أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن شاهين - غزة.. معركة الجدار الأخير















المزيد.....

غزة.. معركة الجدار الأخير


حسن شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 4527 - 2014 / 7 / 29 - 17:08
المحور: القضية الفلسطينية
    


ملاحم ومآثر هزت وجدان العالم، تلك التي سطرها الشعب الفلسطيني في غزة وهو يتصدى للعدوان الهمجي للدولة المارقة الطارئة على المنطقة وعلى التاريخ. لقد أذهلت بطولة المقاومة الفلسطينية الباسلة الصديق قبل العدو، وغيرت حسابات كل من كان وراء الحرب الإسرائيلية المجرمة على غزة، سواء من نفذ ومن تواطأ ومن تآمر. هؤلاء الذين ظنوا أن لحظة القضاء على الجيب الباقي للمقاومة الفلسطينية قد أزفت، فخيبت غزة فألهم بصمود أهلها وثبات مقاومتها.

جاءت الحرب العدوانية على غزة والقضية الفلسطينية تمر بأسوأ مراحلها منذ نكبة 1948 على كافة المستويات، سواء المتعلقة بأوضاع الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده، أو حالة الأراضي الفلسطينية المحتلة اليوم مع تكثيف الاحتلال لسياساته الكولنيالية والأبرتهايدية في ظل الغطاء الذي وفرته "عملية" المفاوضات مع قيادة م.ت.ف طوال 20 عاماً، علاوة على تراجع مكانة القضية الفلسطينية بشكل لافت على المستوى العربي بعد تفجر ثورات الربيع العربي وما تبعها من حروب أهلية ونزاعات واضطرابات في غير بلد عربي.
جاءت الحرب العدوانية الإسرائيلية، وغزة محاصرة، والضفة ينهشها الاستيطان، والقدس تُفرغ من سكانها العرب، واللاجئون في الشتات تمارس عليهم الضغوطات من كل نوع لتصفية قضيتهم.
جاءت الحرب العدوانية الإسرائيلية، والنظام السياسي الفلسطيني يمر بأعمق أزمة شهدها منذ انطلاقة الثورة. فمنظمة التحرير الفلسطينية باتت هيكل مفرّغ من مضمونه، و"فتح" مفككة ومنهارة، ومشروعها السياسي، الدولة في حدود 1967، إبتُذل إلى إدارة ذاتية لكانتونات الضفة الغربية، وقوة أمنية لحماية للاحتلال من غَضْبة الشعب المحتل.
أما "حماس"، فقد دفعت ثمن خياراتها السياسية الخاطئة بدءاً من إقدامها على تشكيل حكومة السلطة الفلسطينية منفردة في آذار 2006، مروراً بخطيئة السيطرة على غزة، وصولاً إلى مغامرتها بالرهان على مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة بعد الثورات العربية، واندفاعها الأرعن في مساندة "إخوانها" في غير بلد عربي، مفتقدة بذلك إلى حس المسؤولية الوطنية خاصة وأنها تسيطر على إقليم فلسطيني له ارتباطاته المصيرية مع الدولة العربية الأكبر بحكم الجغرافيا.
كان الثمن الذي دفعته باهظاً، فوقَّعَت مع فتح اتفاق الشاطئ الذي هو أقرب إلى وثيقة استسلام قدمتها "حماس" لا لمحمود عباس، بل لمن يدعمه ويسنده من أطراف إقليمية ودولية.
أما اليسار الفلسطيني فمستغرق بأزمته المستدامة، عاجزاً عن لملمة شتات نفسه، لا بل مهدد بمزيد من التشرذم والتفتت.
جاءت الحرب العدوانية الإسرائيلية، والقضية الفلسطينية بدأت تفقد شيئاً فشيئاً عمقها العربي، لا على المستوى الرسمي فحسب، بل والشعبي كذلك. لانشغال الشعوب العربية بأزماتها الداخلية من جهة، وللتحريض المستمر والمكثف ضد الشعب الفلسطيني، وتحميله مسؤولية كثير من الأزمات التي عصفت بدول عربية عدة، بشكل لا يمكن اعتباره إلا مدبراً وممنهجاً.
جاءت الحرب العدوانية الأسرائيلية، وقد تراجعت مكانة القضية الفلسطينية في المحافل الدولية المختلفة، كنتيجة طبيعية لتخلي "الممثل الشرعي والوحيد" للشعب الفلسطيني عن خطاب ونهج التحرر الوطني، وتقديم الفلسطينيين لأنفسهم بصورة سيئة بعد الانقسام الداخلي.

في ظل هذه الظروف المحيطة بالقضية الفلسطينية، وجدت إسرائيل أن الفرصة سانحة أمامها لإجراء تغيير جذري على الواقع في قطاع غزة.
لم نكن منذ البداية أمام عمل عسكري محدود، والإيهام بذلك ليس إلا خدعة. إن مراجعة كيف تطورت الأحداث بعد خطف ومقتل ثلاثة مستوطنين في الخليل، في عملية غامضة لم يمط اللثام عن ملابساتها بعد، بدءاً بحملة المداهمات والاعتقالات الواسعة في الضفة الغربية، مروراً إلى الإعلان عن عملية "الجرف الصامد" العسكرية في غزة، والتي كان يُعتقد أنها ستقتصر على القصف الجوي، وصولاً إلى بدء العملية البرية الآخذة بالتوسع المتدرج الذي لم يتّضح مداه بعد؛ إن مراجعة كل ذلك يجعل من الصعب -لا بل من السذاجة- تجاهل فرضية أن إسرائيل خططت منذ البدء لحرب حاسمة في غزة، واتبعت تكتيك كرة الثلج في تنفيذها.

إسرائيل تريد أن تكسر بالقوة ما تبقى من إرادة مقاومة لدى الشعب الفلسطيني، وتفرض عليه الاستسلام. لقد نضجت الظروف بنظرها لإنهاء القوة المسلحة للمقاومة أو على الأقل إيقاف فاعليتها، خاصة القوة الصاروخية، والتي ظهرت في حرب 2012 كمُدْخَل نوعي في ميزان القوة لصالح المقاومة، ويمكن أن تحدث نوعاً من توازن الردع مع جيش العدو رغم فارق القوة الهائل.
إسرائيل تعلم أنها لا تستطيع أن تحقق نصراً عسكرياً ناجزاً يمكنها من الوصول إلى هدفها، إلا بإعادة احتلال القطاع بالكامل، وهو ما لا ترغب به ولا طاقة لها بأكلافه الباهظة على كافة المستويات.
لقد أعلنت إسرائيل أن هدف "عمليتها العسكرية" في غزة هو وقف إطلاق الصواريخ من غزة، هذا في البداية، وبعد أسبوعين على الحرب أصبح الهدف هو هدم الأنفاق، وكلا الهدفين وهميين. إن الهدف العملياتي الحقيقي للجيش الإسرائيلي في هذه الحرب العدوانية يتمثل بضرب المجتمع الفلسطيني بشكل مباشر وإيقاع خسائر قاسية في ناسه ومقدراته، حتى ترضخ المقاومة وتلبي هدف إسرائيل السياسي للحرب، وهو نزع سلاحها المؤثر.
وهذه النوايا المبيته تكشفت بعد أيام من بدء حرب إسرائيل العدوانية على لسان رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، حين صرح بأن إسرائيل وافقت على المبادرة المصرية في سبيل نزع سلاح قطاع غزة من الصواريخ والانفاق، عبر السبل الدبلوماسية، مهدداً بتوسيع العملية العسكرية حتى تستجيب حماس لذلك، ومن بعده أكد الرئيس الأمريكي أوباما ووزير خارجيته على نفس المضمون.

إن هذه الحرب، على عكس ما كان يُعتقد في بداياتها؛ حرب مصيرية بالنسبة للشعب الفلسطيني، بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فهي حرب الدفاع عن الجدار الأخير للقضية الفلسطينية التي كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تصفى، ولم يعد أمام الفلسطينيين من سكان القطاع إلا الصمود، ومن هم خارجه مطالبون بتجسيد أعلى درجات التضامن مع أهلهم في غزة، والاشتباك المتصاعد مع الاحتلال في الضفة الغربية ومناطق الـ48.
وقد أدرك الشعب الفلسطيني بحسه العفوي مصيرية المعركة التي تخوضها المقاومة في غزة اليوم، وهو ما يفسر عودة الروح الوطنية الجامعة بين أبنائه بشكل لم نألفه طوال السنوات العجاف التي تلت انطلاق عملية التسوية، ويذكرنا بالسنتين الأولتين لانتفاضة عام 1987.

يريد العدو أن يخرج منتصراً من هذه المعركة بأي ثمن، فلا إسرائيل الكيان ولا إسرائيل الدور، تحتملان نشوء توازن ردع جديد، على الجبهة الجنوبية، بعد ذلك الذي حققه حزب الله على جبهة الكيان الشمالية. لذلك، فقد تطول الحرب، ويزداد استهداف العدو المسعور للمدنيين، لكسر التماسك المذهل للجبهة الداخلية الفلسطينية وتوحدها خلف مقاومتها. وهو ما سيفشل به حتماً، لأنه لم يدرك بعد أنه يشن حرباً على شعب يدافع عن الجدار الأخير لوجوده.



#حسن_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب على غزة.. وخطاب الهزيمة والكرهاية
- أحداث الضفة.. هل هي انتفاضة ثالثة؟
- المبادرات الشعبية الفلسطينية.. وآفاق بناء البديل الوطني الدي ...
- الانقسام السياسي الفلسطيني.. وتنامي العنف في الضفة والقطاع
- حكم حماس في غزة.. واستقالة فصائل منظمة التحرير
- المتطوعون العرب في الثورة الفلسطينية: الحجم، التأثير، والاست ...
- قوى المقاومة وضرورة المراجعة
- استحقاق أيلول: من يُنزل أبو مازن عن الشجرة؟
- غزة على طريق الإمارة الإسلامية
- ظاهرة -الفلتان الأمني- في فلسطين: الجذور، التجليات والنتائج
- دراسة تحليلية حول نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثا ...
- أزمة اليسار... وفرصة النهوض
- حصاد موسم الانتخابات الفلسطينية
- اجتياح جباليا ... تواطؤ رسمي وتبلد شعبي
- ملامح المرحلة ... واستعداد إسرائيل لإنهاء الصراع


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن شاهين - غزة.. معركة الجدار الأخير