أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ديلان عزالدين حسين - الطريق من كوباني














المزيد.....

الطريق من كوباني


ديلان عزالدين حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4579 - 2014 / 9 / 19 - 02:48
المحور: الادب والفن
    


للمرة الأولى بعد الألف، في هذا الخريف ايضا تتشرد عائلتي باتجاه الحدود، يجر أبي متعبا وراءه جدتي التي أنهكتها أعوامها الواحدة والتسعين، تستكشف بعينن باتا رماديين طريق الفرار وتسأل كطفلة خائفة بلهجة كردية صافية، إلى أين يا بني؟
يرد أبي بتأفف لبق ..هيا يا أمي هيا سينهكنا الطريق...
تصر أمي ألا تغادر الدار بدون هدايا عيد الأم التي أهدتها إياها بناتها الخمس ، تفتح مئزر ثوبها، تتأكد من غياب أبي، وتخبئ به خلسة ورقة صغيرة كتبت عليها آية الكرسي، فهي مصرة حتى الآن أن إسلامها هو الصحيح ، هي التي لم تقرأ القرآن يوما ولم تعرف من طقوسه إلا عزائم رمضان وسهرات ليالي القدر مع جاراتها...
تحمل أختى هاتفها المحمول،تطلب بسرعة رقما تتوجس كل لحظة أن يرد عبره أحد الرفاق فيقول، ألو هنا صديق الشهيد....
يحالفها الحظ هذه المرة أيضا، يرد هو، تناجيه بصوت مبحوح: (سنغادر ثانية، لقد باتو على مشارف الحدود)..تتلقى صمتا على الطرف الآخر فيخنقها الخوف والحب والألم والوطن...تمشي بجانب أخواتي الباقيات أربع جثث هامدة..
وعلى طول الرحلة الشاقة تتضارب الأخبار، يقول الجد برهي وهو ينهي للتو محادثة هاتفيه على خط الاتصال التركي..(يقولون أن ستة عشرة قرية سقطت بيدهم، لا أحد يعلم إن كانت هناك مجازر أم انها قرى مخلاة)..
ويرتفع الهمس وتتقطع الانفاس، وتتبادل الحشود المتتساقطة في الاستراحة المكشوفة للقذائف والطائرات نظرات مرعبه . يلتحفالخوف كل شيء..
ما من إشارة تدعو للاطمئنان سوى ثرثرة النساء وصوت جارنا أبو لوند، ذو الولاء الأبدي، وهو يقول في كل استراحة ،ستهون يا شباب سمعت أن إخوتنا من الجنوب قادمون للمؤازرة..
ويعلو صوتا شابين في الخلف من جهة اليسار.الله محيي الشباب
ترد عليهما ثلاثة نساء في السيتينات من العمر من الجهة اليسرى في آخر الدرب : لعنكم الله، ألم يكن أفضل لو تطوعتم مع اخوتكم الآخرين، الله لا يحييكن يا .......
وتعلو قهقهة أربعة نسوة تحمل كل منهن صغيرها ويمسك بطرف ثوب كل واحدة قطار صغير من كتل لحم أتعبها مسير الطريق وأنهكها الجوع.....تقول أم جكر: أي والله شر البلية ما يضحك.
ويصر أبا لوند ، يقول مفتخرا: سترون أنهم سيأتون، المسألة تحتاج بعض الوقت والموافقة من شباب الداخل وسيأتي لوند معهم..
يرد عليه أبو شورش بنفاذ صبر: حين استشهد شورش وشيرين ورفاقهم هناك لم ينتظرو موافقات ولا بساطا أحمر ذهبو وحسب، تعلو مسحة رقيقة من الحزن جبينه العال ..
ويسكت الجميع.. ففي حضرة الشهيد يسكت البسطاءوالمثقفون على حد سواء.. فان لم يكن اعتراف أخلاقيا بحجم التضحية فهو على الأقل طقس تملق وواجب..
تسأل أمي مندهشة وبصوت أشبه بالهمس: يا ابن الحلال هل هناك تسويات واتفاقيات حتى في هذه الأوضاع؟؟..
يصمت أبي المسالم دوما، يوجعه السؤال،يناول جدتي شربة ماء، يحملها من جديد ينظر للخلف (لنكمل طريقنا يا بنات)..



#ديلان_عزالدين_حسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع المرأة بين أرجوحة المجتمع والسياسة
- جبروت رجل
- أنا وأنت وهم
- مقايض ولكن
- أبو فراس..أيها الإرهابي..لا تقتل جدي
- في وداع وطنين


المزيد.....




- كيف لرجل حلم بالمساواة أن يُعدم بتهمة الخيانة؟ -يوتوبيا- قصة ...
- -زعلانة من نفسي-.. مها الصغير تعتذر من فنانة دنماركية وفنانو ...
- onlin نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم الجلوس عل ...
- الفنان المصري إدوارد يكشف رحلة مرضه من حقن التخسيس إلى الجلط ...
- ثبتها الآن واستعد لمتابعة البرامج الثقافية المفيدة “تردد قنا ...
- Sigg Art in Monte Carlo: A hybrid vision of what it means to ...
- -سيغ آرت- في مونتي كارلو: رؤية هجينة لما يعنيه أن نكون بشراً ...
- -النجم لا ينطفئ-، ظهور نادر للفنان عادل إمام يطلق تفاعلاً وا ...
- ماريانا ماسا: كيف حررت الترجمة اللغة العربية من كهوف الماضي ...
- حاتم البطيوي: سنواصل فعاليات أصيلة على نهج محمد بن عيسى


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ديلان عزالدين حسين - الطريق من كوباني