أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الدّب الروسي والتنين الصيني وصفقة العصر!















المزيد.....

الدّب الروسي والتنين الصيني وصفقة العصر!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4474 - 2014 / 6 / 6 - 16:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



وقّعت روسيا والصين اتفاقية بخصوص توريد الغاز الروسي للصين، وتكمن أهمية هذه الاتفاقية بعد صدور عدد من القرارات لمعاقبة روسيا من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بسبب دورها في أوكرانيا، لا سيّما بعد انضمام شبه جزيرة القرم إليها.
وكذلك إعلان دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيتين بأغلبية روسيّة أو للناطقين بالروسية الانضمام إلى روسيا أيضاً بعد الاستفتاء الشعبي، الأمر الذي عاظم من المشكلة الأوكرانية، خصوصاً باحتمالات تداخلاتها العسكرية.
كان توقيت انعقاد الصفقة الروسية - الصينية مهماً جداً، فقد كسبت روسيا بتوقيع اتفاقية الغاز مع الصين أكبر سوق عالمي للطاقة، تعويضاً عمّا قد تخسره بسبب تعطّل إمداداتها من الغاز إلى أوروبا، التي تصدّر لها ربع غازها، ليس هذا فحسب، بل إن هذه الصفقة ستكون لها انعكاسات سلبية على مصالح أوروبا والولايات المتحدة، ناهيكم عن دول آسيا المصدّرة للغاز.
وتمتلك روسيا أكبر احتياطي للغاز في العالم، ومن غير الممكن في المدى المحدود تعويض امداداتها من الغاز إلى أوروبا، الأمر الذي يحتاج إلى زمن ليس بالقصير، إذا افترضنا إن انتاج الغاز الصخري الأمريكي سيكون بديلاً ومنافساً معقولاً للغاز الروسي من خلال أسعاره.
وصف بوتين الاتفاقية بأنها "صفقة العصر" وهي الأضخم بين الصفقات جميعها التي أبرمتها روسيا منذ العام 1991، ولعلّ غبطة تشي جني بينغ لا تقل عن سعادة بوتين، رغم أن الأضواء كانت حول الأخير، لأن هذه الاتفاقية التي قرّبت الدب الروسي من التنين الآسيوي، ستعطي مصادر طاقة لشمال الصين
ويمكن لأوروبا توقيع عقود مع الولايات المتحدة طويلة الأمد للحصول عليه، ولكن ذلك يحتاج إلى عدّة سنوات، فماذا ستفعل أوروبا لو حصل المحذور وتعطّلت أو تعثرت إمدادات الغاز الروسي؟
تقدّر كمية الغاز بموجب الاتفاقية الموقعة بين شركة غاز بروم الروسية الحكومية وشركة البترول الوطنية الصينية (سي أن بي سي) بـ «38» مليون متر مكعب (سنوياً ولمدة 30 سنة).
أما قيمة الصفقة فتقدر بـ «400» مليار دولار، وحسب تقديرات الخبراء، فإن شركة غاز بروم ستنفق حوال 55 مليار دولار في التنقيب وتشيّد خط أنابيب للتصدير إلى الصين. وقد أدرك فلاديمير بوتين الرئيس الروسي بعد توقيع الاتفاقية مع الصين أهمية هذا الحدث التاريخي، خصوصاً أنه أكبر عقد في تاريخ قطاع الغاز منذ عهد الاتحاد السوفييتي السابق حتى الآن.
وقد كانت المفاوضات طويلة ومضنية، لكنه في نهاية المطاف توصّل الطرفان إلى شروط مقبولة لهما وبتنازلات متبادلة، حرصا على الوصول إليها.
لقد وفّرت هذه الاتفاقية وجوداً لروسيا في سوق الطاقة الصيني، وبذلك قطعت الطريق على احتمالات استيرادها من دول أخرى. فهذه الاتفاقية تتجاوز إلى حدود كبيرة خطوط الأنابيب التي تم بناؤها باتجاه الغرب، من الاتحاد السوفييتي السابق في الثمانينات.
وقد كانت واشنطن أوّل من حذّر أوروبا من الاعتماد على الغاز الروسي، لكن القارة الأوروبية استمرت على علاقتها رغم المخاطر التي تهدّدتها، ولعلّ السبب يعود إلى أن السياسة البيئية الأوروبية كانت تريد الاعتماد على الغاز الطبيعي بدلاً من النفط والفحم.
لذلك اتجهت صوب الغاز بدلاً منهما، لكن إمكانية الاعتماد على الطاقة المستمرة لازال محدوداً، ولهذا فإن سوق الغاز كان حاضراً كمصدر نظيف هيدروكربوني، ولم تجد أوروبا سوى الاعتماد على روسيا في ذلك، لأنها لم تحصل على مورّد آخر مناسب.
إن توقيع الاتفاقية الروسية - الصينية سيمنح روسيا سوقاً بديلاً لتصدير الغاز الروسي، غير السوق الأوروبية، ومن جهة أخرى يتيح لها التصرّف بمرونة اقتصادية وسياسية، سواء مع الشرق أو مع الغرب.
وإذا كانت تشييداتها الأنابيب المتوجهة للغرب جاهزة، فإن تشييداتها للشرق ستكون جاهزة أيضاً، وهو ما يعطيها قدرة من المرونة في تزويد الاثنين كأهم الأسواق العالمية بالغاز الطبيعي، ويزيد الأمر أفضلية لروسيا لموقعها الاستراتيجي. إذ بإمكانها تشييد الأنابيب بينها وبين الدول المستهلكة دون العبور في دول ثالثة (باستثناء الخلاف الأوكراني الذي يعتبر استثناءً) فقد كانت جزءًا من الاتحاد السوفييتي السابق وفي الوقت الحاضر جزء من أوروبا. يقول الخبير النفطي وليد خدوري: "من المحتمل أن يتحوّل الغاز مصدر الطاقة الأكثر نمواً مستقبلاً، نظراً إلى المزايا التي يتمتع بها. وعلى رغم المحاولات الأوروبية، لن تتمكن أوروبا من الاستغناء عن الغاز الروسي. وقد تتمكن في المستقبل المنظور، من الحصول على امدادات غازية من دول أخرى، لكن يستبعد تعويض مجمل الغاز الروسي المستورد".
ويحتاج الأمر إلى 5-6 سنوات لتعويض الغاز الروسي بوصول الغاز الصخري الأمريكي، لكن هل بإمكان أوروبا الاستغناء عن ذلك إلى نهاية العقد الجاري أو ما بعده بقليل؟ ورغم الفارق بين الأسعار المتوقعة للغاز الأمريكي الصخري الذي سيتراوح بين 3-4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية مقارنة بنحو 14-18 دولارا للغاز التقليدي، فإن الصين ضغطت حالياً على روسيا لتخفيض الأسعار كي لا تنتظر الغاز الصخري الأمريكي، وهو ما جعل المفاوضات تطول، بحيث تضطر روسيا للقبول بحل وسط كما قال رئيسها بوتين. وبالطبع فإن روسيا تعتبر موضوع الغاز تحدّياً لأمنها القومي، ولعلّ ذلك ليس بعيداً عن ذراعها الطويلة في أوكرانيا، كما أنه ليس بمعزل عن وجودها في سوريا. لقد نقلت الاتفاقية الروسية- الصينية العلاقات بين البلدين إلى مستوى عال جداً، وهو أقوى مستوى بين البلدين منذ تدهور العلاقات بينهما بعد العام 1957، لا سيّما بين الزعيمين نيكيتا خروشوف وماوتسي تونغ، مروراً بقطيعة آيديولوجية في العام 1960، وصولاً في العام 1969. حيث بلغت الأمور إلى شفير حرب نووية كادت أن تندلع بين البلدين، رغم نظامهما الشيوعي، وشهد البلدان اشتباكات حدودية وتراشق إعلامي وحروباً اقتصادية، وهو ما فتح الباب لعلاقات بين بيكين وواشنطن مهّدت لها زيارات كيسنجر.
حيث قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بزيارة إلى جمهورية الصين الشعبية في العام 1972 والتقى بالزعيم الصيني ماوتسي تونغ، وهو أول رئيس أمريكي يصل إلى بكين، بغرض فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، بعد أن كانت العلاقة بينهما مقطوعة بسبب الحرب الكورية، وقيام الولايات المتحدة بدعم عسكري وسياسي مستمرين لجمهورية الصين الوطنية (تايوان)، إضافة إلى دعم بكين وموسكو لجمهورية فيتنام الشمالية. لذلك وصف بوتين الاتفاقية بأنها "صفقة العصر" وهي الأضخم بين الصفقات جميعها التي أبرمتها روسيا منذ العام 1991، ولعلّ غبطة تشي جني بينغ لا تقل عن سعادة بوتين، على الرغم من أن الأضواء كانت حول الأخير، لأن هذه الاتفاقية التي قرّبت الدب الروسي من التنين الآسيوي، ستعطي مصادر طاقة لشمال الصين، حيث تسعى الصين لتسريع التنمية الاقتصادية والحد من الاعتماد على الفحم الحجري ذي الأثر السيء على البيئة.
لعلّ حصول الصين على الغاز سيقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة في مناطق أخرى من العالم مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ظل المخاطر والاضطرابات السياسية والأمنية، وستعزّز هذه الصفقة من قوتها الاقتصادية دولياً، وظلّت الدول الغربية متحرقة لمعرفة " السر التجاري" المتعلق بسعر الغاز. حيث كان بوتين لا يريد العودة من شنغهاي دون اتفاق، قبل لقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل في شهر (يونيو) 2014 وكأنه يريد إرسال رسالة استباقية بأن خياراته هي غير الاعتماد على أوروبا في حصوله على العملة الصعبة.
إن زيارة بوتين تأتي بعد 25 عاماً من زيارة غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفييتي للصين (1989) في سياق مساعي التطبيع بين البلدين، ورغم تطور العلاقات بين البلدين وتوافقهما في قضايا دولية حادة مثل الموقف من: العراق قبل الاحتلال في العام 2003، وكوسوفو في العام 1999، لا سيّما إزاء التدخل العسكري لحلف الناتو، وليبيا بخصوص موقف حلف شمالي الأطلسي "الناتو"، وسوريا حيث تقف روسيا بشدّة ضدّ تدخل الأمم المتحدة وتستعمل الفيتو ومعها الصين ضد قرارات كان لمجلس الأمن أن يتخذها.
كما شكّل البلدان ركنين أساسيين من أركان البريكس (الدول الخمس: روسيا، الصين، الهند، البرازيل، جنوب أفريقيا) لشراكة اقتصادية ولدور في مواجهة الاحتكارات العالمية. لعلّ تلك الممهّدات كانت وراء صفقة العصر باتفاق المصالح وتبادل المنافع المشتركة، خصوصاً إزاء تفرّد واشنطن وحليفاتها، وهيمنتها على السياسة الدولية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “إعلان البحرين” والمحكمة العربية لحقوق الإنسان
- نحو رؤية عقلانية للحركة العربية لحقوق الإنسان
- من مذبحة ماي لاي إلى سجن أبو غريب!
- ما بعد الانتخابات العراقية: حقل الألغام الطويل!
- 4 تحدّيات و4 اتجاهات في حركة حقوق الإنسان
- فضاء الشيوعية وهواء الصندوق!
- روسيا وأوكرانيا.. حزام الأزمات
- أوكرانيا وانزلاق الهوية
- - سبايا- بوكو حرام!
- تدمير الهوية الثقافية العربية
- ضوء على رسالة جاسم الحلوائي- شبح عامر عبدالله ومكر التاريخ !
- هل ثمة مفاجآت في انتخابات الجزائر؟
- للانتخابات “فلسفة”
- المياه والسلام: الأمن المائي في الشرق الأوسط
- المبادرات الكونية والحوار الحضاري
- ماركيز: عزلة أمريكا اللاتينية وعزلتنا
- تراجيديا اختفاء المطرانين اليازجي وإبراهيم
- زمن الانتخابات!
- هيروشيما: الألم والجمال!
- - حالة حقوق الإنسان لا تسرّ أحداً-


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الدّب الروسي والتنين الصيني وصفقة العصر!