أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - ماذا يريد العرب من المفوض السامي لحقوق الإنسان؟















المزيد.....

ماذا يريد العرب من المفوض السامي لحقوق الإنسان؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4535 - 2014 / 8 / 6 - 17:21
المحور: حقوق الانسان
    


ماذا يريد العرب من المفوض السامي لحقوق الإنسان؟


لم تعد مسألة حقوق الإنسان في العالم أجمع، فكرة رومانسية أو ترفاً فكرياً أو مسألة كمالية وثانوية، بل أخذت تدخل في صميم المطالب الشعبية وتشكّل جوهر الأهداف والمبادئ المشتركة لتيارات متباعدة ومتعارضة تاريخياً .
ولأن العالم العربي وقع ضحية هدر سافر وصارخ لحقوقه فإن حاجته إلى تأمين احترام حقوق الإنسان هي الأكثر إلحاحاً، سواءً على المستوى الجماعي أو الفردي بحكم التدخلات الدولية ومحاولات فرض الهيمنة والاستتباع عليه، من جهة، ومن الجهة الأخرى الممارسات السلبية من جانب الحكومات والجهات الرسمية، فضلاً عن جماعات التعصّب والتطرّف، التي تحاول توظيف الموروث على نحو سلبي لهدر الحقوق والحريات وعدم الإقرار بالتعددية والتنوّع، تلك التي تعتبر جميعها من سمات البشر اللصيقة بالإنسان على مرّ التاريخ .
وعلى الرغم من اتساع دائرة الاهتمام بحقوق الإنسان على المستوى الدولي، حيث تتسابق الأمم والشعوب على مقاربتها باعتبارها دليلاً للتحضر والتقدم، فإن الثقافة الحقوقية في العالم العربي لا تزال متدنّية وشحيحة، بل إن اتجاهاً مناوئاً لحقوق الإنسان على الصعيد النظري والعملي لا يزال قوياً، وهو الذي يعتبر الفكرة "بدعة" غربية، يُراد منها الهيمنة على العالم العربي وتسخير موارده لمصلحة القوى الدولية المتنفذة، وينسى أصحاب هذا الاتجاه من التيارات السياسية والدينية أن ذلك يؤدي إلى إبعاد بلداننا وشعوبنا عن التفاعل الحضاري والثقافي مع العالم ومع التطور الدولي للفكرة ذاتها، مثلما يستخّف برافدنا الثقافي العربي - الإسلامي للحضارة الكونية، بما فيه لتعزيز وتطوير فكرة حقوق الإنسان وتعميقها .
ثمة جوانب إيجابية ومضيئة كثيرة في تاريخنا لها علاقة بفكرة الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية، ابتداء من حلف الفضول الذي يمكن اعتباره أول جمعية لحقوق الإنسان في العالم (قبل الإسلام) يوم اجتمع فضلاء مكة، وتعهّدوا الاّ يدعوا مظلوماً من أهلها أو من دخلها، إلاّ ونصروه على ظالمه وأعادوا الحق إليه، وهو ما دعا الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى الإبقاء عليه من بين جميع أحلاف الجاهلية بعد الدعوة الإسلامية، أو ما ورد في القرآن الكريم من إعلاء شأن الإنسان على سائر المخلوقات، ومن الدعوة إلى مبادئ الحق والعدل، أو في "دستور المدينة" من الاعتراف بالتنوّع والتعددية، أو في العهدة العمرية العام 15 ه عندما تم فتح القدس، حيث تعهّد الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه (الخليفة الثاني)، للبطريرك صفرنيوس بالحفاظ على الأرواح والممتلكات وحق ممارسة الشعائر والطقوس الدينية، وهو ما سار على هديه اتفاق القسطنطينية عند فتحها .
ليس هذا فحسب، بل إن في الفقه الإسلامي جوانب مشرقة ومتقدمة لتمجيد الحريات والحقوق ومبادئ الكرامة الإنسانية والعدالة والمساواة والمشاركة والاعتراف بالآخر، وهي قيم إنسانية تنتصب، لتؤكد رافدنا العربي- الإسلامي للحضارة الكونية المتعدّدة .
نقول ذلك بمناسبة قرب مباشرة الأمير زيد بن رعد مندوب الأردن الدائم لدى الأمم المتحدة، لوظيفته الجديدة مفوضاً سامياً لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة خلفاً لنافي بيليه اعتباراً من الأول من أيلول/سبتمبر 2014 بعد مفاتحته من الأمين العام بان كي مون وموافقته . وتلك لعمري مناسبة مهمة ليظهر العرب والمسلمون دورهم الحضاري والثقافي التاريخي في رفد الفكرة الكونية وإدراج ما يمكن من تراثهم في إطار المشترك الإنساني العالمي، وكذلك مناسبة لتأكيد مدى تشبّثهم بخصوصياتهم من جهة أخرى، بقدر مقاربتهم للفكرة الكونية، باعتبارها جهداً بشرياً اغتنى بأكثر من 100 اتفاقية دولية من خلال تفاعل الحضارات والثقافات والفلسفات والأديان المختلفة . ولهذا سيقع على عاتق المفوض السامي (العربي) مسؤولية كبيرة لا بدّ أن يكون جديراً بتحمّلها على المستوى الشخصي أو العام .
ولأن رصيد فكرة حقوق الإنسان ارتفع في العالم، من جانب الشعوب والحكومات، ولأن بلداننا الأشد احتياجاً إليها، سواء للمشاركة في الجهد العالمي أو على الصعيد الداخلي، ولأنها أصبحت أداة فعّالة لتحقيق التنمية الشاملة بكل جوانبها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن وجود مفوض عربي يمكن أن يلعب دوراً إيجابياً، خصوصاً بتعاونه مع منظمات المجتمع المدني العربي والعالمي، من خلال عدد من المحاور:
الأول - إظهار الرافد الثقافي التاريخي العربي وتأكيد رصيده كجزء من التاريخ الكوني من خلال دوره الإنساني المضيء وإشعاعه العالمي، خصوصاً في فترة القرون الوسطى حين كانت أوروبا تعيش في ظلام دامس . وكمدخل لتلاقح حضارتنا مع الحضارة الإنسانية المشتركة، فإنه يمكن للمفوض السامي أن يعتبر بقرار دولي حلف الفضول أحد الوثائق التاريخية الخلفية لفكرة حقوق الإنسان الكونية مثل الماغنا كارتا "العهد العظيم" وميثاق حقوق الإنسان والمواطن (الفرنسي) والدستور الأمريكي وغيرها، وقد سبق أن تمت مفاتحة الأمين العام للأمم المتحدة بهذه الفكرة، التي تعاطى معها إيجابياً وإن كان على نحو محدود . والأمر يحتاج إلى قرار يمكن للمفوض اتخاذه وتعميمه ليصبح دولياً، وذلك بالتعريف به وبالثقافة العربية - الإسلامية الإنسانية .
الثاني - العمل على مناشدة البلدان العربية لتتواءم مع التطور العالمي لحقوق الإنسان والمرجعية الكونية المعروفة باسم "الشرعة الدولية" باعتبارها منظومة قيمية حقوقية تمثل المشترك الإنساني لبني البشر، بغض النظر عن دينهم وقوميتهم وجنسهم ولغتهم ولونهم وأصلهم الاجتماعي، ودعوة البلدان العربية للانضمام والتصديق على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان .
الثالث - التأكيد على الخصوصية الثقافية والدينية وعدم التجاوز عليها تحت عناوين الشمولية والعالمية، لأن الأولى ينبغي أن تكون رافداً إيجابياً لتعميق الفكرة الكونية، وليس للتعارض معها، كما لا يمكن التحلّل من المعايير الدولية بحجة الخصوصية، إلا أن هذه الثانية لا ينبغي أن تستثمر لفرض الاستتباع ونمط حياة وثقافة معينة بزعم الكونية .
الرابع - رسم خريطة طريق للعالم العربي، الذي يحتاج للتحرّك السريع لتدارك النواقص والثغرات التي يعانيها في مجال حقوق الإنسان، وتلك مسألة مهمة لا بدّ من إيلائها الاهتمام الكبير من جانب المفوض السامي عبر منصبه الرفيع المقام، سواء على المستوى الدولي أو المستوى الشعبي، وذلك لمواجهة التحدّيات العالمية .
الخامس - البحث عن فضاء كوني مشترك للتعبير يشمل المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، لتعزيز قيم السلام والتسامح والعيش المشترك لأتباع الديانات والمذاهب والقوميات والإثنيات المختلفة، بما يعزّز نبذ العنف والإرهاب ويؤدي إلى احترام حقوق الإنسان والمشترك الانساني .
السادس - العمل على بلورة رؤية دولية بمساعدة المفوض السامي تشمل الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني، بهدف تعزيز المناعة الوطنية للدول النامية ومنها البلدان العربية .
السابع - السعي لرفع درجة الحصانة العربية إزاء محاولات التدخل الخارجي والمحاولات الأجنبية التي تريد اختراق المجتمعات العربية، تحت عناوين مختلفة، لا تأخذ الخصوصيات في الاعتبار، خصوصاً بممارسة نهج انتقائي وسياسات ذات طابع ازدواجي .
الثامن - الدفاع عن حقوق الأمة العربية وشعوبها، ولاسيّما حقوق الشعب العربي الفلسطيني من أجل إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس في إطار حق تقرير المصير وحق العودة .
التاسع - العمل على مساعدة البلدان العربية للوصول إلى التنمية المستدامة، باعتبارها حقاً جماعياً وضرورياً لكل إنسان .
والعاشر - مساعدة مؤسسات المجتمع المدني في تقديم تصوّراتها إلى المجتمع المدني العالمي وفي إطار المفوضية العليا للتعريف بدولنا ومجتمعاتنا وتاريخنا، وفي الدفاع عن الحقوق العربية بشكل عام، ولاسيّما للتفاعل مع المجتمع المدني العالمي والتضامن معه .
وهنا يمكن التأكيد أن الحوار بين مؤسسات المجتمع المدني العربي والمفوض السامي لحقوق الإنسان، في إطار تبادل الرأي واستمزاج وجهات النظر والاستئناس بالآراء، لبلورة رؤية شاملة لتكون قوة اقتراحية وشريكة في تفعيل هذا الدور الاعتباري والحقوقي الريادي، وستكون المسألة ضرورية، بل حاجة نافعة لبلداننا وشعوبنا وأمتنا العربية .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “داعش” وأنستاس الكرملي
- غزة: الغاز مقابل الدم!
- الجزائر وإشكاليات الدستور “التوافقي”
- الجامعة العربية والأزمة العراقية
- غزة.. ثقافة المقاومة وثقافة الاحتلال!
- “الجرف الصامد” وماذا بعد؟
- ماذا نقرأ في خطاب الخليفة الداعشي؟
- نصرٌ ل ”إسرائيل” أم هزيمةٌ للأمم المتحدة؟
- موريتانيا.. مسلسل الانقلابات والانتخابات!
- تشاؤل ليبيا
- من هو الرئيس العاشر «لإسرائيل»؟
- لا بدّ من صنعاء ولو طال السفر
- زمن داعش!
- داعش هل تعجّل التفاهم الإيراني الأمريكي ؟
- عراق “داعش” من الحرب الأهلية إلى التقسيم
- اليمين يجتاح أوروبا.. وماذا بشأن العرب والمسلمين؟!
- في “حضرة” اللاعنف
- الدّب الروسي والتنين الصيني وصفقة العصر!
- “إعلان البحرين” والمحكمة العربية لحقوق الإنسان
- نحو رؤية عقلانية للحركة العربية لحقوق الإنسان


المزيد.....




- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - ماذا يريد العرب من المفوض السامي لحقوق الإنسان؟