يوميات مثقف عراقي / الحلقة الأولى .. سوريالية أم عراقية

عماد البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 1256 - 2005 / 7 / 15 - 08:58
المحور: حقوق الانسان
    

قرأت الكثير من القصص القصيرة وخصوصا المترجمة قصة واحدة دخلت ذاكرتي من أوسع باب ، كانت تلك القصة هي ( قبو البصل ) للأديب الألماني ( غونتركراس ) القصة ببساطة تتحدث عن مطعم يقدم لزبائنه صحن فيه بصل وسكين والبصل ليس للأكل وانما للتقشير فقط .. للدموع التي تنزل من رائحة البصل ..المطعم كان يعلم زبائنه كيف البكاء .. القصة تتحدث عن جرعة من الأحزان المفقودة التي يحتاجها الإنسان من الحين للأخر حتى يستقر على حد ما فهمته من تلك القصة وللسيد غونتركراس أهدي هذه القصة الواقعية جدا والتي لا يحتاج فيها المواطن العراقي للبصل ..
أعمل في المستشفى منذ حوالي خمسة أ عوام بعد تخرجي مباشرة من الكلية ، ومن ذلك الوقت وأنا أكتب مذكراتي الأسبوعية مسجلاً فيها أهم ما حدث .. كانت الأحداث التي أسجلها هي المآسي فقط ولا شيء غيرها ، القصص التراجيدية التي كنت أسمعها من الناس ، كل القصص حزينة جدا وكان سبب أغلبها هو الفقر ، من تلك القصص سأروي لكم هذه :
ذات صباح حين كان الزحام على أشده على غرفة التصوير الشعاعي التي كنت أعمل فيها ، لفت انتباهي امرأة تحمل طفلاً عمره أيام جالسة على الأرض بشكل لا أبالي ، بقت على هذا الوضع لمدة طويلة قالت لي إحدى النساء وكأنها تعرفها ( أنها مجنونة ، حاول أن تهتم بها ، أرجوك يا أخي ) ، لما سمعت هذا الكلام أدخلتها على الفور لكي أعرف ما بها ؟؟ لم تدخل وحدها دخلت معها امرأة أخرى ، أكدت لي هذه المرأة التي رافقتها جنونها ، طول فترة العمل وأنا أفكر فيها ومسألة جنونها ، وبعد أن أنهيت عملي ذهبت للطابق المخصص للأطفال وكان صديقي ممرض يعمل هناك سألته عنها وعن تفاصيل أكثر روى لي قصتها : ( أنها في الثلاثين من العمر ، فقيرة الحال جدا ولا تملك ثمن شراء وجبة بسيطة من الأكل وأعتقد أنها من الريف ومصابة بتخلف عقلي بسيط ، جاء بها أخوها ورماها هنا وذهب ولم يعد مرة أخرى لحد الآن والطفل كان يعاني من فتحة في القلب ومشاكل في التنفس ، الغريب يا أخي أنها لا تعرف حتى كيف ترضعه .. أنها لا تدرك حتى كونه جائع أم لا ، النساء هنا يرضعنه بالتناوب ويعملن على حضانته أحيانا .. أنها لا تفهم شيء.. أنها مجنونة يا عماد !! )) تركت صديقي وأنا غارق في متاهة وأسئلة لا تنتهي .. من هو زوجها ؟؟ وكيف أنجبت ؟؟ عائلتها أين ولماذا تركوها ؟؟ سؤال واحد مزق عقلي كيف تزوجت ؟؟ ما ذاك الوسط الاجتماعي الذي يجيز الزواج بالمتخلفات عقليا ..
هذا هو المجتمع العراقي الذي بناه صدام ( فارس العرب ) خلال ثلاثين عاما ..المجتمع الذي يريدون أن يحولونه إلى مجتمع مدني حديث على طراز أوربي معاصر وهو منخور من الداخل .. أولئك الجالسين خلف المكاتب الفارهة ولا هم لهم سوى التباكي على هذا الشعب المسكين مقابل بعض الدولارات من هنا أو هناك كهبات إنسانية ..
وأترك لكم إضافة ما تحبون من تكملة على هذه القصة الواقعية جدا لأنكم أفضل مني في ذلك
شكرا لكم .. ..

#عماد_البابلي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات