|
مابين تونس و العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4617 - 2014 / 10 / 28 - 15:32
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
تونس المطل على البحر البيض المتوسط و المجاور لبقعة نار و فوضى دائرة من جهة و عدم الاستقرار التام من قبل جيرانها من جهة اخرى . و هي اول دولة انتفضت و ثارت و ابعدت رئيسها او خرج بنفسه نتيجة الضغوطات التي احس بها و بقراره و افسح للبلد ان يغير و يعيش بسلام اخيرا، فلم تسفك الدماء كثيرا كما حدثت في الدول الاخرى التي تلتها . انها المرة الثانية لاجراء انتخابات نيابية نزيهة فيها، اعيدت توازن الكفة الى ما انتظر منها و لم يتمكن حزب النهضة البقاء و الاستمرارعلى فوزه الطاريء نتيجة التغيير المفاجيء بعد الثورة، واليوم و بعد دورة واحدة فقط، فاز حزب علماني مؤمن بالعدالة الاجتماعية و فصل الدين عن الدولة بالانتخابات النيابية الثانية في تونس، و هذا يدل على مدى الوعي و الثقافة العالية لبني تونس و بناتها، و مدى تاثرهم بالارث العلماني و التقدمي و ان طغت لمدة قصيرة و نتيجة التشويه على المرحلة افكار دينية و لكنها لم تتمكن من الاستمرار نتيجة انتقال تونس الى مرحلة جديدة و توجهها السليم و الارتفاع سلم اخر في الاستقرار و الديموقراطية و يجب ان يُتذى بها، و انها في مسيرة ظويلة عليها التقدم و ان تنحو نحو الضفة الاخرى . العراق و رغم التخلص من دكتاتوره بايدي خارجية و تفاعل و تعاون داخلي منذ اكثر من عشر سنوات، الا انه لم يصل لمنتصف مرحلة ما وصلت اليها تونس نتيجة الفوضى التي اصابتها و سيطرة الاسلام السياسي و تدخلات الجوار و الختلافات العقيدية والدينية و العرقية بين مكوناته، و الاوضح عدم ايمان افراد الشعب بوطنهم و انما ينتمون الى ارعاقهم مذهبهم و هذا ما يفرض علينا ان نعتقد بانه سيبقى على حاله لمراحل اخرى ان لم يتخذوا قرارات مصيرية و حلول جذرية بعيدة عن المزايدات و الادعاءات الوطنية و الحزبية الخالية من الواقعية و المؤدية الى الحضيض الاكبر . انها الحقيقة التي نقلت تونس الى ما هي عليه ايمان شعبها بوطنهم و انتمائهم اليه و الوحدة المصيرية بين ابء بلدهم و عدم وجود النزاعات الثانوية على الارض عدا تدخل الطواريء من فكر الاسلام السياسي الذي يُفرض عليه التراجع امام همة و قوة ارادة و ايمان الشعب بمبادئه الراسخة ، تراجع الاسلام السياسي و سيتراجع يوما بعد اخر لو سارت الحياة السياسية الديموقراطية بسكتها الصحيحة دون انحراف مضر بها، او بعيدا عن التدخلات الخارجية التي تعيق تقدمها، و ايمان شعبها ببلدهم و حبهم لها و التزامهم بانتماءهم و التضحية من اجلها . اما في العراق فان الاسلام السياسي هو المسيطر و هو علة العلل و ما يفعله باسم الدين و المباديء الاسلامية لمصالح مختلفة تنضوي تحت قشرة الدين و ليس الا مسايرة الحياة و الانتهازية و استغلال الفوضى من جهة، و عدم الاحساس بالانتماء الى البلد هو في مقدمة الاسباب في ما اوصل العراق اليه، لازال الانتماء عرقي و مذهبي، و عليه لا يمكن التقدم خطوة طالما بقت حال العراقيين عل ى ماهم عليه من النظرة الى بلدهم و ما يسلكونه و ما يفكرون به و يتصرفون و ما لديهم من العادات و التقاليد و الثقافة العامة التي تبعدهم عن البعض اكثر من ان تقربهم مع البعض . ان هناك من الافعال على الارض من الناحية الاجتماعية قبل السياسية التي تبعدهم عن البعض و يحسهم بالغربة، اليس الشرائع المطبقة و نحن الان في ذروة تطبيق تلك الشرائع لمذهب واحد ما يحسس المؤدين بانتماءهم المذهبي و يبعد الاخر لكونه لا يؤمن بما يؤمن به المذهب الاخر، و طالما بقت هذه لا يمكن ان نجد فرصة التوحد و الاحساس بالانتماء الى الوطن اكثر من المذهب، و عليه لن نجد عراقا موحدا ينمتي اليه شعب مؤمن بوحدته لمئات السنين الاخرى، استنادا على العادات وا لتقاليد و الانتماءات و الاعتقادات المختلفة بين مكوناته الثلاث، و ليس بالامكان ان نقارنه مع تونس من كافة النواحي الاجتماعية الثقافية و تاريخه القديم والحديث و المرحل التي مر بها، و الوعي العام للشعب و مستوى الانتماء الوطني لابناء شعبيهما . اذا، طالما نعلم النتيجة مسبقا و لم نتفائل بغير ذلك ولو بنسبة قليلة، لابد من العمل للتوجه نحو الحل الجذري اليوم قبل ان يسحق الشعب اكثر و يستغلنا الاخار المجاور و البعيد لمصلحة شعبه و على حساب الشعب العراقي بجميع مكوناته.الفدرالية الحقيقية و ما يفرضه الاحساس بالانتماء الى الاقليم اكثر من البلد باجمعه فانه يمكن ان نسير به الى المرحلة المقبلة، و يمكن ان ننجح في التغلب على الصعاب بفترة معقولة نتيجة تعاون الجميع، و الا سيكون العراق على ماهو عليه و هو يبتلي كل يوم بقضية و يُستغل باسم الدين و العرق و المذهب و الوضع الاجتماعي و ليس لابناءه الا القهر و الفقر و العوز، فكان نداء تونس خير نداء و تمكن من التغيير السريع نحو الافضل في وقت قياسي، فهل من منادي عراقي فعال و يصحح السيرة و يعيد الحياة الى ابناءه .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا يبحث العبادي عن المليارات العراقية المسروقة ؟
-
مَن و اين و كيف يمكن محاربة داعش ؟
-
ممارسات داعش تبرر استخدام اية وسيلة ضده
-
ماهي مرجعية الاعلام الكوردستاني
-
العدالة ما بين الامس و اليوم
-
لماذا ينتمي الاوربي بجنسيه الى داعش
-
الواقع الكوردستاني بين ضغوطات بغداد و حرب داعش
-
ما تهدفه تركيا من فرض الجيش الحر مرافقا مع البيشمركة الى كوب
...
-
نظام الملالي في طهران و اعدام ريحانة
-
حب الكتابة ام كتابة الحب
-
الحوار المتمدن و جائزة ابن رشد
-
آمر القوة المرسلة الى كوباني مهني و مستقل
-
امريكا و الهيمنة الناعمة على المنطقة
-
لم يختر داعش المكان الصحيح لدولته
-
هل كوباني احبطت مخططات تركيا ؟
-
لماذا شقيق بارزاني الى كوباني
-
اثبت اوجلان حكمته و حنكته في هذه المرحلة
-
تركيا صاغرة امام الاخرين و قاسية مع الكورد
-
ما الموقف الذي يفيد اليسار العراقي
-
آلية امريكا لتطبيق الشرق الاوسط الجديد
المزيد.....
-
التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة
...
-
غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
-
الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار
...
-
يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024
...
-
مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب
...
-
فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم
...
-
بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع
...
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
-
الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
-
الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|