أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - غزة ، مشاهد من الحياة














المزيد.....

غزة ، مشاهد من الحياة


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 4522 - 2014 / 7 / 24 - 22:31
المحور: الادب والفن
    


غزة ، مشاهد من الحياة
سعيد رمضان على
-------

مفتتح
----
كل الجمال الذي يحتضر
يتوقف عن الاحتضار
حين تشرق غزة
كنور مقدس
موشومة بسحرها
واليهودي
على حدودها يجلس
خالعا نعليه
ضائعا في حسرته
بعد أصابته بشيخوخة مبكرة .
------------------
مشهد أول :
-----
دوى انفجار ، وانشقت الأرض فجأة عن سيارة إسعاف مرقت بجواري، متجه لمكان الانفجار، وفيما أنا غارق في دهشتي من سرعة الاستجابة ، ظهر لودر متابعا الإسعاف وقد رفع علم ابيض ، عليه رسم ما يشبه غصن الزيتون .
أفقت ، أنهيت مشترواتى بشرود، وركبت سيارة أجرة عائدا لشقتي، هناك اكتشفت اننى نسيت كيس نايلون به بعض المشتريات، حاولت التذكر أين نسيته، ولكن دماغي في صيام الصيف تكون غالبا مشتتة ، عدت للسوق باحثا هنا وهناك وفيما أنا ابحث اقترب منى بائع خضروات وقال " كيسك " هززت رأسي وأنا أتناول الكيس وابتسم له ، جاوبني الابتسام ، وعاد ليجلس في الشمس أمام قفص جريد صغير عليه بعض حزم الجرجير .
كان صبيا يدخل طور الشباب ، مرتديا ملابس قديمة وشبشب مهترىء، وعلى وجه تراب من ارض غزة .
هاهو صبى على بعد خطوة ..... خطوة واحدة ، ورغم اننى لااعرفه ولايعرفنى ، الا أننا نعيش معا تحت سماء تسقط نيرانا، ونتشارك مظلة واحدة هي الصمود .
--------------
مشهد ثاني
--------

في الصباح المبكر وقفت أمام شباك بيتي، متأملا عمود دخان يتصاعد للسماء ، كأنه يشتكى لها من بؤس الإنسان ورغبته الوحشية في التدمير .
لفت نظري " كاره " يقودها شاب مستقيم الظهر ، تتقدم ببطء من حاوية قمامة القريبة حتى توقفت عندها .
اخذ الشاب يحمل أكياس القمامة ، ويرصها بصبر وهدوء على الكاره، حتى افرغ الحاوية فاستدار بكارته وابتعد .
تنبهت أنى من فترة لم أر سيارات رفع القمامة ، ومعها سيارات كثيرة أخرى تخص البلدية.
فكرت : أن السولار أصبح عملة نادرة في غزة ، ورغم ندرته فالأعمال لاتتوقف:
المياه والكهرباء والاتصالات والأسواق!!
.....وهاهي غزة تحل مشكلة أخرى، فتؤجر الكارات لرفع القمامة وتنظيف الأحياء .. !!!
عدت انظر للكاره .. كان الشاب يضع يده على رقبة حماره ، وهما يسيران معا بخطوات منسجمة على الطريق الاسفلتى، كأنهما يرقصان بخفة على دوى الانفجارات .
-------
مشهد ثالث
------
الموت بغزة حاضر بشكل دائم ، لكنهم هنا لا يرقصون معه بل مع الحياة ،
منشغلين بذواتهم اقل مما ينشغلوا بذوات الآخرين .....
أطباء فلسطينيين وأجانب، ومساعدي أطباء ورجال الإسعاف ومتبرعى الدم ، و من يرفع الأنقاض وسط الخطر بحثا عن الشهداء.. وكثيرون غيرهم يفعلون مابوسعهم لتخفيف المعاناة .. إرهاق ليل نهار، تحت قصف يستهدف كل حياة وإحراق كل اخضر ويابس .
هنا ناس حقا ينشغلوا بغير ذواتهم، ليجسموا لنا فعلا كيفية التضامن مع الآخرين بالفعل الإنساني ..
---------------
مشهد رابع
---------
هل يمكن اعتبار كل موت ، موتا فعليا ؟؟
في كل مكان تألقت فيه المقاومة، شككت حقا بوجود موت فعلى للشهداء،
يمكنك أن تقابل صديق لك أو جار ، تتكلم معه ثم تفترقان ، وفى نفسك عنه انه أما طيب أو كريم اوسىء .. من تلك الأوصاف الفردية التي يطلقها الآخرون على الآخرون .
هكذا تكون نظرتك له فردية وربما تتجاوزها قليلا بربطه بعائلته .
لكن في لحظة ما يسقط شهيدا ..
حينها لايمكن فصلة عن بلاده ، ولا عن باقي الشهداء ، ولا عن قضايا الحرية والكرامة ، ويظل حيا في الوطن ...

هذا التشكيك في الموت الفعلي للشهداء ، دفعني لان اكتب في احدى رواياتي :
(... كان ينظر إلى زيد وهو حي ، كفرد وحده ، وبعد أن مات لم يعد يستطيع أن يفصله عن الرجال ولا عن بلاده ، وهاهي ظلاله تملأ الوادي ... في ظلام لم يعد يتألق ، كأن الليل ترمل لغياب النجوم . )
لكن هناك ناس تموت فعلا حتى وهم أحياء، عندما تسقط قلوبهم في الظلام .
----------
مشهد خامس
-------
بغزة ، وباقي المدن الفلسطينية ، مثقفين لا يجلسون على المقاهي يوزعون الفتاوى
بزهو مريض يظن أن يده التي يكتب بها قوية وباطشة .
بل مثقفين يعيشون فعلا المعاناة، لا الثرثرة فقط عنها، ويتنقلون بين الفعل الثوري للمقاومة، وحالة الهدوء والانسجام واستيعاب مشاكل الوطن، بالتزامن مع اللحظات المسكونة بالوجع .
وتلك أحدى الميزات المهمة للمثقفين الفلسطينيين، وأنا أتكلم هنا عن المثقفين ، بالمعنى الواسع ، أطباء، محامين، مهندسين ، أطباء ، وكتاب وشعراء ومفكرين وغيرهم .
هناك مثقفين أجانب أيضا بغزة، يجمعون بين الفكر والفعل، كذلك الطبيب الذي يكافح أربعة وعشرون ساعة .. وبين إرهاق وإرهاق، ووجع ووجع ، يحاول الحصول على غفوة، أو لحظة يكتب فيها منددا بالعدوان وفاضحا جرائم الصهاينة ،،،،،،،



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الانتصار المدوي للمقاومة
- غزة ، والحكايات
- إسرائيل, السحره والنساء
- مهرجان الوحشية
- الأحلام والانكسارات في - نوافذ الشر -
- قراءة في قصة - ارتديتك غيابيا -
- قراءة في قصة هناء حمش
- اليرموك، بؤرة كاشفة للوطن
- ربط البحرين، والنووى، والقوة !!
- برافر... والهدف..!!
- حاميها حراميها بالجيش الإسرائيلي
- الأنفاق بسيناء صناعة إسرائيلية
- الفساد والانكسار والثورة ، بالورد والطواحين
- عندما تعزف انتصار أنشودة حب للحياة والوطن
- رفح المصرية الضائعة فى الظلام
- آه يا سيناء..
- بعث الوطن في أزمنة بيضاء لغريب عسقلاني
- العادلى والإبادة لسيناء
- ما بعد مبارك طليقا !!!!!!
- البرادعى، ضد حارس الديمقراطية !!


المزيد.....




- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - غزة ، مشاهد من الحياة