أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حزب الكادحين الوطنى الديمقراطى - داعش أداة الامبريالية الأمريكية لمزيد تفتيت الوطن العربي















المزيد.....

داعش أداة الامبريالية الأمريكية لمزيد تفتيت الوطن العربي


حزب الكادحين الوطنى الديمقراطى

الحوار المتمدن-العدد: 4559 - 2014 / 8 / 30 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوقت الذي تستغلّ فيه القوى الظلاميّة الظروف السائدة في أغلب الأقطار العربيّة للسيطرة على السلطة (العراق، سوريا، اليمن، ليبيا) وتأسيس إمارات خاصّة بها توفّر لها الدعم اللوجستي المطلوب لمزيد الانتشار وكسب الأنصار، ترابط أغلب الأحزاب خاصّة "اليساريّة" منها في أبراجها العاجيّة لمراقبة الأحداث وكأنّها فوّضت لقوى أخرى الحلول محلّها في مواجهة الخطر الظلامي الذي بدأ يتوسّع نطاقه وينتشر انتشار النار في الهشيم والذي يزداد معه تفتيت الوطن العربي . و يهدد هذا الخطر الآن الكادحين العرب، فالظلاميون التكفيريون يريدون تحويل الرجال إلى عبيد طيعين خانعين و النساء إلى جواري و سبايا و حريم و مصادرة كلّ الحريّات الفرديّة منها والجماعيّة مهما كانت جزئية وبسيطة، فقد نصّبوا أنفسهم لتأسيس نمط مجتمعي لا علاقة له بالحرية والديمقراطية، وهذا ما يمكن معاينته اليوم في المناطق التي سيطروا عليها سواءً في سوريا أو في العراق.
إنّهم يسعون إلى الوقوف سدّا منيعا أمام حركة التاريخ والرجوع بالمجتمع العربي إلى تلك العصور الغابرة، عصور العبوديّة حيث الخليفة الحاكم بأمره والناطق باسم الله و رسوله والناس من حوله يطيعونه ويجلّونه و يسبّحون ببركاته .
و لفهم هذه القوى الظلاميّة سنتطرّق هنا إلى تنظيم الدولة الإسلاميّة في العــــــــــراق والشام "داعش" التي غيّرت قبل فترة وجيزة اسمها لتصبح الدولة الإسلامية وهي القوّة المسيطرة حاليا على عدّة مدن وقرى حيث تطبق شريعتها، لنتبيّن نشأتها وتطوّر قدراتها العسكريّة والماليّة والكشف عن علاقاتها مع الإمبرياليّة الأمريكيّة خاصة والوقوف على مرتكزاتها العقائديّة ومواقفها السياسيّة قبل أن نجيب عن سؤال ما العمل عربيا لمواجهة مشروع التفتيت الطائفي الذي تنفذه داعش و أمثالها ؟
ظهر تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام "داعش" في 9 أفريل 2013 عندما أعلن ابو بكر البغدادي حل "جبهة النصرة لأهل الشام" ذراع القاعدة في سوريّة وتأسيس تنظيم الدولة المشار إليه و هو ما رفضه لاحقا أمير جبهة النصرة أبو محمد الجولاني ممّا تسبّب في اندلاع معارك بينهما ما تزال مستمرّة إلى حدّ الآن . كما اعترض تنظيم "داعش" علنا على سلطة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري رافضا الاستجابة لدعوته القاضية بالتركيز على العراق وترك سوريّة لجبهة النصرة.
مارس التنظيم في بداياته نشاطه في العــراق تحت تسميّة "جماعة التوحيد والجهاد" ثمّ تحوّل إلى "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" بعد أن تولّى أبو مصعب الزرقاوي قيادته سنة 2004 ومبايعته لأسامة بن لادن، وقد اشتهر هذا التنظيم تحت قيادة الزرقاوي ببثّ مقاطع فيديو على شبكة الأنترنات تظهر عمليّات خطف وإعدامات تتم بقطع الرؤوس. وإثر تصفية الزرقاوي سنة 2006 انتخب التنظيم أبا حمزة المهاجر قائدا له والذي أعلن بعد أشهر قليلة عن تشكيل "دولة العراق الإسلاميّة" بزعامة أبي عمر البغدادي الذي تمكّنت القوّات الأمريكيّة من تصفيته أيضا في أفريل 2010 صحبة معاونه أبي حمزة، فآلت الزعامة لأبي بكر البغدادي الذي أنفق المليارات من الدولارات لإعادة تشكيل ميليشياته واستقطاب العديد من العناصر خاصّة أنّ التنظيم تمّ إضعافه خلال الفترة الممتدّة ما بين 2006-2010 من طرف الحكومة العراقيّة. تمكّن التنظيم بواسطة الحملة التي أطلق عليها تسميّة "كسر الجدران" والتي استهدفت أهمّ السجون العراقيّة من تحرير المئات من منتسبيه وخصوصا من سجني التاجي وأبي غريب ممّا مكّن المئات من العناصر من الالتحاق بصفوفه وهو ما زاد في قوّته.
وبعد إعلان الاندماج الذي لم يكتمل مع جبهة النصرة نقل البغدادي نشاطه إلى سوريّة وتمكّن من السيطرة على مناطق في الرقّة ودير الزّور مستعيدا أسلوب الزرقاوي بتنفيذ إعدامات بحقّ عناصر من جماعات أخرى منافسة له وقطع رؤوسهم في الساحات العامّة لترهيب متساكني المناطق التي يتمكّن من السيطرة عليها. كما بدأ التنظيم في خوض معارك على أكثر من جبهة في سوريا لإضعاف صفوف المجموعات الأخرى كجبهة النصرة والجيش الحر والتنظيمات الكردية، واستطاع بذلك ضمّ المزيد من المرتزقة العرب وغير العرب إلى صفوفه خاصّة بعد تمكّنه في فيفري 2014 من اغتيال ممثّل القاعدة في سوريّة المدعو أبو خالد السوري في حلب. بينما تسلّل جزء من قوّاته إلى مدينتي الفلوجة والرمادي العراقيتين واحتلتهما. ورغم أنّ القوّات الحكوميّة العراقيّة استعادت سيطرتها على الرمادي فقد بقيت الفلوجة تحت سيطرة مقاتليه الذين واصلوا زحفهم في شهر جوان 2014 بشنّ هجوم مفاجئ أدّى إلى احتلال مدينة الموصل بصفة لافتة للانتباه باعتبارها ثاني أكبر المدن العراقيّة بعد انسحاب القوّات الحكوميّة منها تاركة مقراتها وعتادها الحربي ممّا شجّع هذا التنظيم على مزيد التقدّم وتوسيع مناطق نفوذه فاستولى على مدينة بيجي أين توجد أكبر مصافي النفط العراقيّة، وحاول الاقتراب من مدينة كركوك الغنيّة بالنفط غير أنّ قوّات البشمركة الكرديّة التي تقيم حكما ذاتيّا استغلّت الفرصة وسارعت إلى احتلالها بعد انسحاب الجيش العراقي منها.
وبعد سيطرتها على مناطق واسعة من العراق شملت بالأساس معظم محافظة الأنبار في غرب العراق، أعلنت "داعش" في 29-06-2014 عن قيام "دولة الخلافة الإسلاميّة" بقيادة "خليفة" المسلمين أبى بكر البغدادي وعن تغيير إسم التنظيم إلى الدولة الإسلاميّة فقط وألغت الحدود بين العراق وسورية ودعت المسلمين للهجرة إلى " دولة الخلافة " مما طرح العديد من الأسئلة عن حقيقة هذا التنظيم وخاصة الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكيّة في تقوية نفوذه وتسهيل عمليّة انتشاره بمثل هذه السرعة ؟
لفهم طبيعة العلاقة بين داعش وأمريكا، علينا الرجوع أوّلا إلى تلك الوثيقة التي تمّ تداولها في المدّة الأخيرة والمنسوبة إلى رئيس المخابرات الأمريكية السابق والتي تمثّل تلخيصا موجزا للخطّة الأمريكيّة التي أعدتها لمزيد السيطرة على الوطن العربي و تفتيته والتي تنص على ما يلي :"سنضع لهم إسلاما يناسبنا، سنضع لهم إسلاما جديدا يمكننا من الوصول لأهدافنا، إسلاما يبيح القتل وسفك الدماء ونشر الفوضى، سنقوم بتغذية الطائفيّة ثمّ نقوم بتسليحهم فيبدأ الاقتتال وبعدها يتمّ تقسيم الوطن العربي على أساس طائفي ديني فنضمن استمراريّة القتال الداخلي ونضمن عدم النموّ والأهمّ من هذا وذاك أنّهم سيحاربون جيوشهم بدلا منّا ممّا يوفّر لنا الكثير من الجنود والأموال".
تبحث الامبريالية الأمريكية عن أدوات تنفيذ لمخططها الذي رسمت خارطته منذ 2005 و المسمّى مشروع الشرق الأوسط الجديد والذي لن يتمّ تنفيذه إلاّ بتفجير الفوضى الخلاّقة. غير أنّ السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح لماذا وقع الاختيار على "داعش" دون غيرها من التنظيمات التكفيريّة ؟
لقد صنعت أمريكا سابقا الأصوليّة الإسلاميّة في نسختها "القاعدية"، وبريجنسكي هو مصمم مشروع "العرب الأفغان الجهاديين" الذي تمّ تنفيذه ضدّ نظام نجيب الله في أفغانستان ولمحاربة الروس وتقليص نفوذهم في تلك المنطقة، وقد كانت النتائج في مجملها إيجابيّة بالنسبة إلى الأمريكيين الذين دعّموا بذلك نفوذهم في أفغانستان والجمهوريات السوفياتيّة السابقة المجاورة لها. وطالما أنّ الجهاديين العرب قد أنجزوا بمهارة ما طلب منهم فلا فائدة من تغييرهم مع ضرورة إدخال بعض التحسينات على الصناعة الجديدة لأنّ المهام الموكولة لها هذه المرّة تتطلّب تنظيما أكثر شراسة وعنفا فكان الاختيار على التنظيم الذي كان يقوده أبو مصعب الزرقاوي في إطار صفقة أبرمت بين المخابرات الأمريكيّة وبين أبي بكر البغدادي عندما كان سجينا في أبي غريب والتي تتمثّل خطوطها العريضة في إطلاق سراحه مقابل مساعدتهم على القضاء على أبي مصعب الزرقاوي ثمّ تعبيد الطريق له فيما بعد للسيطرة على تنظيم "دولة العراق الإسلاميّة" مع مدّه بالتمويلات اللازمة والسلاح. وبالفعل تمّ اغتيال الزرقاوي بعد خروج أبى بكر البغدادي من السجن بأيّام قليلة والذي أنفق أموالا كثيرة لتجنيد المرتزقة وضمّهم لتنظيمه وتكديس السلاح. كما تمّ أيضا اغتيال أبى عمر البغدادي ومساعده أبى حمزة من قبل القوات الأمريكيّة وبذلك تمّ فتح الباب أمامه ليتزعّم التنظيم الأكثر دمويّة. فصحيفة التاميز البريطانيّة مثلا أكّدت أنّ القوّات الأمريكيّة أسهمت في خلق أمير الدولة الإسلاميّة في العراق وبلاد الشام الملقّب بأبي بكر البغدادي. إضافة لما تمّ التأكيد عليه من قبل الديبلوماسي الأمريكي مايكل سبرينغمان من أنّ منظمة داعش هي من آخر منتجات واشنطن في العراق وسوريا فضلا عن ما سرّبه ادوارد سنودن.
ومن المؤكّد أنّ عناصر مختلفة قد تداخلت في إنشاء التنظيم، ومنها العنصر الذي نتحدث عنه ونعني تلاعب المخابرات الأمريكية بالتنظيمات التي شكلتها القاعدة في العراق. ولكن هناك عناصر أخرى تتدخل أيضا ومنها دور القوى الإقليمية والتأثير الذي مارسته الحرب في افغانستان وفظائع الحرب العدوانية الأمريكية في العراق: البعث / الأكراد / التقسيم / نظرية المؤامرة.
لكن لماذا تمّ الاختيار على تنظيم "سنّي"؟
يقتضي المخطط الأمريكي زيادة تأجيج الصراع الطائفي في العراق وبالتالي دفع السنة والشيعة إلى الاقتتال باستغلال ما فرضته سلطة المالكي من ظلم وقهر والاستعانة بفتاوى شيوخ الوهابيّة المنتشرة في عشرات القنوات الفضائيّة والتي تكفّر الشيعة معلنة أنّ "قتل الشيعة والمسيحيين والعلويين أمر مباح وأنّ المجاهدين الذين يقتلون في هذا الطريق يصبحون جلساء رسول الله في الجنّة" وأنّ "كفر الشيعة أكبر وأخطر من الكفار المسيحيين واليهود".
ان اختيار "داعش" لهذه المهمة لم يكن اعتباطيّا، بل كان مدروسا من قبل أمريكا التي مكّنت هذا التنظيم من الانتشار الفجئي واحتلاله للعديد من المناطق العراقية وإقامة دولة الخلافة الإسلامية وإلغاء الحدود بين العراق وسوريّة حتّى يسهم في إرساء دعائم الفوضى الخلاّقـة من ناحية ولتقسيم الوطن العربي على أسس عرقية ودينيّة من ناحية ثانية، إضافة لتضييق الخناق على المالكي إمّا لدفعه لتقديم مزيد التنازلات أو استبعاده عن السلطة وعند الضرورة إذا ما تبيّن أنّ صلوحيته قد انتهت ولا بدّ له من بديل وهو ما أمكن فهمه من خطاب أوباما ردّا على استغاثة المالكي به لإنقاذ العراق والذي لم يعره أيّ اهتمام، الأمر الذي يؤكد أنّ أمريكا هي التي تقف وراء داعش خاصّة في احتلالها لعدّة مدن عراقيّة وبسط سيطرتها عليها وإنشاء "دولة الخلافة الإسلاميّة" بعد التمدد الإيراني في العراق إثر خروج الجيوش الأمريكية.
و السؤال الذي يطرح أيضا هو كيف ستدير داعش إمارتها ؟ ما هو إذن الدستور الذي تحكم بمقتضاه وماهي برامجها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ؟
إنّ الدستور الذي تطبّــقه هو الشريعة الإسلاميّة الذي يبيح لها قطع الرؤوس والأيدي والأرجل والرجم والصلب والجلد وإقامة الحد بمعنى أدقّ مصادرة كلّ الحقوق المدنيّة، ونظام حكمها هو الخلافة أي تمركز كلّ السلط بين يدي الخليفة (خليفة الله في أرضه) والذي لا يجوز عصيان أوامره ولا الخروج عليه، أمّا نظامها الاقتصادي فيرتكز بالأساس على ما يوفره الخراج والجزية التي تمّ فرضها على المسيحيين والمسلمين، ويتمّ ذلك عبر اقتحام المسلّـحين للمنازل عنوة وجمع هذه الإتاوات بالقوّة وفي صورة عدم قدرة الأهالي ماديّا على دفعها يتولّى المسلحون أخذ مقابلها ما يجدونه بالبيوت من منقولات ثمينة وفي صورة عدم العثور على ممتلكات غير ذات قيمة يتولّون سبي الفتيات والنسوة واعتبارهنّ جواري وكلّ من يعترض على ذلك يقتل على الفور وكذلك من الرسوم التي تمّ فرضها على محطات بيع الوقود بالتفصيل وعلى المركبات والشاحنات التي تتولّى نقل البضائع إلى مناطق نفوذه وكذلك من غنائم الحرب وعائدات النفط المتأتّية من المصافي التي تم الاستيلاء عليها والتي يتمّ بيعها للشركات العالميّة بأثمان بخسة خاصة عبر تركيا، إضافة للتمويلات المتأتية من بعض البلدان الخليجية مثل قطر وكذلك تركيا والعديد من المنظمات الأمريكيّة والجمعيات الخيرية العربية ممّا مكّنها من تجميع ثروات طائلة تقدّر بالمليارات من الدولارات ولتصبح داعش أغنى تنظيم على الإطــــــلاق . إنّ هــــذه "الدولة" غير معنيّة بتوفير العمل وإنشاء المعامل والمصانع وغيرها من المنشآت التي تحتاج إلى اليد العاملة لأنّ همّها الوحيد هو توفير المال اللازم لشراء المرتزقة وتوفير السلاح اللازم الذي سيساهم في بسط نفوذها مستقبلا والمحافظة عليه وتدعيمه.
أمّا على الصعيد الاجتماعي، فقد مارست سياسة التهجير القسري التي طالت بالأساس المسيحيين الذين أطردتهم بعد أن استولت على ممتلكاتهم العقاريّة منها والمنقولة وعلى ثرواتهم من الذهب والعُملة، كما عمدت إلى التفرقة بين أبناء الشعب الواحـد على أساس طائفــي، وفرضت غلق محال الزينة الخاص بالرجال بحجة مخالفتها للشرع في محاولة منها لمنع السكان من قص شعر الرأس أو الذقن لما فيه من " تشبّه بالكفّـار" ومخالفة تعاليم الدين الإسلامي، كما تمّ تحجير التدخين والأرجيلة (الشيشة) وفرض عقوبة الجلد على المدخنين والمتاجرين بالسجائر والمرتدين لسراويل الدجين سواء كانوا إناثا أو ذكورا، إضافة لمنع أطباء النساء من مباشرة أعمالهم ودعوة النسوة إلى التوجة للعيادات الخاصّة التي تعمل بها طبيبات وإغلاق محلاّت الخياطة الخاصة بالنّسـاء إذا لم تكن تعمل بها نسوة فقط مع فرض عمل النسوة فقط بمحال بيع اللباس النسوي. كما تمّ تطبيق الحدود بالأماكن العامّة كقطع أيدي السارق وصلب المرتدّ (تمّ صلب طفل بتهمة الإفطار بدون عذر شرعي) والرجم حتّى الموت للزانية (حالتان بمدينة الرقة السوريّة). أمّا في الريف فقد فُرض على الفلاحين تغطية ثدي البقرة ومُنع على الرجال حلب الأبقار وتخصيص النسوة فقط للقيام بهذه المهمّة. كما تمّ إنشاء سوق للنخاسة تباع فيه الجواري وملك اليمين من الفتيات والنسوة اللاتي يتمّ سبيهنّ في المعارك كغنائم حرب أو اللواتي يتمّ اختطافهنّ من الطوائف التي تعتبرها داعش من الأعداء كالطائفة العلويّة والشيعية وكذلك المسيحيين، فنساء الشيعة مثلا يتمّ بيعهنّ تحت مسمّى زواج المتعة لتلبية رغبات المرتزقة الأجانب، كما يتمّ إجبار النسوة على الطلاق من أزواجهنّ الكفرة لممارسة هذا النوع من الزواج ممّا دفع بالعديد منهنّ إلى الانتحار. وأصدرت هذه "الدولة" شهادة غير كافر هذا نصّها: "لمن يهمّه الأمر– نعلمكم وانّ المدعوّ...بن ...من أهالي ولاية – إمارة ، قد حضر دورة استتابة (المقصود بها التوبة) وأتمّها بتقدير جيّد وبناء على ما تقدّم قد منحناه هذه الشهادة التي تثبت أنّه غير كافر ويمنع جلده أو صلبه إن لم يكن هناك عذر شرعي يجيز ذلك لجنود الخلافة أو ثبت أنّه عاد للزندقة وطالب بالحريّة" وهذه الشهادة هي عبارة عن صكّ توبة وولاء للخليفة وهي صالحة لمدّة ثلاثة أشهر، كما أنشأت فرق تفتيش (كتيبة نسائيّة) لاقتحام المحــلاّت السكنية والتجاريّة والمهنيّة لمراقبة مدى الالتزام بتطبيق أوامر "الدولة" وإحصاء عدد النسوة الموجودات بمناطق نفوذها وإلزامهنّ بتلبيّة رغبات المقاتلين (جند الخلافة) الجنسيّة. أمّا على المستوى الثقافي، فقد حرّمت كل الفنون وكذلك المسرح والسينما ومجالات التواصل الاجتماعي، إذ حكمت على فطوم الجاسم من مدينة الرقّة السوريّة بالرجم حتّى الموت بتهمة استخدام الفايسبوك. إضافة إلى قيامها بهدم العديد من المعالم التاريخية الأثرية التي تمثل مخزونا حضاريا، من ذلك حرق كنيسة عمرها حوالي ألف وثمانمائة سنة وتفجير مرقد النبي يونس وهدم وحرق أقدم وأكبر مكتبة في تلعفر غرب مدينة الموصل العراقية والتي تحتوي على آلاف المخطوطات والوثائق والكتب النادرة والتي كان يؤمها المئات من الباحثين وطلاب الماجيستير والدكتوراه من داخل وخارج محافظة نينوي. أمّا سياسيا، فقد تمّت مصادرة كل الحريات السياسية الخاصة والعامة مثل حق التنظم في أحزاب ونقابات وجمعيات والترشح والانتخاب وكذلك حرية التعبير باعتبارها حقوقا أقرتها الديمقراطيّة الكافرة التي تتعارض مع الشريعة الإسلاميّة .
هذه هي إذن طبيعة دولة الخلافة الإسلامية التي أسّستها داعش على جزء من الأرض العربية في العراق وسوريّة معلنة بذلك عن بداية تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي سطّرت خريطته الولايات المتحدة الأمريكية كما ذكرنا والذي ينصّ على إعادة تقسيم الوطن العربي إلى أقاليم وإمارات (العراق مثلا قسّم إلى حدّ الآن إلى ثلاثة أجزاء: جزء للبشمركة الأكراد، وآخر لدولة الخلافة وثالث للحكومة العراقية أو الشيعة ولربّما رابع في القريب العاجل للمسيحيين). وما تمّ القيام به في العراق يمكن أن يتمّ أيضا في سوريا أو ليبيا أو اليمن أو أيّ قطر عربيّ آخر بعد أن تمّ تقسيم السودان في السابق وكذلك الصومال.
ذلك هو الدور الذي تضطلع به داعش في علاقتها بالامبرياليين الأمريكيين الذين يزيدون يوما بعد يوم من تعميق جراح الأمّة العربية مستعملين الظلامية الدينية التي لا تكفّـر فقط الشيعة والمسيحيين والعلمانيين بل تكفّـر فرقها بعضها البعض حتى أنّ المعارك بين داعش والنصرة على سبيل المثال قد أدت إلى مئات الضحايا ولم تنفع لإيقافها دعوات الظواهري المتكـرّرة.
يطرح هذا الوضع على الوطنيين والديمقراطيين العرب مهامّــا ملحّة، فمجابهة مخطط التفتيت الطائفي تقتضي مقاومة صناعه الامبرياليين وأدوات تنفيذه من الظلاميين الدينيين بتفعيل برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية المتحولة إلى الاشتراكية وإحدى نقاطه الأساسية تحقيق الوحدة العربية الديمقراطية الشعبية في تناقض رئيسي مع الامبريالية وعملائها وما يفرضه ذلك من توحيد صفوف الثوريين العرب واستنهاض الكادحين في مختلف الأقطار بغض النظر عن الدين والطائفة والمذهب للتعويل على الذات فتحررهم لن يكون إلا من صنعهم، وقد أثبتت التجربة العراقية أن التعويل على الجيوش النظاميّة للقيام بهذه المهمّة يمثل رهانا خاسرا فقد فرّ الجيش النظامي من مواقعه وترك السكان يواجهون مصيرهم لوحدهم ممّا وفّر الفرصة لأعدائهم للتنكيل بهم بأبشع الطرق وستتكرر تلك المأساة في أقطار عربية أخرى طالما تم تجاهل تلك المهمة.

طريق الثورة



#حزب_الكادحين_الوطنى_الديمقراطى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبناء الكادحين ضحايا الحروب الرّجعيّة
- حوار مع الرفيق الأمين العام للحزب
- الإرهاب و الانتخاب
- العنف الانتخابي في تونس
- مرحبا بالمهجرين الليبيين في تونس
- بيان : خدعة لن نشارك فيها
- بيان حول ليبيا
- مجزرة في غزة
- الوضع في تونس الآن
- بيان اليسار الثورى في تونس جول غزة
- بيان حول مأدبة الإفطار في السفارة الأمريكية بتونس .
- العدوان على غزة جزء من الهجوم الامبريالي على الأمة العربية ب ...
- نشيد الكادحين
- كرنفال انتخابي في تونس
- صفقة انتخابية في تونس برعاية الامبريالية .
- حريق طائفي في العراق .
- كاس العالم : تجارة الأفيون المعاصر .
- حول شعار : الشعب يريد إسقاط النظام
- درس سريع من وحى هزيمة 5 جوان 1967
- تونس : الأوبئة تهدد قطيع الماشية


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حزب الكادحين الوطنى الديمقراطى - داعش أداة الامبريالية الأمريكية لمزيد تفتيت الوطن العربي