أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تشاؤل ليبيا















المزيد.....

تشاؤل ليبيا


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4500 - 2014 / 7 / 2 - 19:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مع الاعتذار "لسعيد أبي النحس المتشائل"، وهو عنوان وبطل رواية الكاتب الفلسطيني إميل حبيبي، فإن الوضع في ليبيا لا يزال يتجاذبه الشدّ والحلّ، وتتنازعه عوامل متناقضة بين التراجع والتقدم، وهو الأمر الذي جعل من موضوع إجراء الانتخابات الليبية يخضع لمعيارين متفاوتين: أحدهما يقوم على التفاؤل، والآخر يعتمد على التشاؤم بمستقبل ليبيا، فهل ستستطيع الانتخابات مواجهة الانقسامات الحادة التي تعيشها البلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 أم أنها ستزيد الطين بلّة؟ وهل ستتمكن من مواجهة التحدّيات وإعادة بناء الدولة ومؤسساتها وإعلاء شأن المواطنة، أم أن التشظي المجتمعي، القبائلي والجهوي والمناطقي، والاعتبارات الضيقة والمحدودة، ستبقى مؤثرة وفاعلة، بل ومعطلة لاستعادة هيبة الدولة وكيانيتها؟
الانتخابات قد لا تجلب الاستقرار المنشود ولا تستطيع إنقاذ البلاد من حالة الفوضى التي تشهدها وقد يكون العكس صحيحاً، خصوصاً في ظل معاناة الليبيين اليومية من نقص الكهرباء وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية والفساد المالي والإداري والصراع المسلح بين الإسلاميين المتطرفين والقوى المعارضة لتوجهاتهم، وبين قبائل متناحرة صعدت إلى المشهد السياسي في ظل ضعف الدولة وتفكّك مؤسساتها، خصوصاً مع استمرار التفجيرات وأعمال العنف المنفلت من عقاله والاغتيالات واختطاف الدبلوماسيين والهجوم على مقار الدولة ومؤسساتها السيادية، الأمر الذي يجعل الكثير من الليبيين يفقدون الأمل .
قد تكون الخيبة الليبية في بعض منها عربية، فأوضاع سوريا لا تزال مصارعة على الطريقة الرومانية، لا تنتهي إلاّ بوصول أحد الطرفين إلى الموت والثاني إلى حافته بعد إنهاك وإعياء شديدين، كما أن العراق منذ الاحتلال لا يزال يعاني التشظي والانقسام والطائفية والتدخّلات الخارجية الإقليمية والدولية، ناهيكم عن الإرهاب والعنف والفساد، وما حصل في الموصل من هيمنة تنظيم "داعش" الإرهابي دليل على أن الفوضى والانشطارات المجتمعية الإثنية والمذهبية والجهوية لا تزالان قويتين ومؤثرتين وهما تهددان الوحدة الوطنية العراقية، خصوصاً باندلاع الحرب الأهلية، تلك التي ظلّت تطلّ برأسها بين الفينة والأخرى بسبب سياسات التهميش والإقصاء والعزل وعدم تحقيق المصالحة الوطنية .
ولم تنته قصة الإرهاب في مصر على الرغم من الإطاحة الشعبية بنظام "الإخوان" وإجراء انتخابات ووصول المشير عبدالفتاح السيسي إلى سدّة الرئاسة، لكن خطر الإرهاب وأعمال العنف والصدامات المسلحة وانتهاكات حقوق الإنسان لا تزال قائمة ومؤثرة، وكذلك ضربت موجة الاغتيالات والعنف السياسي تونس بعد التغيير ورحيل الرئيس زين العابدين بن علي، ولكنها استطاعت تدارك الأمر بانسحاب حكومة علي العريض، وتشكيل حكومة توافقية بين الترويكا الحاكم ومعارضيه .
أما اليمن فعلى الرغم من إنجاز الحوار الوطني وصدور وثيقة مهمة لمخرجاته، فإن آثار العنف لا تزال تغطّي صورة المشهد السياسي على الرغم من المبادرة الخليجية الايجابية التي استطاعت نزع فتيل الأزمة لعامين على الأقل، مع بقاء خطره، إضافة إلى الفوضى المستمرة وتدهور الخدمات بشكل عام، وخصوصاً شحّ الكهرباء والمرافق التعليمية والصحية وغيرها .
إن ليبيا وجميع المجتمعات التي جرت فيها عمليات التغيير تنتظر من الثورات المزيد من الخدمات وتحسين أوضاعها المعيشية وتأمين مستلزمات حياة آمنة ومستقرة، وإلاّ لماذا حدث التغيير ودفعت الشعوب ثمنه باهظاً في السابق والحاضر؟ أليس الهدف تحسين أوضاعها وضمان أمنها وأمانها؟
صحيح أن حرية التعبير أصبحت كبيرة، ودخل الناس عالم السياسة المؤمم سابقاً، وشارك مئات الألوف من البشر، بل ملايين منهم كانوا محرومين منه، ولهذا تعتبر الانتخابات مظهراً جديداً من مظاهر المرحلة السياسية الجديدة، لاختيار المحكومين لمن يمثلونهم، لكن الانتخابات جاءت أحياناً بخيبات ومرارات، وهو الأمر الذي سيكون تهديداً حقيقياً في ليبيا أيضاً، إذا لم يستطع الليبيون اختيار الأحسن والأفضل، خصوصاً فيما يتعلق بتحسين شروط اللعبة الانتخابية الديمقراطية .
إن ليبيا التي يبلغ عدد سكانها 6 ملايين يوجد فيها نحو 16 مليون بندقية، ولهذا فإن شبح العنف سيبقى مخيّماً إن لم تستطع لجمه واحتكار السلاح من جانب الدولة ووضع حد للميليشيات . وهي وإن كانت مواردها السنوية قد بلغت بضع عشرات من المليارات من النفط، إلا أن شعبها ظلّ يعاني الفقر بسبب سوء التوزيع وهدر المال العام، وتبديده على قضايا الأمن وعبادة الزعامة من دون تحقيق تنمية سليمة وحقيقية، وقياساً لمستوى المعيشة في تونس، وهي دولة غير نفطية، فإنه يفوق المستوى المعيشي في ليبيا كثيراً .
ومثل ليبيا، ففي اليمن وحده نحو 68 مليون بندقية وعدد سكانه نحو 25 مليون نسمة، وهما بلدان كبيران نسبياً، الأمر الذي يطرح موضوع إعادة بناء الدولة في ظل وجود ميليشيات، واستمرار هذه الميليشيات يُسبب نشر الفوضى والاضطرابات وتفشي العنف واستشراء ظاهرة الإرهاب .
وإذا كانت هناك بعض الأوساط محبطة من المؤتمر الوطني ومن النتائج التي وصلت إليها البلاد، وتجري محاولات لاستعادة زمام المبادرة من جانب بعض القيادات العسكرية، ولاسيّما اللواء خليفة حفتر، فإن البعض الآخر يعتبر الانتخابات مهمة على صعيد استقرار الوضع الليبي وللخروج من الأزمة السياسية الراهنة والمستعصية، خصوصاً أن هذه الانتخابات ستؤسس لدستور جديد ستتم صياغته، ويأمل هذا الفريق في التخلّص من هيمنة الإخوان والاتجاهات الإسلامية التي عطّلت المؤتمر الوطني سياسياً ودستورياً، حيث دخل في صراعات وتجاذبات زادت من معاناة الشعب الليبي، الذي طالب بإنهاء دوره ووضع حد لمساره ولحالة التشظي التي صاحبته .
البرلمان الحالي سيكون مؤقتاً لقيادة المرحلة الجديدة وتأتي بعدها انتخابات الرئاسة، وتقوم لجنة صياغة الدستور المشكّلة أصلاً في عهد المؤتمر الوطني بعملها على أمل إقرار دستور جديد للبلاد، حيث يتجاذب اتجاهان: الأول يدعو إلى الفيدرالية أو الأقاليم، وهو امتداد لدولة ليبيا قبل عام 1951(دولة مركّبة اتحادية) أي ثلاثة أقاليم هي: فزان وبرقة وطرابلس الغرب، والثاني يدعو إلى إقامة دولة أقرب إلى دولة بسيطة مركزية، مع مراعاة خصوصيات الأقاليم، وإن الرئيس سيتم انتخابه قبل إقرار الدستور الذي يحتاج إلى عدّة شهور للانتهاء منه .
وتأتي الانتخابات الليبية البرلمانية في ظرف دقيق وحساس للغاية، حيث تتميّز الأوضاع الأمنية بالتدهور والأوضاع السياسية بالانقسام والأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالانحدار، إضافة إلى شحّ الخدمات واستمرار ظاهرة الارهاب والعنف على نحو لم يسبق له مثيل .
ولا شكّ أن هذا في جزء منه من مخلّفات التدخل العسكري لحلف الناتو الذي أنزل خسائر كبيرة بالدولة ومؤسساتها، وخصوصاً قصف مناطق غير عسكرية ومرافق حيوية واقتصادية، وغير ذلك، وفي جزء آخر منه في موروثات الحكم الشمولي الاستبدادي الذي دام 42 عاماً، حيث كان القذافي فوق الدولة وفوق القانون وفوق الشعب، وهو الأمر الذي يثير اليوم قلقاً أوروبياً إزاء التدهور في الوضع الأمني والسياسي، ولاسيّما أعمال العنف والإرهاب، ناهيكم عن تدفق اللاجئين ووصولهم إلى أوروبا بحراً وغرق الكثيرين منهم، فضلاً عن القلق من انتقال الارهاب إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط .
إن الانتخابات الليبية الحالية هي ثاني انتخابات تشهدها البلاد منذ الإطاحة بحكم القذافي، حيث سيحلّ البرلمان الجديد محل المؤتمر الوطني، الذي يعتبر قسم غير قليل من الليبيين، أنه فشل وهو يتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع، وسيمارس مجلس النواب عمله سنة ونصف السنة (18 شهراً)، ويتنافس في الانتخابات الحالية 1628 مرشحاً بينهم 131 سيّدة على 200 مقعد خصص للنساء منها ،32 وقد قاطعها الأمازيغيون .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو الرئيس العاشر «لإسرائيل»؟
- لا بدّ من صنعاء ولو طال السفر
- زمن داعش!
- داعش هل تعجّل التفاهم الإيراني الأمريكي ؟
- عراق “داعش” من الحرب الأهلية إلى التقسيم
- اليمين يجتاح أوروبا.. وماذا بشأن العرب والمسلمين؟!
- في “حضرة” اللاعنف
- الدّب الروسي والتنين الصيني وصفقة العصر!
- “إعلان البحرين” والمحكمة العربية لحقوق الإنسان
- نحو رؤية عقلانية للحركة العربية لحقوق الإنسان
- من مذبحة ماي لاي إلى سجن أبو غريب!
- ما بعد الانتخابات العراقية: حقل الألغام الطويل!
- 4 تحدّيات و4 اتجاهات في حركة حقوق الإنسان
- فضاء الشيوعية وهواء الصندوق!
- روسيا وأوكرانيا.. حزام الأزمات
- أوكرانيا وانزلاق الهوية
- - سبايا- بوكو حرام!
- تدمير الهوية الثقافية العربية
- ضوء على رسالة جاسم الحلوائي- شبح عامر عبدالله ومكر التاريخ !
- هل ثمة مفاجآت في انتخابات الجزائر؟


المزيد.....




- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..مقتدى الصدر يشيد بالانفتا ...
- الكشف عن بعض أسرار ألمع انفجار كوني على الإطلاق
- مصر.. الحكومة تبحث قرارا جديدا بعد وفاة فتاة تدخل السيسي لإن ...
- الأردن يستدعي السفير الإيراني بعد تصريح -الهدف التالي-
- شاهد: إعادة تشغيل مخبز في شمال غزة لأول مرة منذ بداية الحرب ...
- شولتس في الصين لبحث -تحقيق سلام عادل- في أوكرانيا
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (1).. القدرات العسكرية لإسرائيل ...
- -امتنعوا عن الرجوع!-.. الطائرات الإسرائيلية تحذر سكان وسط غ ...
- الـFBI يفتح تحقيقا جنائيا في انهيار جسر -فرانسيس سكوت كي- في ...
- هل تؤثر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية على الطيران العالمي؟ ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تشاؤل ليبيا