أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - أوكرانيا وانزلاق الهوية















المزيد.....

أوكرانيا وانزلاق الهوية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4459 - 2014 / 5 / 21 - 15:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




بعد انفصال شبه جزيرة القرم ذات الأهمية الاستراتيجية والحيوية عن أوكرانيا وإعلان انضمامها عقب استفتاء شعبي إلى روسيا، جاء دور شرقي أوكرانيا حيث توجه سكان مقاطعتي (جمهوريتي) لوغانسك ودونتسك إلى إجراء الاستفتاء، تحت عنوان حق تقرير المصير، على الرغم من تحذيرات كييف وتهديداتها وتلويحات الغرب، ولاسيّما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بفرض المزيد من العقوبات على روسيا، التي هي اللاعب الأكبر خلف المجاميع ذات الأصول الروسية التي تريد الاستقلال عن أوكرانيا، دون نسيان موضوع الهوّية الروسية والشعور القومي الذي لعب دوراً أساسياً في وصول الأوضاع إلى ما وصلت إليه، خصوصاً في ظل محاولة الغرب طعن روسيا من الخاصرة الأوكرانية- القوقازية .
التاريخ والهوّية وبالطبع اللغة كجزء منهما لعبت الدور الأكبر في رغبة سكان أوكرانيا الروس أو الناطقين باللغة الروسية لطلب الاستقلال عن أوكرانيا، فبعضهم يشعر بالحيف جرّاء خطيئة زعيم الحزب الشيوعي السوفييتي في حينها نيكيتا خروشوف الأوكراني الأصل، الذي كان وراء ضم شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا باقتطاعها من روسيا في العام ،1954 في حين إن البعض الآخر يريد استعادة دور الإمبراطورية الروسية أو الاتحاد السوفييتي السابق كقوّة عظمى مردداً ما كان يقوله لينين من أن روسيا ستفقد عقلها إذا فقدت أوكرانيا .
وبغضّ النظر عن الرغبات والمطامع، فإن الأمر الواقع قد يصبح واقعاً، فشبه جزيرة القرم ستصبح جزءاً من روسيا إذا سارت الأمور كما هي، وسيتم التفاوض على تسويات وترتيبات للعلاقات الأوكرانية- الروسية، والمصالح المشتركة في الحال أو في المستقبل، أما إعادة القديم إلى قدمه، فقد يصبح جزءاً من التاريخ، وتلك إحدى مآسيه أو مساخره أحياناً، والأمر يتعلق أيضاً بمنطقتي (مقاطعتي) دونتيسك ولوغانسك بعد أن صوتتا بنسبة عالية جداً لصالح الانفصال عن أوكرانيا، على الرغم من رفض نتائج الاستفتاء من جانب كييف وعدم اعتراف واشنطن وحلفائها بها .
المقاطعتان تنتظران إعلان نفسيهما جمهوريتين مستقلتين والتقدّم إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لغرض الاعتراف بهما بعد استكمال إجراءات تأسيسهما وسن دستورين جديدين لهما وبناء مؤسسات أو تحويل ما هو قائم من الحكم الذاتي إلى مؤسسات دولة، وبعد ذلك قد تقرّران الانضمام إلى الجمهورية الروسية الفيدرالية أو إقامة علاقة متميّزة معها، وعند ذاك يبدأ التفاوض والحوار للتوّصل إلى ماهو مشترك ما بعد الإقرار بالأمر الواقع، وعكس ذلك سيستمر التوتّر وربما العنف والارهاب واحتمالات الصدام المسلح وهي كلها أمور ستبقى واردة، وإن كان حساب ميزان القوى يحتاج إلى دقة وعدم مغامرة حيث تقف روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين بكل استعداد لكل طارئ، ومعهما خلفية الامبراطورية الروسية السابقة والاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي، في حين لا تملك واشنطن الأوراق التي تملكها موسكو في منطقة تعتبرها أحدى مناطق نفوذها التاريخية .
لقد حقّقت روسيا ثلاثة أهداف دفعة واحدة، فهي أضعفت أوكرانيا ودفعتها لأزمة مستفحلة ومفتوحة على الرغم من الدعم الغربي، ولاسيّما في الميدان السياسي والاقتصادي، ثم ضمت شبه جزيرة القرم، وأخيراً تمكّنت من فصل مقاطعتي دونتسك ولوغانسك، ومن يدري فقد يكون "استعادة" خاركوف وأوديسا من ضمن خطة روسيا المستقبلية، أي ممارسة عملية القضم والاختراق التدريجي والمرحلي للوصول إلى ما تريد، تحت عنوان "حق تقرير المصير" .
وكان الرئيس الأوكراني ألكسندر تورتشينوف قد وصف ما جرى بأنه مهزلة دعائية بلا أساس قانوني وهي تستهدف التغطية على جرائم وانتهاكات حصلت، مؤكداً عدم اعترافه بنتائج الاستفتاء، علماً بأن الرئيس الروسي بوتين كان قد طلب تأجيله، لكن الأمر حسم قبل ذلك باحتلال مسلحين للمباني الحكومية وبسط سيطرتهم على عدد كبير من المنشآت والمرافق الحيوية . وكان أنصار روسيا أو الناطقين بالروسية قد استفتوا السكان على سؤال واحد: هل تؤيد حق تقرير المصير لجمهوريتي دونتسك ولوغانسك، وبالطبع كانت النتيجة بغالبية 7 .89% بنعم من مجموع الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع والبالغ عددهم أكثر من 70% من السكان، حسبما أوردت بعض الوكالات المقرّبة من روسيا والمؤيدة لحق تقرير المصير . ويستهدف القائمون على الجمهوريتين إجراء استفتاء لاحق لتحديد توجّه الجمهوريتين بالاستقلال التام أو الانضمام إلى روسيا، وقد يتم هذا في نهاية الشهر الجاري (أيار) .
لعلّ ما حصل في أوكرانيا هو جزء من مخلّفات الاتحاد السوفييتي السابق، إذ كان تفككه في العام 1991 وانهيار الكتلة الاشتراكية قد أدى إلى تجاذبات ومنافسات تتعلق بالهوّية وتقاطعاتها وتمترساتها، لاعتبارات سسيوثقافية من جهة وجيوسياسية استراتيجية من جهة أخرى، لاسيّما في ظل الاصطفافات والاستقطابات القائمة، فروسيا التي تحاول استعادة نفوذها لا تسمح لحلف الناتو بناء قواعد صواريخ باليستية على حدودها، وهي هدّدت بالفعل تشيكوسلوفاكيا ورومانيا إذا ما أقدمتا على ذلك، بل حذرت الغرب من مغبّة هذا التوجه، ولهذا فهي لا تسمح ببقاء كييف (أوكرانيا) حديقة خلفية لها، ليتم زرعها بالألغام بدلاً من الورود من جانب الغرب، ناهيكم عن الأهمية الحيوية الاستراتيجية لأوكرانيا كسوق، إضافة إلى ممر للنفط والغاز، ولاسيّما باتجاه أوروبا .
وإذا كانت روسيا تعاني مشكلات داخلية وضغوطاً اقتصادية ومعاشية حادة داخلياً، فإنها تستعمل السياسة الخارجية للدفاع عن السياسية الداخلية، خصوصاً بتوجيه الأنظار إلى الخارج، ليس هذا فحسب، بل تلفت النظر إلى الدور الروسي المنشود على الصعيد العالمي، وهو ما يلقى تأييداً داخلياً، ولعلّ ما تم اختباره في موقف روسيا من الأزمة السورية وإصرارها على عدم فقدان أحد مراكز نفوذها في الشرق الأوسط، مثلما فقدت ليبيا وقبل ذلك مصر والعراق، وإن كان توجّهها للمنطقة لا يزال محدوداً قياساً بالتمدّد الأيديولوجي للاتحاد السوفييتي السابق .
وقد ترافق النهج الروسي الجديد منذ عامين على الأقل، بوصول بوتين مجدداً إلى الرئاسة، بطائفة من الإجراءات منها: طرد برنامج المساعدات الأمريكية وإيقاف بث إذاعة ليبرتي "راديو الحرية"، المموّل أمريكياً وأبلسة خطط واشنطن لنشر الديمقراطية، واعتبارها من مصنوعات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، وقد دفعت بالمنظمات المموّلة خارجياً إلى تسجيل نفسها باعتبارها منظمات أجنبية وغير ذلك من الإجراءات .
ما الذي ينتظر أن تفعله واشنطن؟ وكيف السبيل للتعامل مع المتغيّرات الجيوبوليتيكية، ولاسيّما التي لها علاقة بالهوّية لمناطق أوكرانية ناطقة بالروسية تريد الانفصال عنها، ولكن لمصلحة دولة عظمى، هي عدو لواشنطن قديم وجديد، وإذا ما أضيفت علاقة روسيا بالصين الصاعدة ودورها العالمي، فإن ذلك سيكون أكثر ازعاجاً وأذى لواشنطن؟
وإذا استبعدنا خيار الحرب، فليس هناك لدى واشنطن، سوى الإقرار بالأمر الواقع مع رغبة في تحسين شروط التفاوض والحدّ من التمدّد الروسي، وفي الوقت نفسه العمل على فرض عقوبات على روسيا طبقاً لقانون مانيسكي الذي صدر عن الكونغرس العام ،2012 وهو قانون يتعلق بفرض عقوبات ضد منتهكي حقوق الإنسان، من منع إصدار تأشيرات، إلى حجز ودائع وصولاً إلى فرض عقوبات اقتصادية وحظر متنوّع وغير ذلك .
وفي كل الأحوال فقد خلّفت مسألة الهوّية نزاعات كبرى وحروباً أهلية، وتركت ندوباً وجراحات وحواجز تاريخية ونفسية، ازدادت حدّة وتنافراً في السنوات الأخيرة، رغم وجودها في السابق، إلاّ أنها كانت غير منظورة في ظل الدولة المركزية "الصارمة" والنظام الشمولي، العمودي، ذي الصلاحيات التي تكاد تكون مطلقة .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - سبايا- بوكو حرام!
- تدمير الهوية الثقافية العربية
- ضوء على رسالة جاسم الحلوائي- شبح عامر عبدالله ومكر التاريخ !
- هل ثمة مفاجآت في انتخابات الجزائر؟
- للانتخابات “فلسفة”
- المياه والسلام: الأمن المائي في الشرق الأوسط
- المبادرات الكونية والحوار الحضاري
- ماركيز: عزلة أمريكا اللاتينية وعزلتنا
- تراجيديا اختفاء المطرانين اليازجي وإبراهيم
- زمن الانتخابات!
- هيروشيما: الألم والجمال!
- - حالة حقوق الإنسان لا تسرّ أحداً-
- ديون العالم الثالث!!
- المصالحة الوطنية وتجربة إيرلندا
- مفارقات فنزويلا!
- أوباما – بوتين.. دبلوماسية القوة وقوة الدبلوماسية
- تونس: صراع ما بعد الاستعصاء
- الدستور والدستورية في الفقه العربي الحديث- استعادة مستقبلية! ...
- خليج ما بعد الأزمة
- ليس للحب من وطن!


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - أوكرانيا وانزلاق الهوية