|
انه ارهاب و ليس حرب عادلة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4559 - 2014 / 8 / 30 - 15:51
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
كلما تكلمنا عن الارهاب الاسلامي الداعشي، و ياتينا احد ليقول ان ما يجري حدث في التاريخ بعيدا عن الدين ايضا و الحرب من اجل المباديء و القيم و الافكار و العقائد ممكنة الحدوث و يمكن ان تتخللها هذه التجاوزات، و ليس بشرط ان تكون الحروب جميعها دينية و يعد لنا الحروب الكبيرة و الصغيرة العالمية والاقليمية ليثبت لنا بانها لم تكن دينية، فبعضها توسعية و الاخر من اجل نشر افكار دنيوية و منها لاسباب شخصية و اخرى لعقيدة و فكر سطحي ضيق، و نجد فيها من اجل تثبيت الذات او سلطة او فرض توجه و هكذا، و يشهد لنا بالحربين العالميتين و ما قام به ستالين و هتلر و الصين الشعبية وما فعلته الدكتاتوريات في العالم العربي و الاسلامي، كلها لم تكن حروب دينية . نعم انها حروب و لها اسبابها و عواملها و كان ورائها اشخاص و افكار و اهداف، الا انها وقعت في زمن و ظروف يمكن ان نحللها وفق الحياة البدائية و عدم وجود الوسائل الحياتية من جهة، و لم تصل الانسانية كفكر و قيمة و ثقافة و تطور كما هي اليوم من جهة اخرى، و كانت حربا لا ارهابا، على الرغم من التشدد و التعصب و الحماس الزائد من قبل افراد و مجموعات في بعضها وصلت لحد يمكن ان نعدها ارهابا بدرجة ما . الا انها جميعا لم تستخدم الرعب و الذبح و الفزع وقتل الاطفال و النساء العزل و التنكيل و التشريد بالشكل الممنهج و الطريقة و الحجم و القدر دون حدود ولم يتصوره العقل الانساني في هذا العصر، و لا يمكن مقارنته حجما و ليس شكل و مضمونا بالذي استخدمه الفكر التكفيري و ما موجود في تاريخ الاسلام في الجزيرة او اثناء الفتوحات الوحشية لحد وصوله للقاعدة و الداعش في هذا القرن السابق و اليوم . و ان حصلت جرائم حرب، و قمع وفزع في وقت ما او في مرحلة الا انها لم تكن ممهنجة و مبررة بحجج و براهين عقيدية الا قتل اليهود من قبل هتلر و هو لاسباب و عقد شخصية ايضا . الارهاب الحالي في القرن الواحد و العشرين الذي يتسم الفكر السائد في اكثر بقاع العالم بنشر الانسانية و المحبة و السلام فكرا و نظرة و ايمانا، و وسط هذا التقدم و التطور العلمي و التضحيات من اجل خدمة الانسان من كافة النواحي، و في واقع و ارضية ممهدة للتقارب الانساني وفق العقل البشري المحب المعتدل، و في مرحلة يتعاون فيها الانسان مع البعض و اختلط اكثر مما كان و ازيحت الفروقات العرقية و الدينية وا لمذهبية في كثير من بقاع العالم المتطور لحد كبير، نجد من يبرر ما يفعله داعش بحجة و خلفية غارقة في وحل التخلف و النصوص الدينية الصادرة في العصور المتخلفة و الوحشية التي ظهر فيها نبيهم و ادعى علاقته بالله و الخالق و برر ما يفعله بنصوص معلومة كيفية بروزها . فهل يمكن ان ناتي بمثال تاريخيا عما يحدث الان و بهذه النسبة المذهلة من قتل الاطفال و النساء و الانتهاك للقيم والشرف و الاعراض غير ما حدث في التاريخ الاسلامي و ما يقتدي به داعش من تاريخ نشر دين محمد و ما حدث في الفتوحات الاسلامية، و حتى الحروب الصليبية التي ينكرها الجميعو يدينها و رغم ما حدث فيها من الانتهاكات الا انها لم تكن بالمستوى الممنهج و المقدار و انها كانت حرب من اجل عقيدة و دين و بخلفية مثالية من اجل مصالح ضيقة . الادعاءات الكثيرة و التبريرات الفاضية لما يقوم به داعش اليوم لا مثيل له من حيث الحجم و الوحشية الا بنسبة معينة في التاريخ الاسلامي، و ما حدث في ظروف معلومة من الصحراء و ما كانت تتميز به الجزيرة القاحلة التي لا ترى فيها الناس غير السراب و العقلية المحددة الضيقة الخاصة بالبادية و البحث عن ابسط وسائل المعيشة، و ما قاموا به من الغدر والظلم و التعدي من اجل البقاء، اي الصراع البدائي و بكل الوسائل و بالحجج و المبررات الفكرية العقيدية لمصالح اقتصادية معيشية لم تتجاوز ما تتطلبه الناس في الارض القحلاء و العدم و ما يتطلبه الانسان لضمان معيشته. الصراع من اجل المعيشة و البقاء تُرجم لافضع الوسائل و برر ما يحصل من الكوارث بخلفية خيالية، و السبب هو حياتي و ابتليت به الناس و بررت بالعقائد و الافكار المثالية التي ادعاها الرسول العربي . فما معروف عنه، ان المتطرف و المتشدد و المتعصب هو الشخص الساعي لتحقيق اهداف ايديولوجية بحماس زائد عن حده و استثنائي بطرق شتى و بوسائل قانونية او عن طريق استثمار ما يفوق طاقته و امكانياته و وقته من اجل تحقيق هدف حياتي او فكر مثالي، الا ان ما يفعله داعش خرج عن كل مفهوم و ما حصل في العالم الحديث و لا يمكن حسابه الا ضمن العصور الغابرة و من ضمن تاريخ الاسلام الحامل لنفس الخلفية و المبررات ايضا، و هو يعيد ما حدث جزئيا او فرديا ما جرى في الاسلام و نشره طوال الغزوات و حروب الردة، اما اليوم هو الطريق الرئيسي المتبع لنشر الخوف و الفزع وا لهلاك للفرد والمجتمع و بشكل جماعي، و الادهى و الاغرب تحدث كل هذه الانتهاكات الخطيرة في زمن لا يحتمل التراجع و فيه من ما يخدم الفكر والعقلية و النظرة الانسانية الى الحياة . لم يحدث ما يشهده هذه المنطقة حتى في مرحلة القاعدة و امرة بن لادن بهذا الشكل الفضيع ابدا، و انها ارهاب و ليس حرب، و ليس لاحد ان يقارن ما يقترفه داعش بالحروب التي اندلعت في التاريخ البشري .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثقافة السائدة لتوفير ارضية ارهاب داعش
-
يجب ان يعود السيد نوري الى جواد المالكي
-
دعوه، لازال الرجل يحلم
-
تغيير اليات حكم البلدان في المنطقة
-
لماذا التخوف من التظاهرات في اقليم كوردستان
-
مليكة مزان في كفة الميزان
-
سينجح العبادي ان ادار العراق بنفسه فقط
-
على المالكي ان يعيد النظر في حياته السياسية قبل ان ينصح الاخ
...
-
ان كانت حكومة الواقع، ستنجح
-
لماذا يُعتبر تحرك امريكا ضد داعش انتقائية ؟
-
حان الوقت لانهاء داعش ؟
-
الاولوية لما يهم المواطن البسيط
-
هل تعيد داعش احداث التاريخ الاسلامي ؟
-
هل يجرب العراق دور دولة عدم الانحياز في المنطقة
-
هل اصبحت داعش بديلا للقاعدة عالميا من حيث الاهداف المناطة به
...
-
تطبيق الفدرالية الحقيقية هو الحل الجذري لما فيه العراق
-
هل يدوم الدعم الداخلي و الدولي للعبادي
-
هل لدى العبادي من الخلفية الملائمة للتغيير في العراق
-
هل ينجح العبادي في مهمته الصعبة
-
عصارة العقل الجمعي لقيادة كوردستان
المزيد.....
-
تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو
...
-
ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض
...
-
المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
-
هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
-
ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
-
5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
-
واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
-
الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
-
ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع
...
-
هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|