أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - داعش المعركة قبل الأخيرة فى صراع الثقافات















المزيد.....


داعش المعركة قبل الأخيرة فى صراع الثقافات


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4562 - 2014 / 9 / 2 - 18:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- صراع ثقافات وليس صراع حضارات .
يعود للبروفيسير صامويل هنتنجتون طرح رؤية صراع الحضارات لأتفق مع الفكرة فى عموميتها وأختلف فى توصيف الصراعات الحالية والمستقبلية كصراع حضارات لأراه صراع ثقافات , فالواقع المعاصر لا نرى منه سوى حضارة واحدة متفردة هى الحضارة الغربية بكل تمظهراتها وألوانها الفكرية والفلسفية والمدنية فأين تلك الحضارة التى تتصادم مع حضارة الغرب بل ما يُفترضه صامويل هنتنجتون من أقطاب صراعية هو بين قطب يمتلك حضارة بكل مقوماتها ومفرداتها وحيويتها وزخمها وقطب آخر يعيش فى ظلال تلك الحضارة وإبتعاده عن تلك الظلال يعنى موته وإضمحلاله .. نحن أمام قطب قوى يُنتج ويُبدع ويمسك بكل الخيوط فى يده وقطب آخر يعيش عاله بإستنزاف وإستهلاك منتجات الحضارة الغربية للدرجة إعتماده على رغيف خبزه وطلقة رصاصته ولكن يمكن بالفعل أن نقول بوجود صراع ثقافات قادرة على المنازلة والإحتدام بحكم العصبيات والتشرنق وطرق التفكير .

لم أستصيغ فكرة صراع الحضارات أو الثقافات عندما إطلعت على رؤية صامويل هنتنجتون فى البداية لإعتقادى أن الصراعات الفكرية والحضارية والثقافية لا تنتج حروب ونزاعات على الأرض فمكانها الصالونات والمنتديات وميديا الإعلام بينما الذى يحرك الصراع ليحتدم ويتعارك هو صراعات ومصالح طبقية وعلاقات وقوى الإنتاج عندما تصل لنقطة الإحتدام ,فلن يتصارع البشر من أجل فكرة أو فلسفة أو طريقة ومنهج تفكير ولكن بالتأمل والتعمق فى فكرة صراع الثقافات يمكن أن نجد لها توصيف مادى جدلى لن يعتمد على الفكرة الشائعة بإعلاء رايات ثقافية كغطاء لمصالح مادية مثل الغزوات الإسلامية والحروب الصليبية والحروب الإستعمارية من أجل الديمقراطية ومحاربة الإرهاب وماشابه ,فالصراعات تحتاج لواجهة إعلامية لتجييش الشعوب لتحترق فداء مصالح الكبار والنخب .

الصراع الثقافى فى عمقه صراع بين قوى مادية ومشروعين فى الأساس ولكن ليس بالضرورة أن تكون المشاريع المتصارعة ناضجة ذات رؤى فكرية واضحة وأيدلوجية حياة ,فالحالة الإسلامية التى نحن بصددها ذات فكر مشوش وحالة إحباط وإحساس بالتهمييش مع إنعدام وجود منظومة فكرية داخلية عصرية مطروحة بديلة عن الحضارة الغربية فهى لا تقدم شيئاً تستحق على أساسه أن تقتسم الكعكة العالمية أو ينالها النصيب الاوفر فلا أيدلوجية قادرة على إقامة مجتمعات بذاتها بدون الإعتماد على الطرف الآخر الذى تعاديه وتتصارع معه كما ليس لديها المقومات الحضارية أن تقيم مجتمعات إنسانية ذات منظومة بنائية حضارية بل نحن أمام حالة من الإحباط والتشوش تملك القدرة على الإزعاج وتنفيس الكراهية والنبذ فقط لذا يتحول صراع الثقافات هنا إلى حالة من الشغب المستمر فلا مشروع واضح ولا قدرة على فرز منظومة متكاملة بديلة تطلب إستحقاقها بل حالة من الصراخ والهياج فقط تستمد معينها من طاقات غضب وعنف تبغى التنفيس علاوة على إطلاق الغرائز من عقالها وهذه قادرة بالفعل ان تمنح صراع الثقافات بعض مقومات الوجود والزخم بالرغم من إنعدام المقومات المادية التى نعرفها لتتكأ على ركيزة واحدة وهى القدرة على ممارسة العنف وتصعيده من مقاتلين أصحاب شراسة وغرائز منطلقة ولنا رصيد تاريخى حافل بقدرة جماعات همجية خالية من أى مشروع حضارى من النجاح والتمدد كمثال إجتياح التتار لممالك ذات حضارات .
إذا كنا نريد البحث وتلمس العوامل المادية الموضوعية العميقة للفكر الإسلامى لتجعله يصارع فسنجده متمثلاً فى فكرة بدائية تعتمد على الغزو والنهب والسبى وفرض الجزية والزكاة أى الإرتزاق من حالة تمدد كصورة طفيلية .

- الغرب والعدو الكرتونى .
الغرب من خلال مراكز بحوثه وأجهزة مخابراته إستثمر جيدا ظاهرة الإسلام السياسى بل هو من خلقها فى بعض البلدان كما فى نشأة حماس والجماعات الجهادية فى أفغانستان ومنها تنظيم القاعدة كذلك أجزل الدعم للتيارات والأحزاب والقوى الإسلامية وراء هدف مُرتجى منها أن تجهض القوى اليسارية فى البلدان الإسلامية وتحاصرها وتقف حائط صد أمام تقدم الأفكار والأحزاب الشيوعية ويمكن القول أن التيارات الإسلامية قدمت هذه الخدمة للغرب على أكمل وجه سواء بعمالة مباشرة أو عمالة غبية جاهلة من منظور مناهضة الكفر والإلحاد .
بعد سقوط الإتحاد السوفياتى ودول المنظومة الإشتراكية كان من الأهمية بمكان البحث عن عدو لملأ الفراغ وإستمرار الهيمنة الغربية على مقدرات العالم والتفرد بالقطب الأوحد صاحب العصا الغليظة لتتقدم فكرة العدو الإسلامى الأخضر بديلاً عن المارد الشيوعى الأحمر لتستمر هيمنة الإمبريالية وتفردها وقوتها .
لعله من الغرابة أن تصنع عدوك ولكن الأكثر غرابة هو ذلك الذكاء بجعل عدوك بمثابة مرمى لتدريب جنودك على إطلاق النار وإيهام شعوبك بأن العدو إرهابى وسيقوض حضارتهم الغربية ولكن الأكثر ذكاء أن الغرب يستنزف العدو الإسلامى قبل الإجهاز عليه فيجعله يعمل لمصلحته من خلال قدرة الإسلاميين الذاتية الطبيعية على تفتيت المنطقة لكيانات طائفية صغيرة متناحرة وهذا واضح وجلى فى مشهد تمزيق العراق فلا يبقى عراقا موحدا كذكرى شبح قوة عراق صدام كذلك هناك رغبات غربية واضحة وغير خافية فى تمزيق سوريا لإخراج أى قوى معاندة حتى ولو كانت لا تمتلك سوى الجهر بالعداء.

- الغرب يدفع الفاتورة .
الغرب يدرك أن من يربى حيات فى حضنه فمن الممكن أن يُلدغ منها ولكن يهون اللدغ أمام الفوائد الجمة المحصودة ,فأمريكا ساهمت مساهمة كبيرة فى تنمية ما يطلق عليها الجماعات الجهادية فى أفغانستان وتدرك جيدا أن تلك الجماعات ليست كحال الأنظمة الإسلامية العشائرية الحليفة فى السعودية والخليج فيمكنها أن تدير ظهرها للغرب وتلدغه كما حدث فى ضرب برجى التجارة العالمى ليتم إستثمار هذا العمل الإرهابى فى إيهام شعوبها بالعدو الإسلامى الإرهابى القادم وتحقيق أجندات تطلب الضرب بقسوة كما فى غزو العراق ولتسأل ما علاقة ضرب البرجين بعراق صدام حسين الذى لم يتذكر سجادة الصلاة إلا فى آخر أيامه. الغرب من الذكاء أن يستثمر جروحه إذا كان هناك جروح لتحقيق مكاسب.

- للغرب غباء أيضا .
الغرب بمراكز بحوثه واجهزة مخابراته قادر على قرائتنا بشكل جيد فمراكز البحوث الغربية تدرك ماهية العقلية والفكر الإسلامي وطبيعة المجتمعات الإسلامية لذا جاء الذكاء الغربى أن يُنفذ ويُحقق مخططاته ومصالحه وأجنداته من خلال استثمار تأثير الثقافة الإسلامية وطبيعتها وسماتها للقيام بمهمات كبيرة بيد الجماعات الإسلامية نفسها دون أن يتدخل بشكل مباشر ,فمثلا مراكز الأبحاث والمخابرات تدرك ميراث الكراهية والنبذ وجذوره فى العلاقة بين المذهبين الإسلاميين السنى الشيعى فلينفجر هذا الصراع بيد الإسلاميين أنفسهم فلا نفعل شيئا سوى فتح المجال للتناحر بتواجد المذهبين وحيوية حضورهما على أرض الواقع تحت شعار الحريات والديمقراطية وتمثيل الطوائف لينفجر برميل المتفجرات بيد الإسلاميين أنفسهم كأصحاب ثقافة كراهية وإقصاء متأصلة .

قس على هذا الكثير من المشاهد الإرهابية والتناحر والتفتيت والتشرذم التى تتيحها فكرة دعهم يتناحرون ويتقاتلون بأيديهم وفق ثقافتهم وليخرجوا كل الكراهية والثأر والإنتقام من جعبتهم , ولكن بقدر ماهو ذكاء شديد يعتمد على إجهاض الآخر من خلال نزعاته وأفكاره ونهجه فالغرب بمراكز أبحاثه الضخمة ومخابراته العتيدة لا يدرك الكثير عن عمق الحالة الإسلامية.!
الغرب إذا كان يعتقد أن الأمور بعيدة عنه بنظرية دعهم يحترقون فى بلدانهم فهنا يكون تفكيره خاطئاً غير مُدرك لأعماق الثقافة الإسلامية فلا ضمان للثقافة والفكر الإسلامي فى حراكه وتفاعلاته وتأثيراته ,فلننظر للمقاتلين الاوربيين فى صفوف داعش فهم مواطنون أوربيون عاشوا فى أوربا وكلهم أولاد لمهاجرين مسلمين من الجيل الثانى والثالث , وهذا اللبنانى الذى هاجر لأستراليا منذ طفولته وانضم لفصائل داعش ليقطع الرؤوس ويمنحها لأطفاله يلهون بها وتلك الفتاتان البريطنيتان ذوات ال16 ربيعا ومن أصول صومالية لتهربا لسوريا لمشاركة مقاتلى داعش القتال والنكاح فلم تشفع مناخ الحريات والديمقراطية وحضارة الغرب أن يندمجوا وينخرطوا فى شعابها ولم تجعلهم حتى مسلمين معتدلين ليحتفظوا بنهج إسلامى إرهابى نتاج تأثير مراكز إسلامية ذات حضور قوى فى أوربا ومن هنا لا يمكن توقع سلوك للمسلم عندما ينهل من تراثه الإسلامى ويحتضنه ولن تكون حضارة الغرب شفيعة له فى التحصن بل على العكس فثقافة الكراهية وعدم قبول الآخر ووهم عداء الآخر للمسلم مُتأصلة فى الثقافة الإسلامية فهو مُستهدف فى دينه من الآخر لذا من المتوقع جدا أن تفرز الأقليات الإسلامية عناصر إرهابية تطعن الغرب فى خصره وهذا يحدث بالفعل والأشد غرابة أنه من الجيل الثالث والثانى من المهاجرين .

الثقافة الإسلامية هى الثقافة الوحيدة وسط ثقافات العالم التى لا تتعايش بسهولة فى مجتمعات غير مجتمعاتها هذا إذا كانت تتعايش فى مجتمعاتها أصلاً , وإن تعايشت فمن باب التقية والمصلحة ولكنها سهلة الإنقلاب وتغيير جلدها لتجد مظاهر مؤسفة للجاليات الإسلامية فى الغرب كالتحايل والكذب للحصول على معاش الضمان الإجتماعى إلى محاولة التخريب للمرافق ليكون لسان حال المسلم أنها بلدان كافرة يحق إيذاءها والنيل منها كما نرى الكثير من المشاهد السلبية التى لا يوجد لها أى مبرر سوى أن هناك ثقافة متغلغلة فى الأعماق تحمل مفهوم فقه البراء لن يُجدى معها أى ثقافة مسنيرة أو إحتضان .
يجب ان ندرك أن حضور الثقافة الإسلامية فى المجتمعات الإسلامية والغير الإسلامية تعنى الإنتماء للدين أولا وأخيراً ولا وجود للإنتماء الوطنى والقومى وهذا حال الفكر الشيوعى أيضا مع الفارق لذا يكون المتأسلم أى المؤدلج إسلاميا غير مُندمج ولا مُنسجم مع محيطه الوطنى بل يمكن أن يناهضه فى سبيل إعلاء الإسلام.

- الإرهاب هو بلاى استيشن المسلمين .
ليس كل المسلمين إرهابيين وليس كل مسلم مشروع إرهابى ولكن لا يوجد كلام فى المطلق ,فالمسلم سريع التقلب ويمكن أن يتبنى فكرة الإرهاب متى تكونت الحضانة التى تستوعبه وهذا التذبذب يرجع للثقافة الإسلامية التى يتأصل فيها فكر العنف والعداء للآخر وقتاله عن فكرة التسامح وهذه إشكالية الإسلام أن الصوت العنيف الحاد النابذ هو الأكثر قوة وفاعلية وتأصيلاًً لذا إذا توفرت حضانات للفكر الأصولى فمن السهل ان تجد الإرتداد من التسامح للإرهاب ليغذيه حالة الإغتراب والتهمييش فى المجتمع وضياع البوصلة ليبحث المسلم عن اثبات وجوده عن طريق سلوك التطرف والعنف .
الإنسان يميل للعنف كطبيعة بشرية وإن تم تهذيبها وتقليل منسوبها فى المجتمعات الانسانية المتحضرة ولكن العنف لم يفارق أى إنسان لتتفتق ذهنية المجتمعات المتحضرة فى تفريغ طاقات العنف من خلال الرياضة كمنافسة راقية للصراع وان مالت لتقديم الألعاب العنيفة كالمصارعة والملاكمة لمن يعشقون العنف بتجلياته ولتظهر أيضا الألعاب الإليكترونية التى تتعامل مع المعارك والقتل لتستهوى الصغار حاملى جينات العنف ولكن فى الإسلام يكون الإرهاب والقتل هو بلاى استيشن المسلمين الشغوفين بالعنف والقتل لتجد إنخراط أطفال وشباب صغير فى عمليات الإرهاب لداعش والتنظيمات الإرهابية ليقابل هذا بحالة من الفخار والزهو كأسود المستقبل مثل ذاك الذى علق على صورة حمل الطفل الإسترالى ذو السابعة لرأس مقطوعة لجندى سورى بأنه يستبشر به خليفة ومجد المسلمين .!
http://www.alarabiya.net/ar/last-page/2014/08/11/الطفل-الذي-يساعد-أباه-الداعشي-بحمل-الرؤوس-المقطوعة.html
http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/2014/08/08/بريطانيتان-في-الـ16-من-العمر-تقاتلان-مع-داعش-.html
الإرهاب كامن فى النفوس والعقول وذلك من ذهنية مرت عليها آيات القتل ودق الأعناق وتراث الأقدمين الغارقة أياديهم بالدماء كخالد بن الوليد ليمتزج الإرهاب والذبح والدم بمعانى الفخار والقوة والعزة لدى المسلم ولكنها تظل حبيسة بين الضلوع طالما هناك قيم مجتمع مدنية قوية تحول دون ظهورها ولكن متى انهارت تلك الكوابح من خلال خطاب اسلامى عنيف مع حالة إحباط وعداء للمجتمع فسيظهر الإرهاب جلياً .

- داعش المعركة الحاسمة قبل الأخيرة وسيرتفع نجمها عالياً .
لن نخوض فى أن ظهور داعش جاء برغبات ورخصة مرور غربية وبتمويل انظمة رجعية لتفتيت المنطقة وتصعيد الصراع السنى الشيعى ومحاصرة إيران لنتوقف أمام المشهد الداعشى الآن وتلك الرغبات الغربية فى حصارها بعد الإدراك أن تلك الجماعة تسرع فى العمل لحسابها وبشكل متهور حالها كحال القاعدة ولكنها تتميز عن القاعدة أنها تعمل فى أرض منبسطة وتتمدد بخطوات سريعة ومؤثرة وسط جمهور يمكن ان يكون داعماً .. فإنقلاب الغرب على داعش يرجع لسببين أولهما لأنها تصبو لدولة الخلافة أى انها تتخلى عن مهمتها فى التفتيت لتبتلع القوميات والعرقيات والطوائف فى بطنها قهراً علاوة على تخوف الغرب من ان تمثل الأقليات المسلمة فى بلادها قنابل موقوتة ومصدر للإرهاب على أراضيها .
أتصور أن داعش ستواجه مصاعب مستقبلية ولا يعنى هذا إضمحلالها و لكن مع كل قدرة لها على الصمود والإستمرار فى نهجها ستزداد قوة لنحظى على ظاهرة سرطانية بإنضمام شرائح عريضة لها تكون عوناً ودعماً على الغزو وإختراق بلدانها .!
النجاح الذى سيتحقق على الارض من قدرة داعش على التمدد والغزو وفرض دولة الخلافة يرجع فى الأساس لطبيعة الثقافة والمجتمعات الإسلامية التى يمكن أن نجد له نظائر فى المجتمعات البشرية الأخرى ولكن فى الحالة الإسلامية الصورة أكثر قوة وفجاجة فهناك ميل لنزعات العنف والشراسة فى المجتمعات البشرية كرغبات فى السادية والتمايز ليتم العزف عليها وإستثمار القوى المهيمنة لتلك النزعات الباحثة والمفتونة بالقوة المفرطة والشعارات العنصرية كألمانيا هتلر فلا يستطيع أحد نفى أن الشعب الألمانى كان مفتوناً حتى نخاعه بعشق هتلر والنازية كذلك يمكن أن نحظى على الكثير من المشاهد القديمة والمعاصرة لقادة نالوا كل المجد والدعم والتأليه عندما أفرطوا فى القوة الغاشمة والشعارات العنصرية الإقصائية لتنال رضا وهوى شعوب كثيرة لذا اتصور أن تصاعد الظاهرة الداعشية سيأتى من قدرتها على الصمود والتمدد والفعل لتمثل نموذج بطولى فى ثقافة المسلمين , وأتصور أن هذه القدرة والدعم الهائل ستبلغ عنان السماء عندما تستطيع داعش إختراق الأردن ولبنان كدول ضعيفة وقريبة من إسرائيل لتعلن عن جهادها المقدس كشعار فقط لتجد دنيا المسلمين كلها دواعش مثلما نال صدام مجداً عندما ألقى بعض الصواريخ على إسرائيل لترتفع أسهمه كما أرتفعت أسهم حسن نصر الله وحماس .

المقاومة التى ستبديها بعض التيارات الشعبية لداعش ستنهار سريعا وأقول انها ستتحول 180 درجة للإنضمام لداعش لتزداد رقعة الدعم والتأييد والسطوة ولا يكون هذا من مواقف إنتهازية بقدر الإفتنان والإنسحاق للقوى الإسلامية الصاعدة عندما تكون القوى من بنى جلدتنا وتطرح شعارات معادية للآخر مع ثقافة تؤصل هذا وتمنح الغطاء وتطلق نزعات الكراهية والنبذ وكل الموروث الإقصائى المتعنت من عقاله .

ستكون المعركة مع داعش هى المعركة قبل الأخيرة للإسلام السياسى وكلما حظينا على تصاعد وحضور قوى لداعش فهذا يعنى أن قوى التأسلم فى النزع الأخير فلن تنهار قوى إلا بعد أن تستهلك كل رصيدها ومخزونها المقاوم ولكن لن يتحقق هذا إلا إذا أخلصت القوى المناوئة لداعش فى نصرة فكرة المجتمعات المدنية فتتخلى عن التردد واللعب على الحبال فداعش خرجت من أحضان القوى المناوئة لها لتحقيق رؤى ومخططات فلا تصبح السياسة دعهم يتواجدوا على أمل ان يتحركوا ثانية فى المربعات التى نأملها مثل حال معركة تورابورا التى أتاحت للقاعدة أن تبقى وتستمر ..كما يلزم فى تلك المعركة الحضور القوى لقوى المجتمع المدنى بحيث يكون البديل قوياً حاضراً بعد انتهاء المعركة التى أتصورها لن تنتهى سريعا.

الإرهاب فكر وثقافة قبل أن تكون فعل عنيف على الأرض لذا لن يُجدى الحل العنيف منفرداً فى إستئصال فكر الإرهاب وهذا لايعنى الإنصراف عنه ولكن من خلال إستئصال منابع الإرهابى وليس تجفيفها كما هو شائع , فيلزم مراقبة لما يتم بثه فى المساجد والزوايا والمراكز والمؤسسات الإسلامية ليتم بتر الفكر من جذوره فلا نفرح بعملية حصد الأشواك ونترك الجذور مُنتجة .كما يلزم أن يكف الغرب عن إستثمار التيارات الإسلامية المتطرفة وليدعم بقوة المجتمعات المدنية فى التواجد والحضور .

لا بجب ان ترهبنا مقولة حرية الإعتقاد فى إتاحة تواجد الفكر العنصرى الإقصائى فعندما يتواجد نص يدعو لكراهية الآخر والتعسف ضده فهنا إما يكون مشهد تاريخى وحينها لن يتوقف أحد ليحاكم كتب التاريخ أو تكون منهج تفكير وسلوك يطلب الحضور والتطبيق لنصبح أمام أيدلوجية و نهج فاشى إقصائى يلزم مصادرته ومنع تداوله فهو صار بمثابة فعل على الأرض ينتهك حق الآخرين فى الحرية والكرامة والإنسانية شأنه شأن مناهضة العنصرية والنازية .
لن يجدى الترفق والتحايل فى محاصرة الفكر الإرهابى ولا يجب ان تقتصر المراجعات والتوقفات على رموز التطرف والإرهاب بل على المؤسسات والمرجعيات الاسلامية الموصوفة بالاعتدال ففيها النبع الصافى لكل التطرف والتزمت والارهاب وعلينا أن نمتلك الجراة فى المواجهة فمن العيب الشديد أن نجد مؤسسة كالأزهر تطلب محاكمة الإعلامى ابراهيم عيسى كونه رفض فكرة عذاب القبر والثعبان الأقرع فعملية الارهاب الفكرى هذه هى أول سطر فى منظومة الارهاب .

داعش هى المعركة قبل الأخيرة للحضارة الإنسانية للحفاظ على مكاسبها بالرغم من توقعاتى انها ستكون عملية فرز وإستقطاب هائلة وسيحقق الدواعش نجاحات محتملة كبيرة ولكن الهزيمة الساحقة ستكون نصيبها بإعتبارها قوى مناهضة للإنسانية لتبقى فى النهاية المعركة الفاصلة فى كل بيت وشارع وزقاق نحو إستئصال الثقافة الإرهابية من الكتب والنفوس وتحول الإسلام من ثقافة إرهاب إلى إسلام المعبد .

دمتم بخير.
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاجة تقرف..هوا مفيش حاجة حلوة.
- قضيتان للنقاش .. ما العمل ؟!
- منطق الله الغريب !.
- من فلسفة الجمال ندرك ماهية الحياة والوجود والإنسان .
- وإسرائيل أيضا على هدى الحبيب المصطفى .
- على هدى الداعش الكبير .
- داعش الوجه الحقيقى للإسلام ولكنها تفرط أيضا.
- إما تؤمنون بحق إسرائيل أو تكفرون أو تدركون بشرية الأديان.
- مازال ملف حماس مفتوحاً فى أسئلة محددة تطلب إجابات محددة.
- لماذا لا يثور الفلسطينيون على حماس ويعزلوهم.
- نظرياتى فى فهم الوجود والحياة والإنسان .
- فشنك - تسالى رمضانية (5).
- عذراً أنتم لم تنتبهوا-تسالى رمضانية(4).
- تأملات فى مشاعرنا وأعماقنا وزيفنا.
- تسالى رمضانية(3)-الأديان بشرية الفكر والهوى .
- تسالى رمضانية(2)-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- تسالى رمضانية-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء خامس .
- أسئلة فى الإنسان والوجود والحياة .
- ألم يروا ال D. N. A - كيف يؤمنون.


المزيد.....




- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - داعش المعركة قبل الأخيرة فى صراع الثقافات