جريس الهامس
الحوار المتمدن-العدد: 1285 - 2005 / 8 / 13 - 12:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الديمقراطية أو التاكتيك الديمقراطي المطروح على الساحة السورية خصوصا والعربية عموماّ لإنهاء الأنظمة الشمولية الإستبدادية لحكم الفرد أو الحزب الواحد أو العائلة الواحدة والمذهب والعشيرة الواحدة .. الخ . هذه الديمقراطية تفقد مضمونها الطبقي والقومي والوطني والإنساني التحرري إذا لم تقترن بأبجدية العلمانية وفصل الدين عن الدولة التي بدونها لاتتحقق العدالة الإجتماعية وحق المواطنة المتساوية أمام القانون بين جميع مكونات الشعب القومية والإثنية دون تمييز أو اضطهاد وذلك هو جوهر الديمقراطية وحقوق الإنسان وحجر الزاوية الذي بنيت عليه - حكم الشعب بالشعب عبر صندوق الإقتراع الحر والنزيه ...؟
ولايمكن جمع الديمقراطية العلمانيةوالأصولية الدينية القائمة على حاكمية السماء وممثلوها على الأرض رجال الدين والإسلام السياسي الذي يضع الشورى الكاذبة بديلا للديمقراطية .. الشورى التى قامت على العشائرية والقبلية والقتل والإغتصاب في العهد الراشدي الذي يتغنون بعدالته والذي سأفصله بعد قليل ...؟
ولايمكن لذي عقل في عصرنا وضع الشورى مكان الديمقراطية فهل تخلى الإسلاميون عن اعتبارها دستورهم السياسي ...؟ أم يعودون بالشعوب إلى نظام الملل والنحل والموالى والعبيد والجواري والغلمان وأهل الذمة والجزية والزكاة والخراج وخمس الغنائم والسبايا وأسواق النخاسة ...؟ عوضا عن المنتديات والنقابات والجمعيات الثقافية والعلمية والفنية والأدبية ومراكز الأبحاث العلمية والخطط التنموية الإقتصادية والمجتمعية لإنقاذ شعبنا من الجوع والجهل والمرض والعبودية ...؟
أم العودة إلى عبودية المرأة تبعا لمبدأ ( الرجال قوّامون على النساء ) و ( ما فلح قوم ولّوا أمرهم إمراة - لأنها ناقصة عقل ودين ...؟ ) أم اغتيال الرأي الاّخر والعقل وشطبه من الوجود وحرق كتبه إذا نجا من حرق جسده وتقطيع أوصاله كماحدث للمعتزلة والقرامطة وإبن المقفع وإبن رشد والحلاّج وإبن الزبير واّلاف الأمثلة الأخرى التي تزخر بها كتب التراث العتيد ..؟
إن الأمثلة الواقعية الحديثة والقديمة توْكد أن الديمقراطية كشعار جميل مزركش تصبو له الشعوب المضطهدة تتحول إلى أكذوبة كبرى كالشورى تماما ما لم تقترن بالعلمانية واليسار العلماني الديمقراطي وفصل الدين عن الدولة في نظام يمثل الأكثرية المسحوقة والمستغلة من العمال والفلاحين الفقراء والمثقفين الملتزمين بشرف الثقافة ودورها في تحرير الإنسان والأوطان
وتجربة العراق الذبيح ماثلة أمامنا .. فالمرجعية الدينية الطائفية في النجف التابعة لإيران بقيادة رجل واحد هو ( السيستاني ) الذي يشكل القوائم الإنتخابية ويشكل حكومات المحاصصة الطائفية التعيسة بالإشتراك مع زعماء العشائر والطوائف الأخرى من الكرد والعرب التي تقر كلها بزعامته وتطلب بركاته ورضائه بما فيها قيادة الحزب الشيوعي العراقي مع الأسف . لذلك جاءت مسودة الدستور العراقي رغم كل نضالات أحرار العراق نساءّ ورجالا في الداخل والخارج ضد فرض الشريعة على الدستور جاءت مسودة الدستور قمة الرجعية والتخلف عن جميع الدساتير العراقية السابقة وخصوصا دستور عام 1958
وفوق ذلك يطلق الطائفيون المرتبطون بإيران تهديد فصل جنوب العراق مالم يبقى شعار ( الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع _ ودين الدولة الإسلام ) يتصدر الدستور العتيد الذي يصر سيدهم بوش على إ صداره في موعده المحدد . لينتقل العراق من النظام الشمولي الديكتاتوري السابق إلى النظام الشمولى الديكتاتوري الديني العشائري الذي تحميه حراب الإحتلال ..؟
وإذا كان إسقاط النظام الشمولي الإستبدادي اللصوصي الأسدي اليوم مطلب وأمنية شعبنا المضطهد وجميع الوطنيين الديمقراطيين العلمانيين سواء كانوا في المعارضة الهزيلة المعلنة أو في المعارضة الكامنة التي تمثل الأكثرية العظمى لشعبنا والتي تفرض تعبيراتها الواضحة في كل فرصة سانحة رغم أنف نظام القمع والإرهاب دون تقديم تضحيات مجانية أمام نظام الجريمة المقننة والمستمرة منذ أربعين عاما ...؟
فمن حق المعارضين الديمقراطيين العلمانيين والموْمنين بالإشتراكية العلمية أن يرفضوا اللقاء مع الأصولية الدينية ما دامت تعيش أساطير الماضي لتفرضها على الحاضر باسم ( الحاكمية والشورى المزيفة ..الخ ) وما دامت تحاول إخراج قطار التطور العلمي الديمقراطي عن سكته للحاق بحضارة البشرية المتطورة كل يوم بل ساعة نحو قمم التقدم والمعرفة وحقوق الإنسان وتحرره من عبودية النظام الرأسمالي الأمبريالي الهمجي ومن أنظمة الأساطير والغيبية الرجعية معا
إن استبدال النظام الشمولي القمعي بنظام شمولي قمعي اّخر باسم الدين والطائفة يقودنا إلى عبودية جديدة مغلفة بالديمقراطية الشورى التي يتبجحون بها الطائفيون الرجعيون في طهران والعراق ... إنها ( ديمقراطية الطوائف ) كما أسماها المفكر والمناضل العلماني - أسامة كيلة - .. هذه الديمقراطية المزعومة تتحول فيها العمائم والذقون إلى طبقة مستغلة جديدة مباركة من السماء وتمثل حاكميتها . وما على الشعوب المعذبة سوى السير خلفها كالقطيع لأنها سلطان الله على الأرض طبقاّ للاّية ( توْتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء - سورة اّل عمران الاّ ية 26 )
ولن تنتهي هذه الدراسة قبل التعريج على الإخوان المسلمين في سورية . ما لهم وماعليهم من المنبع حتى اليوم لوضع النقاط على الحروف حول هذا الموضوع الساخن اليوم على مشارف انهيار نظام القتلة واللصوص الأسدي .. الأمر الذي بلغ مع الأسف حد تخوين الديمقراطيين العلمانيين من قبل معارضين متمركسين وجدوا أنفسهم وطريقهم مع الإخوان المسلمين وبعضهم على يمينهم .. وهذا شأنهم لكن ليس من حقهم اتهام المناضلين العلمانيين الصادقين بهذه الخفة
وإذا كان هوْلاء المتمركسين يروا أن الديمقراطية قرين الأصولية الدينية والأسطورة ونقيض العلمانية . نجد أنفسنا مضطرين الآ الأصول لنرى ما هو جوهر الأصولية الدينية وقد سبق لنا الرد في الفصول السابقة على مبدأ ( الحاكمية ) الذي أعاد إحياءه الإخوان المسلمون في عصرنا من المودودي إلى حسن البنّا وسيد قطب إلىالوهابيةو إبن لادن والإخوان وغيرهم دون أن نضعهم في سلة واحدة أبداّ
وسنرد على مبدأ الشورىالمزعومة التي يقدمها الإسلاميون طبخة جاهزة ومسبقة الصنع للشعوب الإسلامية المضطهدة في مواجهة الديمقراطية المستوردة من الغرب التي لاتتناسب مع خصائصنا ...؟
وهنا يلتقي النظام العبودي الديني مع النظام العبودي العربي والأسدي بشكل خاص الذي الذي يزعم أنه يمتلك ديمقراطيته الخاصة وفق خصائصه القومية
فالنظام الديني يستمد شرعيته من السماء والشورى المزعومة لذبح وقهر الشعوب والنظام الأسدي يستمد شرعيته من المادة الثامنة من دستوره ( حزب النظام يقود الدولة والمجتمع ...و ) ومن أجهزة القمع وانتخابات ال 99" 99 ومع رسالته الخالدة وحاكمية وشورى الأصولية السياسية توضع الديمقراطية وأبسط حقوق الإنسان في المنفى أو ساحة الإعدام
علما أن الديمقراطية ليست نتاجا غربيا بالأساس بل هي ثمرة نضال الشعوب ضد العبودية والإضطهاد الطبقي عبر جبال من الاّلام والدموع منذ أثينا 300 ق . م إلى ثورات الشعوب إلى نتاج الفلاسفة والمفكرين حتى اليوم . وليست هبة من أحد .. وإذا أخذ النظام الإسلامي كل شيْ من الشعوب الأخرى من تنظيم الدولة والدواوين وحتى اللغة إلى الطب والفلسفة والعلوم وتنظيم الجيوش والبناء ..من اليونان وغيرهم فلماذا لم يأخذ الديمقراطية عنهم أو يعرف شيئا عنها ...؟
فماهي الشورى الإسلامية التي يزعم الإسلاميون أنها هبة السماء : ( وأمرهم شورى بينهم ) وما هي ماهيتها وكيف طبقت وفقا للقاعدة الإسلامية - درءاّ للشبهات
منذ البدء :
-------
موقف محمد من الشورى قبل وفاته بقليل :؟
أراد محمد أن يخلفه ابن عمه وزوج ابنته فاطمة علي بن أبي طالب وحاميه الأول في مكة الذي أطلق عليه ( العترة) أي الشجاع .. وقال للصحابة عندغدير خم: ( إني مخلف فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي وما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا )
وقبل وفاته بثلاثة أيام أراد أن يثبت خلافة على خطياّ أمام الصحابة الطامعين بها ويضعهم أمام أمر واقع. وكان الجميع يعرفون ذاك فتهربوا لأنهم يروا أنفسهم زعماء قريش خصوصا أبو بكر وعمر وهم أحق من علي بالخلافة
قال إبن عباس مايلي : ( يوم الخميس وما أدراك ما يوم الخميس ... إشتد برسول الله وجعه وكان الصحابة مجتمعين في بيته . فأمرهم أن يحضروا له الكتف ( الريشة ) والدواة ليكتب لهم كتابا يعصمهم من الضلالة . وقال : هلمّ أكتب لكم كتاباّلاتضلّوا بعده فقال عمر : إن النبي غلبه الوجع وعندكم القراّن حسبنا كتاب الله
فاختلف أهل البيت واختصموا . منهم من قال قرّبوا يكتب لكم النبي كتابا لاتضلوا بعده . ومنهم من قال ما قال عمر .. فلما أكثروا اللغو والإختلاف عند النبي . قال لهم رسول الله قوموا عني ...
وتابع إبن عباس قوله : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم .. وكانوا يعلمون أنه سيكتب لعلي ) ...؟
المصادر :
صحيح البخاري ج2 باب قول المريض - صحيح مسلم ج5 ص 75 - مسند الإمام أحمد ج1ص 355 و ج 5 ص 116
تاريخ الطبري ج3 ص 193 - تاريخ إبن الأثير ج2 ص 320 - وأسد الغابة في معرفة الصحابة - 1 - 137 وغيرها
يتبع
لاهاي : 11 - 8
#جريس_الهامس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟