أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى غازي الأميري - عالمُ الحرية لألعابِ الأطفال الالكترونية، من مسلسل إعصار لا يهدأ 4














المزيد.....

عالمُ الحرية لألعابِ الأطفال الالكترونية، من مسلسل إعصار لا يهدأ 4


يحيى غازي الأميري

الحوار المتمدن-العدد: 4549 - 2014 / 8 / 20 - 22:24
المحور: الادب والفن
    


رغمَ أن الفصلَ حارٌ وحرارتُهُ آخذةٌ بالارتفاعِ مسببةً للإرهاقِ
ومعكرةً للمزاجِ
المساءَ هذا السماءَ لكِنَّ
كانت ملبدةً بغيومٍ رماديّةٍ داكنةٍ لا تكفُّ عن الحركةِ والدورانِ،
مصحوبةً برطوبةٍ خانقةٍ.
هنالك إشاعاتٌ تسري بين الناسِ، لا يُعرفُ مصدرُها.
تقولُ:
إن هذا الفصلَ سيكونُ ساخناٌ جداً وإن السماءَ في مثلِ هذهِ الأجواءِ
سوف تمطرُ أحياناً شهباً و نيازكَ، وتحذرُ من شظاياها المتطايرة
فهي تحزُّ الرؤوسِ وتقطعُ الأبدانَ إن إصابتها،
وإنَّ إصابَتها قاتلةٌ مميتة.
هذه الأقاويلُ تُثيرُ الرَّعبَ ،وترسّخُ الخوفَ حدَّ الموتِ في النفوسِ
لكنَ الغريبَ أن أغلبَ الناسِ لا تبالي لذلك
شاهدُ عيانٍ يروي ما شاهدهُ في هذا المساءِ:
_ اصطحبتُ طفلي ( محموداً ) ذا الثامنة لغرضِ التبضعِ لعيدِ ميلادهِ.
اشتريتُ له بدلةً رصاصيةً وحذاءً وقميصاً وربطةَ عُنقٍ حمراءَ
كان ( محمود ) فرحاٌ بها أشدَّ الفرحِ
عند خروجِنا كان متجرُ الحريةِ للعبِ الأطفالِ الالكترونيةِ
ينتصبُ أمامَ أنظارِنا في الجهةِ الثانيةِ من الشارعِ
ولا يبعدُ عنا أكثرَ من 30 متراٌ
تسمَّرت عينا ولدي على واجهةِ المتجرِ
حيثُ يقفُ أمام بابِ المتجرِ عددٌ يزيدُ على عشرةٍ من الأطفالِ مع ذويِهم
أمسكَ (محمودٌ) بيدي وبصوتٍ فيه كثيرٌ من التوسلِ طلبَ مني العبورَ إلى المتجرِ
نظرتُ له بعينين فيهما كثيرٌ من الحنيةِ و المحبةِ
وقلتُ لنفسي لأكملنَّ فرحتهُ وأشتري له ما يودُّ
حملتُ بدلته بيدي اليسرى، وأمسكتُ بيدهِ اليسرى ،
فيما حملَ (محمودٌ) بيمينهِ الحقيبة التي تحتوي القميصَ والحذاءَ
وبدأنا نرقبُ السياراتِ لنتهيأ لعبورِ الشارعِ ؛ وبلا مقدماتٍ ارتفع
صوتُ دويًّ هائلٍ
صمَّ أذناي، وقذفني عدة أمتارٍ،
كادَ أن يفقدني رشدي
بعدَ لحظاتٍ فقتُ من هولِ الصدمةِ،و شاهدتُ ولدي محموداً
مرميّاً على الأرضِ
والدماءُ تنزفُ من نحرهِ
انقبض قلبي، ذعرتُ لمنظره، وهو ينزفُ دماً حاراً
انحنيتُ عليه وجدتُ قطعةً من الحديدِ بحجمِ كف اليد
مستقرةً في أسفلِ عنقه،
كانت عيناه مفتوحتان على أشدهما،
شفتاه تتحركان ببطءٍ شديدٍ ، وحاولَ أن يقولَ لي وبـدأ
يحدثني بهمسٍ
والدموعُ تترقرقُ في عينيه البريئتين
_ بابا أنقذني، بعدها
أغمضَ عينيه ساعة هممتُ أن أقبِّلهُ
حملتهُ على ذراعيَّ، أحسستُ أن يدي اليمنى لا تعينني على حملهِ،
فقد كانت شظية أخرى
قد استقرت في كتفي.
حملتهُ بكل قواي وصرختُ بأعلى صوتي كالمجنونِ: أيُّها الناسُ أنقذونا
لكن ولدي محموداً
لفظَ أنفاسه قبل أن اقبلهُ
رباه، كان يتوسلني أن أساعدهُ!
كانَ منظرُ أشلاءِ الأطفالِ ولعبهم قد تناثرت لتملأ الشارعَ والأرصفةَ!
أحسستُ أن قوايَّ تخورُ وصوتي بدأ يخفتْ
وتقهقرت ركبتاي، وأضحتا لا تقويان على حملنا،
ضممتُ ولدي إلى صدري
وجلستُ على الأرضِ واضعاً جسمه في حضنى ومطوقاً ( محموداً ) بذراعيَّ
قبلتهُ بين عينيه، أحسستُ ببرودة مفزعة بجبنهِ
فسرت هي الأخرى كالبرقِ بجسمي
تجمهرَ بعضُ الناسِ حولي، فغبتُ ساعتها عن الوعيِ.
توفيَ شاهدُ العيان بعدَ ثلاثة أيام من وفاةِ ابنهِ متأثراً بجراحهِ المزدوجة!

هذيان مع الفجر، جمهورية العراق
آب-2014



#يحيى_غازي_الأميري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزنٌ يُشبه الموتَ يخيمُ على المكانِ ، من مسلسلِ إعصارٌ لا يه ...
- القبضُ ريح/ من مسلسل إعصار لا يهدأ /2
- انهيار في وضح النهار/ من مسلسل إعصار لا يهدأ 1
- التفكير في المهجر
- بيتٌ من الشعرِ
- من انتصرَ؟
- شكد حلو طالع اليوم
- الكاتب والشاعر والموسيقار السويدي جاك توري ويروب في ضيافة مك ...
- في قلعة مالمو أقيمت احتفالات أعياد الميلاد 2014
- يوم نيساني من أيام زيارتي للعراق 2013 .. بغداد تحتضن الكتاب/ ...
- يوم نيساني من أيام زيارتي للعراق 2013، بصحبة الأصدقاء زيارة ...
- يوم نيساني من ايام زيارتي للعراق2013 ، خيبة أمل من أول فرصة ...
- جامعة كريخان ستاد السويدية أقامت معرضاً للرسم، لطلاب قسم الف ...
- الفنان ستار الساعدي وفرقة الأندلس أحيوا أمسية ثقافية غنائية ...
- على هامش مهرجان الأفلام السينمائية العربية الثاني في مالمو
- التركمان حقوقهم ومعاناتهم في ندوة سياسية مطولة في مالمو
- لقاء لغرض التحاور بين وفد وزارة الثقافة العراقية والجالية ال ...
- ومضات من خزين الذاكرة... نقطة تفتيش، و زوجين قنادر، و 6 دجاج ...
- ذكريات في الذاكرة راسخة، من العزيزية إلى أربيل
- ردا ًعلى تعليق الدكتور - يوسف الهر- والذي ورد على مقالنا الم ...


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى غازي الأميري - عالمُ الحرية لألعابِ الأطفال الالكترونية، من مسلسل إعصار لا يهدأ 4