أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - تسامح الإسلام المنسوخ .















المزيد.....



تسامح الإسلام المنسوخ .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4415 - 2014 / 4 / 5 - 16:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (51) .

ترددت فى كتابة هذا البحث من مدة ليست بالقليلة تحت رؤية خاطئة إنتابتنى بأن الكتابة يجب أن تؤسس للبناء وليس للتخريب فتكون المعرفة المُقدمة لإرتقاء الإنسان وليس لسقوطه , كما تصورت أيضاً أن نظرية الجهل ببعض الأمور قد يكون مفيداً عن المعرفة فى بعض الأحيان فقد تأتى المعرفة بنتائج عكسية بإنصراف البشر عما كانوا ينتهجونه من معاملات إنسانية إلى النقيض , فالتسامح الذى يبديه الإسلام مثلاً فى بعض آياته لم يعد له قيمة أمام آيات نسختها وألغت حكمها ولكن الكثيرين لا يدركون هذا الوعى ليظلوا يحملون رؤية مثالية تعبر عن التسامح والصفح وكف الأذى لتترجم هذه الرؤية نفسها فى سلوك طيب من مسلمين كُثر , فهل لو خضنا فى هذا الأمر وبينا أن ميلهم لآيات التسامح هو فكر ونهج خاطئ بعد نسخ فاعلية هذه الآيات التى يتكئون عليها لتبقى نصوص العنف والتشدد هى القائمة , فألا تكون تلك التوعية والمعرفة ضارة بإنصراف المسلمين الطيبين عن الميل للتسامح والصفح طالما هى خاطئة ليجنحوا نحو التشدد والعنف لتزداد الطين بلة عما نحن وتتسع دائرة التزمت والكراهية فألا يكفينا أصحاب الإسلام المتطرف حتى نزيد رصيدهم .

هذا ما منعنى الخوض فى هذا الموضوع توهماً أنه من الخطأ إفساد نهج من يتحلون بسمات إنسانية حتى لو كان فهمهم قاصراً مغالطاً لما هو صحيح فنحن نريدهم هكذا ولا نأمل بالطيع فى تغير توجهم وسلوكهم ,ولكنى أرى الآن أن هذه الرؤية المفرطة فى حساسيتها وتوجسها من أن تؤدى التوعية وكشف الحقائق إلى تغير نهج المسلمين الطيبين خاطئة لإعتقادى بنظريتى التى تعتبر الإنسان هو الذى يبحث عن النصوص والتراث الذى يستهويه ليعبر عن مكنوناته الداخلية , بمعنى أن الذى تشبع بروح مسالمة من خلال تربيته ووسط محيط به يدفعه نحو المسالمة فسيكون مسالماً حتى لو أسمعته آيات القتل ليل نهار فهو ذو روح تهفو للسلم والترفق , كذلك هناك من تقست قلوبهم أو قل مُشبعين بالإحباط والغضب فى ظل مناخ إجتماعى خانق يائس محبط يُصعد العنف الداخلى فهؤلاء سينجذبون للنصوص العنيفة كونها تنفس عن عنفهم تحت مظلة شرعية , أى أن النصوص والآيات ليست ذات سحر يقع على الإنسان فبمجرد أن يسمع آيات القتل والدم سيتحول لإرهابى أو عند سماعه آيات الصفح والتسامح سيتحول لإنسان مسالم وديع , فالبشعيون يبحثون عن البشاعة والطيبون يبحثون عن الوداعة وليس معنى رؤيتى هذه اننى أنفى تأثير الثقافة على الإنسان ولكن هل هى تفرد ثقافة أم تنازعها ثقافات أخرى كما أن الأمور تدخل فى علاقة جدلية جهنمية.

إشكالية الإسلام هى مواقف سياسية تحولت لدين .
تخوض الكثير من الأقلام فى تحليل الإسلام لتتناول التمظهرات وردود الفعل من مواقف ومشاهد محددة لتستنزف ذاتها فى الإلتفاف حول الإشكاليات والتباكى والنواح حولها غافلة أن جذر المشكلة يكمن فى تحويل تاريخ ذو مواقف سياسية لناموس ودين , فالإسلام مشروع سياسى بإمتياز قدم مع كل مرحلة سياسية ما يناسبها من مواقف وسلوكيات حتى يحافظ على مشروعه ولعل هذا غير بعيد عن المثقف الواعى الذى يتلمس المرحلة المكية والمدنية وما بينهما من تباين فى النصوص , فما بين جنينية المشروع وإكتمال قوته تولدت النصوص لتواكب كل مرحلة لمواقف تنسجم معها ,فالفترة المكية كانت تحمل بدايات المشروع الذى لم يلقى إستجابة لينشأ فى ظل حالة ضعف مع الرغبة فى الحفاظ على المشروع السياسى بمواقف لينة غير متصادمة لتنطلق آيات تدعو للصفح والتسامح ثم تتغير المواقف مع ظهور القوة والتمكين وقدرة المشروع على التحدى وفرض ذاته لتظهر المواقف المتصادمة الإقصائية كتعبير عن القوة والتفرد لتنتج سلوكيات مغايرة للفترة المكية .
ليس ما نذكره بعيد عن عين المدقق المتفحص فالمواقف والسلوكيات عبرت عن حالة المشروع السياسى الإسلامى وفى الحقيقة لا نستطيع أن نعيب وننتقد تباين السلوك فى تلك المرحلة التاريخية للمشروع سياسى فهو يتحرك على الأرض يراعى الظروف الموضوعية بل يمكن لنا أن نشيد بقدرته الذكية على المرونة والتكيف مع القوى السائدة فلا مغالاة ولا تشدد فى ظرف موضوعى غير سامح ولا تخاذل فى ظل إنتصار القوة .
تأتى إشكالية الإسلام فى أن تلك المواقف البرجماتية التى إنسجمت مع ظرفها التاريخى فى سياق المشروع السياسى أصبحت دين ودستور يطلب من الأتباع والمريدين التعاطى مع نصوص جاءت وفق حدث ومرحلة تاريخية ليتم إعتبارها دستور وشريعة ومنهج حياة ليقع المسلم فى تناقض هائل حيث ان النصوص متضاربة وفق تباين المشاهد السياسية كما ذكرنا فلأى نص يتبع فهل لذاك النص الذى يدعو للصفح ام ذاك الذى يناقضه الداعى لسحق الآخر .

أدرك أئمة وفقهاء الإسلام هذا التناقض فخرجوا بفقه الناسخ والمنسوخ والذى أشار له محمد عندما واجه نقد اليهود والمشركين فى تضارب الآيات بعضها مع بعض لتأتى آيات " مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ سورة البقرة 2: 106 -وفي سورة الرعد 13: 39 " يَمْحُواللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أَمُّ الكِتَابِ" لتبرر التناقض ولكنها تجعل الله ينسخ وينسى ويمحو ويأتى بأحسن مما قدم لتنتهك هذه الآيات الذات الألهية كما هو ماثل أمامنا بل وفق تقييم القرآن ذاته الذى يرفض بحسم أى نسيان وسهو لله فكلماته لا تتبدل .! – " واتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً "الكهف27. " تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ "السجدة2 –" ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ "سورة البقرة2.- " الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ " هود1 - "وتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "الأنعام : 115.
ننصرف عن هذا التناقض الماثل أمامنا لنواصل طريقنا فى فقه الناسخ والمنسوخ الذى يُعتبر ذو أهمية فى فهم القرآن كما قال السيوطي في كتابه الأشهر الإتقان في علوم القرآن حيث قال : لا يجوز لأحدٍ أن يفسر كتاب الله تعالى إلا بعد أن يعرف منه الناسخ و المنسوخ ، و قد قال علي بن ابى طالب لقاضٍ : أتعرف الناسخ من المنسوخ ؟ قال : لا . قال : هلكت و أهلكت .. وعلى إثر فقه الناسخ والمنسوخ هذا سنجد آيات التسامح والصفح والمسالمة قد تم العصف بها لتبقى آيات الشدة والعنف والإقصاء أى تم نسخ حكم آيات التسامح فلم يعد لها وجود كحكم لتتصدر آيات العنف الوعى الإسلامى .. ومن هنا نبدأ بحثنا فى سرد آيات التسامح المنسوخة وإجماع إئمة الإسلام على إبطال التعاطى معها .

آية السيف الرهيبة .
الآيات المنسوخة فى القرآن تتسم بروح التسامح واللطف وعدم التصادم مع المختلف لتبتعد عن الإكراه والترهيب مثل " لكم دينكم ولي ديني، لا أكراه في الدين، فأصفح الصفح الجميل، ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعضة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " ..الخ وأتصور أن غالبية المسلمين يتبعون نهج هذه الآيات ويمنهجون حياتهم فى إطارها ولكن تأتى آية السيف لوحدها لتبدد حكم هذه الآيات المتسامحة " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد" (سورة التوبة:5) فقد نسخت كما ذكر ابن سلامة ما يساوي 124 آية من القرآن وكذلك قول النيسابوري : هي الآية الناسخة نسخت من القران مائة آية وأربعا وعشرين آية - كتاب الناسخ والمنسوخ ص284. وكقول الحافظ بن كثير في تفسيره لآية التوبة: قال الضحاك بن مزاحم إنها نسخت كل عهد بين النبي و بين المشركين وكل عقد ومدة. وقول ابن عباس عن هذه الآية: لم يبق لاحد المشركين عهد ولا ذمة منذ ان نزلت براءة أي سورة التوبة - وقال الكلبي صاحب تفسير ( التسهيل في علوم التنزيل) نسخ مسالمة الكفار والعفو عنهم والأعراض والصبر على آذاهم بالأمر بقتالهم ليغني ذلك عن تكراره في مواضعه، فإنه وقع منه في القران مائة وأربع عشرة آية من أربع وخمسين سورة نسخ ذلك كله بقوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و كتب عليكم القتال.. ويضيف الحسن بن فضل : هي آية السيف نسخت هذه الآية كل آية في القران فيها ذكر الأعراض والصبر على آذى الأعداء .ويؤكد ابن حزم في كتابه الناسخ والمنسوخ أن بالقران مائة وأربع عشرة آية في ثمان وأربعين سورة .نسخت الكل بقوله: اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم .. كما قال الامام ابو القاسم بن سلامة : (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) وهي ناسخة ،ولكن نسخت من القران مائة وأربع عشرين آية ثم صار آخرها ناسخ لأولها، وهي قوله ( فان تابوا أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم).. وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية: لم يبق لأحد من المشركين عهد ولا ذمة منذ نزلت براءة وانسلاخ الأشهر الحرم ومدة من كان له عهد من المشركين قبل أن تنزل براءة أربعة أشهر من يوم أذن ببراءة إلى عشر من أول شهر ربيع الآخر - وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قال: أمره الله تعالى أن يضع السيف فيمن عاهد إن لم يدخلوا في الإسلام - كتاب الناسخ والمنسوخ للنحاس والنيسابوري.

. وهاهى بعض الآيات التي صارت بموجب النسخ بواسطة آية السيف منتهية الصلاحية.ولنا مع بعضها وغيرها إستفاضة
"لنا أعمالنا ولكم أعمالكم" (سورة البقرة: 139 ).
"لا إكراه في الدين" (سورة البقرة: 256).
"فاعرض عنهم وعظهم" (سورة النساء: 63).
"ما على الرسول إلا البلاغ" (سورة المائدة: 99).
"فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنت عليهم بوكيل" (سورة الأنعام: 104).
"فإن كذبوكم فقل لي عملي ولكم عملكم" (سورة يونس: 41).
"أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" (سورة يونس: 99).
"فاصفح الصفح الجميل"(سورة الحجر: 85).
"فإن تولوا فإنما عليك البلاغ" (سورة النحل: 82).
لنا عودة مع آية السيف الناسخة ولكن يُجدر الإشارة أن الاسلام بمفهموم آية السيف تحول لدين جهاد وقتال ليبدد أى نهج إنتهجه فى البدايات لذا نجد المتطرفين و كل الحركات الجهادية تؤمن وتُطبق حرفيا هذه الآية بينما المسلمين البسطاء غافلين عن الناسخ والمنسوخ في القرآن لتجدهم يستغربون من الأعمال الإرهابية للحركات الجهادية ويقولون "هذا ليس من الاسلام " لكن الحقيقة المؤسفة أن هؤلاء المتطرفين هم من يدركون الاسلام بشكل صحيح .

نستكمل البحث فى آيات التسامح والمسالمة المنسوخة ...
- ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) سورة الحجر85- آية جميلة بالفعل ولكن لم يعد لها وجود فى حالة هيمنة القوة فعن بشر: قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) ثم نسخ ذلك بعد، فأمره الله تعالى ذكره بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، لا يقبل منهم غيره.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك ، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) ، فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ و قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ وهذا النحوُ كله في القرآن أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك منه، حتى أمره بالقتال، فنسخ ذلك كله. فقال وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ . - كذلك حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) قال: هذا قبل القتال.- وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال : ثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان بن عيينة، في قوله: ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) وقوله وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ قال: كان هذا قبل أن ينـزل الجهاد. فلما أمر بالجهاد قاتلهم فقال: " أَنَا نَبِيُّ الرّحْمَةِ ونَبِيُّ المَلْحَمَةِ، وبُعِثْتُ بالحصادِ وَلمْ أبْعَثْ بالزِّرَاعَةِ". ... " بُعِثْتُ بالحصادِ وَلمْ أبْعَثْ بالزِّرَاعَةِ "!!!

- (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون 6- من الآيات الجميلة بالقرآن والتى يتعاطى معها الكثيرون من المسلمين وتعطى دلالة جميلة على أن الإسلام يحترم حرية العقيدة ولكن هذه الآية تم نسخها أى فقدت حكمها بشهادة جمع من الفقهاء الراسخون فى العلم قال القرطبي :كان هذا قبل الأمر بالقتال، فنسخ بآية السيف - الجلالين : هذا قبل أن يؤمر بالحرب - الشوكاني: هذه الآية منسوخة بآية السيف - الفيروز آبادي: نسختها آية القتال وقاتلهم بعد ذلك - السمرقندي : هذا قبل أن يؤمر بالقتال ثم نسخ بآية القتال -البغوي : هذه الآية منسوخة بآية السيف. - وابن عطية : منسوخة بآية القتال - وابن الجوزي :منسوخ عند المفسرين بآية السيف - الخازن :هذه الآية منسوخة بآية القتال - أبو حيان :منسوخة بآية السيف - النيسابوري : منسوخة بآية القتال.

- ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) سورة البقرة 2: 256 آية أخرى تؤكد حرية الإعتقاد ولكن لم تبقى كسابقتها بعد أن إمتلك المشروع قوته - قال سليمان بن موسى وابن مسعود وكثير من المفسرين نسختها ( ياأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ )لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلا بالإسلام؛ كما نسختها " قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " ( سورة التوبة 9: 29) - الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص 96 -97.

- ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )( سورة يونس 10: 99) آية طيبة بعدم إكراه الناس على الإيمان ولكنها لم تصمد أمام تمدد المشروع الإسلامى وقوته وبتوصيات الإله ذاته ,فقد نسخت بـنص " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَا غْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ " (سورة التوبة 9: 73).

- ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ) النحل 125 من الآيات الشهيرة التى يتشدق بها الوسطيون ولكن نسختها آية السيف أيضا . راجع الناسخ والمنسوخ للنيسابورى ص 210. كما يقول القرطبى هذه الآية نزلت بمكة في وقت الأمر بمهادنة قريش، وأمره أن يدعو إلى دين الله وشرعه بتلطف ولين دون مخاشنة وتعنيف، وهكذا ينبغي أن يوعظ المسلمون إلى يوم القيامة فهي محكمة في جهة العصاة من الموحدين، ومنسوخة بالقتال في حق الكافرين. وقد قيل: إن من أمكنت معه هذه الأحوال من الكفار ورجي إيمانه بها دون قتال فهي فيه محكمة. والله أعلم.

- ( فَاصْبِرْ عَلَىٰ-;- مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ) سورة ق 39 -آية جميلة تدعو للصبر لتقابلها آية السيف وتنزع منها الصبر وتنسخه. الناسخ والمنسوخ للنيسابورى ص 291 - كما يقول القرطبى فى تفسيره بأن قوله الله تعالى فاصبر على ما يقولون خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم -;-أمره بالصبر على ما يقوله المشركون -;-أي هون أمرهم عليك . ونزلت قبل الأمر بالقتال فهي منسوخة .

- ( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) الرعد 40.نسختها آية السيف . الناسخ والمنسوخ النيسابوري ص 202 -203.

- ( ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي انزل إلينا وانزل إليكم ) العنكبوت 46. نسختها آية سورة التوبة 29. : " وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون." - الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص 255.

- ( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) بالرغم أنها آية لا تدعو للسلام بشكل مباشر فهى تسمح فقط للميل للسلم عندما يبادر العدو بذلك إلا أن النسخ طالها !– قال قتادة وعِكرمة: ( نسخها فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ )التوبة: 5 – وكذلك " وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً "التوبة: 36- وقالا: نسخت براءة كلَّ موادعة، حتى يقولوا لا إله إلا الله. كما يؤكد ابن عباس بأن الناسخ لها "فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلَى السَّلْم" . - كذلك نسختها آية سورة التوبة 29 : وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون . النيسابورى ص 176-177

- ( ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ومن آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) سورة البقرة 62 - نسختها آية سورة ال عمران 84 (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) العمران 84. وهذا ما اجمع عليه علماء المسلمين لأن الله لن يقبل بديلاً عن الإسلام فالدين عند الله الإسلام -الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص 35.

- (ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) بقرة 139. نسختها آية سورة التوبة 5 ( فإذا انسلخ الأشهر الحرام اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ، إلى آخر الآية - الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص44-45. وذلك وفقا مَا حَدَّثَنَا به عَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ ، ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : وَقَوْلُهُ تَعَالَى : لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سورة الشورى آية 15 " مُخَاطَبَةٌ لِلْيَهُودِ , أَيْ لَنَا دِينُنَا وَلَكُمْ دِينُكُمْ , قَالَ : ثُمَّ نُسِخَتْ , بِقَوْلِهِ تَعَالَى : قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ سورة التوبة آية 29 " الْآيَةَ . وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ : لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سورة الشورى آية 15 أَيْ لَنَا دِينُنَا وَلَكُمْ دِينُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ سورة الشورى آية 15 أَيْ لَا خُصُومَةَ , وَهَذَا لِلْيَهُودِ , ثُمَّ نَسَخَهَا : قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ سورة التوبة آية 29 فَهَذَا قَوْلٌ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَنْسُوخَةٍ , أَيْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ , لِأَنَّ الْبَرَاهِينَ قَدْ ظَهَرَتْ , وَالْحُجَّةُ قَدْ قَامَتْ . وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ : يَجُوزُ لِأَنَّ مَعْنَى لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ , لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نَحْتَجَّ عَلَيْكُمْ وَنُقَاتِلَكُمْ , ثُمَّ نُسِخَ هَذَا .

-( فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصيْطِرٍ ) فَذَكِّرْ أي فعِظهم يا محمد وخوّفهم. " إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ"أي واعظ. "لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ " أي بمسَلَّط عليهم فتقتلَهم وهذا كلام طيب ولكن تأتى آية السيف لتنسخها كما جاء فى تفسير القرطبي - ج ٢-;-٠-;- . ويؤكد رأيه الطبرى والبغوى بإن هذه الآية منسوخة بآية السيف فى تفسيرهما .

- (فاصبر صبرا جميلا )المعارج 5.آية جميلة ولكن آية السيف لها بالمرصاد لتنسخها كما فى الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص 315. وفى تفسير الطبرى : حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا قَالَ : هَذَا حِين كَانَ يَأْمُرهُ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ لَا يُكَافِئهُمْ ,فَلَمَّا أَمَرَ بِالْجِهَادِ وَالْغِلْظَة عَلَيْهِمْ أَمَرَ بِالشِّدَّةِ وَالْقَتْل حَتَّى يُتْرَكُوا , وَنُسِخَ هَذَا .

- ( واهجرهم هجرا جميلا ) المزمل 10. 317- آية رقيقة ذات موادعة لتنسخها آية السيف . الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص 317 –ويوضح ابن العربي في أحكام القرآن 4/1880 فيها مسألتان : المسألة الأولى هذه الآية منسوخة بآية القتال ، وكل منسوخ لا فائدة لمعرفة معناه ، لاسيما في هذا الموضع ، إلا على القول بأن المرء إذا غُلِب بالباطل كان له ان يفعل ما فعله النبي حين غلبوه والمسألة الثانية : فأمّا الصبر على مايقولون فمعلوم ، وأمّا الهجر الجميل فهو الذي لا فحش فيه ، وقيل : هو السلام عليهم ، وبالجملة فهو مجرد الإعراض .

- ( فان حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والاميين أأسلمتم فان اسلموا فقد اهتدوا ) ال عمران 20- إلى هنا هذه الآية محكمة ليكون المنسوخ منها قوله: " وان تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد". لتنسختها آية السيف التوبة 5- الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص 102 -103.

- ( ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق "فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره" ) البقرة 109.هذه هي الآية الرابعة بحسب تسلسل المنسوخ في سورة البقرة نسختها آية سورة التوبة 29. قال النيسابوري : " نسخ ما فيها من عفو وصفح " لقوله ( وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله إلى قوله حتى يعطوا الجزية. )الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص 37-42 أى ان النسخ ينتقى من وسط الآية (فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) .!!

- ( أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فاعرض عنهم وعظهم ) النساء - يقول النيسابوري : كان هذا في بدء الإسلام ثم صار الوعظ والأعراض منسوخاً بآية السيف توبة 5 - الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص 135.

-(لاَّ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 8-9. نُسخت بآية السيف " فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ" [التوبة:5 -الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص 303. و يؤكد هذا الطبرى فى تفسيره : حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : وَسَأَلْته عَنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّه ...) , فَقَالَ : هَذَا قَدْ نُسِخَ , نَسَخَهُ الْقِتَال , أُمِرُوا أَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ بِالسُّيُوفِ , وَيُجَاهِدُوهُمْ بِهَا , يَضْرِبُونَهُمْ , وَضَرَبَ اللَّه لَهُمْ أَجَل أَرْبَعَة أَشْهُر , إِمَّا الْمُذَابَحَة وَإِمَّا الْإِسلام ! - كما حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( لا يَنْهَاكُمْ اللَّه ..) قَالَ : نَسَخَتْهَا ( اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) - وجاء فى القرطبى ايضا فى تفسير هذه الآية رُخصة من الله تعالى في صِلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم. قال ابن زيد: كان هذا في أوّل الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال ثم نسخ.- قال قتادة: نسختها فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ التوبة:5- وقيل: كان هذا الحكم لعلة وهو الصلح، فلما زال الصلح بفتح مكة نُسخ الحكم وبقي الرسم يُتْلىَ. وقيل: هي مخصوصة في حلفاء النبيّ صلى الله عليه وسلم ومَنْ بينه وبينه عهد لم ينقضه .

- ( وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ .) نسختها آية سورة التوبة 36 ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) وبقوله (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ).يقول النيسابوري في قوله ولا تعتدوا هذا كان في الابتداء عندما كان الإسلام ضعيفا - الناسخ والمنسوخ للنيسابوري ص 65-66. - ويؤكد القرطبى فى تفسيره : أي يحلّ لكم القتال إن قاتلكم الكفار. فالآية متصلة بما سبق من ذكر الحج وإتيان البيوت من ظهورها، فكان عليه السلام يقاتل من قاتله ويَكُفّ عمن كَفّ عنه، حتى نزل(فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ )التوبة: 5 - فنسخت هذه الآية وهذا قول بن زيد والربيع وجمع من العلماء انها منسوخة بآية ( وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً ) التوبة: 36- فأمر بالقتال لجميع الكفار. فلا يقل احد بعد الآن ان هناك آيات دفاعية وهجومية .!

- ( إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ان الله يحب المتقين ) توبة 7. نسخت هذه الآية بقوله : "واقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " توبة 5- الناسخ والمنسوخ النيسابوري ص 184-185

بدلا من أن يكحلوها أعموها .
نكتفى بهذا القدر من بعض الآيات المنسوخة ليتبقى الكثير لمن يريد الإستفاضة فإعتنائنا هو فى مجمل آيات التسامح والمسالمة المنسوخة كما رأينا فى إجماع الفقهاء وأئمة الإسلام على الناسخ والمنسوخ الذى يزيح فى طريقه كل ما يعرف عن التسامح والصفح والسلم ليترسخ مكانها آيات القتل والعنف والتشدد .
فى خضم هذه الرؤى المتفقة على النسخ تتولد رؤى تصب فى نفس المنحى قد يتصور البعض أنها ذات مرونة ولكنها لا تخرج عن نفس النهج التى جاءت من أجله النصوص فهو عند الضعف يطلب إستحضار الآيات المنسوخة , وعند إمتلاك القوة فلتأتى الآيات الناسخة أى أن إستحضار الآيات المنسوخة هو لعبور الأزمة والضعف فقط , فبماذا نصف هذا النهج أليس بإنتهازية ونفاق لتجعل المرء يتشكك فى أى مسلم يمتلك قناعة بفكر الناسخ والمنسوخ فهو فى ضعفه لا يُعبر عما فى داخله .

دعونا نوثق هذه الرؤية الأصولية الإنتهازية بإستحضار أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول ص 221 حيث يقول : "فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الذين، وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوه الجزية عن يد وهم صاغرون.
ويقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا)الأنفال:61، وقال ابن عباس ومجاهد وزيد بن أسلم وعطاء والخراساني وعكرمة والحسن وقتادة أن الآية منسوخة بآية السيف في براءة (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ)(التوبة:29)، وفيه نظر، لأن آية براءة فيها الأمر بقتالهم إذا أمكن ذلك فأما إذا كان العدو كثيفاً فإنه يجوز مهادنتهم كما دلت عليه هذه الآية الكريمة وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية فلا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص، والله أعلم."
ويضيف:" الزركشي : "قسم بعضهم النسخ من وجه آخر إلى ثلاثة أضرب.. الثالث: ما أمر به لسبب ثم يزول السبب: كالأمر حين الضعف والقلة بالصبر والمغفرة للذين لا يرجون لقاء الله، ونحوه مِن عدم إيجاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، ونحوها، ثم نسَخَهُ إيجاب ذلك، وهذا ليس بنسخ في الحقيقة، وإنما هو نسء كما قال -تعالى-: (أَوْ نُنسِهَا) (البقرة:106)، فالمنسأ هو الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمون، وفى حالة الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى، وبهذا التحقيق تَبيَّن ضعف ما لهج به كثير مِن المفسرين في الآيات الآمرة بالتخفيف أنها منسوخة بآية السيف وليست كذلك، بل هي من المُنسأ، بمعنى أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعلة توجب ذلك الحكم، ثم ينتقل بانتقال تلك العلة إلى حكم آخر" (البرهان:2/42).
ومن المحدثين يقول الشيخ بن باز : وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فعلم بذلك أنه أراد قتال الكفار لا من قاتل فقط ، بل أراد قتال الكفار جميعا حتى يكون الدين كله لله وحتى لا تكون فتنة والفتنة الشرك ، ثم أنزل الله بعد ذلك آية السيف في سورة براءة وهي قوله جل وعلا : فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال العلماء رحمة الله عليهم (الكلام لابن باز) : إن هذه الآية ناسخة لجميع الآيات التي فيها الصفح والكف عن المشركين والتي فيها الكف عن قتال من لم يقاتل , قالوا : فهذه آية السيف هي آية القتال ، آية الجهاد ، آية التشمير عن ساعد الجد وعن المال والنفس لقتال أعداء الله حتى يدخلوا في دين الله وحتى يتوبوا من شركهم ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام . وقال بعض أهل العلم هذه الآيات: ليست ناسخة لآيات الكف عمن كف عنا وقتال من قاتلنا وليست ناسخة لقوله : لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ولكن الأحوال تختلف فإذا قوي المسلمون وصارت لهم السلطة والقوة والهيبة استعملوا آية السيف وما جاء في معناها وعملوا بها وقاتلوا جميع الكفار حتى يدخلوا في دين الله أو يؤدوا الجزية إما مطلقا كما هو قول مالك رحمة الله وجماعة ، وإما من اليهود والنصارى والمجوس على القول الآخر ، وإذا ضعف المسلمون ولم يقووا على قتال الجميع فلا بأس أن يقاتلوا بحسن قدرتهم ويكفوا عمن كف عنهم إذا لم يستطيعوا ذلك فيكون الأمر إلى ولي الأمر إن شاء قاتل ، وإن شاء كف ، وإن شاء قاتل قوما دون قوم على حسب القوة والقدرة والمصلحة للمسلمين . وإذا صار عندهم من القوة والسلطان والقدرة والسلاح ما يستطيعون به قتال جميع الكفار أعلنوها حربا شعواء للجميع !!.. وأعلنوا الجهاد للجميع. وهذا القول ذكره أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهذا القول أظهر وأبين في الدليل ؛ لأن القاعدة الأصولية أنه لا يصار إلى النسخ إلا عند تعذر الجمع بين الأدلة ، والجمع هنا غير متعذر. انتهى كلام بن باز.

عودة إلى إشكالية الإسلام
كما ذكرنا فى المقدمة أننا أمام إشكالية حقيقية جاءت نتيجة أن المواقف السياسية الإستراتيجية منها والتكتيكية أصبحت مقدسة أى أن المشروع السياسى بكل إنحساره وصعوده وآماله وإخفاقاته وإنتهازيته صار دين ودستور ونهج للمسلمين بالرغم أن المشاهد واضحة لأى إنسان يمتلك قليل من الوعى أننا أمام مشروع يتعاطى مع واقعه لبلوغ أهدافه فليس لديه أى إشكالية فى تغيير مواقفة بحدة دون أن يغفل له رمش ليغلفها بنصوص .
تأتى الإشكالية أن المسلمين لا يريدون إعتبار الدين تاريخ بل يقدسونه كمنهج ودستور وشريعة حياة فكل آية جديرة بالإقتداء والإمتثال فى أى زمان ومكان وطالما هم يريدونها هكذا فستطفو التناقضات الفجة على السطح فلا تجد ما يعالجها سوى إتباع فقه الناسخ والمنسوخ فهو لا يبطل التناقض بقدر ما يحدد الطريق الذى يجب على المسلم إنتهاجه كدستور حياة ليدوس فى طريقه كل ما يُعرف عن آيات التسامح والسلم والصفح فاتحاً الطريق لكل نهج العنف والتشدد .

هل يمكن الخروج من هذه الأزمة المستعصية ..أرى أن المسلمين يتصورون الخروج منها بجهلها وتجاهلها ليختار البسطاء الودعاء التغافل عن النصوص العنيفة ليبقوا على نفس النهج الذى إرتضوه من المسالمة والتسامح وقد ينفع هذا النهج كون أن روح المسالمة متواجدة أصلا فيهم وهذا ما أشرت له فى مقدمة البحث ولكن أسلوب تجاهل وإغفال ما فى النص من دعوات عنف وتشدد ليس مضموناً ولن يجدى ولن يكون له الإستمرارية فكل المتطرفين والإرهابين لم يكونوا هكذا منذ نعومة أظافرهم فليس هناك مصل يمنع حدوث تصدر النصوص العنيفة الناسخة والعصف بآيات الود والمسالمة وهذا ما نشهده من إتساع رقعة التطرف والتشدد والذى أعزيه أيضا إلى ظروف موضوعية خلقت الإحباط والتهمييش والغضب لتحتضن النص العنيف .
يأتى حل آخر ولكن أعتقد سيكون مصيره الفشل كسابقه وهو إلغاء فقه الناسخ والمنسوخ فهو فكر وإجتهاد أئمة وعلماء بشر فى النهاية ولكن هذا لن يحل الإشكالية فالتناقض فى الآيات سيطفو ويعلن عن نفسه فإلى أى نهج ينتهج المسلم ,هل لتلك الآيات أم غيرها فليس لديه نهج واضح ومحدد.
قد يأتى حل أتمناه ولكن أتصوره تخيلياً وهو أن يظهر فقه إسلامى جديد يؤكد ويؤصل لآيات السلم وينسخ آيات القتال ويلغيها من الفكر والثقافة الإسلامية ولكن كيف نستطيع أن نرقع الثوب ونحيله جديدا وكل بوصة فيه تؤكد أن العنف والقوة هى حجر الزاوية فيه .
لم يتبقى سوى الحل الذى أعلنه دوماً وهو تاريخية النص أى التعامل مع النص كتاريخ لمواقف حدثت فى الماضى خاضعة لظروفها الموضوعية لتأتى المشاهد التراثية كنتاج طبيعى لهذا المجتمع ومشروعه السياسى فى هذا الزمان ومن هنا يتحرر المسلم من إستقدام مشهد تاريخى تراثى ليسقطه على واقعه ويصبغ به سلوكه وفكره ونهجه وهذا الكلام ليس بالشئ الغريب والصعب فقد فعلها اليهود والمسيحيين عندما وضعوا كل قصص الأنبياء بشرائعهم وحروبهم التى باركها الرب كمشاهد تاريخية فقط فلم يعتبروها نصوص واجبة الإلتزام والإستحضار والإسقاط على واقعهم ..أتصور أنه لا سبيل للخلاص من التخبط والتداعى والإنهبار وقتامة المشهد الإسلامى سوى أن نسلك هذا الدرب ليواكبه تأصيل لحزمة قيم أخلاقية وحضارية من منتجات الإنسانية الحديثة كثقافة جديدة تعتنى بحقوق وحريات وكرامة الإنسان والتعايش السلمى بين البشر .. هكذا أرى الحل وإلا الدمار والنهاية , فهل لديكم حلول أخرى ؟.

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة البغبغاء – لماذا نحن متخلفون.
- سامى لبيب - مفكر يساري وباحث في الشأن الديني – فى حوار مفتوح ...
- ثقافتنا البشعة طالت العلمانيين والملحدين واللادينين العرب.
- شهيد الذبابة.
- تأملات فى ثقافتنا البائسة-لماذا نحن متخلفون.
- تخاذل المثقف – لماذا نحن متخلفون .
- عذراً إيمانكم كله خاطئ فالله ليس كمثله شئ.
- لماذا الإيمان ولماذا يؤمنون .
- تأمل .تأمل -الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية .
- منطق الله-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم(34).
- الصراع العربى الإسرائيلى الذى خاب وخبا-قضية للنقاش .
- البشاعة تراث أم بشر–الدين عندما ينتهك إنسايتنا(50).
- إختار الإجابة الصحيحة–الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية .
- إنهم نصابون –خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم .(33).
- الله بين المعنى واللامعنى .
- مفاتيح لفهم الوجود والحياة .
- هل هناك أمل فى إسلام متصالح مع العصر-قضية للنقاش.
- فى المعنى والغاية والقيمة-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.
- تناقض فى الكتابات المقدسة-جزء 3-الأديان بشرية الفكر والهوى و ...
- فى العشوائية والنظام-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - تسامح الإسلام المنسوخ .