أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون هليل - حوار مع الدكتور عبدالقادر جبار















المزيد.....


حوار مع الدكتور عبدالقادر جبار


سعدون هليل

الحوار المتمدن-العدد: 4333 - 2014 / 1 / 13 - 13:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    






الشاعر والناقد د. عبد القادر جبار
قصيدتي تحمل تاريخي وثقافتي وموقفي الكوني

حاوره:سعدون هليل

اختلاف مستويات تلقي النص الأدبي، سبب مهم من أسباب استحواذ الشعر الضعيف على المشهد الشعري
قصيدتي مختلفة عن الشعر الذي يشكل المشهد العام
مهمتي فك الاشتباك بين ماهو شعري وغير شعري في النصوص المعاصرة
الدكتور عبدالقادر جبار: استاذ الأدب الحديث في جامعة بغداد، له مؤلفات: طائر الوجد، النص المؤلف القارئ في القراءة الحديثة للشعر، النص المؤلف القارئ في القراءة المعاصرة للشعر، غرب النص، شرق النص، دراسات في الدوريات العراقية والعربية.
، نشر اربعة دواوين فصول وعيون، اجنحة الضوء، والمدارج أسف مؤجل، والمعابر قمر معطل. له مؤلفات عدة تنتظر الاصدار.
نشر بياناً شعرياً عام 1996 تحت عنوان (بيان الشعر بيان المغايرة) في جريدة الجمهورية.
التقته الطريق وفتحت معه هذا الحوار مبتدئة بالسؤال الآتي:
* نبدأ من الشعر، كيف تنظر الى التطورات التي حدثت في القصيدة العربية المعاصرة، وما أثر هذه التحولات (إن صح تسميتها) على جماليات النص الشعري؟
- أرى ان الشعر يمرّ اليوم بمخاض صعب، وتعود صعوبته الى الافكار والنظريات والآراء التي تمس العناصر الجوهرية في الجنس الأدبي، فمن محاولات الاجهاز على التشكيل البصري أي التناسب في القصيدة الى محاولات الاجهاز على الوزن، بدأت محاولات الشعراء في الاتجاه نحو ترسيم بنى جديدة للقصيدة، فظهرت قصيدة الومضة والشذرة واللقطة وتسميات اخرى اجتهد بعض الشعراء في اطلاقها على نماذج يعتقدون انها تنتمي الى الشعر.
والحقيقة ان هذه النماذج اذ ما تمكنت أن ترسخ جنسها الادبي واستطاعت ان تنمِّط وجودها في كتابات الشعراء، فانها يمكن ان تتحول الى ظاهرة تمنح القصيدة المعاصرة جماليات جديدة تعزز من جماليات القصيدة العربية الحديثة التي ابتدعها الشعر الحديث.
* اذن هناك جديد على مستوى الجماليات ينتظر الشعر العربي في المرحلة المقبلة؟
- نعم، وهذا منطق التطور ، وفي الشعر يمكن ملاحظته على مستوى الجماليات خاصة ، اذ يمكن تسمية كل ابداع يضيف أو يقوض القديم بالجديد وفي الوقت نفسه يمكن تسميته بالنمط المعاصر، اذا ما تحققت له شروط التطور التاريخي الموضوعي والذاتي، ولكن في كل الاحوال لابد من التأكيد ان هناك جدلا مستمرا بين الاشكال والمضامين، او ان هناك جدلا مستمرا بين بنى القصيدة، ولابد ان تصل هذه الجدلية الى نتيجة تؤدي الى تنميط انموذج ما في الشعر العربي المعاصر وتنتقل بالجمالية الى مستويات جديدة.
* من قراءتك للاتجاهات التي تصطرع الآن هل هناك ما يشير الى تفوق انموذج ما على غيره؟
- الذي يحدث اليوم ان بعض الشعراء بسبب ضعف إمكاناتهم في الشعر اخذوا يسطحون القصيدة أي ينقلون كلام الشارع الى الشعر، وهذا النقل يجري تحت ذريعة البساطة في الشعر، وهذه البساطة تجد جمهورها الذي يتعامل مع القصيدة على أنها مفارقة عابرة، وهناك (شعراء) ليس لهم علاقة بالشعر، بل اصبحوا شعراء بحكم الإعلام والاعلان المجاني الذي ينتج عن الفوضى والصحف التي تنشر من اجل النشر لتملأ صفحاتها ، (وهنا لا اقصد بالاعلام المؤسسات الاعلامية العريقة والتقليدية فحسب) بل الأصدقاء والمعارف وطريقة تسويق بعض المحسوبين على الشعر لأنفسهم، فعلى سبيل المثال أصبحت وسائل جذب القراء رخيصة الى الذي يستثير بعض المحسوبين على الشعر مشاعر البسطاء الفقراء في ميولهم الانسانية التاريخية للحصول من اندفاعهم البسيط على لقب الشاعر ، وهذه مسألة لا اريد الخوض فيها لأن الزمن كفيل بتجاوز هذه الاسماء الكاذبة التي دخلت عالم الشعر بالبلطجة مقابل ذلك هناك شعراء يحفرون أسماءهم بقوة ولكن تقدمهم بطيء بسبب الظواهر المزيفة التي تملأ الساحة الأدبية، على هذا الاساس يصعب تحديد الاتجاهات والنماذج التي تتفوق على غيرها واعطاء صورة شاملة للظاهرة الشعرية ، ولكن بشكل عام فان النماذج القابلة للاستمرار، هي تلك النماذج التي تزيد او تعزز أو ترسخ الشعر في بناها وفي جمالياتها .
* ماذا تقصد بالنماذج التي تعزز الشعر؟
- النماذج المبدعة، النماذج الخلاقة، النماذج التي ترتفع باللغة الى مستويات أعلى من المستويات الموجودة في الكلام العادي، المستويات التي تدهش وتخلق.
* هنا وضعت القارئ معياراً مهماً من معايير الجودة في القصيدة، كيف تنظر الى المتلقي في تحديد قيمة الابداع الشعري؟
- لابد من التأكيد في البدء ان القصيدة عملية خلق خاصة بالشاعر، وان المتلقي يصبح جزءاً لاحقاً في عملية الخلق، فهو يقيم حوارية مع النص الشعري وهذه –الحوارية هي التي تحول النص الى مادة قابلة للتغيير في تشكيلاتها حسب ثقافة ورؤية القارئ، (أي ان النتاج اللاحق للشعر هو الذي يترك الأثر وهو المؤثر، لان هذا النتاج عبّر عن علاقة النص مع القارئ، والقارئ هنا على مستويات مختلفة، فهناك الناقد، والقارئ المثقف، والقارئ العادي، ولكل من هؤلاء القراء جماليات معينة في استقبال النص، وهذا هو الذي يفسر بروز شعراء بمستويات ضعيفة الى واجهة المشهد الشعري ومن جانبي أعدت قراءة نتاج شعراء عراقيين عدّوا من اصحاب النماذج الشعرية المتطورة في القصيدة المعاصرة، ولكن بعد تدقيق وبحث لم تتعد نماذجهم كما استنتجت فيما بحثته حدود الكلام العادي اليومي، على الرغم من ان قصائدهم (لنقل قصائد) أسقطت حدود التشكيل البصري وانفتحت انفتاحا كاملاً على كل التشكيلات ، وعلى الرغم من اسقاطهم الوزن، وكل الأطر المحددة للقصيدة، لكن علاقات الانساق في تلك القصائد لم تستطع تجاوز الكلام العادي، والأمثلة على ذلك كثيرة.
* من هم هؤلاء؟
- لا أريد التحديد هنا، ولكن بشكل عام بعض الشعراء الذين ظهروا في السبعينيات ومعظم جيل الثمانينات.
* هل تنزه شعرك عما ذكرت؟
- نعم بالتأكيد، فانا حفرت اسمي وحيداً من دون الدخول في شللية ما عرف في حينها (قل لي أنا شاعر، اقول لك انت شاعر) كتبت قصائدي لأكون صوتاً متفرداً من دون الانتماء الى جيل محدد تتحكم فيه علاقات (الشلة)، أو علاقات المجموعة، كذلك أجد ان قصيدتي مختلفة عن الشعر الذي يشكل المشهد العام.
* وكيف تختلف؟
- الاختلاف في مستوى اللغة، فما اكتبه ليس سطحياً أو مباشرا او تقريرياً، كما يكتب بعض الشعراء اليوم، قصيدتي تحمل تاريخي وثقافتي وذاكرتي ويومياتي ورؤاي وموقفي الكوني فهي اللاحدود والمحاولة للوصول للمطلق، وحين أتمرد على الوزن تحس الايقاع في روح القصيدة، فحين الخص ما يحدث اليوم من قتل مجاني للعراقيين مثلا ، اقول:
"السيوف
مشيمة الثأر
وسحنة للساحات الجريحة بقتلانا"
* وماذا تقول اذا كتبت قصيدة موزونة"
- "النأي
مرجلنا السحيق
نديم محنتنا
واصوات المسار
الى مفازات الرؤى"
* كتبت قصيدة الشذرة، أو الومضة؟
- هذه واحدة من النماذج ، اقول فيها:
"أنت والياسمين
جنتي والسنين"
* هل يمكن لك ان تلخص رؤاك الشعرية؟
- القصيدة عندي إشراق يختصر اللامحدود والمطلقات بأنساق جمالية، قابلة لأن تتجدد مع كل قراءة جديدة، القصيدة تحول في تاريخ الشعر منذ لحظة ولادتها حتى لحظة ولادة القصيدة الأخرى التي تليها، انها محاولة اللغة لاعادة صياغة ذاتها من جديد بما يؤكد مقدراتها الجمالية والايحائية والدلالية المطلقة، هي ولادة عالم جديد من المحسوسات واللامحسوسات من خلال العلاقة المرئية وغير المرئية في الوقت نفسه.
* ماذا عن الموقف النقدي المعاصر للشعر، هل تراه استطاع اللحاق بالنص ام ما يزال متخلفا تجاه ما حدث من تطورات في القصيدة؟
- لم تستطع القصيدة ان تحقق ما فرضته عليها المعاصرة من تطورات جديدة، وأعني هنا الاجيال الشعرية في الألفية الثالثة، ففي هذه المرحلة، لم تبرز أجيال يمكن ان تترك بصمة في تاريخ القصيدة العربية وما تزال المخاضات متعسرة بسبب جملة من العوامل الموضوعية والذاتية لامجال للتفصيل فيها ولم تبرز في اتجاهات الشعر المعاصر إلا ما يعرف بقصيدة (الومضة او الشذرة)، وهي نمط من الشعر يعتمد على المفارقة ولا يعتمد على الصورة، وقد بحثت في هذا النمط مطولاً، ودرست ما يمكن ان يقدمه لتاريخ القصيدة العربية، من خلال مجموعة من النماذج في المغرب العربي ، ووجدت ان قصيدة المفارقة هي النمط السائد في شعر تلك المنطقة ، هذا النمط على الرغم من أهميته لم ينتج علاقة جمالية او روحية مع المتلقي، لأنه من النوع السريع الاستهلاكي، الذي لم يجد في تكراره ما يضيف على جماليته وعلاقته مع القارئ، من هنا فأنني اعتقد ان القصيدة المعاصرة تحمل في ثناياها جدلية (الموت والحياة) فهي ضرورية مهمة لواقعنا وإيقاعه السريع بوصفها النمط القادر على استيعاب حركة الحياة والتجدد فيها، وفي الوقف نفسه تمثل النمط القابل للنسيان وغير المؤثر في الحياة وغير الباعث على الجمال بالطريقة التي تثيرها قصيدة الصورة الشعرية.
* ماذا عن النقد ألم يضع التطور النقد في موقف لا يحسد عليه؟
- نعم تشخيصك رائع، ان النقد الآن (المعاصر) في موقف لا يحسد عليه وذلك بسبب هذا الكم الهائل من النصوص التي تسمى شعراً، فهناك من يعتقد ان اية خاطرة يكتبها يمكن ان يطلق عليها تسمية (القصيدة) وهذا الكم الهائل من النصوص لا يمكن للنقد ان يلاحقه بتفاصيله وتطوراته ومآلاته، لذلك ظل الركام الذهبي من دون رقابة متخصصة كاشفة ومنتجة، الأمر الذي أدخل النقد في نفق مظلم، هذا من ناحية الكم، أما من ناحية الكيف، فان القصيدة التي تعرف بالومضة، هي قصيدة مفارقة، وانها ليست بحاجة الى تحليل لأن أيحاءاتها وعلاقتها قريبة او بسيطة ومفهومة، والعمق فيها متحقق من افتراقها عن الواقع، الأمر الذي جعل النقد لا يلتفت الى ذلك النمط من الشعر.
* وماذا عن دراساتك بشأن هذا الموضوع؟
- لقد حاولت ان لا اتقيد بالنمط الشعري واتجهت لدراسة القصيدة بذاتها لذاتها، لا على اساس نمطيتها ورسالتها فحسب بل على اساس بناها المختلفة والمتعددة ، فتساوت عندي القصائد من حيث الجنس الأدبي في الجانب التشخيصي ، حدث ذلك في نقطة الشروع، ولكن ما ان توغلت في التحليل حتى وجدت ان هناك من القصائد ما يمكن ان ينطبق عليها تسمية (الشعر)، وهناك من لا تستحق تسمية (الشعر)، فهدفي من دراساتي البحث عن المنطقة التي يرتفع فيها النص الى الشعر ومدى أحقية هذا النص او ذاك تسميه الشعر أم غير شعر، أي ان جهدي الان ينصب على فك الاشتباك بين الشعري واللاشعري.
* هذه نقطة مهمة وحساسة، وتستحق الاعجاب لأنها تحدد الجنس الأدبي، فهل لك معايير خاصة لتحديد هوية الشعري من غير الشعري؟
- هذه انتباهة جيدة، اشكرك عليها، واذا أجبتك بان هناك معايير منطقية تحدد جنس النص فأنني أعطل الطاقات النقدية كلها، لأن في هذه الحالة، سنقول، ان هذا النص شعري والآخر غير شعري، وينتهي الأمر، المسألة ليست بهذه الشاكلة، فالقصيدة منظومة من البنى المتعاضدة المتداخلة التأثير، الفاعلة في علاقاتها، والقابلة للتغيير على وفق اتجاهات القراءة، ولما كانت هذه القصيدة قابلة للتغيير في اثرها القرائي، لابد ان تكون معبرة عن نفسها في لحظة القراءة بشكل معين، وهذه المسألة تخص المتلقي أكثر مما تخص الناقد، لأن الناقد الباحث والدارس ينظر الى منظومة البنى على أنها مستويات تظهر غير ما تبطن أحياناً وفيها ما لم يوجد في القول وان تأثير القول الشعري يتأكد من خلال هذه البنى او من خلال ما هو أكثر منها ، هذا فضلا على الأثر الذي يمكن ان يتركه هذا النص أو ذاك في القارئ، من هنا فان الشعر لغته وتحولاته، وأثره، وأنساقه، ودلالاته، ومستوياته ، تشكيلات متباينة لكنها متعاضدة فاعلة في القصيدة، ومهمة النقد اكتشافها وانتاجها جمالياً، ليستطيع القارئ ان يتفاعل مع النص بشكل أفضل من تفاعله قبل النقد، ولهذا السبب صنف بعض الدارسين النقد على انه نوع من الابداع، من هنا جاءت دراستي على النص الأدبي المعاصر والقديم اذ حاولت من خلال هذه الدراسة ايجاد نوع من الصيغ التي يمكن التوافق عليها مستقبلا لتحديد الشعر من غيره.
* هذا الجهد لا يمكن ان ينجزه باحث او ناقد بمفرده، فكيف تستطيع انجاز مثل هذه المسألة وحدك؟
- حاولت ان أقسم جهدي على مراحل مختلفة، تبدأ بدراسة كل مشهد شعري في بلد عربي وتنتهي بقراءة الظاهرة الأدبية (الشعرية)، وفي دراستي لكل مشهد شعري في البلدان العربية أحاول تحديد ابرز السمات التي تطبع هذا المشهد او ذاك بطابعها، وفي النهاية احاول تأطير السمات المشتركة وابرازها بوصفها ظاهرة مشتركة، أما عناصر الاختلاف في المشاهد الشعرية لكل بلد عربي فاعدها خصيصة من خصائص الشعر في هذا البلد، واذا كانت هذه المهمة تعد مهمة صعبة فانني ارجو ان تساهم وزارة الثقافة العراقية بتعضيد هذا المشروع، الذي يعد مشروع العمر بالنسبة لي، وهو في الوقت نفسه مشروعاً تاريخياً في الثقافة اللعربية، اذ لم يسبق لباحث او ناقد عربي ان درس الأدب والشعر خاصة بهذه الطريقة، ومع ذلك فاذا لم تبد وزارة الثقافة استعدادها لدعم هذا المشروع فانا قادر على الاستمرار به وتنفيذه على الرغم من صعوباته.
* كيف تنظر الى المشهد النقدي في الوطن العربي، بعد ان تحدثت عن المشهد الشعري؟
- يمتاز المشهد النقدي العربي الحديث بصلته العميقة والعضوية بالمشهد الشعري، وهذا أمر طبيعي، ولكن اللافت للنظر ان الجهود النقدية العربية الحديثة، لم تنطلق في بداياتها من نقاد ودارسين متخصصين بالنقد، بل غالبا ما كان الشعراء هم النقاد انفسهم، ففي مرحلة النهضة في نهايات القرن التاسع عشر والقرن العشرين في بداياته غالباً ما كان الشعراء دعاة التجديد يكتبون بيانات ومقدمات لدواوينهم تشبه النظرية الشعرية، تتحدث أما عما يريد الشاعر من شعره، او كيف يفهم الشعر ورسالته، وقد تكررت هذه المسالة في طروحات نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، وفي المرحلة التي اعقبت قصيدة التفعيلة، برزت البيانات الشعرية بشكل أكثر وضوحاً، وهذا ما لاحظناه في بيان شعر (69)، الذي كتبه سامي مهدي وفاضل العزاوي وفوزي كريم وخالد علي مصطفى.
وبرز في هذه السنوات ما عرف ببيان او نظرية قصيدة الشعر اذ تبنى هذا الموضوع عدد من الشعراء منهم الدكتور نوفل ابو رغيف و الدكتور فائز الشرع.
اذن غالبا ما كان المشهد النقدي العربي يرتبط، بالمشهد الشعري، وهذه المسألة لها ايجابياتها وفي الوقت نفسه لها سلبياتها.
* هل لك ان تحدد السلبيات والايجابيات؟
- اذا بدأنا بما هو سلبي سيكون الطرح النقدي في هذه الحالة اسبق من النص الابداعي، أي ان المتلقي سوف ينتظر نصاً شعرياً على وفق مقاسات حددتها الرؤى النظرية، وهذه المقاسات والاسبقية ضد عملية الابداع لان الابداع ينطلق من تقويض القديم وليس من تكراره، هذه بعض سلبيات الارتباط المتكامل بين الجهد النقدي والجهد الشعري في الشخص ذاته، اما اذا كانت المسألة تتعلق بالعلاقة الابداعية بين الشعر والنقد فان لها كثيرا من الايجابيات، ولعل في مقدمة تلك الايجابيات متابعة النقد للتطور الابداعي وملاحظة المواطن التي استطاع فيها الشعر تجاوز ذاته في مرحلة لاحقة عما كان عليه في مرحلة سابقة، وملاحظة عناصر الانتقال بالتجربة الشعرية وكيفيات الانتقال بما ينسجم مع امكانات قراءة المشهد اللاحق المتأسس على المشهد السابق.
* وهل كانت هذه العناصر موجودة تجربتك؟
- نعم، فقد طرحت في عام (1996) بياناً شعرياً نشر تحت عنوان (بيان الشعر، بيان المغايرة)، وفي هذا البيان طرحت فيه وجهة نظري في القصيدة التي كانت سائدة آنذاك، والقصيدة التي اريد أن تكون، وأحدث ذلك البيان في حينها جدلا نقديا في الأوساط الأدبية وكنت في حينها أحاول أن ابعد القصيدة عن المجانية، والسطحية والسهولة المبالغ فيها، ونشرت نماذج مختلفة أنبنت على رؤيتي الشعرية، لكنني في النهاية وجدت ان هذا البيان قد يحدد الرؤية والابداع فغادرت عالم البيان الشعري الى عالم القصيدة ذاتها ونشرت ديواني (والمدارج أسف مؤجل)، و (المعابر قمر معطل)، وانا الآن استعد لمغادرة هذه التجربة أيضاً والانطلاق بتجربة جديدة؟
* ماذا عن النقد الاكاديمي، وما علاقته بالنقد غير الاكاديمي؟
- لا يوجد نقد اكاديمي وغير اكاديمي، هناك نقد يستند الى منهج او تيار او أتجاه معروف، يعمل من خلاله الناقد على استثمار أدوات النظرية المتاحة للدخول الى النص الشعري أما النقد الذي لا يستند الى نظرية او اتجاه او تيار او منهج فهو ليس اكثر من انطباع يسطره القارئ او وجهة نظر نحترمها ولكنها لاتعبر عن امكانات تكشف الجانب الجمالي في النص وتعيد انتاجه جماليا، لذلك لايوجد نقد خارج الاطار العلمي، وهذه المسألة هي مشكلتنا الرئيسة في النقد لأن كل من هب ودب سطر وجهة نظره وانطباعه عن هذا النص او ذاك وكتب تحت هذه الكلمات تسمية (نقد).


* رأيك في مناهج الادب وطرق تدريسه في الجامعات العراقية؟ هكذا مناهج وبطرق تدريس المنتهية هل يمكن ان تنتج ادباء الى المستقبل؟ وا كانت لا تنتج قراء ادباء جيد؟
- المناهج التي تدرس اليوم يمكن ان تعطي للطالب فكرة عامة عن الادب، من حيث تاريخه ومراحله، الا انها لا تطور قابلية البحث لدى الطلاب، اما من حيث الافكار والنظريات بشكل واسع، لذلك فان المناهج الدراسية بحاجة الى اعادة نظر وتوجيه نحو آفاق جديدة لانني اطلعت على المناهج في بعض الجامعات العربية ومنها المغربية فوجدتها متقدمة على مناهجنا، لذلك ادع والى اعادة النظر بمناهج الجامعات العراقية في حقل الادب العربي.
* مقترحاتك لصالح المناهج الادبية وتطويرها ما هي وجهة نظركم؟
- لتطوير المناهج لا بد ان تكون هناك لجنة من الباحثين والمؤلفين والمفكرين تنظر في الكيفية التي فيها يتم تسويق النظريات الحديثة والمعاصرة في مجال الادب والنقد والتاريخ الادبي، ويكون اختصاص اللجنة متابعة التطورات الحقيقية التي تحدث للطلبة بعد ان يتم تدريسهم لهذه المواد الجديدة.
* الاكاديميات في العالم تنتج نقاد كبار ومنظرين ونحن نقرأ ترجمات لي كتبها ونظرياتهم لماذا لا تنتج الاكاديميات عندنا اساتذة كبار مثلهم؟ وما رأيك في ذلك.
- الاكاديميون عندنا كبار لكنهم لا يعرفون تسويق نتاجاتهم وافكارهم كما يفعل الآخرون. لدينا علماء كبار في مجالات تخصصهم ولكنهم بحاجة الى رعاية استثنائية ونشر لما يكتبون ويؤلفون وهذه القضية بحاجة الى دار نشر خاصة بالجامعات وهذه حاجة ضرورية وملحة. وتكمن ضرورتها في ان المؤلفات التي يكتبها الاساتذة الجامعيون يمر عليها وقت طويل حتى تنشر وتكون الافكار الرائدة لديهم قد سبقهم اليها غيرهم من حيث النشر، لذلك فان قضية دار النشر الخاصة بالمؤلفين الاكاديميين تعد من مكملات البحث لغرض النشر والانتشار وتحقيق الذات العلمية.





#سعدون_هليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الشاعر والناقد جمال جاسم أمين
- حوار مع الدكتور علي عبود المحمداوي
- حوار مع الدكتور حسام الآلوسي
- أطروحة الاستبداد النفطي حوار مع الدكتور سليم الوردي
- حوار مع الاستاذ الدكتور سليم الوردي
- الفلسفات الآسيوية
- حوار مع المفكر محمود شمال
- اسماعيل ابراهيم العبد ورصيد التحولات
- اليوتوبيا معيارا نقديا
- حوار مع الناقد حميد حسن جعفر
- حوار مع القاص قصي الخفاجي
- حوار مع الشاعر والناقد ليث الصندوق
- حوار مع الباحث الدكتور أحمد أسماعيل عبود
- حوار مع الدكتور فيصل غازي
- حوار مع الناقد علي الفواز
- حوار مع الناقد والشاعر مقداد مسعود
- حوار مع فارس كمال نظمي
- الماركسية في البحث النقدي
- حوار مع الدكتورة لاهاي عبد الحسين
- حوار مع الباحث ثامرعباس


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون هليل - حوار مع الدكتور عبدالقادر جبار