أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماري اسكندر عيسى - حوار مع الأب يوسف بنيامين راعي كنيسة مارت شموني للمشرق الآشورية في تلكيف شمال الموصل















المزيد.....


حوار مع الأب يوسف بنيامين راعي كنيسة مارت شموني للمشرق الآشورية في تلكيف شمال الموصل


ماري اسكندر عيسى
(Mary Iskander Isaa)


الحوار المتمدن-العدد: 4601 - 2014 / 10 / 12 - 18:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حوار مع الأب يوسف بنيامين راعي كنيسة مارت شموني للمشرق الآشورية في تلكيف :
دهوك –كوردستان العراق-ماري عيسى
حين تصبح الهجرة المنفذ الوحيد ليس فقط للمسيحيين بل لرجال الدين المسيحيين أيضاً للنجاة بحياتهم وحياة عائلتهم ، حينها يصبح موضوع هجرة المسيحيين والاقليات من المشرق ليست مجرد تهويل إعلامي بل واقع مرير ومأساوي..فعدا التساؤل الكبير الذي يفرض نفسه من وراء ذلك لماذا وما الهدف من تفريغ الشرق من المسيحيين، وهل فعلاً يتقصدون المسيحيين؟ وربما السؤال الاكبر من يحمي المسيحيين؟ ورغم ذلك تبقى الاسئلة معلقة وبانتظار الاجابات وتبقى الهجرة واقعاً..
فقد نقص عدد المسيحيين في العراق من مليون ونصف الى 400 الف خلال العشرة الاعوام الاخيرة، وزادت بالتاكيد في الفترة الاخيرة بشكل ملحوظ بعد دخول تنظيم الدولة الاسلامية -داعش -الى الموصل وتهجير المسيحيين أو طرد المسيحيين منها دون ان يسمحوا لهم حتى بحمل امتعتهم أو اموالهم، واستولت داعش على اموالهم وبيوتهم ورزقهم...لكن ان يطال التهجير رجال الدين المسيحيين كما حدث مع الاب يوسف بنيامين فهذا يزيد الواقع مأساوية.
الاربعاء في 8-10-2014 ودعت الرعية بألم الاب يوسف بنيامين وعائلته مهاجراً الموصل والدهوك في الاقليم إلى ارض الله الواسعة..فقد ضاقت به الدنيا بعد ان سقطت الموصل في 10-6-2014 وبعدها تلكيف في 17 تموز بيد داعش واحتلت داعش كنيسته وبيته وارضه...ولم تقنعه الاقامة المؤقتة في كنيسة مريم العذراء في الدهوك في اقليم كوردستان التي هرب اليها من الموت ليبقى في اقليم العراق ويتابع من جديد ..فقد كان قهره وخسارته كبيرة والمه كبير..هو الذي كرس حياته وتفانى في خدمة طائفته ورعاية المحتاجين في السلم والحرب ولم يميز بين مسيحي ومسلم..ساعد الفقراء..وفتح مركز طبي مجاني في كنيسته للجميع. وفي أحداث الموصل استقبل المهجرين ورعاهم وقدم لهم كل احتياجاتهم من ماء وكهرباء وسهر على حمايتهم وأمنهم. عدا ان كنيسته كانت دائما مفتوحة لمن يقصد المساعدة او اللجوء بسبب الاوضاع الغير مستقرة في العراق، ليمسي بالنهاية مجرد لاجئ في الدهوك لاحول له ولا قوة ..
ودعته رعيته بألم ودمعته في عينه والقهر في قلبه ..وهو من رفض سابقا كل اغراءات الغرب ورفض الخروج ..ليخرج في هذه الفترة مضطرا تاركاً في قلبنا وفي قلب من بقي من رعيته غصة وقهرا آخر..
وانا المهاجرة السورية أجده محقاً بخروجه حيا فأفضل له ولعائلته النجاة بعد أن رأيت ما جرى في سوريا للاب فرانز الذي اغتيل برصاصة في كنيسته بحمص وفضل البقاء ورفض الخروج..ورأينا ماجرى للاب باولو الذي مازال مصيره مجهولا بعد أن اختطفته داعش في الرقة حين عاد لها متسللا بقصد المصالحة وهو من خرج من سوريا مطرودا من النظام السوري..
في لقاءي مع الاب يوسف بنيامين حاولت ان اسلط الضوء اكثر على معاناة المسيحيين المهجرين في العراق بشكل عام ومعاناته كرجل دين تفانى في خدمة رعيته ليكون مصيره التهجير من كنيسته وبيته ووطنه..وهو الذي لم يكن رجل دين عادي بل كان اخ وصديق واب للجميع وكان نموذجا بشخصه المعطاء والمتفاني وكنيسته التي تنشر المحبة والسلام والامن والطمأنينة للجميع ومثالا يحتذى به ويفتخر به..لكنها فوضى الحروب وأوزارها ..
التالي الحوار:
س-بداية حبذا لو تعطينا لمحة موجزة عن كنيسة مارت شموني في تلكيف شمال الموصل، وعن رعيتك وعددهم؟
كنيسة مارت شموني كنيسة حديثة البناء، وضع أساس الكنيسة 1987 إلى يوم الافتتاح في 20-3-1992 ، حيث تم افتتاحها بعد هجرة عدد كبير من العوائل المسيحية من بغداد الى الموصل واعدادهم تتراوح بين 350 -400 عائلة مع العوائل التي كانت موجودة قبل ذلك .والرعية موجودة من العام 1961 بعد الهجرة الاولى إلى تلكيف شمال الموصل في العراق والهجرة الثانية في سنة 1976..
س-معروف لكل من يطلع على أحوال رعيتك مدى تفانيك وخدمتك لرعيتك في زمن يكاد يغيب به الدور الحقيقي لرجل الدين، ماالذي حدث فعلا في تلكيف وكيف دخلت داعش مما اضطررك للخروج من الكنيسة متأخرا بعد أن اخرجت كل رعيتك؟
بعد 10-6-2014 ودخول داعش إلى الموصل كانت تجري احداث متسارعة لكنها كانت بعيدة عنا بعض الشيء، وكانت تأتي إلى كنيستنا في تلكيف العائلات المسيحية وغير المسيحية المهجرة من ا لموصل واستقبلناهم بترحيب وقدمنا لهم عشاء جماعي كاستقبال وتعارف عليهم في اليوم الاول ، وأمنا لهم كل حاجاتهم ولم ننقص عليهم شيء فقد كانت كنيستنا مستعدة لاستقبال النازحين لانها متعودة على استقبال هكذا حالات بشكل دائم من أغطية وفرشات وغيرها .وشيئا فشيئا صار النزوح جماعي، استقبلنا الكثير من العائلات المسيحية والمسلمة والشبك والتركمان بعد أحداث تلعفر، استقبلناهم في قاعة الكنيسة وقاعاتنا الصغيرة ، حتى قاعة التعليم المسيحي أفرغناها وجهزناها لاستقبال العائلات اللاجئة لنا بعد أن أوقفنا التعليم المسيحي الذي كان يستقبل 25 طالباً.
وعملنا من غرفة صغيرة غرفة اغاثة مكونة مني ومن الاخ اكرم وبعض الاخوة المتطوعين وكثير من الشباب الغيورين وجمعنا مواد غذائية ومبردات وكل ما كان بحوزتنا وكل ما كان يصلنا من الاهالي كتبرعات . وعلى مدار اسبوع كانت الكنيسة تطبخ ثلاث مرات في الاسبوع وتقدمه للنازحين..أتينا بعائلات كانت تنام بالشارع بغض النظر عن انتمائهم، وكثير منهم أتينا بهم بسيارات الكنيسة وعلى حساب الكنيسة رغم وجود أزمة بنزين وقمنا بايصال بعض العائلات الى القوش والدهوك..كان لي علاقة مع كثير من منظمات الاغاثة كابتي مثلا، اتصلت بهم وفعلا قدموا مساعدات لنا وكذلك منظمة الصليب الاحمر والجمعية الاشورية الخيرية. تابعت اوضاع النازحين على مدار الساعة أنا وجماعة الكنيسة لم نتركهم يشعرون بالغربة أو انهم بعيدون عن بيوتهم ، احترمناهم ولبيناهم. واعتقد اننا لم نقصر معهم والدليل انهم حتى هذه اللحظة يشكروننا وعلاقتنا معهم جميعا جيدة، وكلما رأونا يبكون.
حين صارت الاحداث قريبة منا في تلكيف كان من واجبي كمسؤول رعية من الناحية الاخلاقية والامنية والدينية أن اقول لهم ان الوضع لم يعد آمن فحاولنا ان نؤمن لأفراد الرعية وللعائلات الموجودة بكنيستنا أماكن يغادرون اليها واوصلناهم بسيارات الكنيسة الى الدهوك وبعض القرى شمال الاقليم..أي هربنا كل العائلات التي كانت موجودة بالكنيسة حتى العائلات الغير مسيحية أخرجناها مع العائلات المسيحية، حتى أن البيشمركة قالوا لنا تحمون من يقتلكم؟ قلنا لهم هذه عائلات لا علاقة لها باي شيء وهي تنشد فقط الامان لاطفالها..وهم اليوم معنا في هذه الكنيسة كنيسة مريم العذراء ويمكنك مقابلتهم وسؤالهم. لم اخرج إلا بعد ان أمنت على جميع الرعية، صمدنا خمس وخمسين يوماً انا وعشرة أشخاص بقوا معي في الكنيسة حتى وصل القصف على كنيستنا واستشهد شاب من الكنيسة، وكان التهديد واضح لنا، ولم يعد الوضع آمن على حياتنا فخرجنا.
س-كانت الاغاثة كافية في كنيسة تلكيف قبل ان تستولي عليها داعش؟
نعم خلال تلك الفترة وصلنا 13 حصة وهذا غير قليل خلال شهرين مكونة من مواد غذائية واواني طبخ ومواد تنظيف واغطية وفرشات الخ..لكن مررنا بفترة عصيبة حين قطعت داعش الكهرباء والماء علينا ، فصرنا نشتري الماء، ومرت ايام اشترينا باليوم الماء بمليون دينار حسب سعة الصهريج ولعدة مرات حسب الازدحام وحسب الامكان، كل صهريج يرافقه 4-5 اشخاص من الشباب الغيورين من الكنيسة لتوزيع الماء على الناس ومساعدتهم دون التفريق بين شخص وآخر بين مسيحي ومسلم او غيره..وتحمل هؤلاء الشباب رغم تعبهم الكثير من الشتائم من الناس الغاضبة، ومع ذلك طلبت من الشباب ألا يردوا على احد بل يشكرونهم لامتصاص غضبهم. أمنا للنازحين المولدات والمراوح لأن حرارة الصيف لا تحتمل، حتى المراوح الخاصة في مكتبي اعطيتهم اياها.. لم نتركهم يحتاجون شيئاً في تلك الفترة قبل ان تسقط تلكيف بيد داعش.
س- بقيت لآخر وقت برفقة عدة أشخاص من الغيورين على الكنيسة تحمونها قبل ان تغادروها. لماذا اليوم بعد ان اصبحت في كنيسة مريم العذراء في الدهوك لا تبقى هنا وترعى رعيتك من هذا المكان..؟ ما المعوقات التي تمنعك من البقاء هنا وتفضل الهجرة؟؟
السفر للخارج كانت فكرة مطروحة قبل سقوط تلكيف بيد داعش لعلاج ابني، لكن بعد ان تهجرنا من تلكيف واخذت داعش بيتي وكنيستي وارضي وجعلوها مقرات لهم ، وتفرقت رعيتي هنا لم يبق لي ما افعله هنا..كان من المقرر أن أسافر قبل الاحداث لكنني اخرت سفرتي لابقى مع رعيتي وارعاها، لا اعرف ما كان حل بهم لولم اكن معهم وادبر امورهم في هذه الازمة..وبعد أن تركت تلكيف واتيت للدهوك نازحاً لم اكن تصور الوضع سيكون بهذه الحالة السيئة.
الفكرة التي تصورتها أننا كما استقبلنا الناس في تلكيف سيستقبلونا . لم اكن اتخيل أنني سانام انا القس على الارض، وحين قررت استئجار شقة طلبوا الف دولار ورغم ان الكنيسة الآشورية قبلت دفع المبلغ للشهر الاول لكن صاحب الشقة حين عرف اننا ستة اشخاص رفض مدعياً انه لا يؤجر اكثرمن أربعة اشخاص..؟؟!! هل يعقل هذا هل علي التخلص من فردين من عائلتي حتى يقبل تأجيري الشقة؟؟
بالحقيقة لم تعد المسألة مسألة أرزاق ورز وبرغل..المسألة كيف كان تعامل الناس مع النازحين ؟ يمكن أنا لم اهان من أحد، لكن الاهانة طالت رعيتي وطالت كرامتهم من عدة اشخاص، ولم يعاملوا باحترام كما عاملنا نحن كل من نزح لكنيستنا في تلكيف.
الادارة هنا لها تبعية خاصة للدهوك ونحن تابعون لبغداد، هنا لا استطيع جمع رعيتي في مكان واحد بعد أن تفرقوا في عدة قرى، وهنا في هذه الكنيسة لها قوانين خاصة تابعة للمطرانية في الاقليم، والمطران ليس له سلطة بهذا الأمر على ما اعتقد.
وباختصار لسنا مرتاحين ابدا هنا. وهناك تقصير كبير وشح في مواد الاغاثة، واهانة للحصول على حاجيات اللجوء والنزوح.
س- لكن بالاعلام يقال غير هذا الكلام؟ وحسب ما سمعنا ويذاع في القنوات ان مبالغ كبيرة تصل لللاجئين؟
عرض تلفزيون عشتار تقريرا عن الرعية بأنها غير مرتاحة..لكن الاعلام بشكل عام للاسف لا يسأل اصحاب المشكلة الحقيقية والنازحين، مثلا انا كاهن ونازح خسرت بيتي وارضي وكنيستي لم ار احد اتى وسألني ، يسألون أشخاص لا علاقة لهم وبعيدون عما يجري في حقيقة الامر، ولا يشعرون بمعاناتنا ، كان عليهم ان يسألوا القساوسة الذين نزحوا واضطروا لترك كنائسهم..
للاسف حتى المنظمات لا تأتي إلينا نحن الرعية، تأتي الى المطران ويسألونه وهو بعيد كل البعد عما يجري وعما نحتاج، وهو مرتاح لا يعرف ماحدث فعلا ومانحتاجه. كنت والمطران جالسا وأتت الصحافة وسألت المطران ولم تسألني وهناك قس آخر نازح أيضا لم يسـأله احد عن معاناتنا وخساراتنا..أتى وفد من المطارنة اثنان من امريكا وواحد من استراليا وانا البعيد 50 متر عن المطرانية لم التق باحد ولم يسمعوا مني ولا من القس الآخر شيئا من معاناتنا ..رعيتي ورعية القس متي الرعية الوحيدة المهجرة من كنيسة المشرق الآشورية لم يلتق احد بنا ولم يعرفوا حقيقة معاناتنا ولا الظروف التي مررنا بها ولا خساراتنا؟؟
يجب أن يسألوا المجروح وليس المطرانية البعيدة، لا احد يشعر بالالم عن الاخر..حتى منظمات الاغاثة التي تعاملت معها بتلكيف لم نعد نراها هنا في الدهوك، اتوا عدة مرات بعد اتصالي بهم ياخذون قوائم باسماء العائلات النازحة ويذهبون دون عودة..ولا اعرف حقيقة من السبب وماذا يجري..هل يعقل انا الذي كنت استقبل عوائل واكرمها أن انام على فرشة على الارض..هل يعقل اني بت عاجزا عن تامين طلبات رعيتي وتامين فرشات لهم واغطية..وصارت مهمتي الترجي والتمني من فلان وفلان لاعطاء رجل مسكين بطانية وفراش.؟؟؟
س- ماالسبب ؟
لا اعرف حقيقة ماالذي يحدث..لكن هل لو أتى إلينا أحد ما او منظمة ما بمساعدات سيرفض المطران هذه المساعدات بالتاكيد لا..
س- هل يمكن ان يكون السبب أنكم كنتم بمنطقة متنازع عليها في الموصل، واليوم بعد ان اصبحتم بكنيسة مريم العذراء في الدهوك اختلف الوضع وصرتم مسؤولين من الاقليم؟؟
-لا اعتقد، لان المنظمات اصلا موقعها هنا بالاقليم مثل الجمعية الخيرية الآشورية، جمعية كابتي، جمعية حمورابي لحقوق الانسان ... كلها لم تعد تأتي ، او بالاحرى أتت واخذت قوائم باسماء العوائل النازحة ولم تعد. المساعدات قليلة هنا ، عائلة من 6 افراد يعطونها فرشتين وبطانية، كيف ستدبر امورها، والشتاء قادم؟
اعتقد ان من يتحكم هنا بتوزيع الارزاق ليس له علاقة بالوضع وبما يجري فعلا..الكنيسة الكلدانية هي التي تتحكم، وقد اتصلت عدة مرات ليساعدوا بعض الاشخاص، ولبوهم. لكن ليس من المعقول ان اتصل دائما واترجى فلان وفلان..من أجل بطانية او فراش..علما اني آخر مرة اتصلت من اجل شخص وعدوه ولم يلبوه. لا نحصل الا على وعود كاذبة، وبت اخجل من رعيتي ومن عجزي. نحن مهمشين هنا وكما قلت لك انا انام على الارض، نحن 7 اشخاص ننام على 4 فرشات ، حتى وصل الشح بالحصص الغذائية..
س-هل يتقصدونكم؟
انا لا اعرف..حقيقة احكي عن رعيتي وعن الكنيسة التي نحن بها ، ولا اعرف إن كانوا يتقصدوننا..لكن لي صديق يعمل ويوزع حصص وامور رعيته متيسرة.
س-برأيك هل وصل الفساد للكنيسة ؟ ولرجال الكنيسة؟
كل ما يحدث سببه الفساد. ما سمعناه وسمعتموه من وصول اموال وتبرعات من امريكا واوربا لم نر منه او يصلنا شيء منه..ويمكنك ان تسألي كل الافراد الذين معي هنا في الادارة لم يصلنا شي، نحن هنا من شهرين ولم يصلنا شيء؟؟!!طبعا انا لا اطلب من أجلي، بل من أجل الناس ، الناس فقدت بيوتها واعمالها وارزاقها..لاتريد فقط رز وبرغل وفاصولياء، تريد شراء أدوية، ملابس، تريد خضراوات، تريد مالا للحركة.
س- إذا كنت انت الرمز والقس المسؤول عن 2000 شخص و400 عائلة تشعر بالعجزوبانك مهمش؟ فماذا سيكون حال الرعية بعد سفرك ؟؟؟
انا متضايق جدا من هذا القرار لكنني مضطر بعد ما استجد من أحداث وبعد ما وصلنا له؟ لم اعد احتمل ان يلجأ إليّ الناس واعجز عن تلبيتهم، لم يعد بيدي سلطة ولا بيدي شيء لا اموال ولا مورد اغاثة يساعدني..حقيقة لم ناخذ حقنا هنا.
55 يوم في تلكيف صمدنا قبل ان تسقط بيد داعش، لكن لم نشعر يوما بالمرارة والالم والظلم والخزي كما نشعر هنا، بل بالعكس كنا عشرة اشخاص وصمدنا حتى النهاية في كنيسة تلكيف، كنا نشعر بالبطولة والرجولة لأننا صامدون ولاننا ندافع عن كنيستنا وارضنا ونحميها على الاقل من السرقة، لم نشعر بالذل الاهنا .
س-وماذا عن الوطن وهجرة المسيحيين له؟
مؤكد لم اكن اريد مغادرة وطني وارضي وكنيستي..لكن بعد ماحدث وبعد معاناتنا اقول لمن يرفع شعارات القومية والوطنية فليأت وليعيش مع الناس وليرى مايتعرضون له، او حتى ليذهب للمطارات ولير بأم عينه من يسافر، ويرى مكاتب الهجرة المزدحمة بالطلبات..
من سافر لفرنسا هم أقرباء أصحاب الشعارات والنفوذ. للأسف الشعارات ترفع للفقراء والناس المساكين، يرفعها السياسيون وأصحاب السلطة ، وهم لم يتأذوا او يقترب أحد منهم..إذا كنت انا القس لا اعرف حقيقة كيف يسافرون الى فرنسا..للاسف الشعارات في مكان والناس البسطاء الذين يعانون في مكان آخر. اذكر لك مثالا هنا معنا شاب خسر بيته وعمله في تلكيف هاجر الى تركيا ليبحث عن فرصة عمل لم يوفق، عاد ليجد ان آجار البيت في منطقة القوش 400 دولار وهذا يعتبر آجاراً مرتفعاً كون القوش قرية..ومع ذلك من أين ياتي بآجار البيت ال400 دولار ؟وهنا لا انسى ان اوجه الشكر لكل القرى التي آوت عائلات مجاناً..لكن بشكل عام الكل صار يفكر بالهجرة..حتى من معه آجار بيت صار يفكر أنه بدل ان يصرف ماله على آجار بيت دون أمل، أفضل له أن يسافر الى بلد آخر كالاردن أو أي مكان فيه سفارة تسمح بالتقدم للهجرة لبلد أوربي على أمل قبوله لاحقاً..للاسف هذا واقع الحال .
الناس من التعب والظلم قررت الهجرة، لا احترام للانسان هنا. حتى في توزيع الحصص هناك اهانة وتعامل سيء..ولا حتى انا كقس عاملوني في الجوازات باحترام..هناك مزاجية وعدم احترام..حتى ان فتاة تعرضت للضرب بالكبل في مكتب الجوازات. لا استطيع العيش بمكان لا كرامة للانسان فيه، لذلك قررت السفر. ومع ذلك اقول لهم من يحتمل البقاء فليبق. لقد خدمت الكنيسة كل الفترة الماضية رغم قساوة الظروف ورغم كونها بين ارهابيين، وتحملت الكثيير ..
انا لا انصح احد لا بالبقاء ولا بالسفر..لكن من ينصح الناس بالبقاء قليقدم الحياة والعيش الكريم للناس، كفانا شعارات!.
س-العائلات التي سافرت للاردن هل هي مرتاحة هناك؟
كل من سافر للاردن يخبرنا انه يعامل باحترام وكرامة..وهذا ما نريده ..يعيشون طبعا على حسابهم وترعاهم بعض المنظمات، لكن المهم انهم مرتاحون ومحترمون هناك..
س-سؤال أخير ماذا تريد أن تقول لرعيتك؟
أريدهم ان يسامحوني إذا اسأت لهم يوما وان يغفروا لي اخطاءي التي مؤكد انها غير مقصودة. ربما تكون عن عدم انتباه أو سوء تصرف او سوء تفاهم او عدم تطابق افكار..رغم ان الفترة العصيبة التي مررنا بها في الفترة الاخيرة وضحت كثير من الامور وتقربنا من بعضنا اكثر..وعرفت عمق محبتهم لي ولهفتهم.
اطلب منهم ان يسامحوني لسفري بهذا الوقت لانني لا استطيع ان اكذب عليهم وابني لهم قصورا من أوهام بأن الغد أفضل. ارى شعارات كبيرة فقط من كل العالم من امريكا واوربا، لكن على أرض الواقع لا ارى تغييرا كبيرا. انا اليوم لا استطيع ان اقدم لرعيتي شيء، فقد باتت يدي مكبلة ، لا كنيسة لي ولا تمويل لي ولا منظمة ولا مساعدة ، لا مكان حتى للاغاثة. أتاني مرة واحدة مساعدات اضطررت لتوزيعها بذات الوقت بشكل عشوائي لعدم وجود مكان.
كنت انوي السفر مؤقتاً لعلاج ابني اما بعد الان فلن اعود...لدي عائلة ومن حقي ان اخاف عليها من كل شيء. كانت حياتنا بتلكيف اسهل، أما هنا في الاقليم فالامور معقدة جدا والظروف باتت قاهرة ومؤلمة.
س-لست متفائلا بان تتحسن الامور؟
لست متفائلا أبداً، لكني اتمنى أن تتحسن الامور وان يتمكن من بقي من رعيتي هنا من العيش حياة طبيعية، الكل قالوا لي لم تقصر معنا. وأنا اقول لهم لم تخسروني انا امن خسرتكم انا من خسر رعيته..لا استطيع ان اكون راعيا لكنيسة اخرى ولناس آخرون في العراق، رعيتي سبب نجاحي، ولم اكن لانجح وارضى عن نفسي لولا محبتهم لي ..
لكني اقول بعد ان اصبح في بلد الاغتراب ان طلبتني كنيسة لاخدمها فساخدم الرب..أما هنا فلست مستعدا لاكون راعيا لناس آخرون غير رعيتي فلهم فضل عليي ولا يمكن ان ارتاح دونهم.
س- انت كنت رائعاً بتعاملك معهم وهذا ليس مدحا بل حقيقة، لذلك أحبوك؟
الكاهن لا ينجح اذا لم يكن قريباً من رعيته، يجب أن تكون علاقة الكاهن مع رعيته علاقة اخوية وابوية وليست علاقة تسلط..الكاهن يجب أن يكون خادماً متواضعاً، أخاً وأباً وصديقاً لافراد رعيته، لا يجب أن يكون هناك حاجز بينه وبين رعيته. أنا متألم جدا ومفجوع لتركي رعيتي وشبابنا واخوتي الذين بقوا معي للآخر..لقد حاولت جهدي ان اكون راع صالح لهم..اتمنى فعلا ان لا اكون قصرت معهم. لقد ساعدت الكثيرين حسب استطاعة الكنيسة، فتحت لهم عيادة مجانية في الكنيسة وكما تعرفين كان الدكتور جوزيف نخلة من سوريا معنا، ساعدنا مشكورا كطبيب وعالج مرضى الرعية مجاناً، إضافة لاطباء آخرين، وأنشأت روضة للاطفال مجانية، ومركزا ثقافيا ومكتبة لخدمة الرعية، وأقمت الندوات وكل ما من شأنه أن يفيد شبابنا.
لقد حاولت ان اجعل من الكنيسة نموذجا يحتذى بها.. وهي فعلا كانت نموذجية لكل الكنائس لانها استطاعت بامكانيات متواضعة وذاتية وبسيطة عمل الكثير..والفضل بالتأكيد لروح الشباب الغيورين ولروح المحبة والطيبة والتعاون بين أبناء الرعية..واتمنى ان يبقوا بهذه الروح وان تبقى قلوبهم على بعض كما كنا، وكما بقوا معي لآخر لحظة. أنا مرتاح لأنني عملت بضميري طيلة فترة خدمتي 14 سنة ، رغم صعوبة الظروف.
س- تذكرني دائما بالاب باولو في سورية الذي خطفته داعش "فرج الله عنه"؟
اتمنى ان يفرج عنه، ويكون بخير. سوريا مكان جميل وشعبها أطيب شعب في العالم، نتمنى لها وللعراق ولكل العالم السلام ..
12-10-2014



#ماري_اسكندر_عيسى (هاشتاغ)       Mary_Iskander_Isaa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البوعزيزي في ادب فاضل السباعي
- راهبات دير معلولا إلى لبنان
- رسالة إلى الروائي والقاص فاضل السباعي
- الراهبات السوريات المحررات وجبهة النصرة
- تنتصر حقوق المراة حين تنتصر الثورات
- حقوق المرأة تنتصر بانتصار الثورات
- سوريا في عصر الجحيم
- العام الجديد والتحديات أمام الثورة السورية
- رسالة إلى الاهالي في مخيمات اللجوء
- طعام صلاة حب..التصالح مع الذات طريق النجاح والسلام
- قراءة في رواية مديح الكراهية للكاتب السوري خالد خليفة
- عيون إنانا - قراءة في كتاب
- داعش غريبة عن الثورة السورية
- حوار مع الروائي هاني الراهب قبل وفاته
- الشيخ والبحر لارنست همنغواي مترجمة باللغة الآشورية
- الانتحار- ظاهرة خطيرة في اقليم كوردستان
- لماذا تخلى العالم عن السوريين في ثورتهم
- قراءة في كتاب عن ديوالي دوسكي ..للباحثة تريفة دوسكي
- قراءة في رواية أحلام مستغانمي -الاسود يليق بك-
- معرض اربيل الدولي للكتاب


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماري اسكندر عيسى - حوار مع الأب يوسف بنيامين راعي كنيسة مارت شموني للمشرق الآشورية في تلكيف شمال الموصل