|
لم يختر داعش المكان الصحيح لدولته
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4614 - 2014 / 10 / 25 - 12:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لا ادخل في مستوجبات و شروط الدولة الحديثة و مستلزمات بناءها و استمراريتها، لان داعش لم يقصدها بقدر اختيارها للخلافة في وقت لم يكن هناك اثر للدولة في زمن الخلافات الاسلامية بمعنى الكلمة للدولة التي تُبنى على اسس و ركائز تكون مساند صحيحة لعالم السياسة اضافة الى القوة و المنهجية في الادارة . داعش صاحب فلسفة سلفية معتمدة بشكل كلي على افكار لا مكان لها في ارض هي مهد للحضارات و ليست ملائمة لعصر يتميز عن سابقاتها بتطور وسائل التواصل و الشفافية ولا يمكن ان تنحصر دولة و تنعزل على نفسها و هي غير منسجمة مع الاخرين و لا يمكن ان تبقى معتمدة على حالها و تدوم لفترة طويلة، اي، دولة بسمات و خصائص عصر الخلافة و التخلف لا يمكن ان تجد طريقا للاستمرارية في قرن الواحد و العشرين و التطور الحاصل في مجالات ما يهم الانسان و حريته، و ما يريده داعش السيطرة الفوقية و التسلط على الفرد قبل الجماعة . و ان كانت القوة و العزيمة للمنتمين الى داعش آتية من تخلفهم العقلي و ايمانهم بالسلف اكثر من الخلف في التواصل و الاستمرارية مع التغييرات، فان متطلبات العصر الجديد من النواحي العديدة ترفض وجود داعش و ان استمر بقوة السيف و الارهاب و تسبب في القهر و الانصياع لمن تحت سيطرته و جبروته لمدة معينة . الحياة و المراحل و ما توصلت اليه حتى شعوب هذه المنطقة فلا يمكن ان نتصور بان تعاقب المراحل و التطورات المتتالية تقبل الخطا في تقبل ما موجود فيها، و لا شك بان ما يدور من التواصل مع ما حدث لهذه المنطقة و ما تغيرت و انتقلت الى مراحل متقدمة رغم تخلفها عن المناطق الاخرى الا انها لا تقبل التراجع . و ان دارت الايام على هذه المنطقة و تم التغييرات المعاكسة عليها نتيجة الاحترابات و المصالح التي فرضت ما يضر بها، بسبب موقعها الجغرافي و غناها من الثروات و الموارد الطبيعية التي تسببت في تخلفها في مراحل معينة، الا ان كونها حاملة لمقومات الحضارات و الترسبات و المتوارثات التي خزنت و لحد الان موجودة في اللاوعي لشعوب هذه المنطقة، من المستحيل ان تسمح ببقاء ما لا يصح و يلائم التطور الحاصل في الحياة و يدع ان يبقى داعش جاثما على صدره دون ركائز طبيعية ساندة له و داعمة لبقاءه . داعش اختار المكان الخطا، لان الافكار التي يحملها و ان تاثر بها بضعة اشخاص مقلدة و ترى مصلحتها في التعلق بالسلف، ان تراث المنطقة التي هي ليست متعلقة فقط بتلك الاشخاص،و لا يمكن ان تكون بحامل لاشخاص يمكن ان يكون معدنهم و نسلهم و سلالتهم تلائم بقاء داعش و يمكن ان تطبق مفاهيمه او ايجاد وسائل بقاءه على المدى البعيد، انه امر طاريء نتيجة المعادلات السياسية و التخبط الفكري الفلسفي الحاصل في هذه المنطقة و انه دخيل على المنطقة و ليس اصيل فيها، و كان الاجدر به اختيار مكان ملائم ومنبت له و لافكاره و كان بامكانه ان يدوم لمدة اطول و هو الجزيرة العربية و منبع افكاره التخلفية و يلقى فيها اكثر من يلتزم به و من يطبق افكاره، و هي ارض و مصدر الهاماته، هذا ان ابعدنا احتمالات من وراءه و من دفع لابرازه و ايجاده في هذه المنطقة لاغراض و عوامل سياسية بحتة . وكان بامكان داعش ان يعيد مجده في المكان الصحيح الحقيقي له و هو الجزيرة العربية، و لكن حتى هناك لم يجد عوامل الاستمرارية لان تغييرات حصلت و احتكاكات مستمرة لازالت بين البيئة الاسلامية و مع العالم المتطور مما تتاثر به و تتغير و لم تبق على تلك السمات التي تتقبل داعش و فكره الاصولي السلفي التخلفي البعيد عن الانسان و ليس له اية صلة بالانسانية و نحن في عصر الانسانية و ما يهمه الانسان في حياته، و ان كان مهد ولادته و ارضه و مكان نشاته، وعلى العكس من العصر و متطلباته تماما ان داعش يوجه الانسان بعيدا عن حياته نحو ماوراء الطبيعة و فناءه، و هو على الضد من عمل و اهدافالعلم و المرعفة و الوسائل العلمية التي اخترعت لصالح الانسان، و يستخدمها داعش في غير مكانه لاهداف لا تمت صلة بالانسان، وهو اختار مكان اهتم شعبه في تاريخه بالعلم و المعرفة و هو صاحب حضارة اي مكان مؤمن بالتطور في كافة النواحي و الا لم يكن يحدث في تاريخه ما نسميه بالحضارة ، و ان الحضارة التي نشرت هنا في هذا المكان الذي قصده داعش ليس من صنع هذا الفكر الذي يحمله، بل على العكس ليس للفكر و الفلسفة التي تبنتها الناس في هذه المنطقة في مراحل تلك الحضارات اية صلة بهذه الافكار التخلفية التي يحملها داعش و يريد فرضها و نشرها في المكان الخطا . يمكن القول حتى المفاهيم التي يستخدمها داعش ليس لها صلة بافكاره لانه اجبر على تلك المصطلحات و المفاهيم دون ان يعلم، و كان لابد عليه ان يفكر في هذا ايضا، تدعي بناء دولة و ليست للدولة صلة بالوقت و المرحلة و الفكر الذي يعتمده داعش . ان للدولة مجموعة من المباديء و المناهج التي ليس لداعش علاقة به، بينما هو يدعي دولة التي ليس لها مقومات لا توجد لديه استراتيجيات دولة و لا منهج و مخطط و لا اساس بناء الدولة، و هو وقتي الفكر و العمل وليس بطويل النظر لبناء ما يدفعه للتطور و التلائم مع العصر بل جل افعاله هو تطبيق ما حدث في المراحل الغابرة و يريد تطبيقه، ليس لديه امكانية و قوة دولة و متانة و عمق دولة و لا ما يهم الدولة من الحدود و الخارطة و السيادة و لا يمكنه ان يحصل عليها طالما التزم بما سلف من كافة النواحي، و هذا يدلنا على ان داعش اختار المكان الخطا و ليس لديه فرصة البقاء و الاستدامة في مكان ليس له، و ان لم يفرضه مصالح مختلفةلاخرين و يجدوا في بقاءه تحقيقا لاهدافهم فانهم ربما يعطوه فرصة لمدة اكثر من عمره فان بقاءه محدد و عمره قصير جدا .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل كوباني احبطت مخططات تركيا ؟
-
لماذا شقيق بارزاني الى كوباني
-
اثبت اوجلان حكمته و حنكته في هذه المرحلة
-
تركيا صاغرة امام الاخرين و قاسية مع الكورد
-
ما الموقف الذي يفيد اليسار العراقي
-
آلية امريكا لتطبيق الشرق الاوسط الجديد
-
موقف اليسار العراقي من حكومة العبادي
-
ما للكورد و ما عليهم في حكومة العبادي
-
داعش آلية الغرب لتطبيق صدام الحضارات
-
داعش في خدمة صراع الحضارات
-
لم تُعرف الشعوب بعدد سكانها
-
شكرا هاشم صالح
-
هل يُرغم العراق على استقدام القوة البرية الدولية ؟
-
عقدة نظام الاسد الاقليمية
-
لم نحصل من التغيير الا حرية التطبير
-
اصرار تركيا على موقفها المتعجرف
-
الفوضى في التسميات
-
معركة الكرامة و الانسانية
-
الجو الجديد يعيد العراق الى السكة الصحيحة
-
نحن امام اهمال كوردي لما يحدث في كوباني
المزيد.....
-
شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي
...
-
العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي
...
-
مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في
...
-
استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟
...
-
سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي
...
-
بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير
...
-
ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته
...
-
لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
-
خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني
...
-
لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا
المزيد.....
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
-
بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول
/ محمد شيخ أحمد
المزيد.....
|