أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدون هليل - رشدي العامل الرحيل الى الحب والحرية















المزيد.....

رشدي العامل الرحيل الى الحب والحرية


سعدون هليل

الحوار المتمدن-العدد: 4546 - 2014 / 8 / 17 - 13:51
المحور: الادب والفن
    


إضربوا على قبري ثلاثاً وسأعرف أن النظام قد سقط
رشدي العامل الشاعرعبر نشاطاته المكثّفة التي جاب بها أبواب الشعر بحرية تامة , إتخذ لنفسه وفنه وسيلة التعبير ((القصيدة الحرة)) , وبقصدية متقنة الأهداف وضع همَّهُ كله وشعوره وقوة كلمته في مطلب أساس هو حرية الحب للشعب , وبذلك حدد الأداة والهدف . الشعر ومنتهج الشعب كان شعره قريباً من الناس , عامداً باآليته الى كسر طوق عُليّة قوام الشعر على المتذوقين , فجعله منحازاً الى طبقات الشعب البسطة الطيبة , الطبقات الكادحة , وهو ماصيّره عملاقا مترفعا عن كل ما يشغله عنقضيته الأساسية , تحيط به نخبة من الأصدقاء , خصهم بحياتهوشعره , كانوا اسراره , وكانت أسراره خوفا على الوطن والثقافة من التعسف والتسطيح والأُحادية . يقول الفنان المبدع فيصل لعيبي :" أن رشدي العامل واحد من شعراء العراق الذين شبّوا على الشعر الجماهيري الذي بدأه الرصافي شاعر الشعب الأول . اولئك الشعراء الذين وضعوا قضية الشعب والوطن والطبقات المسحوقة كأهم موضوعة يجري حولها نهر الشعر الفياض " . ولعل الشاعر رشدي العامل , يراجع بنفسه علاقته بالشعر كما هو الحال في المقطع الآتي / " هل نكتب الشعر أجل سيدتي الحسناء أشمُّ من نافذتي رائحة الحنّاء " أكتبه والظل حولي غمغمة عابرة تمر في الشارع كان قلبه ينبض بالحب للوطن وينشد الحرية للمقيدين ويطلب الخبز للجائعين . يقول في إحدى قصائده : " ياوطني .. يا وطن الجائعين والحب والنماء والكادحين كل الدروب لم تزل تلتقي عندك يا نبعا من الثائرين " أصدقاؤه مازالوا يحفظون له هذه العِفة وذلك الإنشغال , وتلك الجذوة الشعرية التي لم تنطفيء , حتى حين مَرُضَ وإقتصرت حياته على غرفة بسيطة قرب ......... ((حديقة علي)) ..
حديقة الشعر في دواوينه المتعددة أسس لمسار شعري راكز يطفح بالأناشيد الذاتية , الشعورية والوطنية والجمالية . كانت رحلته من (همسات عشتار 1951) , الى (أغان بلا دموع 1956) , ثم مرورا بـ (عيون بغداد والمطر 1961) , و (للكلمات أبواب وأشرعة 1971 ) , و (أنتم أولاً 1975) , و (هجرة الألوان 1983) , و (حديقة على 1986) .. حتى هذه الحديقة (حديقة على) قد أنجز الشاعر إمثولة شعرية من النادر أن يقدر عليها شاعر غيره , فرشدي العامل بدأبه وموهبته قاد شعريته بإتجاه شعرية عراقية خالصة خاصة يترسم بها مسالك عظماء المؤسسين لملامح شعرية مستقلة تتوفر على علائم جمالية متجهة نحو تغيّر في المنهج والإسلوبوالمعنى.. لقد تمكن من أن يضع بصمته الواضحة عبر الآتي / 1ـ عدم الفصل بين إنسانية الفرد والطموح الشعري . 2ـ إستثمار القوام المحلي للتراث لأجل صياغة رؤى حضارية متقدمة لمستقبل الفرد والمجموع . 3ـ إستدراج الهم الشعري ناحية الطقس اليومي للعادات والتقاليد الشعبية بوساطة الومضات السردية , والكثافة الفِعالية , والعمق الفلسفي . 4ـ إستثمار ((الأسطورة والخرافة والمفارقة)) بطريقة مبتكرة تعتمد روحية الحكمة العراقية القديمة والحديثة . 5ـ إستعماله للغة مبهجة على الرغم من سوداوية مضمونها . من المهم القول :أن حديقة علي لدى (العامل) هي حديقة حقيقية , زرعها في البيت ووضع لها حارساً هو إبنه (علي) , ووضع نفسه حكيما عليهما , لئلا تموت الأشجار في الحديقة ويشقى الحارس , إن فُقِد الحكيم ! لكن يا للأسف ماتت الأشجار وإحتار الحارس في أي الضيعات يعيش , ومن هذا الحكيم الجديد وأين يلتقيه ! مفارق الخطى بعد (حديقة علي) أنجز رشدي العامل مجموعته الشعرية (موت المغني 1991) , ومسرحيته (الخطأ 1993) . في هذه المرحلة عجَّ إبداعه بالخبرة والقدرة على إنجاز الشعر بإيجاز اللفظة والصورة , وتشظي المعنى , صار الشاعر أقرب الى خطوة واحدة من الكمال ! هي مرحلة النضج والشهرة والقدوة الكفاحية , التطور الفكري والأدبي , على المستوى الإنساني والإعلامي .. الخطوة تلك التي لم يجتزها كان دونها الموت ... هذا الكائن الذي لا يحفل بالأجساد ولا بالأرواح ولا بالعبقريات .. إنه الخطوة المفارقة لكل فعل بين الرؤى والبصيرة , بين الحيوية والثبوت .. لكنه إجتازها بالخلود ! غربة الشاعررشدي العامل شاعر مُجيد وإنسان من طراز خاص , كتب مَجْدَهُ بدموعه وغربته .. كثيرا ما كان يبشر بطريقته ـ غربته الشخصية ـ التي يسميها (الهجرة الى الداخل) , الهجرة التي تلوّنت مساربها بقدر تغيرات النفس البشرية , كانت تأخذ مسارات فكرية مرة (وجودية / إشتراكية) , وتارة غربة نفسية (عذابات وتراجعات وخوف), ومرات أخرى تأخذ حالة رفض لكل مقيِّدات الحرية والجمال والطوية الحسنة ..... وفي الأونة الأخيرة صارت الغربة على أشدها , فهو بين أهله وأصدقائه لكنه معزول ومأزوم , نادم ومحروم , نادب وحانق ... إنه المحتج على شُرع التهميش والإلغاء السياسي والإجتماعي والأخلاقي .. إذا هي غربة فعّالةنضاحة بالشعر العمل والإرتباط بالمبدأ , بالمُثُل والقيم العُليا والحرص على مستقبل كل طفل وإمرأة وعاجز ومسحوقومظلوم .. إنه غريب داخل غربة النفي (البلاد) : " الشعر طريق التعساء تهتز الظلمة وينسدل النور "تداعي نشوى الكفاحفي خضم التداعي الشعري والحياتي تشتد نقمة الشاعر على الذين سلبوا الحرية وقتلوا البسمة داخل الإسرة فيقول : " ياولدي .. الجلاد لا يعرف أن يعجن خبزا للأولاد الجلاد لا يعرف بغداد .. " أما في قصيدة قلبي على شفتي فيقول : " أنا هكذا أمضي وملء جوانحي أمن وخوف إن سدت العثرات دربي لا أميل لا أسف " ويقف في نهاية القصيدة متسائلا عن دروب الخلاص من الظلم وبزوغ فجر الحرية الذي سيعيد تلك البسمة الى شفاه الأطفال , فيقول : " عيوننا ترنو الى بوابة المحال أعناقنا تخنقها الحبال شفاهنا تتضرع بالسؤال متى . متى سنزرع ليمونا وبرتقال ونقطف الأعذاق حتى نملأ السلال فيضحك الأطفال . " شعرية الذات الجمعيةتدلنا قصائد رشدي العامل على التلاحم بين الذات الخاصة للشاعر والشعورالجمعي. الذات التي عرفت الغربة في أرض الوطن , والتشرد في ظل الدكتاتورية التي صادرت كل شيء يخص الكرامة الإنسانية , ظل حتى في ظلامية هذه الحقبة محافظا على موقفه المناهض للدكتاتورية ونظامها الجائر القاسي بأشد أنواع الإضطهاد (مسخ الأنسانية والوجود الحر) .. ظل (العامل) نقيّا حتى آخر نفثة هواء في وعيه الحياتي , شاعراً للحب والحرية , باحثاً عن طريق الخلاص .. كانت وصيته شعرية هائلة ببثِّها المتقن الصادق : " إضربوا على قبري ثلاثاً وسأعرف أن النظام قد سقط " وقد سقط النظام فهل مَن نفَّذَ الوصية التي هي دَين في أعناق محبيه وعشاق قصائده وفكره الديمقراطي . ونتساءلألا يستحق شاعرنا الوطني الغيور اليوم من دائرة الشؤون الثقافية طبع أعماله كاملة ؟.. ختام تحية لرشدي العامل الشاعر الذي ظل يقاوم بالشعر حتى لحظته الأخيرة .. تحية للشيوعي الذي فارق الحياة وجريدة (طريق الشعب)تحت وسادته .. ما أصدقه حين قال وهو على فراش الموت : لا أروع .. أن تغدو حين يواجك الموت كبيراً ,.... أن يتألق إسمك في قافلة الشهداء ! بطاقة تعريفيةرشدي العامل : الولادة / قضاء عنة /1934 الوفاة / 1990 ـ أصدر مجموعة (همسات عشتروت) الشعرية عام1951 ـ أصدر مجموعته الشعرية (أغاني بلا دموع ) عام 1956 ـ أصدر مجموعة (عيون بغداد والمطر) الشعرية عام 1961 ـ نشر مجموعته الشعرية (للكلمات أبواب وأشرعة) عام 1971 ـ كتب مجموعة (أنتم أولاً) الشعرية ونشرها عام 1975 ـ مجموعة (هجرةالألوان) الشعرية صدرت عام 1983 ـ صدر نصه (حديقة علي) عام 1986 ـ (موت المغني) محموعة شعرية نشرت عام 1991 في مجلة الثقافة الجديدة كاملة . ـ (الخطأ)مسرحية نُشرت بمجلة الأقلام عام1993.



#سعدون_هليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمضى أكثر من -50 عاماً- في تصنيفه -الأغاني-.. ديوان العرب
- الاغتراب والهوية الثقافية
- حوار مع البروفيسور الدكتور محسن محمد حسين
- حوار مع القاص ناصرقوطي
- حوار مع الدكتور زهير البياتي
- حوار مع الدكتور علي المرهج
- حوار مع الاكاديمي سمير الشيخ
- حوار مع الدكتور فاضل التميمي
- التغيرات المجتمعية
- حوار مع القاص والناقد المسرحي حسب الله يحيى
- حوار مع الناقد والشاعر فاروق مصطفى
- حوار مع القاص محمدخضير
- حوار مع الدكتور أسعد الامارة
- حوار مع الاستاذ الدكتور صاحب أبو جناح
- حوار مع الدكتور الناقد والتشكيلي جواد الزيدي
- حوار مع الدكتور صالح زامل
- حوار مع الدكتور عبدالقادر جبار
- حوار مع الشاعر والناقد جمال جاسم أمين
- حوار مع الدكتور علي عبود المحمداوي
- حوار مع الدكتور حسام الآلوسي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدون هليل - رشدي العامل الرحيل الى الحب والحرية