أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - محمد عادل زكى - الجغرافية العامة لإيران















المزيد.....


الجغرافية العامة لإيران


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 4527 - 2014 / 7 / 29 - 08:49
المحور: الصناعة والزراعة
    


(1)
حينما ننظر، بتدبر، إلى خريطة العالم الطبيعية، ونركز على تلك البقعة الجغرافية من قارة آسيا التى تبرز فيها جبال زاجروس، وصحراء لوط، وهضبة إيران؛ والصحراء الملحية الكبرى، ثم نُرسّم الحدود السياسية، وفقاً لخريطة المستعمِر، فى المنطقة الواقعة بين بحر قزوين وجبال القوقاز وجبال البورز شمالاً، وهضبة الأناضول ونهر الفرات والخليج العربى غرباً، وجبال هندوكوش ونهر أموداريا وبحر آرال شرقاً، والبحر العربى جنوباً. فإننا سنجد أنفسنا مباشرة أمام عدة دول تتمتع بمواقع استراتيجية مهمة وحساسة، ولكن أكثر تلك الدول تمتعاً بعبقرية الموقع الجغرافى ستكون الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتى تعرف إختصاراً باسم إيران.
تقع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التى تمتد على مساحة تبلغ 1648.195كم2، بين دائرتى عرض 25 و40 شمالاً، وخطى طول 44 و63 شرقاً. وتبلغ جملة حدود إيران نحو4400كم2، نصفها تقريباً حدود بحرية والنصف الآخر حدود برية. وتبلغ المسافة من حدها الشمالى الغربى مع تركيا وتركمنستان إلى حدها فى أقصى الجنوب الشرقى مع باكستان حوالى2320كم2، بينما لا تزيد المسافة من بوشهر على ساحل الخليج العربى إلى حدود تركمنستان إلى الشمال الشرقى من مشهد عن 1328كم2، بتلك المثابة محاطة بسبع دول: آزربيجان وأرمينيا وتركمنستان من الشمال، وأفغانستان وباكستان من الشرق، وتركيا والعراق من الغرب. كما تطل على بحر قزوين شمالاً بطول ساحل يبلغ 800كم2، وعلى الخليج العربى وخليج عُمان جنوباً بساحل يبلغ طوله 1660كم2. وقد رُسّمت أغلب حدود إيران السياسية بين عامى 1800-1914م.
(2)
ومن جهة التضاريس، فإن جغرافية إيران تعكس بصدق ووضوح مجمل خصائص جغرافية قارة آسيا من حيث تميزها بالهضاب والأطر الجبلية التى تحيط بها، ومن ثم وعورة السطح، والجفاف الشديد من الداخل، والتطرف الحرارى، والمناخ القارى بوجه عام، وكلها صفات آسيوية بالدرجة الأولى.
فإيران يُشبَّه، كما يقول الجغرافيون، بحوض له حافة عالية، تحيط بقاع غير عميق وغير منتظم السطح، وتتكون الحافة من سلاسل جبلية تتميز جهة الشمال والغرب بارتفاعها الشاهق وشدة وعورتها وعظم اتساعها. أما التى تقع فى الجنوب والشرق فضيقة وأقل ارتفاعاً، كما أنها أكثر تقطعاً بأحواض داخلية منخفضة. لذا فهى لا تُمثل حاجزاً مانعاً، بل إن السلاسل الشرقية، تفقد كثيراً صفتها التضاريسية بسبب ما يحيط بها من إرسابات رملية وما يكتنفها من مفتتات صخرية.
وتعد سلسلة جبال زاجروس، والبورز، أهم سلاسل الجبال فى إيران، وتغطى جبال زاجروس فى مجموعها كل النصف الغربى من البلاد. وإلى الجنوب من جبال البورز تقع الأحواض الداخلية، ويليها على طول الحدود الشرقية ما يُعرف بالمرتفعات الشرقية. وبوجه عام يقسم إيران إلى ثلاثة أقسام تكون تقريباً متساوية: جبال، وصحارى، وسهول وأراضى صالحة للزراعة.
(3)
ويضم إيران تنوعاً كبيراً فى المناخات. فالهضبة تتمتع بمناخ قارى، ربما يلطفه الارتفاع بصورة متفاوتة. فالصيف حار وجاف إذ ترتفع درجة الحرارة فى تموز وآب إلى 40 درجة، وأحياناً يكون الصيف قائظاً للغاية، ويكون الشتاء بارداً، وأحياناً بصورة مفرطة كما فى آزربيجان مثلاً فقد تهبط درجة الحرارة إلى -20 خلال شهرى كانون الثانى وشباط، ويكثر تساقط الثلوج ابتداءً من تشرين الثانى حتى شباط وآذار. ويأتى الربيع مبكراً، بيد أنه قصير المدى. ويمكن القول بوجه عام أن مناخ إيران شديد التباين والتطرف، إذ يمكننا أن نجد فرقاً فى الحرارة فى اليوم ذاته يبلغ 40 درجة تقريباً بين مدينة تقع فى الشمال الغربى، وبين مدينة تقع فى الجنوب الشرقى. كما حدث فى نيسان 1967 إذ كانت درجة الحرارة فى منطقة زنجان، فى الشمال، -3 درجة مئوية، وفى منطقة شاهبار، فى الجنوب، 36 درجة مئوية.
ولما كانت الهضبة الإيرانية بمثابة الجسر الذى يربط آسيا الوسطى بآسيا الغربية، معقل حضارات الشرق القديمة: بابل، وأشور، وعيلام،...، فقد كان حتمياً أن تجذب شعوب قلب آسيا الراغبين فى الاستقرار فوق أرض أكثر سخاءً بالمقارنة مع سهوب آسيا الوسطى أو التوندرا السيبيرية. وهكذا كانت إيران تتعرض باستمرار للاجتياح خلال تاريخها فقد استقر الإيرانيون أنفسهم، كما سنرى، فوق الهضبة خلال الألف الثانى قبل الميلاد، وناضلوا على الدوام للاحتفاظ بسيطرتهم. وهكذا نجد فى هذه البلاد خليطاً كبيراً من أقوام متباينة. ولكنها، كما سنوضح، تشترك فى الروح الواحدة. وربما المعتقدات الواحدة، مع إختلاف الأشكال والأسماء والإجراءات الطقسية فى العبادة.
ويتألف أساس السكان حالياً من فُرس أو تاجيك يسكنون بوجه خاص العراق العجمى ومنطقة أصفهان وفارس وسيستان. وهناك أعداد كبيرة من الأكراد، وهم من الأقوام الهندية الأوروبية كالفرس، ويقطنون الجزء الشمالى من جبال زاجروس والتى تتمدد أيضاً فى تركيا وفى العراق.
(4)
وتكثر الجماعات التركمانية بوجه خاص فى الأقاليم الخزرية وفى خراسان. أما إقليم آزربيجان فيقطنه الأتراك بصورة شاملة تقريباً. وقد استقر المغول فى آزربيجان، وهناك أوجدوا أرومة لهم، ونصادف فى هذا الإقليم العديد من ممثلى هؤلاء الغزاة القدامى بحالتهم النقية تقريباً، والذين وفدوا ضمن جحافل هولاكو وتيمورلنك خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر. أما إقليم خراسان فى الشرق فيضم خليطاً عرقياً أكثر تعقيداً؛ إذ نجد الفرس، والتركمان المغول، والعرب، والهنود.
واللغة الفارسية هى لغة البلاد الرسمية، فهى لغة الإدارة والحكم والتعليم، وتُكتب بحروفٍ عربية، وتشتمل على كثير من الكلمات العربية، وطبيعى أن نجد تعدداً فى اللغات ما دام هناك مثل ذاك التعدد فى الأصول العرقية. فكل جماعة تتكلم لغتها، بل وتحرص على أن تتكلم لغتها، أو لهجتها إلى جانب اللغة الرسمية، ويمكننا أن نجد العديد من اللغات واللهجات منها: العربية، والآشورية، والكردية، والآزربيجانية، واللورية، والبلوخية، والبختارية، والأرمينية، والآرامية، والبراهوتية، والروسية، والعبرية.
ومن الأمور التى يجب ملاحظتها أن الباحث فى التركيب العرقى، كما الاقتصاد كما سنرى، فى إيران ربما يجد صعوبة حقيقية حين يرغب فى تكوين تصور مستقى من أرقام توضح نسبة كل عرق إلى إجمالى الأعراق الموجودة بداخل إيران، وربما يرجع ذلك فى جزء كبير منه إلى عدم دقة الأرقام المقدمة من قبل الحكومة الإيرانية، وربما إنعدامها، الأمر الذى دفعنا إلى التقريب والترجيح بين مجموعات الأرقام الواردة بالتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، وبيانات وكالة الاستخبارات الأمريكية، وإنتهيت إلى النسب الأتية: الفرس (57%) والأتراك (25%) والجيلاك والمازندرانيون (8%) والعرب (3%) واللور (2%) والبلوش (2%) والتركمان (2%) وأعراق أخرى (1%).
(5)
وحينما نشاهد هذا الخليط والتباين اللغوى والعرقى، فلا بد أن نتوقع خليطاً مواز على صعيد المعتقدات الدينية، فالمذهب الشيعى هو دين الدولة الرسمى، منذ عام 1288م، بعد أن اعتنقه السلطان محمد خدابنده، وهو المذهب الأكثر شيوعاً. كما يوجد أتباع السنة، وأكثرهم فى آزربيجان وفى كردستان، كما أن هناك بعض الأكراد الشيعة الذين شكلوا مذهباً خاصاً بهم، ويطلقون على أنفسهم تسمية "أهل الحق" ولهم طقوسهم الدينية وكتبهم المقدسة. كما احتفظت أكثرية الأرمن التى تقطن إيران بمذهبها المسيحى الأرثوذكسى. وهناك أيضاً البابية، وهى مذهب ابتدعه ميرزا على محمد فى القرن التاسع عشر، ويُقال أن هذا المذهب كان بدعم من قبل سلطات الاحتلال البريطانى. وبالإضافة إلى المسلمين والمسيحيين والبابيين، يوجد اليهود، وأتباع الديانة الزارادشتية القديمة.
ومن أهم المدن الإيرانية: طهران، وأصفهان، وتبريز، ومشهد. وقم، وبوشهر، وشيراز، وكرمان، وكرمان شاه، وأهواز، وهمذان، وبندر عباس، وعبادات. ولنتوقف قليلاً عند طهران، وأصفهان، وتبريز، ومشهد، لما لهم من أهمية نسبية.
طهران هى عاصمة البلاد، وتعود نشأتها إلى القرن الثانى عشر الميلادى، وقد قامت المدينة الحالية فى موضع مدينة قديمة فى إقليم ((راى)) تعرف بهذا الاسم، وظلت مستوطنة صغيرة مجهولة لعدة قرون، ويصل طهران بسهول بحر قزوين عبر جبال البورز ثلاثة ممرات جبلية منفصلة، هى من الشرق إلى الغرب: ممر جودار جودوك، وارتفاعه 2150 متراً، وممر إمام زاده وارتفاعه 2750 متراً، وممر شولوس وارتفاعه 3500 متراً.
ولم تحتل طهران مكان الصدارة إلا ابتداء من عام 1788م حينما اختارتها قبائل الكاجار عاصمة، ومع تدفق الثروة النفطية تطورت طهران، وتحولت إلى غابة من المصانع والإبراج، وعرفت معانى الربح والريع والمضاربة والصراع بين قوة العمل والرأسمال، وامتد العمران الحديث حتى مشارف الجبال فى الشمال.
(6)
وفى طهران يتركز أكثر من نصف صناعات البلاد الرئيسية مثل: الصناعات الكهربائية، والنسيج، والسكر، والأسمنت، وتطوير الأسلحة النووية. إذ نجد فى طهران نحو 15% من إجمالى السكان، و30% من قوة العمل، و65% من إجمالى طلبة العلم، و75% من إجمالى السيارات والشاحنات، ويخرج من مصانعها نحو 35% من إجمالى الناتج القومى الإيرانى.
وبعد طهران تأتى أصفهان، من ناحية الأهمية، وهى ذات تاريخ عريق يعود إلى ما قبل الميلاد بألف عام، وهى احدى عواصم إيران القديمة، وتقع فى وسط حوض زراعى خصب ترويه مياه نهر زاينده رود، وقد استمرت أهميتها على مر الزمن بسبب موقعها الاستراتيجى بين الجبال والصحراء، وهى الأن أهم مدينة لصناعة المنسوجات والملابس والأقمشة الفاخرة، وبها مصانع المواد الغذائية، وطحن الغلال، والورق، والأسمنت، والحديد والصلب.
أما تبريز، والتى كانت تاريخياً عاصمة أباقا بن هولاكو، فى عصر الأسرة المغولية فى إيران، فقد أعطاها موقعها بجوار الحدود التركية الأرمينية الآزربيجانية أهمية خاصة كمركز للمواصلات والتجارة، فهى سوق رئيسية لسكان المنطقة وللأرض الرعوية المجاورة، وقد قامت بالمدينة صناعة نامية لمنتجات الزراعة والرعى. وفيها مصانع لتعليب اللحوم، والفواكه، والمنسوجات. وهى شهيرة أيضاً بصناعة السجاد.
كما توجد مدينة مشهد، وهى العاصمة الأقليمية لشمال شرق إيران. وأصبحت فى القرن التاسع عشر مزاراً للشيعة. وهى إلى جوار ذلك تؤدى وظائف إدارية وتجارية إقليمية وتوجد بها بعض الصناعات الهندسية والمنسوجات. وتقع فى أقاصي إقليم خراسان بالقرب من مدينة طوس القديمة. وتقع على ارتفاع 985 متراً، ويحدها من الشمال والشمال الشرقي تركمنستان، ومن الشرق أفغانستان ومدينة هراة، ومن الغرب مدينة شاهرود، ومن الجنوب مدينة بيرجند. ويبلغ عدد سكانها حوالى أربعة مليون نسمة. ومن أشهر العلماء والمفكرين والفلاسفة الذين ولدوا فى مشهد، نجد: ابن سينا الشيخ الرئيس، والغزالى، والأخفش، والبرمكى، ويعقوب بن داود، وأبو مسلم الخرسانى، وطاهر بن الحسين، وعبد الله بن طاهر، وأبو منصور البلخى، والبيرونى، وأبو القاسم الحسن بن محمد الطوسي، وأبو نصر الفارابى.
(7)
وإذ ما نظرنا إلى الجغرافيا الاقتصادية، ابتداءً من الوعى بطبيعة الإقليم الطبيعية، فسوف نرى، وبوضوح، كيف أثرت الطبيعة فى النشاط الاقتصادى للسكان، فحيث الصحارى القاحلة، وحيث ندرة الماء، نجد أن الزراعة الإيرانية تواجه صعوبات عديدة أهمها مصادر الرى، الأمر الذى يجعل الزراعة ربما مستحيلة بالإعتماد على مياه الأمطار فقط، لأن الارتفاع الشديد فى درجات الحرارة يؤدى إلى ارتفاع نسبة التبخر والتى لا تتناسب مع كمية الأمطار المتساقطة، ومن ثم كان من المتعين أن يتجه الفلاح الإيرانى إلى مصادر أخرى غير الأمطار، وبالفعل إتجه إلى مياه الأنهار، ومياه الينابيع، ومياه الآبار، وفى ضوء التقارب الإيرانى الصينى الملحوظ فقد برزت مشاريع الرى وبناء السدود والمحطات المائية والحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية ضمن المجالات الأخرى لهذا التعاون، فمع حلول عام 1995، فازت شركة صينية لتصنيع الآلات والأدوات الكهربائية بعقد لتصدير أربع مولدات حرارية لتوليد الطاقة الكهربائية، طاقة كل منها 325 ميجاواط بقيمة إجمالية تصل إلى 2.6 مليون دولار، وفى عام 1996 كان العمل قد انتهى من بناء محطتين مماثلتين بدعم صينى وبقيمة 8 مليون دولار، الأولى محطة هيدروكهربائية بطاقة 10ميجاواط وتضم مجمعاً للرى يغطى مساحة تصل إلى 123 ألف هكتار، يقع على بعد 128 كيلومتراً جنوب غربى طهران، أما الثانية فكانت محطة حراريةبطاقة 325 ميجاوط تولت شركة شنغهاى الصينية للكهرباء تصنيع معدات التوليد الخاصة بها ونصبها. وأخذت على عاتقها مسؤولية تصميم المشروع، وتقديم الخدمات التقنية لبناء المحطة وتجهيزها بمعدات الخدمات الإضافية، وفى مطلع عام 2001 توصلت وزارة الطاقة الإيرانية إلى اتفاق مع إحدى الشركات الصينية لبناء سد ومحطة لتوليد الكهرباء فى سيماره بمحافظة إيلام. وفى نفس العام بدأت الشركة الوطنية الصينية للموارد المائية العمل فى بناء سد ومحطة للطاقة الكهربائية فى تاكستان (150 كيلومتراً إلى الغرب من طهران، ويضم المشروع الذى بلغت قيمته 143 مليون دولار السد الرئيسى، وقنوات تصريف المياه الفائضة ومسارب الرى، وقد صمم على النحو الذى يخفف من أزمة نقص المياه فى طهران وزيادة إمدادتها من التيار الكهربائى.
(8)
وتكتفى إيران بإنتاجها فى معظم السنين، بصفة خاصة من الحبوب والفواكه والتمر، ولكنها تستورد السكر والشاى، وتعد محاصيل القمح والشعير والأرز والتمر محاصيل رئيسية لا يستغنى عنها السكان.
ولأن السجاد والملابس الفاخرة من أهم السلع التى تعتمد عليها إيران، بعد النفط، فقد إعتنت الحكومة بالثروة الحيوانية، وبصفة خاصة الأغنام، وهى الأكثر عدداً، إذ يصل إلى نحو 37 مليون رأس، وترعى فى المناطق الجبلية أو شبه الجافة.
وعلى الرغم من أن إيران تحتوى على ثروات معدنية متباينة، إلا أنها تركز على إستغلال النفط، ويرجع ذلك إلى صعوبة المواصلات، ووعورة السطح الجغرافى، وتشتت توزيع الثروة، وعدم الإهتمام باكتشافها، ومع ذلك فبعضها يُستغل بكميات تجارية مثل الغاز الطبيعى، والفحم، والحديد، والنحاس، والكروم، والرصاص والقصدير والبوكسايت.
وبشأن النفط؛ فلقد منح شاه إيران أول إمتياز فى الشرق الأوسط لوليام نوكس داكرى عام 1901، وهو مقاول استرالى-بريطانى ينقب عن المعادن، وعندما نفذت إعتمادته المالية ضمّ جهوده إلى جهود شركة بورما أويل عام 1905، وتعرض النفط لنكسة عام 1908. بعد عام، أسس داكرى شركة النفط الإنجليزية-الفارسية (أطلق عليها اسم شركة النفط الإنجليزية- الإيرانية المحدودة عام 1935، وبريتش بتروليوم عام1954) وكانت الحكومة البريطانية تواقه لدعم الإمتياز بما أنه كان المفتاح للتأكيد على تأثيرها فى منطقة جنوب إيران فى مواجهة الروس. تعاظمت الضغوط الاستعمارية، وقسم الإتفاق الإنجليزى-الروسى الذى عقد عام 1907 إيران إلى منطقتى نفوذ روسية وبريطانية تفصل بينهما منطقة محايدة حيث جرت إكتشافات النفط الهامة لاحقاً. ويمكن تقسيم جميع حقول إيران النفطية إلى ثلاث مجموعات رئيسية: مجموعة حقول المنطقة الوسطى، وتربطها خطوط أنابيب بميناء عبدان، ومجموعة حقول الخام الخفيف التى تتضمن حقل أغا جارى، وحقل مارون. والمجموعة الثالثة هى مجموعة حقل الخام الثقيل، والحقل الرئيسى بها يسمى جاش ساران، ويتم تصدير نفط المجموعتين الأخيرتين عن طريق جزيرة الخرج، وإن كان بعض حقولها يرتبط بخط أنابيب بميناء عبدان، مثل حقل بازانون. وبالإضافة إلى هذه الحقول البرية، هناك حقول أخرى بحرية منتجة فى قاع الخليج العربى، أهمها حقول داريوس، وسيروس، وأسفنديار، وفريدون، وجميعها تتصل بجزيرة الخرج عن طريق خطوط للأنابيب، بينما ينتهى نفط نوروز وبحر بجانسار، خلال أنابيب، إلى إمام حسان.
(9)
والأن، ولأن اقتصاد إيران يعد أحد الأجزاء المتخلفة من النظام الاقتصادى الرأسمالى العالمى المعاصر، وعلى الرغم من أن الحكومة تفرض سيطرتها على شركة النفط الوطنية، وإضافة إلى أن إيران تدفع تعويضات باهظة لشركات النفط بعد التأميم وحتى الأن، فهى لا تسهم فى أى عملية من عمليات إنتاجه بشكل حقيقى ابتداءً من الاستكشاف والاستخراج والتكرير والتصنيع، بل والنقل والتصدير، فهذا النفط كى يتم إستخراجه من جوف الأرض، تأتى الشركات (أجنبية) وبمعدات نقل (أجنبية) وتستخرج الخام بألات (أجنبية: الحفارات، والكلابات، والمصاطب، والأنابابيب، والمكثفات، ومواسير الحفر وأنابيب الاستخراج، إلى آخر ذلك من وسائل إنتاج) وتحمل المنتَج على سفن (أجنبية) وتتوسط فى حركة التجارة"خدمات" شركات (أجنبية)، وبالنظر إلى هيمنة النخبة على مجمل الثروة النفطية، فهى لا تنشغل سوى بالريع الذى يستخدم فى سبيل إحكام السيطرة على البلاد، وتدعيم المركز الإقليمى الذى تحتله الدولة.
وبصدد توزيع العوائد ما بين الحكومة والشركة الوطنية، فإن الحكومة تحصل على عائدات من مبيعات النفط الخام المصدر (تدفع لوزارة المال) وهى تفرض ضريبة خاصة عند الحاجة، ويرسل الفائض إلى الصندوق المخصص للاستقرار النفطى. أما شركة النفط الوطنية فهى تحصل على مداخيلها كلها من مبيعات الغاز (المصدر والمستخدم)، ومن مبيعات النفط الخام المخصص للإستخدام المحلى؛ إضافة إلى عائدات تقتطع من قيمة مبيعات الحكومة من النفط الخام، وتستخدم هذه القيمة لإعادة شراء ما كان قد بيع لشركات أجنبية من خلال الإمتيازات والملاحظة التى يبديها خبراء النفط.
وتتبدى مسألة هامة، لا شك تحتاج إلى مناقشة أكثر، ولكننا نشير إليها فحسب؛ فعلى الرغم من تشابه اقتصادات الخليج العربى وإيران من جهة الإعتماد شبه الكامل على النفط، إلا أن الخليج، والإمارات على وجه الخصوص، بدا وكأنه يعمل ألف حساب، لقمة هوبرت. ألف حساب لما بعد النفط. وبصفة خاصة، على الأقل نسبياً، فى مجال التعليم والثقافة ومراكز الأبحاث والدراسات، والإهتمام بالاستثمار فى عقول الإجيال القادمة. وهو الأمر الذى نجد له مثيل فى إيران. إلا أننا نجد أن العقول الإيرانية الواعية والمبدعة الحرة دوماً مهاجرة إلى أوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية. ثمة فارق كبير بين أن تعلم الشعوب، وبصفة خاصة المنتِجة للنفط، حقيقة وطبيعة الصراع على النفط وتعمل من أجل غد تعلم أنه ليس به نفط، وبين أن تتجاهله مغترة بقوة، نووية أو غيرها، لا يمكن استخدامها إلا بإبادة الشعب نفسه.



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجغرافية العامة لمصر
- أصول الاقتصاد السياسى
- التاريخ العام للرأسمالية
- فى المسألة الفنزويلية
- كيف نفهم، كعرب، إيران؟
- السودان بعد التفكيك
- ملاحظة بصدد أزمة التعليم فى العالم العربى
- النداء الأخير
- نقد المركزية الأوروبية فى الاقتصاد السياسى
- نقد ديالكتيك ماركس فى رأس المال
- هيكل اقتصاد مصر
- خلاصة الرأسمالية
- محاضرات دورة كتاب رأس المال
- موضوع الاقتصاد السياسى
- مسخ الاقتصاد السياسى
- نظرية القيمة عند الكلاسيك وماركس
- من ماركس إلى قانون فى القيمة
- الاقتصاد المصرى
- التبعية مقياس التخلف
- مبادىء الاقتصاد السياسى


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو ... / سناء عبد القادر مصطفى
- مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس) / صديق عبد الهادي
- الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي. / فخرالدين القاسمي
- التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل ... / فخرالدين القاسمي
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا ... / محمد مدحت مصطفى
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال ... / محمد مدحت مصطفى
- مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق / منتصر الحسناوي
- حتمية التصنيع في مصر / إلهامي الميرغني
- تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام ... / عبدالله بنسعد
- تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا ... / احمد موكرياني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - محمد عادل زكى - الجغرافية العامة لإيران