أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فؤاد وجاني - قطة الملك الأمريكية














المزيد.....

قطة الملك الأمريكية


فؤاد وجاني

الحوار المتمدن-العدد: 4551 - 2014 / 8 / 22 - 09:18
المحور: كتابات ساخرة
    


لأننا في عصر التفاهة الذهبي، أتساءل عن قطة، وهي ليست قطة عادية، مع احترامي الجليل لكل القطط والحيوانات العادية الأليفة والمؤلفة والمتوحشة والتي استوحشت. أحيانا تكون الحيوانات أرقى رتبة من عديمي الإنسانية وفاقدي الشعور من الناس، الذين تصلبت في شرايينهم الدماء، وغدوا بوجهين، الأول يقول شيئا والثاني يفعل نقيضه تماما.
هناك الآن في المغرب رجل يأكل من حاوية قمامة ، وامرأة تلد طفلا في الشارع ، وطفل ينام دون عشاء، ومريض سيرحل إلى دار البقاء لأنه لن يستطيع تحمل نفقات العلاج. هناك شيخ يبيت بين الجبال في العراء، ولِحظّه فهذا فصل صيف وإلا لفظ أنفاسه على إيقاع لفحات البرد القاسية. وهناك شاب معطل قد مات فعلا قبل أيام مقيد اليدين ، ربما لم تسمعوا عنه لأنه لا ينتمي إلى الطبقات العليا والوسطى، ولم يرتد يوما صالونات المستثقفين، ولم تُظهره شاشات التلفاز الرسمية الغارقة في مراسيم البيعة وخطابات السلطان والمهرجانات ذات الصيت العالمي، فقرر الإضراب عن الطعام حتى الموت إن لم يسمحوا له بإكمال دراسته العليا، وكما عُلِمَ وكان مُقررا له ولمن هم من فئته لم يسمحوا له بذلك لأنه ابن فقراء وقرية لا يحفظُ اسمَها اللسان. وآخرُ مات بعد أربعين يوما من الإضراب عن الطعام بسبب حكم ظالم من قضاء غير مستقل توجهه هواتف القصر ودوائر الأمن، حتى الصحافة لم تهتم لشأنه فقط لأنه كان ذي لحية مُسبلة. وهناك بائع سجائر بالتقسيط يقبع الآن في السجن لأته أعلن ولاءه للشعب وقضاياه منذ ولادة تلك الحركة المستعصية على هراوات المخزن. وهناك ناشطة كانت تدافع عن العمال والكادحين والمنسيين وهم الفئة الغالبة من هذا الشعب، ستقضي سنة كاملة سجنا لأنها اقترفت جريمة التبليغ لدى السلطات عن اختطافها وتعذيبها من قبل السلطات.
ليس هنالك داع لذكر الأسماء، الأهم ذكر اسم القطة التي اشتراها الملك بعشرات الآلاف من الدولارات. قطة استقدمها من أمريكا، رغم أنّ لدينا الكثير من القطط المشردة في الشوارع ناهيك عن الكلاب، أتساءل كما يتساءل الملك صاحب القطة الفريدة في خطابه الأخير بمناسبة ثورة الملك والشعب : أين وصل المغرب؟
وما دمنا في حديث القطة الأمريكية المميزة، وحتى لا نخرج عن صلب الموضوع المهم جدا، الأهم من كل البشر الذين يسكنون ربوع المملكة السعيدة وسجونها وقبورها، والأهم من كل القطط والكلاب المغربية الضالة، كم قطة كان يمكن أن ينقذها ذلك المبلغ الباهظ من الضياع؟
الأمريكيون أنفسهم يحسدون القطة الملكية، فالواحد منهم يكد سنة كاملة وقد يضطر إلى العمل ست عشرة ساعة في اليوم، خمسة أيام في الأسبوع ليجني ذاك المبلغ، ثم لا يتبقى منه شيء بعد دفعه في شراء الغذاء وفي أقساط البيت أو الإيجار والسيارة والوقود والتأمين والبطاقات التأمينية. أما جل الرعايا المغاربة فلم يروا هذا المبلغ، ولم يشتَمّوا رائحته من قبل، ولعلهم لن يروا ثمن القطة أبدا في جيوبهم يوما ماداموا تحت ظل ملكية.
القطط تعلمنا أنْ لا نفع يُجنى من بعض المخلوقات في الطبيعة سوى النوم والراحة والأكل والشُّرب واللعب والذهاب إلى الخلاء. وبعض هذه المخلوقات تحكم بلدا بأكمله، وتعيش على خيره ، ثم تتهكم على شعبه بَطراً.
هذه القطة الآن تنام في قصركم العامر على حساب قطط مغربية كثيرة جائعة تخوض بينها حربا ضروسا كل يوم لأجل البقاء في ضراوة الشوارع ، قطط تتمنى فقط سقفا وعيشا كريما وحرية حقيقية ، ولا تناضل لكي تحيا يوما كما القطط الأمريكية المستوردة.
كان الأولى يا جلالة الملك أن تتبنى إحدى قططنا المتشردة، إنها قطط حقيقية، والعديد منها يود اصطياد فئران قصورك وجرذانها، أولئك الذين يأكلون أرزاق الشعب ومحصولاته كل سنة. هذا إن كنت تنوي الإصلاح فعلا وقولا، وإلا فالأجدر في المرة المقبلة أن تفكر في تربية الخنزير ، ولعل في حكمة السياسي المخضرم ونستون تشرتشل التالية عبرة لمن لا يعتبر: "إنني مغرم بالخنازير؛ الكلاب تحترمنا، القطط تحتقرنا، أما الخنازير فتعاملنا على قدم المساواة".



#فؤاد_وجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استشهاد المزياني : البلاد التي تعيش دون حرية جسد دون روح
- الرفيق محمد السادس
- المخزن المغربي من جلاد إلى ضحية
- صاحب القفة ومنطق الزيت و السكر
- جمال الثورة..
- المغرب: من النظام الملكي الأبوي إلى الدولة المدنية
- بعض آليات الأيْقَنة الملكية ودروها في فرض السلطة الجبرية على ...
- الخبز أو الملكية بالمغرب
- مشروع دستور -الكراكيز- في المغرب
- فخامة حمار للاعبوش يخاطب الحكام الحمير
- زغردوا ...دستور جديد لمخربستان!
- وصفة البقاء للملوك والرؤساء
- أولى دروس الحرية - قصة قصيرة
- سانتشو بانزا والمالكي
- رِسَالَةٌ مِنْ لَلَّا عْبُوشْ الى مِشْتْر بُوشْ
- فاجِعةُ كِتابٍ في أمَّةِ الكِتابِ
- ومرت السخرية العربية من كولورادو...


المزيد.....




- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فؤاد وجاني - قطة الملك الأمريكية