أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - حوار مع البحر














المزيد.....

حوار مع البحر


بلقيس الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4561 - 2014 / 9 / 1 - 01:26
المحور: الادب والفن
    





جلست إلى ساحل البحر تتأمل زرقته وأمواجه العاتية، شابّة بعمر الزهور،

منهكة، يائسة وبائسة، وفي عينيها نظرات الغضب والألم. جلست تتحدث إلى

أصداف البحر وتئن ثم تجهش بالبكاء. كانت الأصداف تستمع إلى آهاتها التي

تخرجها مكتومة وحارة من صدر مخنوق بالحسرات، فجأة توقفت عن البكاء



وأسرعت إلى البحر تصرخ:" تبا لك يا قدري.. أريد أن أنهي حياتي والرحيل من

هذه الدنيا ووحوشها.. أريد أن أستقر في قاعكَ ولا يجدني أحد.. "

سمعها البحر، هاج وماج، وارتفعت أمواجه عالية لتحضنها بقوة وحنان، ثم


تعيدها إلى الساحل.


.ــ لازلتِ شابة في عمر الزهور، عيشي حياتكِ
ــ تقول لي حياة ! أية حياة هذه ونحن نعيش في مجتمع الغاب، حين تصبح



الحيوانات أرحم من البشر. وفي موجة غضبها بصقت على هذا الزمن

الرديء،مجتمع الوحوش.

. ــ حدثيني عن مشكلتكِ أيتها الرقيقة لعلي استطيع مساعدتك

ــ لا أظن هذا ينفع، فقد خسرتُ كلّ شيء. لكن سأروي لك ما حصل لي، لعل هذا ينفع
.ـــ اقتراح مناسب وجميل



ــ في أحد الأيام كنتُ عائدة من عملي بعد يوم مرهق، صادفني طفل يبكي. دنوتُ

منه وسألته عن سبب بكائه. فقال بأنه لا يقوى على العودة إلى بيته، كان خائفا جداً



عطفتُ عليه ورافقته إلى بيتهم. ما إن طرقت الباب حتى فتحه رجل ظننته والده.

وبلمح البصر وضع الرجل كمامة على أنفي وسحبني إلى الداخل وأغمي عليّ. وفي

اليوم الثاني وجدت نفسي على قارعة الطريق شبه عارية بعد أن اغتصبني. تركتُ

العمل، نبذني أهلي وأصدقائي. فلا حياة لي في هذا المجتمع المتوحش، لذا أريد أن

انهي حياتي. أرجوك خذني إلى أعماقك لأرقد هناك بسلام.


: هاج البحر مجددا، معبرا عن سخطه وحزنه، ثم ألان لها الحديث قائلا
ـــ لا .. لن أدعك ترحلين هكذا، أنتِ بريئة وطاهرة، أنتِ ضحية، ضحية مكر وظلم،


ظلم مجتمع جاهل يستضعف المرأة، يهينها ويهين نفسه، ومكر شخص منحل

وحقير، . فقضيتكِ قضية رأي عام وليست شخصية. إن أنتِ أنهيت حياتك سيكون

ذلك نصرا لذوي النفوس المريضة والضعيفة. دافعي عن قضيتكِ.. عن وجودكِ..

عن الأخريات اللواتي تعرضن لمثل حالتكِ، دافعي بضراوة .. وسأكون إلى جانبكِ

صديقا ومناصرا وناصحا.


أشعرتها هذه الكلمات بالطمأنينة والراحة، لكنها سألت:

ــ كيف أدافع ومرتكبوا جرائم الاغتصاب لا يواجهون العدالة على الاطلاق، والناجيات منه لا يحصلن على المساعدة للتعافي بدنيّا ونفسيا واستئناف حياتهن

الطبيعية بعد التعرض لهذه الممارسات. كيف .. كيف ؟!..

ــ عودي إلى عملكِ أولا فهو سيكون سلوى لكِ وطريقا لاستعادة ثقتكِ بنفسكِ وثانيا

عودي تدريجيا إلى حياتكِ الاجتماعية، فستجدين هناك مَن يهتم ويتفهم حالتكِ


ويتعاطف معكِ ويأخذ بيدكِ من جديد نحو حياة أفضل.

أشعرتها هذه الكلمات بمزيد من الثقة والانشراح، نظرت إلى الأفق البعيد، كأنها

تبحث عن شيء جديد هناك، بدت السماء جميلة وهي تناظر البحر بلونها الأزرق. خاطبها البحر مطالبا وقائلا:

ــ اكتبي! اكتبي عن مشاعركِ، شاركي الآخرين، ودعيهم يشاركونكِ الحياة، عرّي


النفوس الضعيفة، اشرحي للناس عن مظلمتكِ، ستكونين للآخريات كطوق النجاة،

وستبعثين في نفوسهن أمل الحياة من جديد. وتعالي إليّ كلما أحسست بضيق..

ستجدينني نعم الصديق.. أحضري لي كتاباتكِ وأقرئيها بصوت عالٍ، أحضري

كتابات الأخريات وأقرئيها عليّ أيضا، ستجدين نفسكِ ومعكِ حشد كبير من النساء

الضحايا، وستكونين أنتِ لهن الأخت والأم، ألا يجعل كل هذا لكِ مهمة جديدة

وكبيرة.
كلمات البحر هذه كانت كالبلسم، وجدت فيها الأمل والحلم، كأنها كانت في عالم

آخر وعادت منه، تذكرت أن الخير والشر كانا على هذه الأرض منذ الأزل، شعرت

أن الحياة أجمل من أن تضيع سدى، بعد أن أدركت طريق الهدى، نظرت نحو البحر

بحب، ورمت نفسها في مياهه سابحة وفرحة هذه المرة وهي تردد:" أنت نعم الصديق، أنت المرشد نحو الطريق!.. "



#بلقيس_الربيعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الفنانة نماء الورد
- التاسع من مايو .. يوم الانتصار على الفاشية
- أبا ظفر في عيد ميلادك
- حوار مع الشاعرة ثناء السام
- تنهنئة من القلب
- ورحل فنان الشعب
- المركز الثقافي العراقي في السويد بيت لكل العراقيين
- أبا ظفر .. عشت بكرامة واستشهدت بشرف
- التملك عند الأطفال
- عيد مبارك
- الأطفال مرآة المجتمع
- ثمانية عشر شهرا مع النصير الشيوعي الشهيد ابو ظفر
- كلمات مضيئة ( 1 )
- بحيرة ساوة ... الإهمال
- تجربة اعتز بها
- لهجتي ... هويتي
- كم نحن بحاجة الى مثل هذه الشخصية
- بائعة السجاير
- الى ابي ظفر.. في الذكرى الثامنة والعشرين لإستشهاده
- من الذاكرة


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - حوار مع البحر