|
حكومة صاحب الجلالة ، معارضة صاحب الجلالة
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 20:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل هي مفاجأة سماع حكومة من قبيل حكومة صاحب الجلالة ، ومعارضة من قبيل معارضة صاحب الجلالة ؟ بعض التّعتيميين الذين يعتمّون الواقع ، يعتبرون ان مصطلح حكومة صاحب الجلالة وضع حد له بالتصويت على التعديل الذي ادخل على الدستور في 2011 ، ومن ثم فان تاريخ التصويت هو مرحلة فاصلة بين مصطلحين متباعدين ، حكومة صاحب الجلالة التي عمرت منذ الخمسينات ، وحكومة الوزير الاول التي ازدادت مع التصويت بالإيجاب على التعديل الدستوري . لكن ما الفرق بين هذه وتلك ؟ بالرجوع الى تاريخ الحكومات منذ استقلال ايكس ليبان الذي رهن المغرب بيد الخونة ، ’عرفت جميع الحكومات التي تشكلت ، باسم حكومة صاحب الجلالة او حكومة الملك . لكن بعد التعديل الذي ادخل على الدستور في 2011 ، تحول مصطلح حكومة جلالة الملك الى مصطلح حكومة الوزير الاول . لكن اذا رجعنا الى التعديل الذي ادخل على الدستور ، نكاد نجزم ان ما حصل باسم التعديل ، ليس سوى خربشات من هنا وهناك ، لتضبيب الوضع بما يضمن استمرار نفس القيم ، ونفس الممارسات التحكمية في تدبير الشأن العام . ان المعنى من حذف الفصل 19 من الدستور قبل التعديل ، لم يكن غير مناورة ذكية للبقاء على نفس الفصل بتوزيع الفصل 19 على فصلين في التعديل الجديد هما الفصل 41 و 42 ، لذا فاذا كان البعض المعتّمين ، يعتبر ان التعديل الذي ادخل على الدستور ، هو ثورة دستورية في المنطقة العربية ، فان تحليل النص الدستوري المعدل والممنوح يركز سلطة الحكم الفردي ، ويضرب مبدأ الفصل بين السلط ، ويركز بالأساس المشروعية الدستورية للمخزن الذي عرف كيف يتماشى مع التطورات التي كانت مطروحة . وهنا ، هل حقا ان الوزير الاول ، ولا اقول رئيس الوزراء ، اضحى بعد التعديل الذي ادخل على الدستور مؤخرا ، يرأس بالفعل المجلس الوزاري الذي يرأسه فعليا الملك ؟ ان العبقرية المخزنية في الالتفاف على الحراك وإفراغه من كل مضمون اصلاحي حقيقي ، جعل المعتمين يجهدون في اقناع العامة ، بان الوزير الاول فعلا ، هو الذي يتولى التعيينات في المناصب الحكومية والسامية . لكن حين نتفحص الوضع ، سنجد ان الوزير الاول فعلا هو الذي يتولى الاشراف على التعيينات السامية بالمجالس الحكومية ، لكن الذي يغيب عن النباهة والفطنة والفهم ، هو ان هذه التعيينات تقتصر وتنصب فقط على الوزارات الثانوية مثل وزارة الوظيفة العمومية ، الشبيبة والرياضة ، مدراء المدارس العليا ، مدراء الاكاديميات التعليمية .. الخ . لكن هل تمتد ادرع الوزير الاول للتعيين في وزارات السيادة ؟ وهنا من يتولى تعيين الولاة والعمال ومدراء الاجهزة الاستراتيجية مثل المدير العام للأمن الوطني ، والمدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، و المفتشية العامة لقوات المساعدة ، الوقاية المدنية ، المدير العام للمعهد الملكي للإدارة الترابية ، المدير العام للجمارك والمدير العام للضرائب والميزانية ، مدير صندوق الايداع والتدبير ، المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط ، المندوب العام لإدارة السجون ، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية ... لخ . ان السلطة الحقيقية في تولي هذه المناصب يبقى المخزن ، وليس الحكومة التي تعتبر فقط حكومة تصريف اعمال مملاة عليها من قبل الحكومة العميقة التي هي المخزن . إذن اين نحن ممّا يجري به الواقع وتشهد عليه الممارسة ؟ ان جميع الحكومات التي تشكلت بالمغرب منذ استقلال ايكس ليبان والى اليوم ، هي حكومات صاحب الجلالة ، وليست حكومة الشعب الذي يستعمل ككمبراس في انتخابات لتزيين الواجهة ، مع الاحتفاظ بنفس السلط والطقوس التي تؤسس لحكم المخزن المتحكم في العملية السياسية . واذا كانت الحكومة هي حكومة جلالة الملك ، حيث ان الملك بصفته كأمير للمؤمنين يعتبر الرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي والحكومي ، وهو الرئيس الفعلي للجهاز القضائي ، والمشرع الاول طبقا للحالات المنصوص عليها في الدستور ، فلماذا الانتخابات وضياع الوقت والأموال والجهد ، ولماذا لا يتم اختصار المسافة وقيام الملك او المخزن بتعيين الحكومة التي تتولى تصريف الاعمال ؟ وهنا الم يصرح عبدالاله بنكيران بان مستشار الملك فؤاد عالي الهمة كان له الدور الاساسي والفعال في تشكيل الحكومة الحالية ؟ إذن ما العلاقة بين مستشار الملك في تعيين الحكومة ، وبين هذه التي من المفروض انها جاءت بناء على انتخابات مرت نزيهة وسليمة ؟ ثم الم يصرح عبدالاله بنكيران بان الملك هو الذي يحكم ، وان دور الوزير الاول هو دور مساعد له فقط ؟ اذن اليس جميع الحكومات التي عرفها المغرب منذ استقلال ايكس ليبان والى اليوم ، هي حكومات صاحب الجلالة ؟ لكن ماذا عن معارضة جلالة الملك ؟ إذا عدنا الى البرنامج الرديئ لجامع كلحسن ، سنلاحظ ان جماعة المعتمين كذلك ، حاولت هذه المرة ان تشد انظارنا الى ( الجديد ) الذي عبر عنه ادريس لشكر حين قال " معارضة جلالة الملك " . فهل ترديد هذا المصطلح هو جديد او ثورة في دراسة الاحزاب السياسية ، خاصة دورها في ممارسة ( الحكم ) ودورها في المعارضة ؟ بالرجوع الى تحليل تاريخ الخريطة الحزبية المغربية ، نكاد نجزم ان ما فاه به لشكر لا يشكل جديدا ، بقدرما كان اعترافا بواقع صادم يحاول كل فاعل التعامل معه بطريق مختلف ، وأحسن هذه الطرق اخفاء الرأس في الرمال . ان جميع الاحزاب السياسية المغربية ، وباستثناء اليسار الراديكالي المنحدر من تجربة الحركة الماركسية اللينينية المغربية ، وجماعة العدل واللاحسان ، مع تنظيمات تكفيرية ، كلها احزاب ملكية تتوزع بين من يؤمن بالملكية التنفيذية ، وبين من يؤمن بالملكية البرلمانية ، لذا فإن هذه الاحزاب منها ، تتكون حكومة جلالة الملك ، ومنها تتكون معارضة جلالة الملك كذلك . وهذا يعني ان جلالة الملك هو الذي يختار تشكيل الحكومة التي يرغب فيها ، وهو الذي يخلق لهذه الحكومة ، حكومة جلالة الملك ، معارضة جلالة الملك ، اي ان كل شيء مطرز على المقاس ، بما يجعل اللعبة متحكم فيها عن بعد . ان القول بحكومة جلالة الملك ، ومعارضة جلالة الملك ، وأحزاب جلالة الملك التي تتكون منهم حكومة جلالة الملك ، ومعارضة جلالة الملك ، تذكرنا بما ردده الحسن الثاني بعد مغادرة معارضة جلالة الملك ، المعارضة الاتحادية البرلمان في ثمانينات القرن الماضي ، واصفا المعارضة الحقيقية بالمعارضة البناءة التي مثلها في ابانه التجمع الوطني للأحرار . .إذن ، إذا كان الحقل السياسي موزعا بين حكومة جلالة الملك ، ومعارضة جلالة الملك ، وأحزاب جلالة الملك الذين يتواجدون في حكومة جلالة الملك ، وفي معارضة جلالة الملك ، اضافة الى احزاب جلالة الملك المطالبين بالملكية البرلمانية ، لماذا إذن الانتخابات وضياع الجهد والوقت والأموال ؟ لماذا لا يتفضل جلالة الملك شخصيا ، او من خلال المخزن بتعيين حكومة جلالته ، وتعيين معارضة جلالته ، وترويض احزاب جلالته المطالبين بالملكية البرلمانية ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ولّى زمن الخوف ، فإذا جنّ الليل ، سدّد طلقاتك بلا تردد
-
حين تخلى المخزن عن مسؤولياته
-
القمع بالمغرب
-
الشعب الصحراوي - الصحراء الغربية -- الاستفتاء لتقرير المصير
...
-
بدأ العد العكسي لنزاع الصحراء ( الغربية )
-
مخزن = اقطاع -- فاشية -- اعدام -- ارض محروقة
-
ظهور المذاهب السياسية والصراع الطبقي في الاسلام
-
الى ... ك الخليفة ... ميتا
-
تقرير قانوني -- فبركة الملفات الكبرى -- محنة قادة الكنفدرالي
...
-
هل لا زال لمثيْقِف ( المثقف ) اليوم وعي طبقي
-
سبعة واربعون سنة مرت على النكسة - هزيمة 5 جوان 1967 -
-
- الائتلاف من اجل التنديد بالدكتاتورية بالمغرب -
-
الاسس البنيوية والازمة الراهنة للوضع الاقتصادي والاجتماعي ال
...
-
بانكيمون يعين الكندية كيم بولدوك على رأس المينورسو
-
تطور اساليب القمع بين الاستمرارية والتجديد
-
العنف الثوري
-
قراءة لقرار مجلس الامن رقم 2152
-
فاتح ماي : اسئلة واجوبة
-
النهج الديمقراطي ورقصة الحنش ( الثعبان ) المقطوع الرأس
-
الفقر كفر والكفر فقر
المزيد.....
-
مصور نيجيري يحتفي بـ-وحوش صغيرة- في صور شديدة الوضوح
-
-وجبة للمفترسات-.. حديقة حيوانات دنماركية تفتح باب التبرع با
...
-
دخان كثيف يملأ قطارًا والركاب يفرّون وسط فوضى وصراخ.. شاهد م
...
-
مصر: فيديو استغاثة مواطنين من بلطجية ومقتل سائق توك توك.. وا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن إطلاق صاروخ من اليمن والحوثي يصدر بيان
...
-
روسيا تطلق وابلًا من المسيّرات على عشر مناطق أوكرانية قبيل و
...
-
إسرائيل ستسمح بدخول البضائع تدريجيا إلى غزة عبر تجار محليين
...
-
مواجهات في نابلس وتهجير صامت بتجمعات بدوية بالضفة
-
قرار وشيك من نتنياهو بتوسع العمليات في غزة وأنباء عن ضوء أخض
...
-
كاتب إسرائيلي: حكومة نتنياهو فتحت على إسرائيل أبواب الجحيم
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|