أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لنا عبد الرحمن - رعشة














المزيد.....

رعشة


لنا عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 1289 - 2005 / 8 / 17 - 11:44
المحور: الادب والفن
    


تحلم البنت وهي تجلس أمام الشباك أنها ستنزل للشارع ذات يوم و تسير مع احد ما، ربما تكون مع شاب وسيم يشتري لها الأيس كريم ، ويأخذها بعيدا عن هذا الشارع.البنت وهي تتأمل عابري الطريق تحس بدغدغة خفية وخيالات كسولة لا يضاهيها كسلا الا خروج والدتها من غرفة النوم ليلا ،بجسدها المنفوش الذي يغطيه قميص نوم من الساتان الرخيص يصلح حجمه ليكون غطاء لمائدة الطعام.تدخل امها الى الحمام لتستحم، يدهشها هذا الحمام الليلي الذي يتكرر مرتين أسبوعيا.
منذ تركت المدرسة قبل عامين عندما كانت في الثالثة عشر من عمرها وهي لا تغادر البيت الا برفقة أمها لزيارة جدتها البعيدة او لاصطحاب أحد أخوتها الصغار الى الطبيب، اعتادت البنت على غسيل الثياب كل اسبوع،وتنظيف أواني الطعام بعد كل وجبة، ومسح أرضية الحجرات بعد ذهاب اخوتها الى المدرسة. تجلس الام برفقة الجارات تعد هي لهن القهوة، يهمسن بنكات وأحاديث سرية، ما أن يشاهدنها تقترب حتى يتغامزن أشارة للصمت، ما الذي كن يبحن به لبعضهن؟ تحكي احداهن عن تأثير وصفة العسل بالجوز وأتيانها بالنتائج الفعالة، فيما تصف أخرى مفعول قميص النوم البرتقالي على قلب الرجل، اما امها فكانت ترفع صدرها الى الامام وهي تهز خصرها الممتلئ لتقسم ان زوجها لا ينام الليل إن لم تكن في احضانه ، وانه لا يقدر على زعلها ساعة واحدة، تتبارى كل امراة في الحديث عن هدايا الزوج وعطاياه السخية، فيما امراة اخرى تشكك بالكلام فتذكر الاولى انها حكت لهم هذه الحكاية الاسبوع الماضي .

تتركهن البنت غارقات في أكاذيبهن ، يفلفشن في الذاكرة عن أيام هوى راحل قبل أن تسمن الاجساد، تتغضن الوجوه، وتمتلئ الأرحام بالاطفال. تسرع هي الى الشباك العريض، تجلس على حافته، يبان الجزء العلوي من جسدها الممشوق، صدرها بارز، كتفيها مشدوديين، شعرها مربوط الى الخلف على شكل ذيل حصان، عيناها تتسعان اكثر لمراقبة كل من في الشارع.
البنت تحفظ مواعيد العشاق، ومواقيت قدومهم لرؤية محبوباتهم، تربط الوجوه بالايام، هناك عاشق يأتي كل يوم اثنين يتمشى مدة خمس دقائق قبل أن تنزل ابنة الجيران، ليسير خلفها كما لو أنهما لا يعرفان بعضهما، فيما آخر يأتي الخميس بسيارة بيضاء يعبر الشارع مطلقا زمورا صاخبا، قبل ان تطل صاحبة الشعر الاشقر من الشرفة المجاورة، لتوافيه الى الشارع بعد دقائق قليلة.
وجه أسمر يراقبها ، يبتسم لها ، يشيح بيديه كلما رآها تجلس على الشباك، تبتسم له، تتلهى عن مراقبة العشاق لتنتظر وجهه البرونزي وعيناه الخضراوان،يومئ لها أن تنزل، تهز رأسها بالنفي، تعلوه أمارات الغضب لكنه يعود في اليوم الثاني ليبتسم لها ويلوح بيديه يدعوها للنزول......... يسير نحو المبنى الذي تسكن فيه، يدخل من البوابة، تخاف ان يفتضح أمرها، أن يدق عليهم الباب،و يسأل عنها، تسرع البنت بالنزول عبر السلالم، تراه امامها على الادراج المعتمة، لاول مرة وجها لوجه، تقلصت كتفاها ، رغبة في الهرب تداهمها، يمسكها من كتفيها، يقبلها سريعا على وجهها ووجنتيها ، ثلا ث قبل متلاحقة وسريعة، تميد بها رعشة غريبة، رعشة ما عرفتها قبلا، تشعل كل ما فيها، نشوة سرية تفوق حلاوتها كل القصص التي تراها عبر الشباك، تعبر دغدغاتها اوهام النساء وحكاياهن المتخيلة، تفلت من يده، تصعد الى فوق، تحاول الجلوس في الشباك ،لكنه صار مملا،وهو لا يأتي، لم يعد يأتي منذ منحها تلك الرعشة، وهي لم تعد تطيق صبرا ، تريد مزيدا من الرعشات، لكنه لا يأتي لا ياتي أبدا.
تدرك البنت انها لن تحصل بسهولة على تلك الرعشة، عرفت ايضا انها ان تزوجت سيكون من نصيبها ربما آلاف الرعشات ، هذا ما فهمته عندما استرقت السمع لاحاديث النسوة.
عندما طرق بابها اول طارق، وافقت بفرح،لم تكن تعرفه،ولم يكن يعرفها، وافقت لانهم قالوا ان هذه هي الطريق الوحيد للرعشة المسموحة ،لكن البنت بعد انتقالها للحياة هناك، وبعد أيام واعوام، مازالت تجلس قرب شباك آخر ،تنظر الى الشارع، وتتساءل لماذا لم تحصل على تلك الرعشة مرة أخرى؟





#لنا_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقص فلامنغو منفرد
- رائحة المطر
- فيروز التي تحترف الحزن والأنتظار
- نشوة
- مارشملو
- أغنيات عروس البحر
- إخر ورقة
- أعتراف
- احلام تغسل الماء
- افتح قلبك لتكسب مليون مشاهد.....ماذا وراء الكواليس؟
- لنغرق بحر بيروت
- عنب أحمر للمساء-قصة قصيرة
- ياسمين هندي
- قصة قصيرة-عشق آباد
- قصة قصيرة-موت الحواس


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لنا عبد الرحمن - رعشة