أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - الشّعرُ والتّوثيقُ الشّخصيّ















المزيد.....


الشّعرُ والتّوثيقُ الشّخصيّ


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 1285 - 2005 / 8 / 13 - 08:23
المحور: الادب والفن
    


كانت المدرسة المتوسطة مغلقةَ الباب الرئيسِ ومحروسةً من رجال الإدارة : المعاون الذي يتجول في أروقتها والمدرسون والفراش الطيب الذي كان له كرسي قرب الباب ليجلس عليه عندما لا تكون هناك أوامر من الهيأة التدريسية واجبة التنفيذ..
وللهرب من المدرسة أحدَثَ الطلابُ في جدار متصل بشُبّاك كُوَّةً كانت كافية لكي نتسلل منها في فرصة بين درسين.
كان بعضهم يهرب من المدرسة من أجل الهرب نفسه وكنت أهرب منها من أجل الذهاب إلى المكتبة العامة التي لم تكن بعيدة من مدرستنا..الاثنتان تقعان على كورنيش نهر الفرات.
وكنت دخلت المكتبة العامة أول مرة قبل عام 1970 ثمَّ استمررت سنتين بعد تلك المرة الأولى أذهب إليها ذهاباً متقطعاً أثناء الدوام اليوميّ لبعد مدرستي المتوسطة الأولى منها وذهاباً يومياً حين تحلّ العطلة الصيفية..أما الآن فها أنا ومدرستي الجديدة قريبان منها أثناء الدوام اليوميّ.
فكنت أهرب من المدرسة الجديدة كلَّ يوم بعد ثلاثة دروس من الدوام اليوميّ.
وكان ذلك يعني مواظبة على الذهاب إلى المكتبة ضُحى كلِّ يوم ، مثلما كان يعني مواظبة على الهرب من المدرسة كلَّ يوم.
في المكتبة العامة كنت أقرأ كلَّ شيء ، من الآداب الحديثة إلى التراث والعروض..علم ميزان الشعر.
وفي السادسة عشرة من عمري نظمتُ دورة لتعليم العروض لمن لا يعرفه من الشعراء في المدينة.
كان المشهد مثيراً لشيءٍ مّا : ابتسامة أو تحية إعجاب. كان المشهدُ : زملاءَ جلسوا كالتلاميذ وسبورةً وطباشيرَ وبحوراً وأمثلة شعرية من التراث وأستاذاً-هو أنا- لم تكن سنه الفعلية تؤهله لأن يكون طالبَ علمِ العروض حقاً لا مُدرِّسَّه.
انتشر الخبر في الناصرية بين شعراء المدينة وأدبائها وبين مدرسي اللغة العربية. وبدأت أمشي مزهواً بـ (علمي العروضيّ) في شوارع المدينة.
ومؤكد أنَّ تلك الأيام تحتاج مني ذكرَ تفاصيل كثيرة ، أعِدُ نفسي بإتمامها ذات يوم في كتابة تشبه المذكرات. فما زال جوّ المكتبة ذاك لا يفارق بالي ومازال يحبِّبُ إليَّ الدخولَ في أية مكتبة عامة.
ومازالت الكتبُ رواياتٍ ومسرحياتٍ ودواوينَ شعر وشروحَها وكتبَ نقد وفلسفة ودين..إلخ تطرق يإيقاعها الروحيّ باب ذاكرتي كل حين.
والجو حالة في معانيه ومحيط وبيئة.
ولعلَّ أوّل درس نقرأه في علم الاجتماع كما يقول علماؤه هو أن الإنسان ابن بيئته. وقد لا تكون بيئتي الفعلية اجتماعياً هي المكتبة العامة. لكنني دخلتها وأنا "فتىً غِرٌّ" فهي بيئة اكتسبتها في مواجهة بيئتي الفعلية المناقضة لها والمضادة لها فاحتدم صراع فيَّ لم يهدأ حتى الآن وأحسبه لن يهدأ حتى أموت.وقد يكون الانتباه لهذا الصراع في ذهن كائنٍ مّا مدخلاً لفهم خطواته في الحياة والفن والفكر.
كان هذا الجو المواظب على القراءة في المكتبة بعد ثلاث سنين أو أربع والقانونيّ في العروض وتدريسه يُكسَرُ أحياناً بجلسة سكر في نادي الموظفين مع أصدقاء أدباء وفنانين ، أو بجلسة سكر على شاطىء الفرات إذ يأتي صديقي "القوي" سهيل -الذي "أخوِّفُ" به غيري عادةً - بكؤوس وبساط ومزات وثلج يعاونه الصديق غازي غالي الذي سيغني فيروز باكياً أمام ندمائه ومستمعيه..ثم بعد السكر وسماع "فيروز"..نرمي كؤوسنا وفضلات جلستنا كلها في الشاطىء.
ولأننا نقترب هذه الأيام من ذكرى مقتل تروتسكي ولأنني اشتغلت قصيدة قديمة عنه اشتغالاً جديداً فلقد تعرفت في المكتبة العامة إليه فأحببته حباً جمّاً وفضلته على غيره من قادة ثورة أوكتوبر..وقد انعكس بعض روحه على خطوات لي في حياتي آنذاك.
ولم يكن أحد من أصدقائي في المدينة محباً له بل كان أغلبهم يردد ما تنشره جريدة طريق الشعب من دعاية ستالينية ضده مثل رواية مكسيم غوركي المتحاملة عليه والتي فحواها أن لينين قال لغوركي ذات مرة : إن تروتسكي معنا ولكنه ليس منا. فاحتددتُ غضباً على الجريدة وغوركي معاً في ذلك اليوم بسبب تلك الرواية التي ربما كانت كاذبة أو التي ربما قيلت في معنىً غير عدائيّ.
في ما بعد ، قرأت رسالة كروبسكايا المرسلة إلى تروتسكي بعد وفاة لينين بأسبوع والتي تدحض كل دعاية ستالينية نُشِرتْ ضده بعد طرده من الحزب ونفيه وقتله في منفاه ، فبعد أن تخبره كروبسكايا فيها باهتمام لينين بكتابه "قبل شهر من وفاته" وطلبه منها أن تكرر أثناء القراءة وصفَ تروتسكي إيّاه وماركسَ مراتٍ عديدة تخلص إلى القول : "إن العلاقة التي ربطت بينك و بين لينين عندما قدمت إلى لندن من سيبيريا لم تتغير بالنسبة إليه حتى مماته. العزيز ليون دافيدوفيتش أتمنى لك القوة والعافية. أعانقك."
حين قرأت رسالة زوجة لينين إلى تروتسكي ضحكتُ من سجالات أيامنا تلك ومن تأثير الدعاية الحزبية على عقول أصدقائي الشبان.
ولقد توقفت عن الذهاب اليومي إلى المكتبة العامة بعد أن غيرت دراستي المتوسطة الصباحية إلى دراسة مسائية. ولقد أخذت أذهب بعد إتمامها كلَّ مساءٍ إلى مقهى وسط سوق المدينة لألتقي بضعة أصدقاء من بينهم الحبيب المنتحر أو الميت غرقاً القاص جواد الأزرقي..الذي كان يسمّيني وأسمّيه أيضاً : "عُثَّ كتبٍ"..كما كان زوربا يسمّي رئيسه في رواية كازنتزاكي المعروفة "زوربا اليوناني". والصديق عباس مكطوف المسافر إلى اليونان والعائد منها إلى العراق أيام الحرب مع إيران والميت في إحدى معاركها.
وبعد المقهى أصل البيت ليلاً فآخذ بالقراءة حتى الساعة السادسة أو السابعة صباحاً فأنام فأستيقظ ظهراً فأبدأ يوماً جديداً.
غادرت الناصرية في ما بعد إلى بغداد . من أجل الدراسة المسرحية والسينمائية في معهد الفنون الجميلة ، اختبرتني اللجنة فرحة بشخص عضوها الأستاذ الفنان قاسم محمد وهو يتعرف إليَّ أثناء الاختبار شاعراً -سبق أن قرأني- فخرج سعيداً يعلن نبأ قبولي على الناس لكن المفاجأة كانت رفْضَ قبولي من قِبلِ ممثل الاتحاد الوطني في اللجنة لأنه ظن بعد سماعه حواري مع الفنان قاسم محمد أثناء الاختبار أنني شيوعيّ !
وكان عليَّ لمدة شهرين أن أثبت بطلان شيوعيتي المزعومة. ولم أثبته حتى تدخَّلَ أناس عديدون من سكنة بغداد!
يقودني هذا الحدث إلى تذكّر حدث آخر وقع عام 1978 وكنت عائداً مع مجموعة "شيوعية أو ذات هوى شيوعيّ" من بار نؤاسيّ خللَ فرعِ شارع سينما سمير أميس في بغداد فاصطادنا رجال الأمن أنا والصديق الشاعر البصريّ حيدر الكعبي من بين كل مجموعتنا فأشبعونا ضرباً وأدمونا أمام أنظار الناس حتى سقطنا أرضاً من شدة ضرباتهم..وحتى تركونا واستقلوا سيارتهم ، فحمل أحدنا الآخر- بكدماتنا المتورمة وبكسورنا وبنزيف دمنا وبثيابنا الممزقة- إلى قسمي الداخلي لمعهد الفنون الجميلة في منطقة الشورجة.
في تلك الأيام كتبت قصيدة بعنوان 1978 لم أنشرها في حينها بسبب العنوان المشير إلى سنة ضرب الحزب الشيوعيّ "وضرْبِنا في شارع السعدون" فانتظرت مرور ثماني سنواتٍ عليها لأضمها إلى ديواني الثالث عام 1986.
وفي تلك الأيام كان الأصدقاء الشيوعيون" الأمراء الصغار كما سميتهم في القصيدة" يبيتون عندي تباعاً في قسمي الداخلي هرباً من مداهمات السلطةِ منازلَهم في حملات الاعتقال والإرغام على "توقيع البراءة"..
وبين عامي 1978 و1979 تركت الدراسة في المعهد متهيئاً للسفر التضامني مع الشيوعيين.
وذهبت إلى الناصرية لأودّع أهلي وغادرتها مودَّعاً من قبل صديقي سهيل عبد الله الذي كان أصبحَ شيوعياً وتغيَّر اسمه إلى أنكيدو "باقتراح مني" بعد أن كان جلجامش! فأنكيدو يا سهيل واحد منا ، قلت له وأما جلجامش فثلثاه إله.
لكنني عدت إلى بغداد من باريس في ما بعد.
ويا لكبر لكنني هذه في تاريخي الشخصيّ.
هل أعدتُ كَرَّة الهرب ؟
بعد سنوات من تلك العودة- الانتحار أو ما يشبهه وصلتُ بيت الشاعر سعدي يوسف في بلغراد جندياً هارباً من الخدمة الإلزامية ومن العراق كله.
أعطيتُ سعدي دواويني الأربعةَ الصادرة حتى ذلك الوقت ، في الفترة المحصورة بين "هربَيْن" من البلاد ، وبدأت أشعر بزهو مبعثه خلوّ كتبي من كلمة واحدة عن الدكتاتور وحربه. كان سعدي هو أول عراقيٍّ ألتقيه بعد الهرب وكانت كتبي هي تاريخي الشخصيّ في عراق الدكتاتورية والحرب وكما أنها كانت غريبة في بغداد فإنني كنت أودّ أن أراها غريبة في عيني أول عراقيٍّ ألتقيه. كنت أريد البكاء ولم أبك. أردت أن أقول لأول عراقيّ ألتقيه بعد الهرب : أنظر..ليس فيها كلمة واحدة عن الدكتاتور أو حربه. نمت في الفنادق الرخيصة بسرير مؤجر في غرفة كبيرة ذات أسرة عديدة وفرحت حين تمكنت من أن أؤجر سريراً واحداً في غرفة ذات سريرين ، لم أتوظف في وظيفة حكومية ولم أملك شبراً واحداً في أرض وطني..وكل هذا حتى لا أبيع شرف الشعر العراقيّ رخيصاً إلى سياسيين خبثاء.
كان الزهو يتصاعد مع كل كأس أشربه مع سعدي من عرق الأراكيا اليوغسلافي العالية درجة كحوله..كنا نشرب عرقاً "قوياً" وكنت أفكر في أنَّ الزهوَ المتصاعدَ كان لحظة إعلان انتصار..


هولندا
11-8-2005






هوامش :

مَثَلُ بيركيلي


ولكن هل اختفى الرئيس حقا ً؟
هل هو موجودٌ أم غيرُ موجود؟
يذكـّرني هذان السؤالانِ بالفلسفةِ ، عندما بدأنا قراءتَها في المكتبة العامة بمدينة الناصرية ، الواقعة على نهر الفرات. فلأمرٍ مّا ، هببنا هبـّةً للفلسفة ، ربّما أحدٌ قال لنا : قراءةُ الأدبِ وحدَها لا تكفي، فهببنا تلك الهبـّة.
كان أمينُ المكتبة أديباً ورجلاً طيباً. فكان يتأوّهُ وهو يرانا مع كتبنا الفلسفيةِ ، متحولينَ إليها من كتبِ الأدب ، لكنه كان لا يقول شيئاً ، حتى فاجأتـُه ذاتَ مرةٍ بطلبِ : الوجود والعدم لجان بول سارتر.كان الكتابُ بغلافٍ مجلّدٍ ذي لونٍ أحمر، فقال: أمـّا هذا فلا. وعندما كنتُ ألحّ عليه أكثرَ، كان يقول : إنَّه ثقيلٌ.. لن يصلَ إلى البيت سالماً.. خذ غيرَه.
من تلك القراءات الفلسفية الشابة ، وبخاصةٍ في الجدل الذي لا ينتهي بين المادية والمثالية ، تعرّفتُ إلى الفيلسوف الايرلندي بيركيلي ، الذي وُلِدَ في القرن السابع عشر ومات في القرن الثامن عشر.
كان متديناً ، وسخـَّرَ الفلسفة لخدمة أفكاره في الدين ، وحاربَ المفكّرين المتنورين في عصره. لكنني أحببتُ مثلاً له أوردَهُ في الدفاعِ المثاليّ. وبقيَ في ذهني منذ عمرِ الشبابِ ذاك ، منذ المكتبة العامة في مدينة الناصرية الواقعة على نهر الفرات.
يقول : إذا أنتَ دخلتَ إلى غرفةٍ ، وكان ثمة رجلٌ خلف بابها ، ولم ترَهُ ، فالرجلُ غير موجود.
بقي مَثَلُ الرجلِ المختفي ، في ذهني مثلاً شاعرياً ذا إمكاناتٍ عدّة في النموّ ، لكنني لم أفكرْ قطّ ، في أنني سأتذّكره في حالة الرجل الذي هربتُ من دولته. أعني البلادَ التي كان يحكمها.
سأدخل إلى البلاد، بعد أن اختفى الرئيس.
هل الرئيس موجودٌ ، أم غير موجود؟
الماديونَ سيقولونَ إنه موجود ، لأنّ الوجودَ يتحققُ بمعزلٍ عن الآخر وعينيه.
بينما يأخذني الشعرُ إلى المكتبة العامة وبيركيلي ، فيكون الرئيس غير موجودٍ لأنه مختفٍ.

* "مقطع من كتابة بالعنوان ذاته"

نيسان 2003 هولندا





هِجْرةُ أحباب

الليلُ بعيدٌ..والأنهارُ تغادرُ عينيَّ ،
اقتربتْ آفاقٌ
وابتعَدَتْ آفاقٌ..
والعمرُ المهجورُ يحنُّ لقتلي
والأنهارُ تغادرُ ،
أذكرُها في الصَّيفِ..
نهاراً..
في المركبْ..
في بستانٍ مهمَلْ
في ليلِ كؤوسٍ
تُرمى في الشّاطىء
حيثُ الفتيانُ يغنّونْ
عنْ هجرةِ أحبابِ الروحْ
واللّيلُ بعيدٌ..
والأنهارُ تغادرُ عينيَّ..
اقتربتْ آفاقٌ
وابتعَدَتْ آفاقْ..

1980

*من الديوان الثاني : "ظلّ شيءٍ مّا" الصادر عام 1983.






1978




أقرّبُ نجماً منَ العرباتِ
وأنسى الطّريقَ إلى بيتِها..
وأنامُ وحيداً ،
ستنسى البعيدةُ بيتاً..
لنا في الدّخانِ المناراتُ..
تلكَ القصيدةُ تبدأُ.. فانتبهوا :
إِنَّ باباً سيُفْتَحُ بعدَ قليلٍ
سيدخلُ نجمٌ ويرسمُ منأىً
ويُرسلُ فينا المهرّجُ ضحكتَهُ ،
لاتقولوا : خُذلنا..
لنا في الدّخانِ : المناراتُ..
في الليلِ.. كانَ النَّديمُ يُجاهرُ بالحظِّ ،
قالَ : تريَّثْ
بدايتُنا الصّخرُ ، كنّا اصطَحَبْنا القرابينَ
ذاكَ الشّتاءَ
وأنْزَلَنا الموجُ قلعتَهُ..
وقتَها لم نخَفْ
لم نكنْ نتغيَّرُ :
حتّى تفتَّحتِ القلعةُ ، اِنداحَ حائطُها
فاستدرنا نَعودُ إِلى الصَّخْرِ:
تلكَ البدايةُ..
خلتُ الصدى كنزَنا
فرميتُ السّحابةَ بالسّنواتِ القديمةِ ،
ما كنتُ أسمعُ شيئاً..
تُضيّعُني العرباتُ
فأجثو على ركبتيَّ قريباً منَ اللهِ..
علَّ المدينةَ تغمرُني بالطّفولةِ
والأُمراءَ الصّغارَ يبيتونَ عندي
أقصُّ عليهم جنوني
لَقَدْ ضعتُ ياسنواتُ..
وضاقَ بيَ الأُفقُ..
وانطلقتْ في الدّخانِ الحدائِقُ
................................
................................
أنسى الطَّريقَ..
أُقرِّبُ نجماً منَ البيتِ
تنسى البعيدةُ ماكانَ في البيتِ
فانتَبهوا :
هذه آخرُ المدنِ ، ابتُكِرَتْ في القصيدةِ ليلاً
وضيَّعتُها في النَّهارِ..
.............................
.............................
سيُفتَحُ بابٌ
سنُرمى معاً في الخريفِ
ويُدركنا النجمُ ، لا بيتُنا،
لا الطَّريقُ..
ولا العرباتْ

1978

من ديوان "حكيم بلا مدن" الصادر عام 1986.

*كتبتْ هذه القصيدة في عام 1978 كما يشي عنوانها بذلك أيضاً ، لكنني لم أنشرها في مجموعتي الأولى وردة البحر، التي صدرت عام 1980 ، ولا في المجموعة الثانية ظلّ شيءٍ مّا ، التي صدرت عام 1983..



تروتسكي باريس 1979

إلى ليون تروتسكي..أحد آبائي الروحيّين أيامَ شبابي..
في ذكرى مقتله في العشرين من آب عام 1940..


هذي هيَ الفأسُ الصَّغيرةُ يا أبي
في القِحْفِ كانت ضربةُ العُمَلاءِ
كانوا واحداً ؟
كانوا جيوشاً يا أبي
كجيوشِ ثورتِكَ القتيلةْ

هذي هيَ الفأسُ الصَّغيرةُ يا أبي
هذا دمٌ
وكلامُ تاريخٍ وسوءُ طَويّةٍ
وجحودُ ثورتِكَ القتيلةْ

أوَ كنتَ قائدَ ثورةٍ مغدورةٍ ؟
أم كنتَ قائدَ رِدَّةٍ ملعونةٍ ؟
سِيّانِ في التَّنظيرِ مصطلحانِ في Iskra وفي Pravda
ومختلفانِ في Pravda الأخيرةِ
دولةٌ هيَ يا أبي
وأرومةُ الأجْلافِ
Koba سيّدٌ وزعيمُ ثورتِكَ القتيلةْ

أوَ تكتبُ العهدَ الأخيرَ
وسيرةً عنه ؟ انتبهْ للفأسِ أو لا تنتبهْ
سِيّانِ أن تبقى ولا تبقى وقد ضاعتْ بلادٌ..عالَمٌ
بضياعِ ثورتِكَ القتيلةْ



* العنوان لقصيدة لي كتبتها في باريس تموزَ عام 1979 ولم أنشرها ، واشتغالي بها الآن هو حنين إلى ذاك الزمن ووفاءٌ ليس إلاّ. يُقْرَأُ من الاشتغال أيضاً :
يا قائدَ الثورةْ
لا أحدٌ يحميكَ من قاتلٍ
يَقتُلُ باسمِ الحزبِ والطبقةْ
يا أوَّلَ القائمةْ
وآخِرَ القائمةْ
الموتُ يأتيكَ
والموتُ يبكيكَ
والثورةُ الدائمةْ

6-8-2005




غابةٌ في نهر..




أمضي معَ الطَّريقِ يا جَمرتي ، أمضي
كَأنَّ بابيَ الصّخرُ .. لمْ يُفْتَحْ
رأيتُ دَمعتي تنتهي لِتبدَأَ ،
انتظرتُ صَوتاً من الأحجارِ.. ما جاءَ..
ابتعدتُ ، اِنسَللتُ بالضّحى إلى هواءِ المَدينةِ :
الصّديقُ ميّتٌ.. والغبارُ شكلُ وَرْدَةٍ :
تعالَ ، ابتَعدتُ مرّةً أخرى .
سمعتُ الذي في الغابةِ انتهى بدمعِ الليالي
وذُعِرْتُ :
كيفَ لي أنْ أَكونَ قربَكَ ؟.. ابتعِدْ..
سمعتُ الذي في البُعدِ علَّمَ الكلامَ الخروجَ..
ما ابتعدتُ.. صرتُ أمضي سعيداً بالمدى ،
بِحَيْرَتي..
كيفَ لي يا صوتُ أن أكونَ كالرّيحِ ؟
أمضي.. وحدتي : سيِّدةٌ دمعُها ما جفَّ بعدُ..
يا للبُعدِ..
يا حَيْرَةَ شعري..
حزينٌ ووحيدٌ ،
قبلَ عامينِ كنتُ أعرفُ الذّكرى :
تنتهي زرقاءَ في البُعدِ
يا للبُعْدِ..
زرقاءَ .. كروحي.. كنهرْ

* * *
قمرٌ وسكّينٌ.. وبينهما القصيدةْ
قمرٌ تدلّى من عيونِ الماءِ في الذكرى
ليسألَ عن جنونِ النَّهرِ ،
كنّا بعدُ لمْ نُدركْ طفولتَنا
تحدَّثَ أوَّلُ الشّعراءِ عن معنى القصيدةِ
بعدُ .. لمْ نُدركْ طفولتَنا
تغنّى بعضُنا بالنَّهرِ..
لمْ نُدركْ طفولتنا
سمعنا صرخةً في الليلِ..
فلنتركْ ضفافَ النَّهرِ قلنا ،
أوّلُ الشّعراءِ قالَ :
حسنٌ ولا تنسوا طفولتنا
........................
أنا السّعيدُ : دمعةُ النَّهرِ ، أمضي . سُفُنٌ
تغرقُ..والميّتُ : الأحجارُ
لا شيءَ سيُنسى ولا شيءَ سيُذكَرُ..
انتظرْني هناكَ في الضّفافِ قربَ موتي القديمِ :
انتظرِ النّساءَ يحملنَ غابةَ الصّديقِ
أو يَقلنَ الكلامَ المرَّ
لا تحزنْ كثيراً .. سيأتي سيّدٌ أعمى
وينهالُ بالضّربِ على الضّفافِ ،
لا تقتربْ منهُ ، سيبكي والنساء ، انتظرْني..
لا تقلْ شيئاً فهذا الذي تراهُ قلبي
قبلَ عامينِ كانَ يعرفُ الذكرى :
ربيعاً ونهراً ،
كانَ كلّ ليلةٍ
يسألُ الأحجارَ عن معناهُ ،
هل كانَ يدري أنَّ صرخةَ الضّفافِ
ارتحالُ قبرِهِ إليهِ..
هذا كتابُ النَّهرِ.. لا تسألْهُ عنّي..
وداعاً..
* * *
الآنَ.. فلتهدأْ
بعيداً عن ضَفافِ النَّهرِ
لا السّكينُ ،
لا القمرُ الحزينُ..
طريقُكَ الأخرى..
وداعاً.. غابةٌ أخرى هناكَ
ورحلةٌ زرقاءُ أخرى
في ربيع الخاتمةْ ..


* من ديوان "حكيم بلا مدن " والقصيدة في ذكرى صديقيَّ جواد ويحيى الغريقين – أو المنتَحِرَيْن - في فرات الناصرية أيّام الحرب مع إيران..






العربات
إلى الشهيد عباس مكطوف



منذُ اِعتلى تاجاً ، وسمّيتُ النداءَ لهُ رتاجاً :
كنتُ أعرفُ ما يكونُ ،
هوَ الذي في الأرضِ يبني سُلَّماً للقولِ ،
يُحصي العمرَ بالسَّنواتِ ساعاتٍ..
ويَسْتعصي على الفَهم المُهيَّأِ ،
كنتُ أعرفُ ما يكونُ :
لذا مشيتُ أقلّبُ الأسماءَ ،
أركنُها ركاماً..
كي أقولَ لنَفسيَ التعبى : كفى
كَيْ أستديرَ إلى صَداهُ :
البحرِ.. والجبلِ البعيدِ ،
أنا المُهيَّأُ للعبورِ إلى مَدائنِ سرِّهِ
لمْ أَدْرِ أنَّ القَولَ يَفْتَحُ بابَهُ
حَرْفاً .. فَحَرْفاً..
نَحْنُ يا هذا الذي في الأَرضِ..
نَتْعبُ في السّؤالِ عَنِ اشْتِعالِكَ في الليالي
هذهِ نجماتُنا قَدْ أُطْفِئتْ
ذِئبٌ يُحاصِرُ خَيْمَةَ الخِلاّنِ..
هلْ أنتَ استِعادَةُ سِرِّهم
وَقتَ ابتِعادِ النَّجمِ عنهم؟
في السَّماءِ لَهم نَوافذُ..
غَيْرَ أنَّ الأرضَ خَيمتُهم
لذا كانوا يُنيرونَ الفَناراتِ البَعيدَةَ
كانَ يأتيهم فُتاتٌ ،
هُم يَلمّونَ الحروفَ الصّفرَ،
ثُمَّ يبتكرونَ منزلَهم
على جَبَلٍ وبَحْرٍ ، هُم يَلمّونَ الفُتاتَ
ويَرحَلونَ بِهِ إلى مأوى القَصائدِ
كانَ هذا سرَّهم..
وهو الذي في الأرضِ .. منهم .. واحِدٌ..
في عتْمةِ الأسْماءِ يخْرجُ بالرّسومِ ،
فَهذهِ الصّحراءُ غَيْبَتُهُ الجديدةُ ،
قالَ في اللونِ اتَّحَدْتُ
ففي نهارِ العُشْبِ أرسمُ ظلَّ عائلتي
وأُسكِنُ جارَنا ،
ما كنتُ أعرفُهُ إذا ما جئتُ في الليلِ ،
اقتربتُ منَ البيوتِ ،
أُلوِّنُ الأحجارَ بالخُوَذِ ، اقتربتُ منَ البيوتِ ،
ألوِّنُ الغرفَ الخبيئةَ بالذي يبقى
منَ الصّورِ التي يأتي الجنودُ بها ، اقتَربتُ
وأنتَ أبعدُ من دُخاني
هلْ تراني في المدينةِ ؟
في أثينا كنتُ أحملُ ما كتبتُ طوالَ بعْدي
هلْ قرأتَ ؟
وكانَ يحلُمُ ، قلتُ : دَعْ سقراطَ في منفاهُ
في اللونِ اتّحدتُ
وفي نهارِ العشبِ كنتُ أسابقُ الكلماتِ بالذكرى
فهل تأتي ؟
..........
وسمَّيتُ النداءَ لهُ رتاجاً
وانحدرتُ إلى السّهولِ ،
ومرّتِ العرباتُ تحملُ منْ نساءِ الحيِّ
أجملَهنَّ.. منْ فيهنَّ أحببتُ ؟
اقتربتُ من البيوتِ
إلى الجميلةِ كنتُ أسعى
وهيَ غائمةٌ.. تُنارُ ببعدِها
كانت معي..
كانت أثينا تسرقُ الفتياتِ منّي
في الرّسائلِ كنتُ أكتبُ :
أنتِ قاتلتي.. وأبكي كلّما مرَّ الذي
في الليلِ يرقبُنا
مِنَ البابِ البعيدِ ستخرجُ ،
انتظرتُ طويلاً
فالذي يأتي.. بعيدٌ
- كانَ يسهرُ في مكانٍ آخرٍ -
كانت معي..
قدْ مرّتِ العرباتُ تحملُ من نساءِ الحيِّ
أجملهنَّ.. هلْ تأتي التي أحببتُ ؟
دَعْ سقراطَ في منفاهُ ،
هذا اليومُ نومي ،
في القذائفِ عاودتْ أسفارَها ،
كالطَّيفِ جاءتْ
غادَرَتنا بعدَ أنْ هدأَ المكانُ..
تعودُ ثانيةً.. لتحرسَني بعينيها
وتُغمضَ جَفنيَ السَّهرانَ وقتَ النَّومِ
دَعْ سقراطَ في منفاهُ..
أنتَ اليومَ تعرفُ كلَّ شيءٍ عنكَ
هلْ تأتي؟
نهارَ العشبِ أرسمُ ظلَّ عائلتي
وأُكملُ ما رويتُ منَ الحكايا
- والقصيدةُ ؟
- سوفَ أكتبُ.. وقتَ يهدأُ كلُّ شيءْ.

1983
من ديوان حكيم بلا مدن الصادر عام 1986 في بغداد

* عباس مكطوف..صديق، شاعر ورسام، كنا نناديه باسم عباس القمريّ في مدينة الناصرية حتى ارتضاه اسماً له. غادر العراق في السبعينيات، وكانت وجهته اليونان، وقد أعادته حكومتها إلى العراق عام 1982 لأمرٍ مّا لا أتذكره الآن، فسيق إلى الخدمة العسكرية، وقُتِلَ في معارك شرق البصرة.كان ذات مرة طرق باب بيت عائلتي في الناصرية ليسأل عني، فكنت موجوداً في البيت مصادفة، قادماً من بغداد حيث كنت أدرس وأعيش فرأيته بعد غياب طويل، وماكنت أدري أنني أراه لآخر مرة.











بِساطُ السُّكْر


الى الشاعر سعدي يوسف

أخْطأتَ أم أخْطأتُ فلنَفرُشْ بِساطَ السُّكْرِ
ولنَبْدأْ نُجاري النّاسَ في قيلٍ وفي قالٍ :
نقُصُّ النّاسَ في العامِّيَّةِ الفُصْحى
ونَقْسِمُهم ثُلاثَ ، كأنْ نقولَ : السَّبْعُ والثُّعبانُ والطََََّيْرُ الغُرابْ
والنّاسُ أشْكالٌ وألوانٌ
فنَقْسِمُهم ثُلاثَ ، كأنْ نقولَ : الشَّهْمُ والثُّعبانُ والطَّيْرُ الغُرابْ
والنّاسُ أشْكالٌ وألوانٌ
فإنْ ذُكِروا..سنَعْرِفُ فيهمُ الثّعبانَ أوَّلَ وَهْلةٍ
من سُمِّهِ المَنفوثِ في الكأسِ الأخيرةْ
وسنَعْرفُ الطَّيْرَ الغُرابَ وشؤمَهُ
من ريشِهِ الرُّمْحيِّ مَنْفوشاً وحيْرَتِنا الفقيرةْ
ونَحارُ في التَّثْليثِ ،
كلُّ ثَلاثةٍ قد ضاعَ منها السَّبعُ ،
كلُّ ثَلاثةٍ قد ضاعَ منها الشَّهْمُ..
هذا الأمرُ مَثْنىً جاءَ ، فَلْنَبْدأْ نقُصُّ النّاسَ ثانيةً ، ونَقْسِمُهم..
لنَتْرُكْهمْ..

بِساطُ السُّكْرِ مَطْوِيٌّ بما فيه..*


* لأبي نؤاس..

هولندا
2-6-2005



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تروتسكي باريس 1979
- كنّا طَوالَ مُعارَضَتِنا الدّكتاتوريَّةَ وما زِلْنا: بلا حَر ...
- محسن الخفاجيّ : عمرٌ متوقفٌ في بوكا و اسمٌ يكبُرُ كلَّ يوم
- كلُّ شويعرٍ مناضلٌ صنديد
- أميريكا..اِذهَبي وضاجِعي نفسَكِ بقنبلتِكِ الذَّرِّيَّة
- القاص السجين محسن الخفاجي
- بِساطُ السُّكْر
- المَغيب
- الخليفةُ والنَّبيّ
- موتُ عقيل علي
- الإِمام
- دعوة اتحاد أدباء العراق إلى اعتراضٍ قانونيٍّ
- من أجل احترام آدميّة الشاعر عقيل علي
- خيمياءُ جابر وجعفر
- لا لقتل الطلبة العرب في العراق
- أقولُ لقاتلي العربيِّ : أنتَ شَهيد
- تغييبُ مثقفي العراق
- وبغدادُ فيها للمشاةِ دروبُ
- حول نشيد حزب المؤتمر الوطني العراقي
- وداعاً عبد كاظم..وداعاً أيها الرياضي الكبير


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - الشّعرُ والتّوثيقُ الشّخصيّ