أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - اليمين يجتاح أوروبا.. وماذا بشأن العرب والمسلمين؟!















المزيد.....

اليمين يجتاح أوروبا.. وماذا بشأن العرب والمسلمين؟!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4481 - 2014 / 6 / 13 - 17:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




ثلاث مشكلات كبرى يعاني منها الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، وخصوصاً عندما واجهته الأزمة المالية والاقتصادية العالمية العام 2008. المشكلات الثلاث مترابطة ومتداخلة، بعضها ذات طابع اقتصادي وبعضها الآخر ذات طابع سياسي، والثالثة لها اشتباك عميق بالهوّية، التي يُراد لها أن تتبلور.

الجانب الاقتصادي يدور حول ارتفاع معدّلات البطالة وفشل الحكومات الاوروبية في إيجاد الحلول المناسبة لها، وعلى الرغم من الوعود السياسية والحملات الانتخابية، لكن الأزمة المركّبة الاقتصادية- السياسية والاجتماعية لا تزال مستمرة ومتعاظمة، وهو ما انعكس على النتائج السلبية لانتخابات الاتحاد الاوروبي، حيث أحرز اليمين نجاحات كبرى لم تكن متوقعة قبل أعوام خلت.

والأزمة الاقتصادية مترابطة مع أزمة البيروقراطية المتحكّمة بالاتحاد وبسياساته من جانب مجموعة من الموظفين البيروقراطيين "المتمترسين" بمكاتبهم الوثيرة في بروكسل، خصوصاً وقد أصبح عدد الأعضاء 28 دولة، لكن هوّية الاتحاد لا تزال ضبابية وغير واضحة أو محدّدة المعالم. وباستثناء العلم الأزرق المرصّع بالنجوم الصفراء التي تمثّل الدول الأعضاء واليورو الذي هو محط جدل كبير، وكذلك اتفاقية الشينغين، فإن الاتحاد استمر يعاني من مشكلة الهوّية الموحدة، إذا استثنينا المصالح المشتركة التي يراد لها أن تكون تعويضاً عن افتقاد الهوّية.

الأزمات دائماً تشكّل بيئة مناسبة لكل ما هو متطرف ومتعصّب، ولهذا ليس غريباً أن تنمو بعض الأحزاب اليمينية، سواءً في هولندا (حزب الحرية) أو الدانمارك (حزب الشعب) أو فرنسا (الجبهة الوطنية) أو بريطانيا (جماعات متطرفة) أو إيطاليا (الرابطة الشمالية) أو هنغاريا (حزب جوييك) أو اليونان (حركة الفجر الذهبي)، وذلك على خلفية شعارات عنصرية، تحمل كراهية للأجانب وخصوصاً للمسلمين منهم، حيث شهدت الحملات الانتخابية دعوات علنية وصريحة إلى طرد المهاجرين وخصوصاً المسلمين، علماً بأن جميع هذه الحركات والأحزاب تقوم على أفكار متطرّفة، وتتهم الإسلام بمعاداة الحضارة الأوروبية، في نبرة أقرب إلى أطروحة صموئيل هنتنغتون "صدام الحضارات" باعتبار أن الثقافة تشكل الجانب الأكثر احتداماً بين الحضارات القائمة، وخصوصاً بين الحضارة الغربية- الليبرالية وبين الحضارات "الما قبل تاريخية" حسب تعبير فرانسيس فوكومايا وأطروحته "نهاية التاريخ".

وحتى الجماعات اليسارية ذات النفوذ في الأوساط الشعبية والشبابية تاريخياً وجدت صعوبة في الحصول على أصوات كبيرة لدى هذه الجهات التي اتجهت يميناً نحو الأحزاب المتطرفة، كما هي الجبهة الوطنية في فرنسا (حزب جان ماري لوبين وابنته مارين لوبين في الوقت الحاضر)، وباتت مثل هذه الأحزاب تطمح في الفوز مستقبلاً بعد أن كانت سياساتها تلقى تنديداً شعبياً. وقد تم رفض بعضها للدستور الأوروبي (العام 2005) الذي تم وضعه بإشراف الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسيكار ديستان.

لقد أظهرت نتائج الانتخابات أن الأحزاب الأوروبية الكبرى من اليمين واليسار والمؤيدة للاندماج الأوروبي والتبادل الحر، تتطور على نحو يناقض جمهورها، الذي بات يشكّك بجدوى مثل هذه السياسات، مفضّلاً الانكفاء على الذات، ورافضاً أو متحفظاً على فكرة قيام الاتحاد، ناهيكم عن استمراره بصيغته المتعثرة والمأزومة.

لقد انقسمت العديد من المجتمعات الأوروبية إلى عدد من التيارات المختلفة أحدها رفع شعار "أوروبا الأوطان" أي العودة إلى الأوطان لحل المشكلات الخاصة بعد عجز أو تدهور الحلول الأوروبية الاندماجية، كما اقترح فريق آخر فرض حد أدنى واحد للأجور في جميع دول الاتحاد الأوروبي (أي بلا منافسة غير مشروعة). وذهبت أطراف أخرى إلى المطالبة بإعادة النظر باتفاقية شينغن بهدف إفساح المجال للدول لمراقبة حدودها والتصدي لجماعات المهاجرين غير الشرعيين، علماً بأن اتفاقية شينغن تسمح بالمرور الحر عبر حدود 19 دولة موقّعة عليها. وللعلم فإن الأحزاب المعادية للعرب والمسلمين استحوذت على 100 مقعد في الاتحاد الأوروبي (من أصل 750) وبذلك ارتفعت نسبة المطالبين بتفكيك الاتحاد من داخله.

كانت نتائج الانتخابات الاوروبية صدمة كبيرة، حتى أن بعضهم شبّهها وكأنها فاتحة أو مقدمة لصعود الفاشية في الثلاثينيات من القرن الماضي في ألمانيا، وحتى لو كان في هذا القول ثمة مبالغة كبيرة، لكن الأمر يعني ان هناك مخاوف جدّية لدى أوساط واسعة بدأت تتحسس من دور اليمين من جهة، فضلاً عن ذلك فإن موجة العداء للعرب والمسلمين والمهاجرين عموماً، أخذت ترتفع بسبب الضائقة الاقتصادية والأزمة المالية وتدهور السياسات عموماً، التي عصفت بدول جنوب أوروبا، وبالإجراءات الصارمة التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي تحت ضغط شديد من جانب ألمانيا والمفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي، لتجاوز هذه البلدان مديونيتها المحلية، وتأثيرات التمويل المثير للشكوك بخصوص الإصلاحات المالية. كما أن اليورو بحدّ ذاته شكل عقدة للعديد من الحركات والأحزاب، خصوصاً وقد اعتُمِدَ في ظل غياب ميزانية لدول الاتحاد وغياب الشروط والسياسات المالية والضريبة الواضحة.

هل كانت أوروبا أمام طموح فائض أو رغبة في التوسع لتجاوز ما هو وطني لما هو أوروبي، فأوروبا بقدر ما هي حضارة بحاجة إلى تواصل وتفاعل، لكنها تمثل قوميات ولغات وطوائف وسياسات مختلفة وقد يكون من الصعب في ظل الأزمة العاصفة، مواصلة هذا المشوار دون تعديل ومراجعة وتصحيح.

وكان احتياج الأحزاب اليمينية للبرلمان الأوروبي في الانتخابات مصدر قلق حقيقي لأكثر من عشرة ملايين إنسان يعيشون كمواطنين في دول الاتحاد، حيث ترتفع نبرة الكراهية في ظل ما يسمى "الإسلامفوبيا" أو العداء للإسلام أو الرهاب منه، أو الزينوفوبيا أي العداء للأجانب بغض النظر عن انتماءاتهم.

وكانت قد اجتاحت أوروبا موجة عدائية منذ أوائل القرن الجاري، مترافقة مع أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الإرهابية الإجرامية التي حصلت في الولايات المتحدة، واضطرّ الكثير من الدول الغربية إلى إصدار العديد من القوانين واتخاذ بعض الإجراءات المقيّدة للحريات المدنية، وخصوصاً للمقيمين واللاجئين العرب والمسلمين، وحتى لمواطنيها من أصول عربية أو ينتمون لدول إسلامية في الأصل.

كما أن ارتفاع نسبة المهاجرين من الجنوب إلى الشمال ومن البلدان الفقيرة إلى البلدان الغنية، ومن الدول النامية (العالم الثالث) إلى الدول الصناعية قد طرح مشكلة العنصرية والتيارات اليمينية على بساط البحث بالارتباط مع أزمة الطاقة والمشاكل الاقتصادية التي عانى منها الغرب بسبب سياساته إزاء دول المنطقة، ولاسيّما موقفه غير المتوازن على أقل تقدير، بخصوص حقوق الشعب العربي الفلسطيني، ومن انتهاكات "إسرائيل" وسياساتها العنصرية.
لقد لعبت الأحزاب اليمينية على وتر خطر الهجرة والمهاجرين، لاسيّما التمسّك بهوّية الشعوب البيضاء واليوم، فإن هذه الهوية لا تمثل قاسماً مشتركاً في ظل أزمة اقتصادية طاحنة وتطور اقتصادي متفاوت وسياسات متناقضة، ولذلك فإن العديد من القوى والتيارات اليمينية تطالب بوضع قوانين صارمة على الهجرة من جهة ولاستيعاب المهاجرين ودمجهم في المجتمعات الأوروبية دون الأخذ بنظر الاعتبار خصوصياتهم، من جهة أخرى.

أما بصدد المشكلة الاقتصادية فإن السياسة التقشفية التي اتبعتها الحكومات الأوروبية، فقد جاءت على حساب الفقراء والكادحين، وساهمت في استشراء ظاهرة البطالة، وأدّت إلى تقليص الخدمات الصحية والتعليمية وتخفيض مساعدات الضمان الاجتماعي، تلك التي استثمرها اليمين ليشن حملة ضد الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، خصوصاً مواقفها من المهاجرين، وذلك في كل من السويد والدنمارك والنرويج وفنلندا وهولندا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا ودول أوروبا الشرقية أيضاً وغيرها.

باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في “حضرة” اللاعنف
- الدّب الروسي والتنين الصيني وصفقة العصر!
- “إعلان البحرين” والمحكمة العربية لحقوق الإنسان
- نحو رؤية عقلانية للحركة العربية لحقوق الإنسان
- من مذبحة ماي لاي إلى سجن أبو غريب!
- ما بعد الانتخابات العراقية: حقل الألغام الطويل!
- 4 تحدّيات و4 اتجاهات في حركة حقوق الإنسان
- فضاء الشيوعية وهواء الصندوق!
- روسيا وأوكرانيا.. حزام الأزمات
- أوكرانيا وانزلاق الهوية
- - سبايا- بوكو حرام!
- تدمير الهوية الثقافية العربية
- ضوء على رسالة جاسم الحلوائي- شبح عامر عبدالله ومكر التاريخ !
- هل ثمة مفاجآت في انتخابات الجزائر؟
- للانتخابات “فلسفة”
- المياه والسلام: الأمن المائي في الشرق الأوسط
- المبادرات الكونية والحوار الحضاري
- ماركيز: عزلة أمريكا اللاتينية وعزلتنا
- تراجيديا اختفاء المطرانين اليازجي وإبراهيم
- زمن الانتخابات!


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - اليمين يجتاح أوروبا.. وماذا بشأن العرب والمسلمين؟!