أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد البابلي - عالم ليس لنا .. عالم تسكنه البقر














المزيد.....

عالم ليس لنا .. عالم تسكنه البقر


عماد البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 1293 - 2005 / 8 / 21 - 08:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تناولنا في مقالات سابقة مفهوم الغريزة ومفهوم اللاشعور وأشرنا للعلاقة بين تلك القوتين في تكوين مملكة حاكمة حديدية على الإنسان والمجتمع .. واليوم سنزور غرفة صغيرة من تلك المملكة مكتوب على بابها عنوان بارز
( غريزة القطيع ) هذا المفهوم جاء به العالم كارل غوستاف يونغ في بداية القرن العشرين كنتيجة لاحقة في أباحثه عن اللاشعور الجمعي ..
منذ أن ظهر الإنسان العاقل الأول على سطح الأرض وهو يعيش ضمن تجمعات صغيرة تسميها الأدبيات الماركسية المشاعة البدائية ، تلك التجمعات كانت توفر للبشر الحماية وفرصة اكبر في الحصول على الغذاء عبر الصيد الجماعي ، تلك التجمعات الصغيرة كبرت حتى أصبحت قبائل كبيرة بعضها أستقر حيث ما توفر الماء العذب لتكون أولى الحضارات الزراعية والبعض الأخر عاش متنقلا من هنا وهناك لتكون أولى ثقافات البدو الأولية ،
المهم ما يجمع تلك التجمعات الكبيرة أو الصغيرة هو عامل الدم والنسب الواحد وغالبا ما يكون من جهة الأب ،تلك الظاهرة ليست حكرا على البشر ولكن نجدها بوضوح أشد وأكبر عند الحيوانات تلك التي في أسفل السلم التطوري أو أعلى السلم مثلا لدينا النمل والنحل في مملكة الحشرات والخيول البرية والكلاب والقردة والطيور ضمن اللبائن والتي من المفروض ضمن الأدلة العلمية أن الإنسان ينتمي لتلك الفصيلة ..
غريزة القطيع موجودة عند البشر وتكون عالية الشدة في المجتمعات البدائية والتي لم تعرف الحضارة بعد مثل المجتمع العربي ، ومن أهم قوانين تلك الغريزة يمثله المثل الشعبي المصري ( أنا وأخي على أبن عمي ، وأنا وأبن عمي على الغريب )
تلك العصبية ميراث قديم ومتجدد للصحراء العربية الأساس الأنثروبولوجي للمجتمع العربي الحالي ..
هناك الكثير من الأمثلة الواقعية على إثبات غريزة القطيع في المجتمع البشري مثلا حكم الدية أو ما يعرف في جنوب العراق بمصطلح الفصل العشائري والذي يكون غالبا على شكل مبلغ مالي تدفعه عشيرة لعشيرة أخرى كبدل عن حادثة قتل أو أصابه تسبب بها فرد من العشيرة الأولى ويتحدث لي بعض كبار السن عن حوادث لدية لم تكن مبلغ مالي وأنما كانت عدد من النساء من قريبات المتسبب وغالبا ما تكون أخواته يعملن خادمات طوال عمرهن في إحدى بيوت العشيرة الأخرى ؟؟!!
مثال آخر أمتلك صديقا منذ عشرة أعوام تقريبا صداقتي به عائلية جدا ومقرب مني لدرجة لا توصف وبجانب آخر أمتلك أبن عم لم أقابله منذ خمسة عشر أعوام حتى عائلتي لا تكاد تتذكر وجهه بسبب بعض المشاكل العائلية ، أبن العم هذا يستطيع الدخول لبيتنا متى ما شاء حتى دون أن يطرق الباب ، وصديقي المقرب لا يستطيع تجاور غرفة استقبال الضيوف ، العائلة ترحب بابن العم حتى لو بعد عشرين عام وصديقي غير مرحب به في بعض الحدود ؟؟
في العراق تزداد شدة غريزة القطيع كلما اتجهنا نحو جنوب العراق وتقل شدتها كلما اتجهنا شمالا ، مثلا ذات يوم زرت صديقي وهو كوردي يعيش في كركوك ولما دخلت بيته لم أجلس في غرفة الضيوف ولكن أجلسني مع والدته وزوجته كأنني فرد من العائلة ، شعور رائع انتابني في تلك اللحظات عندما لمست حضارة بيت صديقي على الرغم من أصولهم الريفية ؟؟
غريزة القطيع لم تبقى كما هي ولكن تطورت إلى اتجاه ثقافي خاص أسميه بــ ( ثقافة القطيع ) ، ثقافة القطيع بكل ما تمتلك من مقومات مميزة والتي يلخص المثل العربي القديم ( حشر مع الناس عيد ) مقومة رئيسية لثقافة القطيع .. ومن جانب أخر نلاحظ ظاهرة ( الموضة ) والتي تعتمد على التقليد الأعمى لشكل معين أو سلوكيات خاصة في المجتمع وهذه الظاهرة لا تنفرد بها مجتمعاتنا الشرقية ولكنها ظاهرة نراها بشكل أكبر في مجتمعات الغرب المتحضر ، والزواج المبكر وكل التأكيدات التي تعيش فيها العائلة الشرقية من أجل تحققه مثال أخر وجيد على التكاثر والذي يعني بالنهاية توكيد على غريزة القطيع ..
معظم الناس الذين أعرفهم يكرهون الوحدة بشكل كبير ويكرهون الأماكن البرية التي يرى فيها خط الأفق بشكل واضح دون أي حواجز .. مثلا صديقي ( X ) يكره أن يخرج أن تجول في السوق وحده أو حتى عند خروجه وحده من الدائرة التي يعمل فيها ، لماذا تلك الحالة التي هو فيها ؟؟ حالة طبيعية جدا للإنسان العادي النصف مثقف وهو نسخة مكررة للمليارات من البشر التي تقطن هذا الكوكب ، ومثال أخر قد يكون نادر نوعا ما : في بيت عائلة كنت أعرفهم قبل سنوات ومع الأيام صرت صديق العائلة المقرب وما أن توفى والدهم الذي مات بين يدي في غرفة الطوارئ حيث لم يكن معه أحد فلقد هجره كل أولاده وكل أقاربه قبل سنين ، وما أن حضر الأبناء والأقارب صار الجميع ينظرون لي بعين الغرابة ، من يكون ؟؟ لكونني غريب ولست من نفس القطيع أو العائلة صار الجميع ينظرون بتلك النظرة ؟؟
تلك أمثلة من آلاف الأمثلة اليومية التي تثبت بشكل قطعي غريزة القطيع في مجتمعاتنا الشرقية التي ترقص فرحا في أي احتفال جمعي .. ذاك الشعور الجمعي هو من المشاكل التي تعانيها تلك المجتمعات ، الحقيقة دائما تسكن في مشاعرنا الفردية .. الفردية ( الذاتية ) هي الحل الوحيد لكل مشاكل الشرق العفنة ..



#عماد_البابلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جبرائيل ونبي وهلوسة
- عن الماركسية العراقية وأشياء أخرى .. تحليل أنثربولوجي بسيط
- دفاع عن السيد ابليس
- باراسيكولوجية الحيوانات .. مدخل
- عن اللاشعور الجمعي العربي/ مواصفات الشخصية العربية
- رسالة من الأميرة ضبأ إلى جرذان الدين السياسي
- نيتشه ومختارات من كتاب هكذا تكلم زارادشت
- رسالة من نزار قباني للمرأة العربية
- الشرنقة .. ماهو الموت ؟؟؟
- بحث حول الغريزة
- يوميات مثقف عراقي .. الجزء الثاني .. المرأة العراقية والوهم ...
- الأليات الدفاعية النفسية .. مدخل
- يوميات مثقف عراقي / الحلقة الأولى .. سوريالية أم عراقية
- السريان .. حكاية حزن لاتنتهي
- تعريف اللاشعور.. رحلة إلى بلاد العجائب
- القائمة 169 ومنتخب البرازيل
- المواطن العراقي والقومية العربية / علاقة من نوع خاص


المزيد.....




- جامعة ابن رشد في هولندا تصدر العدد التاسع و الخمسين من مجلة ...
- مكاتب متفحمة واستوديوهات مدمّرة.. مشاهد تُظهر الأضرار التي ل ...
- -أسطول الظل- الروسي تحت المجهر.. كارثة بيئية وشيكة في خليج ع ...
- ماذا تعرض موسكو لإنهاء المواجهة بين طهران وتل أبيب؟
- بعد تأجيل الزيارة مرات عدة: هل سيزور العاهل المغربي فرنسا قر ...
- إسبانيا: الإفراج المشروط عن شرطي إسباني في مدريد تسبب في وفا ...
- بعد تعثر رحلتها في ليبيا: قافلة الصمود المغاربية لكسر الحصار ...
- ما مدى اقتراب إيران من تطوير سلاح نووي؟
- تفاصيل بشأن مهلة ترامب لإيران وتأثيرها على مسار الحرب
- قد تستخدم لضرب -فوردو-.. تعرّف على خصائص قنبلة -جي بي يو 57- ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد البابلي - عالم ليس لنا .. عالم تسكنه البقر