أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سماح هدايا - أسئلة في الهوية والثقافة















المزيد.....

أسئلة في الهوية والثقافة


سماح هدايا

الحوار المتمدن-العدد: 4616 - 2014 / 10 / 27 - 08:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هجمة التشظي السياسي والمجتمعي في سوريا والبلاد العربيّة أمر إشكالي خطير، فهوس مهاجمة الأمّة والتاريخ والجغرافيا والعيش المشترك والمصير الواحد وحمى تفكيك الهوية وتهديم القائم بدل البناء بشكل أسلم وأفضل وأصلح، أصبحت في حالة قتال أهلي دموي...فإن كان العالم المعاصر توجّهه ثقافة عالميةسائدة، قد تتشارك فيها الثقافات بشكل ضئيل أو ضخم، وبغض النظر عن موافقتنا لها او نقدها؛ فألسنا محكومين تلقائيا بهذه الثقافة؟ هل يمكن لهذه الثقافة السائدة أن تقرّب بين الأمم وتقرّب بين المفاهيم، بعد تقويمها وتطويعها لما يناسب كل مجتمع. إجراء التحديث لكي تتجدّد الثقافات والهويات وتكون معاصرة أمر قطعي. ولا مسوّغ للخوف من الآخر ومن الحداثة ومن صراع التغييرات، مادمنا نحافظ على إيماننا بروح هويتنا.
وقياسا على السابق، كيف سيكون الواقع الثقافي والاجتماعي عندما تتكوّن أمة واحدة من ثقافات هي أصلا تتشارك جزءا من التاريخ والمصير.. أمة قديمة متنوعة الأصول الثقافية والعروق؟ هل من المنطقي ألا توجد بين أطياف مجتمعها المختلفة مشتركات ويوميات متشابهة وثقافة سائدة؟. بحكم التاريخ والعيش المجتمعي فإنّ لهذه الثقافات مشتركات كثيرة، يمكن البناء عليها للتقريب الثقافي في مشهد هوية جامعة.
عندما تتكوّن الأمم والحضارات ينبني ذلك على ائتلاف الثقافات، الذي يمكّن، به ، إنجاز ثقافة كبيرة عالمية. والثقافات الحيوية هي التي يتاح لها المجال واسعا؛ لكي تكون جزءا من ائتلاف الثقافات في الأمّة وفي العالم. لكن لا مفر من مواجهة إشكاليات الهوية. فطريق بناء المواطنة ودولتها ومشروع الأمة يمرّ بصراعات الهوية وإشكاليات الهويات الصغيرة الفرعيّة في الأمّة. إنّ قوة ثقافة الأمة يتجلّى في أن تحتفظ كل ثقافة بأصالتها، وتسهم بدورها الفاعل ولو بشكل جزئي. ولا يكون ذلك إلا بخروج الثقافات الصغيرة والكبيرة عن عزلتها وتقوقعها وانغلاقها ، وبتخلي الثقافات التاريخية الراسخة عن عصمتها التي أوقفت حركة اجتهاداتها الفكرية والأخلاقية والقانونيّة والاعتقاديّة، وأوقفت نموّها؛ فما المانع في التجديد والمراجعة وبناء حوار ثقافي جديد حداثي بمعنى التقدّم الإنساني والحقوقي والابتكاري، يمكن أن ينجز إثراءً مشتركا؟. الاختلافات الثقافية يمكن أن تنمو وتسهم في التقدم العام. لذلك فإنّ القوالب النمطية السائدة للتفكير بحاجة إلى تدقيق وإلى مراجعة مستمرة.
الأمم، أيضا، تموت. ليس فقط البشر. الأمم أيضا تموت، ليس فقط عندما تتعرض للغزو والعدوان العسكري الذي يقهرها، بل عندما تفقد هويتها وروح انتمائها الثقافي الحي... وكذلك عندما يفقد الأفراد علاقتهم بالهوية . فالموتى المعنويون في الأمم أفراد فقدوا الهوية. الهوية القومية التي يندمجون بها وفيها؛ ليحيوا ويسهموا في استمرار حياة الأمة ومجدها.
بالطبع تمثّل الهوية إشكالية كبيرة في بناء المواطنة ودولتها ومشروع أمّتها، فالتاريخ الإنساني تاريخ يسيّره الصراع. والصراع تحركه الهويات المؤسسة للمجتمعات والدول. وهذه الهويات تتصارع فيما بينها، ولا يثبت داخل الأمة أو خارجها إلاالهوية القادرة على الفعل الحيوي الذي يمدّ دولتها وعالمها بالقيم ذات الطاقة المتجددة القادرة على الفعل والتأثير. والمتمكنة من احتواء الجغرافيا ومسايرة التاريخ من خلال إنشاء دولة وحضارة وسيادة.لكن يقوى الشعور بالهوية باتساع المجتمع وتماسك جماعاته التي بنتمي إليها الفرد. لعل قضيّة اللغة من اهم القضايا الثقافيّة التي تثير صراعا: فاللغة هي التي تكوّن الأمة فكريّا ومعنويا، وهي داعم القوميّة والذات. وتتصارع أكثر من لغة على استلام منصب السيادة في الدولة. وهنا تشتد الصراعات. بالطبع يمكن إتاحة تعلم عدة لغات والتحدّث بحسب القوميات، ومن حق كل قوميّة استخدام لغتها وتعلّمها والتأدب بثقافتها واستخدامها في إعلامها وتعليمها؛ لكن تبقى لغة الدولة هي اللغة الأكثر قدرة على التواصل والترقي. ويصبح لازما على الجميع تعلّم لغة الدولة اللغة الرسمية للتواصل الرسمي بها وعبرها؛ لأنّها ستكون المجال الحيوي العام لنمو الفكر والثقافة والقيم والمعتقد، ولمواكبة التقدّم ومتطلباته، وللتجديد العلمي وتحقيق الاعتبار والقيمة الدوليّة للأمة وشعبها وقومياتها. اللغة من اهم دعائم الثقافة والهوية، وهو ما يفرض تصمصم برامج تعليمية وتعلميّة تبدا منذ الطفولة المبكّرة وتكون بروح المعاصرة والتجديد.
أمّا المعتقدات والقيم؛ فهي متنوّعة، ويمكن أن تنمو في حلف وطني اجتماعي إنساني ـ يسمح بحرية نمو المعتقد الذاتي والجماعاتي، بما لا يهدم معتقد الآخر ويعتدي عليه ويلغيه، وهو ما يفرض، واقعياً، إجراء البحث والعمل المستمرين لتعزيز المشتركات ورأب الصدع وتقليل المخاوف للإسهام في الفعل الثقافي والقيمي، بما ينمّي العملية الإنسانية ذاتيا وجماعيا نحو الأمن النفسي والجماعاتي، وبما يقود إلى خير الأمة وصلاحها وإنجازها المعرفي والأخلاقي والسياسي. وهذا سيخلق أسئلة وإشكالات حول القيم ودورها في التشريع والقوانين. كيفما انتهى الأمر في العلاقة بين المعتقد والتشريع. يجب احترام خصوصية المعتقدات الأخرى في التشريع، وعدم الاستبداد التشريعي باسم هيمنة معتقد الأغلبيّة بالمعنى الصارم غير القابل للتأويل والتطوّر. التشريع قد يكون مدنيا، وقد يستمد من الدين. لكن يجب مراعاة تطور التشريع بما يلائم احتياجات الواقع والفرد والمجتمع، وبما لا يخل بروح المعتقد المقدّس لدى الكثيرين. المهم في هذه النقطة ان المعتقد يمكن ان يحمل طاقة أخلاقية عالية، خصوصا إذا ما جرى العمل عليه بالتهذيب والتنقية من شوائب الأنا المحقّة الطاغية بسمو القيم والجمال.
ولأنّ منظومة المفاهيم قد تكون متقاربة أو متشابهة في عمومها، فيصبح تقريبها للتعايش والإبداع المشترك أمرا ليس صعبا ضمن منهجية علمية مدروسة تأخذ بعين الاعتبار الاجتماعي والنفسي والفكري.
لكل فرد طموحاته الثقافية على المستوى المجتمعي وكذلك لكل مجموعة طموحاتها الثقافية التي تسعى لرفعها إلى المستوى المجتمعي والسيادي. ومن حراك هذه الطموحات والأهداف الثقافية في هويات صغيرة، تبدأ إشكاليات الهوية،خصوصا، لما تكون مجموعات الأقليات غير ناضجة حضاريا واقل تطورا من غيرها، نتيجة التهميش والعزلة، ولديها إحساس بالمظلومية ؛ فإنها تتقوقع وتتنتهز الفرصة لتصارع الآخر دفاعا عن بقائها وتنبش في خرافات الماضي الوهمية والحقيقية ، لكي تستعين بها كحجّة لتغذّي عصبيتها؛ فتعادي وتعتدي وتتشدد ضد الآخرين المختلفين عتها. لكن الدولة لا تستطيع استبعادها ولا إعدامها. والأمة باستبعاد الاخرين وعدم قبولهم، قد ترتكب المظالم وتزيد في المسافات والأحقاد. لذلك الخطوة الصائبة هي المحاسبة الفرديّة وفق الجريمة، والتأكيد القانوني على العواقب، وعلى الواجبات والالتزامات، وعلى عمليّة المحاسبة المرتبطة بالحقوق. وضع القوانين وتوخّي العدل ووجود المحاسبة يقلل الشطط، ويقلّص من تفاقم الصراعات وتزايد الشحن المضاد للأمة والدولة. فالمواطن هو إنسان. وهو إنسان مسؤول. النظر إلى الجميع بعين الإنسانية الواحدة يحقق الرضا ، ويحفظ الكرامة الفردية لكل المواطنين ويساويهم في حوقهم الإنسانيّة قبل الوطنيّة. أمّا التعصب العرقي أو المذهبي أو القومي؛ والانصياع لمثل هذه الصراعات؛ فهو مقتل دولة المواطنة . لا يجوز في مفهوم المواطنة تصنيف البشر وفق معتقدههم، ولا بقبول باصطفاء مرتبة مجموعة ودنو مرتبة الآخرين من الأغيار. أسهل الطرق لتحقير الآخر هي نزع إنسانيته من خلال قمعه بالتصنيف الدوني الثقافي أو بدونيّة الهوية العقائديّة والمناطقيّة. كل فرد وكل جماعة تحلم بأن تكون محط سيادة. لذلك عملية بناء المواطنة هي عملية فكرية تنهج سياسة علمية وفكريّة مدروسة لا مجرد بسط المفاهيم وفرضها بالقسر والإجبار والإسقاط



#سماح_هدايا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الحب في زمن الحرب
- مدخل في سياق المواطنة
- جراحهن أوسمة
- عقليّة صائدي الهنود الحمر
- التغييرات الثورية تقتحم واقع المرأة وتبدله
- الإيمان القبيح عندما يصبح علامة تجاريّة لترويج بضاعة السلطة
- التغيير استحقاق وهو قادم
- خلط الأوراق حتى الإيهام
- حتمية خلاص ... موت أو حياة...
- بلاغة الصدق وبيان الواقع
- المرجعيّة.. شرعيّة حق
- أينما توجّهتْ الحرية يرتعب الطغاة ويتلونون
- إشكالية اللغة العربيّة واللهجات المحكيّة
- يتناغم كل شيء من أجل الحياة...
- عنصريّة مشرعنة للتقتيل..وفتنة
- لقنص أملٍ وسطة القصص السوداء
- المكان حضن الهوية السياسية
- كيف نصنع الحضور في ظل الغياب؟
- لا مجال لاستجلاب الهزائم إلى المعركة
- حرب استقلال أم حرب طائفيّة؟


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سماح هدايا - أسئلة في الهوية والثقافة