من يُنقذ إسرائيل من نفسها؟
- حسن نصرالله وإستمرار المتاجرة بالقضية الفلسطينية
- -بوكو حرام- وعدم الإكتراث العربي والإسلامي
- القضية الفلسطينية والمواقف السلبية
- النظام السوري المتعجرف
- دهاء إيران السياسي
- التفكير الإيجابي وجلد الذات
- وفاة ياسر عرفات -- السبب والمسبّب
- المثقف الحقيقي
- الخلافة وولاية الفقيه
- الإبحار إلى الهلاك


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - هل سنبقى نعيش في الماضي؟