أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - يا أصحاب العربيّة، كونوا على حذر!














المزيد.....

يا أصحاب العربيّة، كونوا على حذر!


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 4571 - 2014 / 9 / 11 - 23:16
المحور: الادب والفن
    


سليمان جبران: يا أصحاب العربيّة، كونوا على حذر!

قبل سنوات عديدة، لا أذكر متى بالضبط، صدرت تعليمات وزارة التربية، وزارة المعارف يعني، بإلغاء ما كنّا نسمّيه يومها "المحفوظات". كانت المحفوظات، وأحيانا تسمّى "الاستظهار"، تتمثّل في حفظ التلاميذ لبعض النصوص الشعريّة، وأحيانا النثريّة، غيبا. هكذا نشأنا وتعلّمنا نحن. حفظنا الكثير، من عيون الشعر العربي ونثره، غيبا. بل كنّا كثيرا ما "نتساجل" في الشعر، متّكئين على محفوظاتنا الشعريّة تلك.
درّست "المحفوظات" بنفسي أيضا، حين كنت لسنوات طويلة معلّما في أكثر من مدرسة ابتدائيّة. كنت أختار بنفسي نصوصا متميّزة، قديمة ومعاصرة، ليحفظها التلاميذ غيبا، بعد قراءتها وفهمها على أحسن وجه . وبعد أن يكون المدير مهرها بتوقيعه طبعا، لئلا تكون "ملغومة".
كثيرون يومها، وكثيرون اليوم ربّما، اعتبروا إلغاء موضوعة "المحفوظات" نهجا تقدّميا معاصرا. لماذا نثقل على التلميذ بحفظ النصّ غيبا، كانت الحجّة. يكفي أن يقرأ التلميذ النصّ ويفهمه. إلا أن المحفوظات كانت عاملا، بل عاملا هامّا، في تنشئة الصغار على القيم اللغويّة والمثل التي تحملها تلك النصوص. لذا، شكّل إلغاؤها عاملا في إضعاف الملكة اللغويّة عند التلاميذ، من ناحية، وفي حرمانهم من تعرّف القيم التي تحملها تلك النصوص المختارة، من ناحية أخرى. لكن كلّ شيء جائز إذا كان ملفوفا بالمعاصرة وأساليب التربية الحديثة!
المحفوظات الله يرحمها. قتلوها حتّى دونما جنازة، لتبيان حسنات وسيّئات "الفقيد"! اليوم جاء دور قواعد اللغة العربيّة أيضا. قبل أيّام تلقّيت رسالة من الأستاذ صالح أبو عيشة، على غير معرفة سابقة بيننا. الرسالة المذكورة هي نسخة مصوّرة لردّ السيّدة راحيل متوكي، القائمة بأعمال رئيس السكرتارية التربويّة. في الرسالة تلك تبلّغ السيّدة متوكي الأستاذ أبو عكر" ثانية، أنّه ألغي تعليم القواعد[العربيّة] بشكل مستقلّ في المدارس الابتدائيّة العربيّة، ولذا لن يكون كتاب خاصّ لتعليم القواعد". بكلمة أخرى، وبأسلوبنا نحن، يلغى تعليم القواعد العربيّة، كموضوعة مستقلّة، في المدارس العربيّة الابتدائيّة. المقصود طبعا، وهو ما لم نجده في الرسالة المذكورة، أن يكون تدريس القواعد العربية ضمن درس النصوص الأدبيّة. تذكرون دروس "الشامل" المرحومة؟ شيء من هذا القبيل طبعا!
رغبت في فهم المسألة على نحو أوفى. عثرت على مقالة للدكتور محمد خليل، في موقع "الموقد" النصراوي، تتناول المسألة ذاتها. يذكر الدكتور خليل في مقالته تلك أنّ المنهج الجديد " يلغي بشكل تامّ استخدام الكتب المدرسيّة الخاصّة بتدريس مادّة القواعد العربيّة". يضيف الدكتور خليل بعد ذلك في مقالته، بحقّ، أنّ "مثل هذه الخطوة، سوف تلحق، حاضرا ومستقبلا، تراجعا خطيرا، وضررا فادحا في واقع لغتنا العربيّة على المستويين الفردي والجمعي".
حتّى إذا افترضنا حسن النيّة والتسرّع، في خطوة وزارة التربية، فنتائجها على تلاميذ العربيّة ستكون مدمّرة. إذا كانت العربيّة، حتّى في الظروف الراهنة من تأكيد القواعد وتدريسها منفصلة ، تعاني الويلات على ألسنة وأقلام المثقّفين والتّلاميذ، فكيف ستكون حالتها إذا جعلوها ملحقة بدروس الأدب؟ ثمّ إنّ إلحاقها بموضوعة الأدب لا مبرّر له. بل هي فرصة لمعلّم العربيّة، إذا كانت نفسه تكره النحو بتحدّياته الدقيقة، مثل كثيرين بيننا، لتهميش النحو تماما وقصر الوقت كلّه على الأدب. ولا يهمّ في هذا المجال ما يكتب رسميّا، بل ما ينفّذ في الصفّ!
ثمّ إنّ القياس على العبريّة لا يمكن أن يؤدّي إلا إلى الأحكام المجحفة. فالعبريّة تخلّصت من شكل الآخر، وفقا لمبنى الجملة، كما هي الحال في العربيّة. وشكل الآخر، للمتحدّث والكاتب في العربيّة، عبء وأيّ عبء! حتّى الشكل الداخلي للفظ في العربيّة تعتريه أحوال مختلفة أكثر منها في العبريّة. وإذا كان "حماة اللغة" في العبريّة أيضا يشكون من هفوات و"شطحات" قادتهم اللغويّة، فكيف سيكون حال العربيّة على لسان أصحابها، من سياسيّين ورجال مجتمع وأصحاب مهن؟ الله يستر!
ثمّ إنّنا أخيرا لا نفترض حسن النيّة في المسؤولين في وزارة التربية، ولا في غيرها. هؤلاء لا يصدرون أوامرهم وتعليماتهم و"تجديداتهم" اعتباطا. يدرسون كلّ "تجديد" من جميع جوانبه، ويقدّرون سلفا منافعه ومضارّه!

لست من المتعصّبين للغة الفصيحة، بنحوها وصرفها وتعقيداتهما، كما يعرف كثيرون. لكنّها ما زالت حتّى هذا اليوم وعاء ثقافتنا وآدابنا، وعامل وحدتنا وحافظ تراثنا. لذا أجدني، حيال هذه الهجمة عليها ، مضطرّا إلى الدفاع عنها والتحذير من المساس بها، عمدا أو عفوا. ففيا أصحاب العربيّة ومحبّيها: كونوا على حذر!!



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سليمان جبران: كيف نترجم מ-;-ת-;-ח-;-ם ...
- لائحة الدفاع!
- أحمد فؤاد نجم و شعر المحكيّة
- كيف نقول Traffic Jam او פ-;-ק-;-ק-;- بالعر ...
- ...علمتَ شيئا وغابت عنك أشياءُ!
- حكاية الفيل والنملة
- الطريقة الأكيدة للقضاء على غزة العنيدة
- الأستاز!
- أشهر من الحمص؟!
- اسمعوا الحكيم!
- فإن تهدموا بالغدر داري..
- سليمان جبران: إنّا نغرق.. إنّا نغرقِ!!
- -بعيد استقلال بلادي-!
- -لحن الخلود المقدس- في غنى عن التغيير والتطوير!
- عناصر كلاسيكية في شعر المهجر*
- الصمت رصاص!
- -شبه نظريّة- للإيقاع وتطوّره في الشعر العربي
- تحوّلات الأب في شعر محمود درويش*
- إذا اتفقنا في الجوهر فلا بأس إذا اختلفنا في الأسلوب!
- كيف تصير، في هذه الأيام، أديبا مرموقا، وبأقلّ جهد!!


المزيد.....




- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - يا أصحاب العربيّة، كونوا على حذر!