أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - داعش الوجه الحقيقى للإسلام ولكنها تفرط أيضا.













المزيد.....

داعش الوجه الحقيقى للإسلام ولكنها تفرط أيضا.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4533 - 2014 / 8 / 4 - 20:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


آيات محرجة – جزء ثانى .
الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 52) .

فى بداية كتاباتى لهذه السلسلة من "الدين عندما ينتهك إنسانيتنا" التى تجاوزت أكثر من خمسين مقالاً كنت مدركاً فى البدايات أن تلك السلسلة من المقالات التى تفضح إنتهاكات الأديان لإنسانيتنا وكرامتنا وحريتنا لن تنضب ولا يرجع هذا إلى قدرة إبداعية تُفتش وتفضح كل ماهو مُنتهك بقدر أن حضور الدين فى حياتنا بمنظومته وتشريعاته وناموسه كفيل أن يمنحنا زخم ومدد مستمر من الإنتهاكات لا ينضب ,وليأتى هذا الجزء فى إطار الدين عندما ينتهك إنسانيتنا مع رؤية إضافية تثير الحرج حول الآيات التى تتصادم مع منظومة قيمنا الحضارية والإنسانية .

قام تنظيم الدولة الإسلامية فى الشام والعراق المعروف بداعش بإختراق شمال العراق بلغتنا وبغزوه بلغة الدواعش ليكون أول أولويات دولة التتار الجديدة هدم وتخريب الكنائس وفرض الإسلام قهراً على مسيحيي الموصل أو الجزية أو القتل فى مشهد تعسفى همجى يستحضر القديم ويعيد إنتاج مستمداً حيويته من تراث مازال جاثماً على صدورنا .
يلقى هذا المشهد الإستنكار والتنديد من العالم الحر ولا يجد حراكاً فى عالمنا العربى الذى أصابته البلادة بل أصبح جثة هامدة بلا فاعلية وقد يكون هذا أفضل حالاً من نوعية قميئة من البشر تُهلل لهكذا فعل همجى وتعتبره إنتصاراً للإسلام بينما الأغلبية الصامتة لو إعتراها الإهتمام وأدلت بدلوها فتجدها تردد المقولة البائسة أن ما تفعله داعش ليس من الإسلام فى شئ والحقيقة أنها لا تعرف أى شئ عن الإسلام حتى تنفى فعل داعش مُغايرا للإسلام فثقافتهم المتواضعة عن الإسلام تكاد تكون مُنعدمة ولا تزيد عن ممارسة بعض الطقوس وحفظ بعض الآيات لذا لو حاولت أن تسأل من يردد مقولة " هذا ليس من الإسلام فى شئ "عن : ما هو الإسلام الحقيقى فلن تجد منه إجابة .

داعش أكثر التيارات الإسلامية وعياً وفهماً لجوهر الإسلام والقرآن وأكثرها جرأة فى التعبير عن إيمانها بدون تزويق فهى لا تمارس التزيف والتزلف فى نهجها ولا تتوارى خجلاً عما فى القرآن من شرائع ونهج عنيف يراه العالم الحر منافى لحقوق الإنسان فهكذا هو الإسلام بلا زيف ولا مناورة ولا مرواغة بل فى نقاءه ووضوحه لتطبق داعش آية " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ"التوبة 29.كما هى بلا أى مراوغة أو تدليس فالآية واضحة وضوح الشمس فى التعاطى مع أهل الكتاب بإرغامهم قهراً على إعتناق الإسلام أو دفع الجزية فى وضعية إذلال (صاغرون) أو القتل .

نأتى إلى الآية القنبلة التى أعطت داعش الغطاء لممارسة الإنتهاك والبشاعة والهمجية ولتضع الإسلام والمسلمين أمام العالم فى وضعية حرجة لا يحسدون عليها فها نحن أمام تطبيقات وتفعيلات لتلك الآية فى عصرنا الحديث وليخجل كل من يحاول الإلتفاف والمرواغة والتدليس فى تفسيرها ليزعم أن تلك الآية كانت لزمانها أو كما يقول البلهاء أنها دفاعية بالرغم من الأمر الواضح "قاتلوا" والذى على أساسه إنتشر الإسلام بحد السيف وقهر البشر على إعتناقه أو قد تجد من أساليب المراوغة الخبيثة أن تحشر فى غمار تفسير الجزية كونها ضريبة نظير الدفاع لتبتعد عن لب الإشكالية فى أن هناك قهر وتهديد بالقتل حال رفض إعتناق الإسلام .
الغريب أن المدلسين لا ينكرون فعالية تلك الآية ,فالقرآن شريعة ونهج صالح لكل زمان ومكان لذا ما قامت به داعش هو من صحيح الإسلام فهى طبقت الآية فى القرن الواحد والعشرين فلا لوم عليها بل يُشاد بفعلها وليصبح كل من يبدى معارضة وإستنكار وتنديد بفعل داعش هو كافر وفق الشرع الإسلامى كونه ينكر ماهو مَعلوم ومَأمور به فى الدين .!

عندما تثار إشكالية آية سورة التوبة كمؤسسة للقهر والظلم وإغتصاب حقوق الإنسان وقهره على إعتناق دين تحت التهديد تجد التدليس والمرواغات تطل برأسها ليرفع البعض آيات التسامح : "لنا أعمالنا ولكم أعمالكم" (سورة البقرة: 139 )..."لا إكراه في الدين" (سورة البقرة: 256).- "فاعرض عنهم وعظهم" (سورة النساء: 63).- "ما على الرسول إلا البلاغ" (سورة المائدة: 99).- "فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنت عليهم بوكيل" (سورة الأنعام: 104).- "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" (سورة يونس: 99).- "فإن تولوا فإنما عليك البلاغ" (سورة النحل: 82).- (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون 6- ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ) النحل 125- "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ "( سورة يونس 10: 99)
ترديد هذه الآيات بمثابة إزالة الحرج عن قهر البشر على إعتناق الإسلام رغماً عنهم والمنصوص به فى آية سورة التوبة (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ"- ولنسأل هنا : ماذا نفعل بتلك الآية وأين نصرفها ؟!..لن تجد أحد يجيبك فهاهى داعش تطبقتها على أرض العراق فهل هى مخطئة ؟!.

لابد أن نذكر الحقيقة المؤلمة أن داعش تفهم الإسلام والقرآن أكثر من كل المسلمين فآية سورة التوبة التى طبقتها على مسيحيى الموصل هى آية ناسخة لكل آيات التسامح والصفح التى ذكرناها فلم يعد لآيات (لا إكراه فى الدين ,ولكم دينكم ولى دين ,..)وجود كآيات حاكمة نافذة فهى آيات منسوخة حكماً باقية لفظاً لتتربع آية سورة التوبة على عرش الحكم والفعل وقد قدمت سابقا فى مقال بعنوان ( تسامح الإسلام المنسوخ ) بحثا تفصيلياً موثقاً من كتب الفقه الإسلامى عن آيات التسامح المنسوخة .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=408990

داعش لم تفعل شئ غريب وشاذ عن منهج الإسلام إلا فى جزئية واحدة ,فإذا كانت قد طبقت الآية القرآنية بكل حذافيرها بغزوها لشمال العراق لإقامة مجتمع الخلافة وتحقيق رؤية الإسلام بفرض الإسلام أو الجزية أو القتل فلن يجرؤ أحد أو أى مؤسسة أو مرجعية إسلامية القول أن داعش هكذا تفترى على الإسلام وتشوه نهجه وشريعته وصورته ,ولكن رغم أن داعش الأكثر قرباً من جوهر الإسلام إلا أنها فرطت وأستحدثت نهج مخالف للشريعة الإسلامية وذلك بفتوى أميرها البغدادى بإتاحة الفرصة لمسيحى الموصل بالهجرة خارجاً شريطة أن يخرجوا بملابسهم وبدون ممتلكاتهم ليفتح باب التهجير قهراً وهو ما لم يفعله الإسرائيليون فى فلسطين 48.
فكرة التهجير التى إستحدثها أمير داعش ليست موجودة فى الآية القرآنية ولا فى التراث ولا التاريخ الإسلامى فالآية محددة بالقتل أو الإسلام أو الجزية فمن أين جاءت داعش بحل رابع وهو التهجير .!
بالرغم أن داعش الأكثر قرباً من جوهر الإسلام كما ذكرنا فهاهى تفرط وتستحدث فى شريعة الإسلام ولا يرجع هذا لأن أمير جماعة داعش أقل بشاعة من النص المؤسس ونهج الأوائل فقد سلك هذا رغماً عن أنفه فهو يعلم أنه لو أقدم على ذبح مسحيى العراق الذين يرفضون إعتناق الإسلام مفضلين الموت فسيجلب عليه الإستنكار والتنديد وأبواب الجحيم ,فالعالم الحر لن يقف مكتوفى الأيدى وسيوضع من يحركون ويدعمون داعش سواء المخابرات الغربية أو القوى الإقليمية فى حرج بالغ يُجهض كل خططهم المستقبلية.

فلنلقى الضوء على تداعيات هذا المشهد
رغم بشاعة المشهد الذى يطل منه تلك الانتهاكات الشديدة فى قهر بشر على التخلى عن إيمانهم رغماً عنهم وإلا الجزية أو القتل أو التهجير فلم نحظى على أى إدانات فى عالمنا العربى إلا بعض الكتابات على مواقع الإنترنت لمثقفين يساريين بينما المواقف الرسمية والدينية والشعبية بليدة غير عابئة فلم نشهد حالة من الإستياء والإستنكار لهكذا إنتهاك من مؤسسات دينية أو أنظمة رسمية أو حركات شعبية أو فئوية فلم تقم تظاهرة تندد بهذا ولم تُرفع يافطة مكتوبة بخط متواضع " لا لإنتهاك وإضطهاد مسيحيى الموصل " فهل نفسر هذا العزوف عن الإستنكار كحالة تبلد عربية عامة وصلت للعجز والشلل عن الإستهجان والصراخ أم أن الأمر لا يعنينا أم هى موافقة ضمنية من مسلمى الشرق على إضطهاد مسيحيى العراق وفرض الإسلام عليهم.

لن نتوقف كثيرا أمام حالة التبلد التى تنتاب الشارع الإسلامى فحرى أن يكون مسيحيى مصر ولبنان والشام والعراق هم الأسرع فى التفاعل والإستنكار ولكن لم نجد منهم وقفة إحتجاجية فهى البلادة التى نالت الجميع مسلمين ومسيحيين فى هذه المنطقة الموبوءة من العالم السامحة لكل الإنتهاكات أن تمر بدون موقف قوى بل بدون صرخة ليتحول الإستنكار والتنديد الذى كنا ندمنه إلى حالة خجولة تقترب للموات والعدم .

لم نرى مؤسسة رسمية إسلامية أو مرجعيات إسلامية توصف بالمعتدلة كالأزهر تُصدر بيان يندد ويستنكر ويستقبح فعل داعش بالرغم أن الكرة فى قلب المرمى الإسلامى فإذا لم تدلى تلك المؤسسات والمرجعيات بموقف واضح وحاد فمتى وأين يكون لها إعتناء وموقف.!

يأتى عزوف المؤسسات والمرجعيات والقامات الإسلامية عن التعقيب على ما تفعله داعش من إنتهاكات فى حق مسيحيي العراق ليس خوفاً أو عجزاً عن الإفتاء بل حرجاً من التصريح أمام العالم بحكوماته ومنظماته الحقوقية بأن داعش لم تفعل شئ مخالف لما هو صريح وصحيح ولا يقبل أى إلتباس مع القرآن فهناك آيات جلية تدعو لقتل أهل الكتاب مالم يؤمنوا بالإسلام أو لم يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
آية سورة التوبة ( قاتلوا الذين ... ) شديدة الوضوح لا تحتاج لفذلكة المتفذلكين فهى دعوة صريحة لقتال اهل الكتاب حتى يؤمنوا بالاسلام رغماً عنهم او يدفعوا الجزية أو يقتلوا وهكذا إنتشر الاسلام وفرض نفسه على الشعوب التى شاء حظها البائس ان تقع تحت قبضته لأتذكر خاطرة كتبتها عن المتعصبين السلفيين المصريين ومدى كراهيتهم للأقباط لأقول : تمهل فأجدادك كانوا اقباط فقراء لم يستطيعوا دفع الجزية ولو كان معهم مالاً لكنت شريكاً لمسيحيى مصر فى الهوية والانتماء .

لن نخوض فى تحليل داعش سياسياً فقد تطرق الكثيرون له وإن إختلفت الرؤى ولكن لو أحببنا معرفة من وراء داعش فعلينا ان نبحث عن المستفيد الذى يريد ان تظهر داعش على الساحة ليمولها ويشد خيوطها.. فهناك مخططات تبغى تأجيج المنطقة ومواجهة القوى الشيعية نحو مزيد من الإستقطاب السنى الشيعى وإستنزاف المنطقة وتفتتها وتشرذمها.
عندما تبحث فى أجندة هؤلاء المرتزقة فلن تجد فكرة إسرائيل واردة بالرغم الموقف المتأزم فى غزة والذى يطلب جهادهم لذا هم يتحركون لتحقيق إرادات محددة ليغروا شباب مُتعب نفسياً وجنسياً مُتعطش للعنف والدم للإنطواء تحت أجنحتهم لإطلاق ممارسة العنف والذبح والسلب والغنائم والجزية ونكاح الجهاد وليعيد التاريخ نفسه .

لا أعتبر داعش خطر أيدلوجى بقدر خطورة مقولة " انهم لا يمثلون الإسلام " التى تتردد كلما شاهدنا مشهد إرهابى فهذه المقولة التى تتردد على ألسنة العامة والخاصة شديدة الخطورة كونها تخدر المسلم عن الإنتباه لحقيقة تراثه .
"إنهم لا يمثلون الإسلام " كلمة شائعة يرددها المتطرفون كما يرددها البسطاء أصحاب الميول الإنسانية ولا تتصور أنها تتم بوعى بماهية الإسلام الصحيح فعامة المسلمين أصحاب ثقافة دينية تؤول إلى الصفر لتقتصر على ممارسة الطقوس وترديد بعض الآيات القليلة فى أحسن حال ,, ولو سألت أحدهم ماهو الإسلام الصحيح لن تجد أى إجابة فلا توجد ثقافة ولا وعى ولا فهم لماهية الإسلام لتكون مقولة "انهم لا يمثلون الإسلام " هى لدفع حرج وتهرب من إشكاليات الإسلام ولدفن الرؤوس فى الرمال أو تكون مقولة "انهم لا يمثلون الإسلام " حالة مزاجية يرددها السلفى والمعتدل والسنى والشيعى والصوفى والإرهابى والمسالم كُل وفقا لهواه .. أعتبر هذه المقولة هى الإشكالية الكبرى وحجر العثرة لتطوير وعينا ومواجهة الحياة بصدق وشفافية لنميل نحو دفن الرؤوس وبقاء الوضع كما هو عليه .

لا أرى حضور داعش على الساحة الإسلامية شئ يدعو للإنزعاج الشديد فالمشهد مزعج ومؤلم حقيقة ولكن هذا الحضور البشع قد يكون مفيداً فيمكن القول بأن داعش قامت بسكب ماء بارد على عيوننا الغافلة أو المتغافلة لتضع الجميع أمام حقيقة الإسلام .
داعش وضعت الإسلام على المحك وأظهرت جوهره بدون تزويق أو تزييف لذا أرى ان فعلها الصادم سيدفع المسلم للتوقف أمام هذا المشهد ليأخذ موقف من تراثه وليدور فى داخله صراع بين قيم وحضارة العصر التى نال منها حظاً وبين شريعة الماضى التى تطل برأسها ليدفع هذا فى إتجاه التحرر من التراث وهيمنته على الواقع ليضع إيمانه فى إطار إسلام المعبد والطقوس .. لذا أتصور أن فعل داعش مُفيد فى بناء موقف عقلانى إنسانى داخل المسلم لتتشكل فى داخله براعم لرؤية حضارية علمانية مدنية ,فلا يوجد تغيير إلا عندما يصل الصراع لذروته وأرى ان ظاهرة داعش درجة متقدمة فى تصعيد الصراع الفكرى .

إذا كان بالإمكان الإستفادة من مشهد داعش على مستوى الصراع وتجلية الأقطاب فهو ضار بالفعل على المستوى العربى فهناك إرادات عالمية تطلب هذا الحضور القوى لداعش فهو يخدم مصالحها من حيث تأجيج المنطقة فى صراعات طائفية علاوة على خلق عدو كرتونى أمام شعوب الغرب متمثلاً فى الوحش الإسلامى الأخضر بعد زوال المارد الشيوعى ,فالغرب يبحث عن عدو ولكنه يحاول صرف الإنتباه عن العدو الحقيقى المتمثل فى الرأسمالية الطبقية والإمبريالية العالمية ليخلق عدو توجه له اللعنات والسهام لتتجيش مجتمعاتها وراء فوبيا الإرهاب وهذا الوحش الكارتونى الأخضر .

داعش فضحت الدين الإسلامى والعقلية الإسلامية كما ذكرنا ولتثبت انه لا يوجد شئ اسمه إسلام وسطى على المستوى المؤسساتى فلم نجد اى مؤسسة او مرجعية إسلامية يقال عنها وسطية كالأزهر تستنكر فعل داعش وتدينه وتوثق إدانتها برؤية إسلامية وهذا يرجع كما ذكرنا إلى ان أداء داعش الهمجى لا يخالف صحيح الإسلام والقرآن لذا خرست ألسنه ما يطلقون عليهم إسلاميين وسطيين لنقول انه يوجد اسلام واحد نقى هو اسلام داعش ويتبقى إسلامات شعبية خجولة لا تملك القدرة على الفعل .
ليس معنى ذلك أنه لا يوجد إسلاماً وسطياً فى المطلق فبالرغم من إنعدامه فى المؤسسات الدينية ولكنه ذو حضور على المستوى الشعبى والجماهيرى من واقع تأثير المنظومات الحضارية والثقافية المدنية العالمية التى تغلغت فى المجتمعات الإسلامية كالإيمان بالحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان لتميل المجتمعات الإسلامية لخلق حالة إسلامية خاصة فى داخلها تمثل مزيج من إرثها الحضارى القديم وما يقدمه منظومة العالم الحضارية ولكن هذه الحالة الإسلامية الوسطية الشعبية ليست موثقة ولا مؤسسة فهى تتعامل مع النص بشكل إنتقائى لذا فكونها مزاجية تختار ما يناسبها وكونها غير مؤدلجة فى نهج ذو ملامح فإن تداعياتها وإنهيارها وارد من تأثير حالات المد والجزر فى المجتمع لتصاب فى النهاية بحالة من الإحباط والعجز والشلل فى صناعة الحاضر والمستقبل لتنجب كل أزمة حياتية حالة من التردى والإرتداد ووأد لأى مفاهيم إصلاحية.

قد يسأل سائل طالما لا توجد وسطية فى الإسلام ذات فكر مؤدلج يجد ما يرسخه فى واقع علاوة على عدم وجود مرجعيات ومؤسسات إسلامية ذات نهج وسطى حقيقى لتميل إلى التذبذب والخجل فمن اين نأمل بحالة إسلامية متصالحة ومتعايشة مع العصر لأقول أن الإنسان هو الذى يبدع الأديان ويصيغ ذوقه ومزاجه ومفاهيمه لينتقى ما يُريد ويُصعد ما يريد لذا فالحالة الوسطية الإسلامية الشعبية موجودة ولكنها بلا عقل فاعل ينظمها لذا يتم العصف بأى محاولة للمصالحة مع العصر لنشهد حالات إرتداد وتقلبات سريعة ومن هنا تحتاج الوسطية الشعبية الاسلامية لعقل وفكر يرسخها لا يتوارى أمام أى إحراج ولا يتلاعب على الحبال ولا يمارس دور فتاة الإسترابتيز وليتأسس هذا الفكر من ثقافة حداثية تجد حضورا فى المجتمع ..

اعتبر داعش بالرغم همجيتها وفعلها البشع إلا أنها أفادت بأن وضعت الإسلام والمسلمين على المحك ولابد ان ننتهز هذه الفرصة بالإلحاح على إتخاذ مواقف واضحة وحاسمة وشفافة من التراث ليكتفى الإسلام بالمعبد وإلا التمرغ فى مستنقعات التخلف والهمجية ليكون الإنقراض أفضل حالاً .

لا سبيل للتحرر من التخلف والرجعية والإنحطاط إلا بتاريخية النص ليؤمن كل مسلم أن النص كان لزمانه ولا يجب إسقاط التاريخ بحمولته على الواقع وأتصور أن هذا الحل بقدر ما يمثل حالة من الحرج الشديد فى البدايات يصاحبه عدم توازن إلا انه الطريق الوحيد لمصالحة الإسلام مع العصر ولن يكون هذا الحل مستحيلاً فبالفعل هناك واقع حياتى للمسلمين يميل للتعاطى مع منظومات العصر كالإيمان بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والمؤسسات المدنية كذلك بالإمكان التغيير فكما فعلها المسيحيون واليهود قبلهم عندما وضعوا النص فى حيزه التاريخى ليأتى الدور على المسلمين فى اتباع هذا النهج بشكل كامل فلا يمشون على سطر ويتركون عشرة أسطر .. كما لا تكون هذه المسئولية على عاتق ما يقال عنهم إسلاميين إصلاحيين مجديين بل على عاتق ثقافة مدنية علمانية تنويرية تضعهم على الطريق .

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إما تؤمنون بحق إسرائيل أو تكفرون أو تدركون بشرية الأديان.
- مازال ملف حماس مفتوحاً فى أسئلة محددة تطلب إجابات محددة.
- لماذا لا يثور الفلسطينيون على حماس ويعزلوهم.
- نظرياتى فى فهم الوجود والحياة والإنسان .
- فشنك - تسالى رمضانية (5).
- عذراً أنتم لم تنتبهوا-تسالى رمضانية(4).
- تأملات فى مشاعرنا وأعماقنا وزيفنا.
- تسالى رمضانية(3)-الأديان بشرية الفكر والهوى .
- تسالى رمضانية(2)-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- تسالى رمضانية-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء خامس .
- أسئلة فى الإنسان والوجود والحياة .
- ألم يروا ال D. N. A - كيف يؤمنون.
- أأنت قلت هذا-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- فلسفة التمايز .
- انهم لا يقدرون الله حق قدره بل يسخفونه ايضا.
- إشكالية الفكر الإسلامى .
- ثقافة متصادمة منتفخة متقيحة.
- فلسفة اللذة والألم .
- تناقضات فى الكتابات المقدسة جزء رابع-الأديان بشرية الفكر وال ...


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - داعش الوجه الحقيقى للإسلام ولكنها تفرط أيضا.