أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لنا عبد الرحمن - عنب أحمر للمساء-قصة قصيرة














المزيد.....

عنب أحمر للمساء-قصة قصيرة


لنا عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 1057 - 2004 / 12 / 24 - 08:24
المحور: الادب والفن
    


بيروت 1982
تلك اللعبة كانت لي،عروس شقراء مبتورة اليد، بعين عوراء.بكيت،طلبت من أمي أن آخذ اللعبة الى المستشفى،شدتني من يدي لتبعدني عن الشرفة خوفا من رصاصة غير طائشة،حيطان المنزل مليئة بالثقوب،تلملم أمي بعض حاجياتنا من دولاب الملابس،تطلب مني مساعدتها،أحمل اللعبة معي،أبدأ بجمع فساتيني وأحذيتي،أسأل أمي عن سبب رحيلنا وعن الدمار الذي يملأ البيت،تتمتم"سنسكن عند جدتك،هناك أكثر أمانا".تواصل لملمة أشيائنا بطريقة عشوائية،تستعجلني لمغادرة المكان،ننزل الدرج بسرعة"ماما لماذا لم نرو شتلات الغاردينيا الموجودة على الشرفة؟" أسألها، لكنها لا تجيب،تقبض على يدي بقوة،وتدفعني للنزول،يدها الاخرى تقبض على كيس الثياب،ويدي الحرة تحتضن لعبتي،صوت القذائف يرتفع من حولنا،تشد أمي على يدي أكثر ونحن نواصل النزول،نقف برهة في مدخل المبنى،الشارع خاو تماما،ننتظر توقف القذائف،نتابع المسير،بيت جدتي بعيد ولا توجد سيارات،تسحبني أمي نحو إحدى البنايات،لكن الدوي يشتد،لعبتي لم تعد في يدي،ويدي الأخرى صارت طليقة،على بعد أمتار ترقد أمي على الأرض،أندفع نحوها،أهزها من كتفها،تفتح عينيها،تبتسم بفرح لرؤيتي،رائحة البارود تسيطر على المكان،تقف أمي بسرعة،تنفض ثيابها،ثم تشد على يدي من جديد،تنظر الى كيس الثياب الذي تحول الى أشلاء متطايرة،أنظر الى الأرض بحثا عن لعبتي،لم تمت لعبتي،كانت هي الأخرى غافية بهدوء على الأرض..

إنتظار
إتصل بي....... صوتك تحول الى سر غامض.وصلت في الوقت المحدد ،لكن يبدو أنني أجلس في المكان الخطأ.إنه هادئ جدا وقت المساء،رواده قليلون،أنيقون بترف،قطرات مطر مازالت عالقة على أطراف شالي الأزرق.يأتي إلي النادل بالعنب الأحمر الذي طلبته.لم لا يحتل العنب مكانة التفاح،فيكون الفاكهة الأكثر إغواء؟أتأمل حبات العنب،أذكر معلم اليوجا الذي كان يجبرنا على تأمل حبة العنب لنصف ساعة،قبل أن نأكلها في نصف ساعة أخرى.تتكئ حبات العنب على بعضها بحزن،أشفق عليها،ألامسها بهدوء،أتحسس استدارة كل حبة،ثم أبدأ بنزع كل حبة عن العنقود،صار العنقود خاويا كعجوز هرم يخاف قدوم المساء،هذا هو مسائي الأخير معك،أحمل العنقود فارغا في يدي،حبات العنب متروكة في الطبق الأبيض،سأجففه،سأضعه بين دفتي كتاب كما يضع الناس الورود للذكرى.


أمنيات صغيرة
1
أكثر ما كنت أتمناه في هذا المساء النوم في سريري،والتدثر بغطاء صوفي لساعتين من الزمن،وعندما أستيقظ أجد أمي قد أعدت لي طبق حساء عدس ساخن بجانبه باقة من الأعشاب العطرية.يا لها من أمنية مستحيلة، الأن علي إعداد الطعام لأربعة أشخاص،سيصل زوجي بعد قليل ومعه ضيوفه لتناول العشاء ،وأمي كيف من الممكن أن أتذوق حسائها وأنا في نصف آخر من هذا العالم في بلد يحتضنه البرد في كل الفصول.
وأنت،أتراك تعرف معنى البرد،وطعم العطش الذي يدفع الروح للتشقق.

2
الدوران بداية للجنون،أقف داخل دائرة مغلقة،تسورني،أدور وأدور،أركض وأركض حتى الهذيان.الظمأ يهددني بالتصحر.قلت لك أنني أحيا في عالم شديد الجفاف،يقتلني إحساسي بالظمأ لك.أما أنت فقد حكيت لي عن دغل تراه في أعماقي،دغل بعيد وشوكي،يؤلم بلذة كل من يقترب منه.

3
الحنين عاطفة لا تدعو للثقة.يومها كان أول أيام الخريف،حين كنا نسيرمعا، حكيت لك عن أيلول،وكنت تسميه"سبتمبر"
قلت لك أن أيلول هو الحزن،وقلت لي أن سبتمبر لا يذكرك بالخريف لأنه لا يعلن عن هويته،ويواري حزنه خلف شمس صيفية تذوب.
كيف لا تعرف أيلول؟كيف لا تلمح خجله المراهق،وشمسه المواربة.
لا شمس هنا تطوق أحزاني،هنا الثلج في كل مكان.

موسيقى
الغرفة الزهرية لم تكن لي.جانب من نافذتها يطل على شجرة الدردار،الجانب الآخر يطل على العالم،عبر الزجاج رأيت إمرأة تستند الى السور،تمسك بيدها كمان،تضعه على كتفيها ،كأنها توشك على العزف،تنطلق الموسيقى تعوم في الفضاء،تستمر المرأة في العزف من دون نوتة موسيقية،تتكسر الموسيقى،تحاول المرأة من جديد،كانت تقف عارية.



#لنا_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياسمين هندي
- قصة قصيرة-عشق آباد
- قصة قصيرة-موت الحواس


المزيد.....




- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لنا عبد الرحمن - عنب أحمر للمساء-قصة قصيرة