|
دولة داعش الاسلامية والحضارة
صباح ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4533 - 2014 / 8 / 4 - 17:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نحن في القرن الحادي والعشرين ، وقد وصلنا الى قمة الحضارة والمدنية وشرائع القوانين التي تخدم البشرية ، وفي مستوى راق من العلوم والتكنلوجيا . لا زال امام البشر مسيرة طويلة لكشف الاسرار الغامضة وحل الالغاز ، والتقدم في عالم تشخيص الامراض وصناعة الادوية ضد الامراض المستعصية وامراض الشيخوخة والزهايمر وغيرها . العلم يتقدم بخطوات سريعة نحو الرقي والتكنلوجيا والالكترونيات وتشرع القوانين وتُبنى الجامعات ومراكز البحوث ، وكلها تهدف لخدمة الانسان كونه اغلى راس مال على الارض .
تنهض دول العالم ، وتنظم الى منظمة الامم المتحدة التي تحاول قدر امكانها الحفاظ على السلم والتقدم ، وتقديم الخدمات الانسانية لسكان الارض عبر المنظمات العديدة مثل اليونسكو ومنظمة الغذاء والزراعة والصليب الاحمر الدول وغيرها .
اما منظمة داعش ، فهي معروفة عالميا انها منظمة ارهابية ضد البشرية ، تغتصب الارض وتظطهد الانسان ، وتحلل قتله بكل سهولة بفتوى من رجل أمي لا يفقه من الحياة سوى حفظه لبعض آيات التحريض على القتل والعنف استقاها من القرآن ، يحلل بها استباحة الحرمات وقتل اغلى ما خلق الله وهو الانسان ، بسبب ايمانه بمعتقد او دين او مذهب لا يتوافق مع مذهب تلك العصابة الداعشية .
لقد جمع ابو ابكر البغدادي وهو خريج السجون ، ومحكوم بالارهاب والقتل، طائفة من الارهابيين والمجرمين التي تؤمن بالفكر التكفيري ، وبمساعدة دولية وبطرق سرية لا تعلن يتم امداده بالسلاح والمعدات والاموال والوقود والعتاد ، وكل ما يحتاجه لتكوين عصابات قتالية مدربة في دول اقليمية معروفة في تشجيعها للارهاب، وتدريب الارهابيين وارسالهم لدول الجوارلتنفيذ اهداف سياسية واقتصادية وتخريبية .
نجحت داعش، ونجح البغدادي بعد اكمال عدته وعتاده وتدريب رجاله ، واستلام الدعم المادي والسياسي والمالي واعداد الخطط في دوائر المخابرات الاسرائيلية والامبريالية والعربية الرجعية في غزو سوريا، ثم انتقاله لشمال العراق واحتلال الموصل بعد دفع ثمن الخيانة لقادة الجيش العراقي المسؤليين عن المنطقة الشمالية ، احتل الموصل بكل سهولة دون ان يطلق رصاصة واحدة بخطة مدبرة ومحكمة تنبعث منها رائحة الخيانة والعمالة بشكل مفضوح . بعد احتلال الموصل والاستيلاء على اسلحة ومعدات الجيش التي تكفي التصدي لدولة كاملة ، تمددت قواته بسيارات البيكب السعودية حاملة الرشاشات الاحادية ومدافع الهاون وقاذافات ال آر بي جي نحو محافظتي صلاح الدين وديالى ثم اتجهت الى اجزاء من كركوك واستولت عليها بسهولة غريبة . ان خطة داعش والمتحالفين معها من بقايا البعثيين وبعض العشائر السنية الحاقدة على تصرفات المالكي وجيشه وميليشياته هي اسقاط نظام الحكم في العاصمة بغداد . ولاشغال الجيش في معارك عديدة ، وتوزيعه في مناطق متفرقة كثيرة وعدم تمركزه ضد منطقة معينة كي يقل تاثير ضغطه العسكري وتشتيت قواه وسلاحه ، اندفعت داعش بخطة عسكرية ذكية ، فأغلقت سدة الفلوجة بعد احتلال مدينة الرمادي والفلوجة ، واغرقت الاراضي من الفلوجة نزولا الى ابي غريب لوضع حاجز مائي يمنع اقتراب الجيش من الفلوجة من اتجاه ابي غريب . ثم حركت مجاميع مسلحة سريعة الحركة في الكر والفر لمشاغلة الجيش والقوات الامنية ، وتشتيت قدراتهم وطوقت بغداد من شمالها وجنوبها وغربها ، فتقدمت بأتجاه سامراء والضلوعية والدجيل والتاجي شمالا ، كما تقدمت للمشاغلة من مناطق ابي غريب والزيدان وعامرية الفلوجة غربا ، ومن المسيب وجرف الصخر واطراف الحلة جنوبا ، محاولة بذلك التقدم نحو بغداد لأختراقها من عدة محاور واسقاط الحكومة المركزية فيها . وتحاول الان تهديد مطار بغداد واطلاق الاشاعات الكاذبة عبر الفضائيات الموالية لها حول استهداف المطار الدولي من الرضوانية ، لوقف الرحلات الجوية الدولية واعاقة حركة النقل الجوي للمسافرين والامدادات العسكرية والتجارية . لقد نجحت داعش وعصاباتها في تشتيت القوات المسلحة في عدة جبهات ، وهذا السبب هو الذي يمنع تقدم القوات لتطهير المدن المحتلة . لقد تأخر كثيرا تطهير الرمادي سوى جزئيا ، وعجز الجيش عن اختراق الفلوجة وتطهيرها ، وقد اصبحت الان هي معقل مهم لداعش يهدد بغداد . كما لم يستطع الجيش برغم عدته وعتاده ونشاط طيران الجيش والقوة الجوية الفتية من التقدم لتطهير مركز مدينة تكريت ، وبقية مناطق ديالي وجبال حمرين والضلوعية ، ولازال القتال مستمرا كر وفر في جرف الصخر وما يحيط بها . فمتى يتم تطهير تلعفر والموصل والحويجة ، وقد انتقل القتال الان الى اطراف مدينة حديثة ، وسد الموصل بعد احتلال سنجار وزمار ؟
هل يعتقد الخليفة الداعشي انه سيقيم دولة الخلافة الاسلامية في العراق والمدن التي احتلتها عصابته ؟ من سيعترف بهذه الدولة المتخلفة بقوانينها وشريعتها التي تطالب الاقليات من الشعب الاصيل بخيارت كلها مرفوضة بين الدخول في الاسلام قسرا ، او دفع الجزية وهم صاغرون ، او الطرد من المدن او القتل بالسيف والرصاص . دول العالم تتقدم في قوانينها وتشريعاتها ، والدولة الاسلامية تفرض قوانين ما قبل 1400 سنة مضت ، وتدعي انها شريعة الله ولابد من تنفيذها بالقوة والاكراه . تحلل قطع الرؤوس ، وقطع الايدي والارجل ، ورجم وجلد النساء والرجال في الساحات والشوارع علنا . تخطف الناس وتقايضهم بفدية بالالاف الدولارات . تقتل الشيعة والشبك والايزيديين والمسيحيين ، تفجر الكنائس ومقامات الانبياء والمساجد وتهدم النصب التذكارية والتماثيل الاثرية . تمنع خلط الخيار والطماطة في كيس واحد لانه حرام شرعا . تفرض ختان الاناث من سن الرضاعة حتى 46 سنة من العمر . تطالب من العوائل ان يقدموا بناتهم الباكرات والارامل والمطلقات الى رجال داعش لزواج النكاح اجبارا وتهدد من لم يتقدم باقسى العقوبات . طردت داعش الاقليات من المسيحيين والشبك ولايزيديين من المناطق التي استولت عليها وسرقت ممتلكاتهم ومدخراتهم ، واغتصبت عقاراتهم ومساكنهم وضمتها الى ممتلكات الدولة الاسلامية . امرت باغلاق كليات القانون وتغييير مناهج الدراسة في الجامعات . اي دولة اسلامية هذه في القرن الحادي والعشرين ، التي تريد ان تفرض نفسها وتتعايش مع العالم المتحضر وتعترف بها منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والمنظمات الانسانية في العالم !! هل تلتقي الدولة الاسلامية لداعش مع الحضارة الانسانية والمجتمع الدولي ؟
لولا السياسات الدولية الخبيثة ، ومصالح الدول الكبرى التي تدعي الديمقراطية وتتباكى على حقوق الانسان ولولا الرجعية العربية وحكام الخليج والبترودولار، ولولا الخونة العرب من قادة الجيش والسياسيين لما ظهرت داعش ولا دولتها الاسلامية الى الوجود واحتلت اراضي دولتين عضويين في الامم المتحدة وتحلم بالمزيد، والعالم المتحضر يتفرج ولا يتدخل سوى بالكلام الفارغ .
لننتظر ما سيحدث في قادم الايام . ولنا معكم لقاء وحديث آخر .
#صباح_ابراهيم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفرق بين النصرانية و المسيحية
-
انتفظوا وإثأروا لشرفكم يا رجال الموصل
-
رسالة الى النائب يونادم كنا - البرلمان العراقي
-
دور المسيحيين في العراق عبر التاريخ
-
أين مجلس الامن من غزو داعش للعراق وسوريا ؟
-
رسالة من مسيحي الى خليفة الدواعش
-
افتونا يا مسلمين ما هو اسلامكم الصحيح ؟
-
هكذا تعايشنا مسلمين ومسيحيين في العراق
-
داعش تطرد مسيحيي الموصل
-
ردود على اسئلة المشككين في الكتاب المقدس
-
عناصر الحياة على الارض
-
رحلت ام نائل الى السماء حزينة
-
تأريخ الزلازل حسب الكتاب المقدس
-
الانسان ونظرية التطور العشوائي
-
الحياة بين الخلق والتطور
-
اسئلة بحاجة الى اجوبة
-
لسانك حصانك ان صنته صانك
-
العلم يُثبِت صحة الكتاب المقدس
-
السومريون وعلم الفلك
-
الاجابة على الاستاذ سامي لبيب حول استحالة الخلق
المزيد.....
-
شاهد محاولة بطولية لإنقاذ نسر جريح في أعماق غابة.. هل نجحت؟
...
-
وزارة الصحة الفلسطينية تعلن حصيلة قتلى السبت بنيران إسرائيلي
...
-
غزة: خان يونس ودير البلح تحت النار.. وحصيلة ثقيلة للقتلى
-
ترامب يؤجج -حرب الرسوم- والاتحاد الأوروبي يراهن على المفاوضا
...
-
تعرّف على الأمين العام الجديد للمنظمة الدولية للحماية المدني
...
-
مسؤول أممي يرجح عودة ملايين الأفغان لبلادهم ويحذر من التداعي
...
-
خبير عسكري: إستراتيجية المقاومة تقضي بنقل المعركة لشمال غزة
...
-
شاهد.. برشلونة يتم صفقة جديدة ووجهة أخرى لستيفانو بيولي
-
الى الامام العدد 252
-
عراقجي: أمريكا خانت الدبلوماسية.. وتعاون إيران مع الوكالة ال
...
المزيد.....
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
-
مغامرات منهاوزن
/ ترجمه عبدالاله السباهي
المزيد.....
|